لقد قرأت لك / رجال عظام بنوا حضارة اهتدى بها العالم
أحبائي كادر وأعضاء المنتدى الكرام ، تحية حب واعتزاز ....
لست من العلم والفصاحة بمكان يؤهلني للحديث عن سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (كرم الله وحهه) ، فأرجو أن تعذروني إن قصرت في حق أول فتى في الإسلام ومن نام في فراش رسول الله محمد (صلى الله عليه وسلم) ليلة هجرته الى يثرب ... وعلى الرغم من قرائتي للكثير من أخبار الإمام علي (رض) إلا أني أجد نفسي عاجزا عن الإيفاء ... ويذكرني هذا ببيتين من الشعر للإمام الشافعي (رحمه الله) حين قال :
كلما أدبني الدهرُ ... أراني نقص عقلي
وكلما ازددت علماً ... زادني علماً بجهلي
أحبائي سأستعرض بعضاً من المواقف والقصص من سيرة هذا الرجل العظيم وهي كثيرة لا تحصى وآمل أن يوفقني الله في ذلك ...
1- كان سيدنا الإمام علي جالسا يوما في سوق الكوفة فمر به رجل على فرسه وقال له .. يا أبا الحسن ، أعطني جملة تقرأ من اليمين الى اليسار كما تقرأ من اليسار الى اليمين .. فأجابه (رض) على الفور وهو مبتسماً ..(سر فلا كبت بك الفرس) وفعلا ان قرأتها من اليسار الى اليمين تكون (سر فلا كبت بك الفرس) ...
2- وفي مرة كان (رض) سائرا فاستوقفه رجلٌ وسأله ... يا أبا الحسن ، أعطني رقما يقبل القسمة على الأعداد من 1 الى 10 بدون باقٍ لإاجابه على الفو ... (أضرب أيام سنتك بأيام أسبوعك) وتركه وانصرف وحقا لو ضربت ( 360 × 7 ) لكان الناتج (2520) وهذا يقبل القسمة على الأعداد من 1 الى 10 بدون باقٍ، وللعلم أن عدد أيام السنة الهجرية هو (360 يوماً)
3- وفي عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب كان الإمام علي يجلس الى يمينه دائما (رضي الله عنهم وأرضاهم جميعا) ، جاء رجل الى الخليفة عم وقال له يا أمير المؤمنين ... عندي خصومة فسأله عمر ، ومن خصمك ؟ فأجاب الرجل .. علي بن أبي طالب ... فالتفت الخليفة عمر الى علي وقال له .. قم يا أبا الحسن وقف بجانب خصمك ... فقام الإمام علي وقد بان على وجهه الإنزعاج ... ثم حكم بينهما عمر وحاشا للإمام علي أن يكون معتديا على أحد .. ثم رجع الى مكانه ولا يزال الإنزعاج بادٍ على وجهه ... فقال له عمر ... يا أبا الحسن أراك قمت منزعجا ورجعت منزعجا هل لأني قلت لك قم وقف بجانب خصمك؟ فأجاب (كرم الله وجهه) لا والله يا أمير المؤمنين ... ولكنك كنيتني وقلت لي (يا أبا الحسن) وهذا معناه أنني صديقك فكيف تحكم وأنا صديقك كان عليك أن (تقول قم يا علي وقف بجانب خصمك) ... فقال عمر (رض) كلمته المشهورة (ما زلتم آل البيت تعلموننا الحكمة)
4- مر رجلٌ من أمام أمير المؤمنين علي (رض) وهو يختال بمشيته ويجر ردائه الطويل خلفه على الأرض، وكان من مظاهر الثراء في ذلك الوقت هو ان يكون الرداء طويلا يلامس الأرض... فقال له الإمام علي جملة تضمنت البلاغة والحكمة ...قال له ...
(يا رجل ألا تقصره قليلاً فهو أنقى وأبقى وأتقى) ومعناه أنقى اي يبقى نظيفا وأبقى أي لا يتلف سريعاُ وأتقى أي لا يصيبك هذا الغرور وهذه الخيلاء ...
5- وفي أحدى الليالي كان أمير المؤمنين علي يتباحث مع خازن بيت المال في أمور الدولة ويسجلون ويثبتون ما يتطلب ذلك من عمل وبعد الإنتهاء من أعمال شؤؤون الدولة أخذوا بالحديث بأمور عامة فقام (رض) وأخرج شمعة أوقدها ثم فأطفأ الشمعة التي كانت موقدة فقال له صاحبه لماذا يا أمير المؤمنين اوقدت هذه وأطفأت هذه ... فأجابه (كرم الله وجهه) ... إن الشمعة التي كانت موقدة هي من بيت المال ولقد أنهينا أعمال الدولة والآن نحن نتحدث بأمور خاصة لذا أوقدت هذه الشمعة التي هي من مالي الخاص ...
6- وفي رمضان وهو بانتظار أذان المغرب مع سيدتنا فاطمة الزهراء وامامهما ما يسر الله لهما من فطور ليفطرا ، وإذا الباب يطرق فقال من بالباب فاجاب الطارق ... مسكين فقام (رض) وحمل طعام الأفطار وأعطاه للسائل ثم اكتفيا بالماء والملح ، وفي اليوم الثاني تتكرر الحالة ولما يسأل من الطارق ... فيجيبه .. يتيم فيعطيه الطعام كذلك وفي اليوم الثال يطرق الباب كذلك ويكون الجواب ... أسير فيعطيه الطعام كذلك ... وبقيا لثلاثة أيام يفطرون على الماء والملح . وقد صورت هذه الحادثة ببيتين من الشعر ...
وسائل يسألني هل أتى نص بحق علي ... فأجبته هل أتى نص بحق علي
وكلمة (هل) الثانية تأتي في اللغة العربية بمعنى (نعم) ...
والنص الذي ذكر في القرآن هو...
(ويطعمون العام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا)
7- وسألوه (كرم الله وجهه) ... عن اليتيم ... فأجاب (رض) ... ليس اليتيم ، يتيم المال والأب ، إنما اليتيم ، يتيم العلم والأدب ...
8- وفي إحدى خطبه يوم الجمعة القى خطبة بليغة ... قال في آخرها :
أيّها الناس .. سبع مصائب عظام نعوذ بالله منها :
عالمٌ زلّ ، وعابدٌ ملّ ، ومؤمنٌ خلّ ، ومؤتمنٌ غلّ ، وغنيٌّ أقلّ ، وعزيزٌ ذلّ ، وفقيرٌ اعتلّ .
فقام إليه رجلٌ فقال :صدقت يا أمير المؤمنين ... أنت القبلة إذا ما ضللنا ، والنور إذا ما أظلمنا ،ولكن نسألك عن قول الله تعالى :
{ ادعوني أستجب لكم } فما بالنا ندعو فلا يجاب ؟.. قال عليه السلام:
إنّ قلوبكم خانت بثمان خصالٍ :
أوّلها : أنّكم عرفتم الله فلم تؤدّوا حقّه كما أوجب عليكم ، فما أغنت عنكم معرفتكم شيئاً .
والثاني : أنكم آمنتم برسوله ثمّ خالفتم سنته وأمتّم شريعته ، فأين ثمرة إيمانكم ؟..
والثالثة : أنّكم قرأتم كتابه المنزل عليكم فلم تعملوا به ، وقلتم : سمعنا وأطعنا ثمّ خالفتم .
والرابعة : أنكم قلتم أنكم تخافون من النار ، وأنتم في كلّ وقت تقدمون إليها بمعاصيكم فأين خوفكم ؟..
والخامسة : أنكم قلتم أنكم ترغبون في الجنّة ، وأنتم في كلّ وقتٍ تفعلون ما يباعدكم منها ، فأين رغبتكم فيها ؟..
والسادسة : أنكم أكلتم نعمة المولى ولم تشكروا عليها .
والسابعة : أن الله أمركم بعداوة الشيطان وقال : { أنّ الشيطان لكم عدوّ فاتّخذوه عدوّاً } فعاديتموه بلا قول ، وواليتموه بلا مخالفة .
والثامنة : أنكم جعلتم عيوب الناس نصب عيونكم ، وعيوبكم وراء ظهوركم ، تلومون مَن أنتم أحقّ باللوم منه ،
فأيّ دعاء يُستجاب لكم مع هذا ؟.. وقد سددتم أبوابه وطرقه ؟..
فاتّقوا الله ، وأصلحوا أعمالكم ، وأخلصوا سرائركم ، وأمروا بالمعروف ، وانهوا عن المنكر ، فيستجيب الله لكم دعاءكم.
رحم الله هؤلاء الرجال العظام الذين باعوا الدنيا واشتروا الآخرة ، وبنوا صرحا وحضارة اهتدت بها الأمم ولا تزال ...
والسؤال الذي حيرني والله أين نجد مثل هؤلاءالرجال في أيامنا هذه .... افتوني جزاكم الله خيرا....
صباح الجميلي
عدل سابقا من قبل صباح الجميلي في الخميس مايو 31, 2012 9:29 am عدل 1 مرات