نافذه على الجنة
====================
تتشعب الحياة ما بين أمل والم ورجاء ويأس، وحين نصل مرحلة اليأس نتساءل هل هناك مهرب من تلك المشاعر، وحين نشعر بالضياع نستسلم ، والاقسى من ذلك استسلام اليائس لا استسلام الراضي ... وهناك من يقاومون ...ومن المقاومين الست فتحيه.. هي الزوجة التي انعم الله عليها بالزوج الصالح والبنين والبنات مع دخل بسيط ولكنها لم تشتكي او تتذمر وكان زوجها يثني على براعتها في التدبير والتوفير... وكانت تسعد بكلماته كأنها ملكت الدنيا وما فيها... وذات يوم تجمعت الغيوم في سماء حياتها... جاءها خبر وفاة زوجها في حادث سيارة ... كان زوجها يعمل في شركة قطاع خاص بأجر بسيط وبالتالي فإن معاشه قليل لا يسمن ولا يغنى من جوع .. واعطتها الشركة تعويضاً ضئيلا ... فماذا تصنع وهي الزوجة التي لا تعرف من الحياة الا بيتها وتدبير شئونه... ولديها اربعة من الابناء... اكبرهم في الخامسة عشر والثاني في الثالثة عشر. اما الثالث في الحادية عشر والصغرى في التاسعة ... جلست بحجرتها تفكر وقد غلفتها ستائر اليأس وحجبت عنها نور الحياة... واستفاق على شرودها على الأذان ... فتوضأت وصلت وجلست تقرأ القران حتى أشرقت الشمس فنهضت واعدت الافطار لأبنائها ..ذهبوا الى مدارسهم ..وراحت تراقبهم من النافذة فشاهدت الناس كل يتجه الى عمله هذا بائع اللبن ..وذاك بعربة الخضار يجرها بنشاط ... وكان هناك في ركن الشارع ماسح الأحذية يقف امامه البعض لتلميع احذيتهم .. فجأة واتتها فكرة ... فارتدت عباءتها ونزلت للشارع وسألت ماسح الأحذية ... من اين تستطيع أن تشتري صندوقاً للأحذية، وكم ثمنه؟ أخبرها عن المكان والسعر فتوكلت على الله وقررت شرائه وهي لا تعرف ماذا ستصنع؟ وهل ستنجح الفكرة ام لا؟ سبحان من انزل السكينة على قلبها والفكر لعقلها ... عادت الى المنزل وجمعت احذية أبنائها وبدأت تتعلم كيف تنظفها وتلمعها... وراحت تسأل نفسها هل سيتقبل المجتمع وجودها بينهم.. وقررت ان تغامر... حين عاد أبنائها خبرتهم بالفكرة ... كانوا في حيرة ...عرض كبيرهم أن يترك دراسته ليعينها ويتحمل مسؤولية البيت لكنها رفضت رفضا قاطعا ... وقالت بحزم: لن يترك أي منكم دراسته ... وكان قرارها النهائي... لن تسمح لهم بالضياع..
وكانت البداية في ميدان صغير بجانب بيتها ... مر يومان لم يقف أي زبون بين يديها وعصفت بها الافكار ماذا اصنع هل اتراجع؟
ولكنها لم تسمح لليأس ان يغمرها.. وقررت ان تنتقل الى ميدان كبير يسمى ميدان المحطة أكثر حيوية ونشاط... انتقلت اليه وكان يبعد عنها عشر محطات ..
وفي اول يوم لها تعرضت لهجوم لاذع وسخريه من الباعة المتجولين.. اما المارة فمنهم من يسخر اومن يشعر بالشفقة او يستهزئ بالفكرة. وقد اتهمها البعض انها خلعت عباءة النساء وارتدت رداء الرجال.. تعجبت الم يعرفوا انها يوم توفي زوجها اصبحت ام واب. ومر يوم والثاني وقررت ان تتخذ خطوة ايجابية وحاسمة..
ذهبت لكبير الباعة واخبرته بظروفها.. وافهمته ان يبعد عنها الباعة واذيتهم وسخريتهم.. ثم بدأت تعرض خدماتها على المارة وعلى مر الايام اقتنع الناس بأنهم يساعدوها بوقوفهم بين يديها.. وكانت بداية جديدة واصبحت معروفة في المنطقة وكانت تمر عليها الايام ما بين مشمسة وممطرة وعاصفة ومشرقة.. ولم تنقطع يوما الا يوم الجمعة من كل اسبوع حتى في المناسبات كانت تنزل للعمل ومر عليها سبعة عشر عاما وهي كما هي تتحمل الم الجسد وتقلبات الزمان.. وتذكرت يوم اخبرتها ابنتها ان زميلاتها يعيرونها بان امها ماسحة احذية نهرها اخوها الكبير.. قائلا.. ان حذاء امه على رؤوس الجميع فهي الاقوى والافضل.. يومها عرفت ان الله اعطاها رزقها في ابنائها.. وهي نعمة لا تضاهيها نعمة... تخرج اولادها من الجامعات كلهم بلا استثناء.. وابدا لم تسمح لهم بالتسرب من التعليم.. وذات يوم وصلها خبر من وزارة الشئون الاجتماعية فوزها بجائزة الام المثالية.. ولم تعرف من أرسل تلك الرسالة ويوم استلمت الجائزة علمت ان ابنائها هم من ارسلوها.. كانوا ما بين مهندس ومحاسب وخريجة كلية التمريض العالية وسياسه واقتصاد وكانت لهم فخرا وتاجا على رؤوسهم.. ابدا لم يشعروا بالعار او يخجلوا منها.. وقد قررت اليوم التقاعد لا عن خجل ولكن أصبح ذراعها لا يساعدها على العمل وخاصة ان ابنائها قد استقروا ... منهم من تزوج ومنهم من يستعد للاستقرار.. وكثيرا ما تتذكر كلماتهم...
انت يا امي نفحة من الفردوس نافذة على الجنة بوجودك تكتمل الفرحة في حياتنا
كانت تراقبهم وتسعد بزرعها الذى حصدته على مرالسنين،
ماجي صلاح
====================
تتشعب الحياة ما بين أمل والم ورجاء ويأس، وحين نصل مرحلة اليأس نتساءل هل هناك مهرب من تلك المشاعر، وحين نشعر بالضياع نستسلم ، والاقسى من ذلك استسلام اليائس لا استسلام الراضي ... وهناك من يقاومون ...ومن المقاومين الست فتحيه.. هي الزوجة التي انعم الله عليها بالزوج الصالح والبنين والبنات مع دخل بسيط ولكنها لم تشتكي او تتذمر وكان زوجها يثني على براعتها في التدبير والتوفير... وكانت تسعد بكلماته كأنها ملكت الدنيا وما فيها... وذات يوم تجمعت الغيوم في سماء حياتها... جاءها خبر وفاة زوجها في حادث سيارة ... كان زوجها يعمل في شركة قطاع خاص بأجر بسيط وبالتالي فإن معاشه قليل لا يسمن ولا يغنى من جوع .. واعطتها الشركة تعويضاً ضئيلا ... فماذا تصنع وهي الزوجة التي لا تعرف من الحياة الا بيتها وتدبير شئونه... ولديها اربعة من الابناء... اكبرهم في الخامسة عشر والثاني في الثالثة عشر. اما الثالث في الحادية عشر والصغرى في التاسعة ... جلست بحجرتها تفكر وقد غلفتها ستائر اليأس وحجبت عنها نور الحياة... واستفاق على شرودها على الأذان ... فتوضأت وصلت وجلست تقرأ القران حتى أشرقت الشمس فنهضت واعدت الافطار لأبنائها ..ذهبوا الى مدارسهم ..وراحت تراقبهم من النافذة فشاهدت الناس كل يتجه الى عمله هذا بائع اللبن ..وذاك بعربة الخضار يجرها بنشاط ... وكان هناك في ركن الشارع ماسح الأحذية يقف امامه البعض لتلميع احذيتهم .. فجأة واتتها فكرة ... فارتدت عباءتها ونزلت للشارع وسألت ماسح الأحذية ... من اين تستطيع أن تشتري صندوقاً للأحذية، وكم ثمنه؟ أخبرها عن المكان والسعر فتوكلت على الله وقررت شرائه وهي لا تعرف ماذا ستصنع؟ وهل ستنجح الفكرة ام لا؟ سبحان من انزل السكينة على قلبها والفكر لعقلها ... عادت الى المنزل وجمعت احذية أبنائها وبدأت تتعلم كيف تنظفها وتلمعها... وراحت تسأل نفسها هل سيتقبل المجتمع وجودها بينهم.. وقررت ان تغامر... حين عاد أبنائها خبرتهم بالفكرة ... كانوا في حيرة ...عرض كبيرهم أن يترك دراسته ليعينها ويتحمل مسؤولية البيت لكنها رفضت رفضا قاطعا ... وقالت بحزم: لن يترك أي منكم دراسته ... وكان قرارها النهائي... لن تسمح لهم بالضياع..
وكانت البداية في ميدان صغير بجانب بيتها ... مر يومان لم يقف أي زبون بين يديها وعصفت بها الافكار ماذا اصنع هل اتراجع؟
ولكنها لم تسمح لليأس ان يغمرها.. وقررت ان تنتقل الى ميدان كبير يسمى ميدان المحطة أكثر حيوية ونشاط... انتقلت اليه وكان يبعد عنها عشر محطات ..
وفي اول يوم لها تعرضت لهجوم لاذع وسخريه من الباعة المتجولين.. اما المارة فمنهم من يسخر اومن يشعر بالشفقة او يستهزئ بالفكرة. وقد اتهمها البعض انها خلعت عباءة النساء وارتدت رداء الرجال.. تعجبت الم يعرفوا انها يوم توفي زوجها اصبحت ام واب. ومر يوم والثاني وقررت ان تتخذ خطوة ايجابية وحاسمة..
ذهبت لكبير الباعة واخبرته بظروفها.. وافهمته ان يبعد عنها الباعة واذيتهم وسخريتهم.. ثم بدأت تعرض خدماتها على المارة وعلى مر الايام اقتنع الناس بأنهم يساعدوها بوقوفهم بين يديها.. وكانت بداية جديدة واصبحت معروفة في المنطقة وكانت تمر عليها الايام ما بين مشمسة وممطرة وعاصفة ومشرقة.. ولم تنقطع يوما الا يوم الجمعة من كل اسبوع حتى في المناسبات كانت تنزل للعمل ومر عليها سبعة عشر عاما وهي كما هي تتحمل الم الجسد وتقلبات الزمان.. وتذكرت يوم اخبرتها ابنتها ان زميلاتها يعيرونها بان امها ماسحة احذية نهرها اخوها الكبير.. قائلا.. ان حذاء امه على رؤوس الجميع فهي الاقوى والافضل.. يومها عرفت ان الله اعطاها رزقها في ابنائها.. وهي نعمة لا تضاهيها نعمة... تخرج اولادها من الجامعات كلهم بلا استثناء.. وابدا لم تسمح لهم بالتسرب من التعليم.. وذات يوم وصلها خبر من وزارة الشئون الاجتماعية فوزها بجائزة الام المثالية.. ولم تعرف من أرسل تلك الرسالة ويوم استلمت الجائزة علمت ان ابنائها هم من ارسلوها.. كانوا ما بين مهندس ومحاسب وخريجة كلية التمريض العالية وسياسه واقتصاد وكانت لهم فخرا وتاجا على رؤوسهم.. ابدا لم يشعروا بالعار او يخجلوا منها.. وقد قررت اليوم التقاعد لا عن خجل ولكن أصبح ذراعها لا يساعدها على العمل وخاصة ان ابنائها قد استقروا ... منهم من تزوج ومنهم من يستعد للاستقرار.. وكثيرا ما تتذكر كلماتهم...
انت يا امي نفحة من الفردوس نافذة على الجنة بوجودك تكتمل الفرحة في حياتنا
كانت تراقبهم وتسعد بزرعها الذى حصدته على مرالسنين،
ماجي صلاح