جالسة تعيد ترتيب الأحداث، شيء مذهل ماحدث معها ذاك المساء، باتت تصدق أن الشيطان يتلطّّّّى في التفاصيل.
يقتنص الفرصة المناسبة، ليزرع الشقاق والفتنة، لكن كيف حصل ماحصل؟
هي لاتكاد تصدق، لو روته لها أي أنثى ستقول: لابد أنها تكذب أو أنها تخفي خيطاً أخر للقصة لم تصرح به.
"ذلك المساء كعادتهما يخرجان في فسحة قصيرة،لتغيير روتين اليوم، والتمتع بمنظر البحر، إلى هنا كل شيء جيد، جوٌ جميلٌ، والشارع مزدحمٌ بالناس الهاربين من البيوت، بسبب الحر وانقطاع الكهرباء.
هنا تراهم زرافات زرافات، يمارسون رياضة المشي أو يحتلون المقاعد على جانبي الممشى المشجر من الطريق، هذا الطريق الذي يفضي بدوره إلى حديقة حضنت أول لقاءتهما، يجتازان المقعد وعينيهما على عاشقين جميلين أخذا مكانهما، يهمسان كلمات الغزل لبعضهماويتابعان.
هاهما على مرمى حجرٍ من البحر، يقطعان الشارع معاً، تقترح تغيير الوجهةالمعتادة لا أكثر، فالبحر هو البحر، مترامي الجمال، سيارة رش البرغش تطلق دخانها المزعج، لايوافقها على الوجهة بحجة الدخان ، تحاول تبرير الإختيار،... يختلفان، تتراجع عن طلبها...، يصرّ على اختيارها...؟!.
تمشي حسب وجهتهما،المعتادة اليومية لحسم الجدل، تمشي والصمت يلفها، ظنت أنه بجانبها ولايزال متوتراً رغم تفاهة الموقف، أرادت أن تكسر الصمت، التفت إلى يسارها.... لاأحد إنها تمشي وحدها! وقفت ونظرت خلفها، لقد اختار أن يمشي في الطريق الآخر وجهتها المشؤمة.
في لحظةٍ بدا الكون فراغاً، ترددت أتلحق به؟أم ..!؟ حسمت الأمر وأكملت طريقها دونه.
وصلت البحر وكأنها تسير من يوم أو يومين، ماأبعده بدا؟ وما أثقل خطواتها إليه،
عطشت حواسها لإرتواء، الصمت مدفن، ورأسها تتقاذفه الأفكار، كيف حصل هذا؟
لما لم تركض وراءه؟ أو لما تركها وتخلى عنها بهذه البساطة؟
كيف كل هذا الحب يدفن بمقبرة خلاف تافهة.
أهكذا يختلف الأزواج ويحصل الطلاق؟
ياإلاهي أين ذهبت بظنونها.
جلست قبالة البحر، تصطنع الهدوء، وتسجل مقطع فيديو للبحر، تحبس أنفاسها وإحساسها فيه تحفظ اللحظة المؤلمة في صورة حية، وكل من حولها يبدو عليهم السعادة.
تساءلت في نفسها ترى هل يبدو على سيمائي القلق؟ أحسني تحت ألسنة الفضوليين.
ماذا أنتظر؟ سيأتي ويربت على كتفي، ونتابع المشي؟ .... كم هائل من التساؤلات اجتاحتها كموجٍ يهدر في وجدانها،توصلت لنتيجةٍ حزينة،" لاإنه عنيد لن يأتي"!
حلّ الليل ولم تجزم ماذا تفعل؟
هل ستقضي الليل متسكعة على الرصيف البحري؟ لا.. لا ستتصل به
تدق رقمه وتنتظر ... يطحنها الانتظار...لا أحد يجيب.
قانطة تقول"ياربي خربّتُ حياتي وخسرت حبيبي".
بدأت بالبكاء كطفل فقد أمه، كل الأسئلة دارت في خلدها إلا أن تنام خارج البيت!
هذا يعني نقل المشكلة إلى مستوى أكبر.وهي على مدى عشرون سنة لم تفعلها ولالمرة واحدة.
الأفضل ستكلم ابنتها فهي خارج البيت وسوف ترجعان سوية.
بصوت متهدج كلمتها وروت لها تفاصيل ماحصل بينهما.
للحظة حسبتها أمها وأحسست ببعض الأمان بعد المكالمة." رحمة الله عليك ياأمي، وصيتك لم أخلّ بها أبداً، فكل مشاكلي لم أخرجها من غرفة نومي".
لم يمض وقت طويل حتى أتت ابنتها
عندما وصلت ضمتها بحب ورجعا سوياً إلى البيت.
كان جالساً وظهره إلى الباب، لم يلتفت، حين فتح الباب، رد على إبنته التحية ودلفت هي دون كلام إلى غرفة النوم، والاعياء قد استولى عليها،وبينما هي في غمرة يأسها سمعته ينادي على ابنته ويطلب منها الاتصال بها، تفاجأ بالإجابة "أمي في غرفتها".
كمن دلق عليها ماءً بارداً أحست بالهدوء والسكينة، هذا هو، حنون طيب، لايظهر ضعفه ولكنها تشعر أحياناً أنها لاتعرفه.فردود أفعاله لايمكن سبر أغوارها.
الحمدلله لقد كانت زوبعة في فنجان.
تمت.
بقلمي فريزة محمد سلمان[/center]