أحبائي كادر وأعضاء منتدى القلم الأعزاء .... تحية حب واحترا م....
وأنا اقلب كتبي قرأت في كتاب مهزلة العقل البشري للعلامة الدكتور علي الوردي رحمه الله ، قرأت طريفة مضحكة مبكية ... وحقا شر البلية ما يضحك واني ارويها لكم كما قرأتها في كتاب مهزلة العقل البشري ...
قال الدكتور علي الوردي :
لقد اندهشت حين وجدت نزاعاً عنيفاً ينشب بين المسلمين هناك حول علي وعمر.. وكانت الأعصاب متوترة والضغائن منبوشة. وكنت أتحدث مع أحد الأمريكيين حول هذا النزاع الرقيع. فسألني الأمريكي عن علي وعمر: هل هما يتنافسان الآن على رئاسة الحكومة عندكم كما تنافس «ترومين وديوي» عندنا؟
فقلت له: إن علياً وعمرَ كانا يعيشان في الحجاز قبل ألف وثلاث مئة سنة، وهذا النزاع الحالي يدور حول أيهما أحق بالخلافة!
فضحك الأمريكي من هذا الجواب حتى كاد أن يستلقي على قفاه.
وضحكت معه ضحكاً فيه معنى البكاء. وشر البلية ما يضحك!
د.علي الوردي، مهزلة العقل البشري
ثم سرحت بي الأفكار الى أيام الخير التي كان العراقيون يعيشون متآخين متحابين تسودهم المحبة والرحمة والشفقة والتضامن لا عنصرية ولا مذهبية ولا تفرقة بين الأديان كيف لا والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم في آخر سورة البقرة ...
(بسم الله الرحمن الرحيم
آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كلٌ آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربي وإليك المصير ... )
لقد كانوا مؤمنون حقا بمختلف أديانهم ومذاهبهم .
وهذه قصة رواها الكاتب خالد القشطيني عن أيام الخير .... أرويها لكم بلهجتها البغدادية والموصلية آمل أن تروق لكم مع تحياتي ....
أيام الخير ..طوائف مختلفة تتعايش في بغداد!!
كان الجانب الشمالي من بغداد،وهو ما يعرف بصوب الرصافة ، منطقة محتشدة بشتى الطوائف الدينية،عقد النصارى وعقد اليهود و كمب الارمن و نحوها, وكذلك بشتى الاحياء و الازقة ذات القوميات المختلفة ، دربونة العجم و تبة الكرد و جامع الازبكي وهكذا. ولكن محلة واحدة منها تميزت بعدديتها و تنوعها بصورة خاصة ... تلك هي ...
محلة صبابيغ الآل وهي من المحلات التقليدية القديمة في جانب الرصافة من بغداد. تميزت عن بقية المحلات القديمة الأخرى بخليطها السكاني عاش فيها مسلمون من شتى الطوائف ، سنة وشيعة، و مسيحيون كلدان و سريان و كاثوليك، و يهود من شتى الأصناف و الطبقات.
فيها عرب و ارمن و كرد و عجم. عاشوا جميعا في انسجام تام. أعطاني صديقي موسى علاوي صورة ظريفة لهذا التعايش الذي عرفته صبابيغ الآل في أيام الخير، ايام العهد الملكي
كان بيتهم القديم (بي موسى علاوي) بجوار أسرة مسيحية، بيت القدسي. تجاوروا لسنين طويلة ونشأت بين العائلتين علاقات ودية عميقة، بما فيها التبادل التجاري، اقصد به تبادل الطعام على عادة العوائل العراقية. انحدرت اسرة القدسي من الموصل فتفننت ام جوزفين، سيدة الأسرة في صنع كبة البرغل الموصلية، في حين اتقنت ام موسى الطرشي المدبس البغدادي و مرقة السبسي و التمن.
دأبت العائلتان على تبادل الطعام . و لكنهم وجدوا في الأخير مشقة في الخروج كل يوم بماعون كبة او باجلا او دولمة و المرور به امام الناس، وطرق الباب، و انتظار من يفتحها و هكذا. ربما يثير ذلك كثيرا من القيل و القال. قرروا في الأخير تفادي كل ذلك بأن ثقبوا الجدار المشترك بين البيتين بحيث يستطيعون تمرير الأكل بسهولة عبر هذا الثقب دون الخروج للشارع.
تضرب ام موسى على الحائط ، طب !طب! طب! فتسمعها ام جوزفين "عيني ام جوزفين . هذي مرقة سبسي ، يمكن ابو جوزفين يحبها.والله تنغصت بيها الكم"
في اليوم التالي تعيد ام جوزفين الكرة بماعون كشري أو كبة برغل. وهكذا.
كانت ام موسى قليلة الحظ بالأولاد. فقدت اولادها الثلاثة في طفولتهم ، واحدا بعد الآخر. و عندما رزقها الله بصديقي موسى ، حرصت على سلامته و بقائه. كانت تصلي كل يوم وتدعوالى الله بحرقة أن يبقيه لها سالما.
انتشر مرض الجدري في ذلك الوقت في العراق و قررت السلطات البريطانية تطعيم كل الأطفال ضده. سمعت ام موسى بذلك و لكنها رأت ان ذلك سيقضي على ابنها لا محالة. فقررت عدم تطعيمه ضد الوباء مهما حصل.
" طب! طب! طب! " سمعت ضربا عصبيا على الجدار. اسرعت الى ثقب الحائط ، و لكن لم يكن هناك أي طعام. كان هناك فقط وجه الممرضة جوزفين. " ام موسى ،ام موسى! كنتو بالمستشفى المجيدية . سامعين هونيك انه انتو امتنعتوا عن تطعيم ابنكم موسى وقرروا يبعثون بالشرطة ، شرطة انكليزية، وممرضة لتطعيمه جبرا.
كاد يغمى على المرأة . و لكن جوزفين طمأنتها. تشاورت العائلتان في الأمر ثم قرروا تمرير الطفل من ثقب الجدار بحيث لا تستطيع الشرطة العثور عليه عندما يأتون و يفتشون البيت. و تقوم ام جوزفين خلال ذلك بترضيعه وغسله وتنظيفه كما يقتضي في بيتها . ثم تعيده عبر ثقب الجدار مساء ليقضي الليل مع امه و ابيه.
و هذا ما حصل. فشلت الشرطة في العثور على الطفل."عيني ما عندنا أي طفل هنا. منو قال لكم هذا الكلام؟ فوتوا دوروا البيت كله.هذي كلها اخبارية كاذبة . الله يلعنهم."
و دوروت الشرطة كل غرف البيت و لم يعثروا عليه. كان موسى اثناء ذلك في بيت الجيران النصارى في حضن ام جوزفين ترضعه.
لعشرة ايام ظلت الأسرتان تتبادلان الطفل، صديقي موسى عبر ثقب الجدار . تسهر عليه المرأة النصرانية طوال النهار كما لو كان ابنها ثم تمرره ثانية الى اهله مساء. و كانت بذلك تخاطر بتعريض نفسها للعقوبة على عصيان الأوامر حرصا على سلامة هذا الطفل المسلم الصغير.
روى لي صديقي موسى كل ذلك و اضاف فقال، تعرف ابو نايل، لو تفكر بالقصة ، تشوف اني في الحقيقة مدين بحياتي لهذه المرأة النصرانية و ابنتها الممرضة جوزفين و كل ما أعطوني من عناية و سهر و تعب. عشرة ايام كاملة يمر خلالها عبر ثقب الجدار صباح كل يوم ومساء كل ليلة. ولكنها كانت عشرة ايام من أيام الخير، يوم لم يكن الناس في العراق يميزون بين المسلم و المسيحي و اليهودي، او السني و الشيعي.
نعم....ايام خير و فاتت...
هذه نهاية القصة كما رواها الكاتب خالد القشطيني وانا أقول حقا انها أيام خير كانت وإن شاء الله ستعود ....
صباح الجميلي / بتصرف
وأنا اقلب كتبي قرأت في كتاب مهزلة العقل البشري للعلامة الدكتور علي الوردي رحمه الله ، قرأت طريفة مضحكة مبكية ... وحقا شر البلية ما يضحك واني ارويها لكم كما قرأتها في كتاب مهزلة العقل البشري ...
قال الدكتور علي الوردي :
لقد اندهشت حين وجدت نزاعاً عنيفاً ينشب بين المسلمين هناك حول علي وعمر.. وكانت الأعصاب متوترة والضغائن منبوشة. وكنت أتحدث مع أحد الأمريكيين حول هذا النزاع الرقيع. فسألني الأمريكي عن علي وعمر: هل هما يتنافسان الآن على رئاسة الحكومة عندكم كما تنافس «ترومين وديوي» عندنا؟
فقلت له: إن علياً وعمرَ كانا يعيشان في الحجاز قبل ألف وثلاث مئة سنة، وهذا النزاع الحالي يدور حول أيهما أحق بالخلافة!
فضحك الأمريكي من هذا الجواب حتى كاد أن يستلقي على قفاه.
وضحكت معه ضحكاً فيه معنى البكاء. وشر البلية ما يضحك!
د.علي الوردي، مهزلة العقل البشري
ثم سرحت بي الأفكار الى أيام الخير التي كان العراقيون يعيشون متآخين متحابين تسودهم المحبة والرحمة والشفقة والتضامن لا عنصرية ولا مذهبية ولا تفرقة بين الأديان كيف لا والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم في آخر سورة البقرة ...
(بسم الله الرحمن الرحيم
آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كلٌ آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربي وإليك المصير ... )
لقد كانوا مؤمنون حقا بمختلف أديانهم ومذاهبهم .
وهذه قصة رواها الكاتب خالد القشطيني عن أيام الخير .... أرويها لكم بلهجتها البغدادية والموصلية آمل أن تروق لكم مع تحياتي ....
أيام الخير ..طوائف مختلفة تتعايش في بغداد!!
كان الجانب الشمالي من بغداد،وهو ما يعرف بصوب الرصافة ، منطقة محتشدة بشتى الطوائف الدينية،عقد النصارى وعقد اليهود و كمب الارمن و نحوها, وكذلك بشتى الاحياء و الازقة ذات القوميات المختلفة ، دربونة العجم و تبة الكرد و جامع الازبكي وهكذا. ولكن محلة واحدة منها تميزت بعدديتها و تنوعها بصورة خاصة ... تلك هي ...
محلة صبابيغ الآل وهي من المحلات التقليدية القديمة في جانب الرصافة من بغداد. تميزت عن بقية المحلات القديمة الأخرى بخليطها السكاني عاش فيها مسلمون من شتى الطوائف ، سنة وشيعة، و مسيحيون كلدان و سريان و كاثوليك، و يهود من شتى الأصناف و الطبقات.
فيها عرب و ارمن و كرد و عجم. عاشوا جميعا في انسجام تام. أعطاني صديقي موسى علاوي صورة ظريفة لهذا التعايش الذي عرفته صبابيغ الآل في أيام الخير، ايام العهد الملكي
كان بيتهم القديم (بي موسى علاوي) بجوار أسرة مسيحية، بيت القدسي. تجاوروا لسنين طويلة ونشأت بين العائلتين علاقات ودية عميقة، بما فيها التبادل التجاري، اقصد به تبادل الطعام على عادة العوائل العراقية. انحدرت اسرة القدسي من الموصل فتفننت ام جوزفين، سيدة الأسرة في صنع كبة البرغل الموصلية، في حين اتقنت ام موسى الطرشي المدبس البغدادي و مرقة السبسي و التمن.
دأبت العائلتان على تبادل الطعام . و لكنهم وجدوا في الأخير مشقة في الخروج كل يوم بماعون كبة او باجلا او دولمة و المرور به امام الناس، وطرق الباب، و انتظار من يفتحها و هكذا. ربما يثير ذلك كثيرا من القيل و القال. قرروا في الأخير تفادي كل ذلك بأن ثقبوا الجدار المشترك بين البيتين بحيث يستطيعون تمرير الأكل بسهولة عبر هذا الثقب دون الخروج للشارع.
تضرب ام موسى على الحائط ، طب !طب! طب! فتسمعها ام جوزفين "عيني ام جوزفين . هذي مرقة سبسي ، يمكن ابو جوزفين يحبها.والله تنغصت بيها الكم"
في اليوم التالي تعيد ام جوزفين الكرة بماعون كشري أو كبة برغل. وهكذا.
كانت ام موسى قليلة الحظ بالأولاد. فقدت اولادها الثلاثة في طفولتهم ، واحدا بعد الآخر. و عندما رزقها الله بصديقي موسى ، حرصت على سلامته و بقائه. كانت تصلي كل يوم وتدعوالى الله بحرقة أن يبقيه لها سالما.
انتشر مرض الجدري في ذلك الوقت في العراق و قررت السلطات البريطانية تطعيم كل الأطفال ضده. سمعت ام موسى بذلك و لكنها رأت ان ذلك سيقضي على ابنها لا محالة. فقررت عدم تطعيمه ضد الوباء مهما حصل.
" طب! طب! طب! " سمعت ضربا عصبيا على الجدار. اسرعت الى ثقب الحائط ، و لكن لم يكن هناك أي طعام. كان هناك فقط وجه الممرضة جوزفين. " ام موسى ،ام موسى! كنتو بالمستشفى المجيدية . سامعين هونيك انه انتو امتنعتوا عن تطعيم ابنكم موسى وقرروا يبعثون بالشرطة ، شرطة انكليزية، وممرضة لتطعيمه جبرا.
كاد يغمى على المرأة . و لكن جوزفين طمأنتها. تشاورت العائلتان في الأمر ثم قرروا تمرير الطفل من ثقب الجدار بحيث لا تستطيع الشرطة العثور عليه عندما يأتون و يفتشون البيت. و تقوم ام جوزفين خلال ذلك بترضيعه وغسله وتنظيفه كما يقتضي في بيتها . ثم تعيده عبر ثقب الجدار مساء ليقضي الليل مع امه و ابيه.
و هذا ما حصل. فشلت الشرطة في العثور على الطفل."عيني ما عندنا أي طفل هنا. منو قال لكم هذا الكلام؟ فوتوا دوروا البيت كله.هذي كلها اخبارية كاذبة . الله يلعنهم."
و دوروت الشرطة كل غرف البيت و لم يعثروا عليه. كان موسى اثناء ذلك في بيت الجيران النصارى في حضن ام جوزفين ترضعه.
لعشرة ايام ظلت الأسرتان تتبادلان الطفل، صديقي موسى عبر ثقب الجدار . تسهر عليه المرأة النصرانية طوال النهار كما لو كان ابنها ثم تمرره ثانية الى اهله مساء. و كانت بذلك تخاطر بتعريض نفسها للعقوبة على عصيان الأوامر حرصا على سلامة هذا الطفل المسلم الصغير.
روى لي صديقي موسى كل ذلك و اضاف فقال، تعرف ابو نايل، لو تفكر بالقصة ، تشوف اني في الحقيقة مدين بحياتي لهذه المرأة النصرانية و ابنتها الممرضة جوزفين و كل ما أعطوني من عناية و سهر و تعب. عشرة ايام كاملة يمر خلالها عبر ثقب الجدار صباح كل يوم ومساء كل ليلة. ولكنها كانت عشرة ايام من أيام الخير، يوم لم يكن الناس في العراق يميزون بين المسلم و المسيحي و اليهودي، او السني و الشيعي.
نعم....ايام خير و فاتت...
هذه نهاية القصة كما رواها الكاتب خالد القشطيني وانا أقول حقا انها أيام خير كانت وإن شاء الله ستعود ....
صباح الجميلي / بتصرف