أحبائي كادر وأعضاء المنتدى الكرام ... تحية حب واعتزاز ...
في سفر تاريخنا العربي والإسلامي ماضيه وحاضره ، نجد قصص وحكايات فيها من العبر والحكم ما يجب الوقوف عندها ، تروي لنا ما مر على رجالنا العظام الذين شادوا حظارة استنار بها العالم – ومع الأسف أضاعها ممن تولوا الأمر من بعدهم – البعض من هذه القصص والحكايات ما هو مسند والبعض منه قد يكون حصل أم لم يحصل ولكن العبر في هذا وذاك هو ما تحمله هذه القصص والحكايات من معرفة وعبر وحكم بين طياتها ، وهذا هو المهم ...
وفي مساهمتي اليوم سأروي لكم البعض منها آملا أن تروق لكم مع حبي واحترامي واعتزازي بكم جميعا ...
• يحكى أنه في عهد الخليفة أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) ، كان يخرج يوميا بعد صلاة الفجر الى أطراف المدينة ثم يعود بعد ساعة أو ساعتين ... وقد لاحظ ذلك عمر بن الخطاب (رضي لله عنه) وخوفا عليه من هذه المسيرة اليومية ، كان عمر يمشي خلفه حارسا ومحافظا عليه مما قد يصادفه في طريقه ، دون أن يشعر أبو بكر به . فرآه يدخل الى خباء ثم بعد فترة من الزمن يخرج ويعود الى المدينة ... فذهب عمر الى الخباء بعد مغادرة أبو بكر ، فوجد في الخباء امرأة عجوز ضريرة وحولها أطفال يلعبون ، فسلم عليها وسألها : يا أختاه ، من هذا لرجل الذي خرج قبل قليل من خبائك ؟ فقالت : والله يا أخي لا أعرفه ، ولكنه يأتي يوميا بعد صلاة الفجر فينظف داري ويحلب شياهي ويطبخ لي ولهؤلاء الأطفال طعاما يكفينا ليومنا ويطعمهم ويطعمني ثم يخرج .. وهذا هو شأنه منذ زمن .. فسلم عليها عمر مودعا وخرج وهو يقول باكيا : لقد أتعبت الخلفاء من بعدك يا أبا بكر..
• أبو بكر الصديق ، صاحب الرسول (صلى الله عليه وسلم) ورفيقه في الغار عند هجرتهم الى يثرب ، وهو عبد الله بن قحافة ، وفي بداية البعثة النبوية جاء اليه رجل من سادة قريش وقال له : يا عبد الله هل سمعت ما قال صاحبك – يقصد النبي محمد صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : ماذا قال ؟ فاجابه الرجل : قال أنه اسرى الى بيت المقدس وعرج الى السماء وعاد في ليلة واحدة ، فأجاب أبو بكر : إن قالها فقد صدق . فلقب (رضي الله عنه) بالصديق ...
• وفي عهد الخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) ، جاءه رجل وقال : يا أمير المؤمنين ، إني أحمل أمي على كتفي لكبرها وهي غير قادرة على السير ، وأحيانا تقضي حاجتها على كتفي ، فهل بررت بها ؟ فأجاب عمر (رضي الله عنه) والله إن هذا لا يعادل طلقة واحدة من طلقات الوضع ..
• وفي مرة ذهب رجل الى عمر بن الخطاب يريد ان يشكو له زوجته لأنها ترفع صوتها عليه ، وعنما وصل الى دار الخليفة سمع زوجة الخليفة تتكلم معه وبصوت مرتفع ، فقال في نفسه كيف اشكو له وهو بنفس الحال وأراد الرجوع ، فانتبه اليه الخليفة وقال له : لماذا رجعت ؟ تعال وقل لي حاجتك ...
فقال الرجل والله يا أمير المؤمنين جئتك اشكو لك زوجتي لأنها ترفع صوتها علي ولكني وجدت زوجتك في نفس الحال ، فابتسم عمر (رضي الله عنه) وقال: يا رجل إنها طابخة طعامي ، غاسلة ثيابي ، منظفة بيتي ، مربية أطفالي ، ألا نصبر عليهن قليلا ..
• وفي أحدى الليالي كان الخليفة عمر (رضي الله عنه) يعس ليلا ومعه خازن بيت المال متفقدا أحوال الناس ، فسمع امرأة تتغنى وتتغزل بزوجها وتبث شوقها اليه ، ولما استعلم عنها علم ان زوجها أحد الجنود في الجيش الإسلامي وفي ساحات القتال ، فارسل على ابنته وسألها : كم يمكن للمرأة ان تفارق زوجها حتى تشتاق إليه ؟ فأجابته باستحياء مشيرة بيدها ثلاثة ، أي ثلاثة أشهر ... فعندها أصدرا أمرا الى قادة الجيش أن لا يغيب الجندي عن أهله أكثر من ثلاثة أشهر ..
• وفي إحدى جولاته ليلا ومعه خازن بيت المال ، سمع في احد البيوت صوت أطفال يبكون ، فطرق الباب ، وفتحت له امرأة وسلم عليها وهي لم تعرفه ، ورأى أمامها قدرا على النار وهي تحرك ما فيه بمغرفة ، سألها عمر : ما بال هؤلاء الأطفال يبكون ؟ قالت : إنهم يشكون الجوع ، فقال ولماذا لا تطعميهم وهذا الطعام على النار ؟ فأجابت إن ما في هذا القدر ماء وحصى وأنا أصبرهم وألهيهم حتى يناموا .
خرج عمر (رضي الله عنه) من الدار مسرعا وذهب الى بيت المال وعمد الى كيس من الدقيق وظرفا من السمن ، وقال لخازن بيت المال حَمّلْني ، أجابه الخازن : يا أمير المؤمنين دعني أحمل عنك فأجابه : وهل ستحمل عني ذنوبي يوم القيامة ؟ كيف نسيت هذه المرأة ؟ غفرانك يا ربي غفرانك ، وخرج مهرولا حتى وصل الى بيت تلك المرأة وأخذ يطبخ لهم الطعام وهو ينفخ في النار والدخان يتخلل لحيته ووجهه ، ثم أطعمهم بيده ، فقالت له المرأة شاكرة : وجدتك أولى من أمير المؤمنين يا أخا العرب .
وفي الصباح أرسل على تلك المرأة ، ولما رأته عرفته ، وخصص لها راتبا من بيت المال لمعيشتها ...
رحم الله رجالا أقاموا العدل وأشادوا حضارة اهتدت بها أمم العالم .
• المراة الحكيمة وشيخ المدينة وسلطانها ...
يحكى انه في زمان مضى كانت هنالك امرأة حكيمة عاقلة في مدينة يتولى أمرها سلطان عادل وشيخ فقيه ، وكان السلطان والشيخ الفقيه يستشيرونها دائما في كثير من القضايا التي تمر عليهما لعلمها وأدبها وحكمتها ...
هذه الحكيمة متزوجة من الحاج ابراهيم وهو رجل ورع يعرف حدود الله ويقيمها ويعيشون بسعادة في حب وحنان ... وفي يوم من الأيام دخلت تلك الحكيمة على السلطان والشيخ الفقيه بجانبه وبعد التحية والسلام استأذنت السلطان بالكلام فأذن لها ، فقالت : أيها السلطان العادل وأيها الشيخ الجليل ، ما هو رأيكم بي ؟ فاجابوا : أنت حكيمة فقيهة حليمة وترينا لا نقطع أمرا دون الإستئناس برأيك والرجوع إليك ، فقالت : ولكن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول في الحديث الشريف ، (النساء ناقصات عقل ودين) ويقول (عاقلاتهن كشاردات الإبل) فأين هذا مما قلتم الآن ؟
فأطرق السلطان لحظة وهو مبتسما وقال لها : لم يكن ذلك انتقاص أو سبة ومع ذذلك ايتها السيدة الحكيمة نسألك أن تمنحينا مهلة شهر واحد ونعطيك الجواب ، فشكرتهم وانصرفت ...
كان زوج المرأة الحكيمة يمر يوميا على صديق له في طريقه الى المسجد لصلاة الفجر وباقي الصلوات ليذهبوا سوية الى المسجد ليأدوا الفرائض ... فأشاع السلطان أن الحاج ابراهيم ينوي الزواج من إحدى بنات صديقه الذي يمر به خمسة أوقات في اليوم وذلك لأن زوجته مشعرة الساقين ، ولذلك تراه في كل يوم لا يذهب الى المسجد دون المرور بصاحبه والجلوس عنده قبل الذهاب للصلاة ...
كبرت الإشاعة وانتشرت مثل النار في الهشيم وما اسرع ما تنتشر الإشاعات وتردد دون تدبر لنتائجها ، وأخذت المرأة الحكيمة تراقب زوجها فصدقت الإشاعة لما رأته في كل يوم يمر على صديقه ويبقى عنده قليلا ثم يخرجون للمسجد ، وما انقضت اسبوعين من مهلة الشهر حتى ذهبت مسرعة غاضبة الى مجلس السلطان وقالت بدون استئذان : أترضى أيها السلطان وأيها الشيخ الجليل أن يتزوج زوجي علي ويدعي أني مشعرة الساقين ؟؟ وكشفت عن ساقيها قائلة : أنظر اين الشعر الذي في ساقي ؟؟
فابتسم السلطان والشيخ الفقيه وقالا لقد صدق رسول الله حين قال : (النساء ناقصات عقل ودين) و (عاقلاتهن كشاردات الإبل).
وعندها أدركت الفخ الذي وقعت فيه لأنها فكرت بقلبها وتصرفت بموجبه ، فانصرفت خجلى ...
أحبائي ، معذرة لم أقصد الإنتقاص من المرأة تلك الإنسان الذي أجله وأحترمه وما هذه الصفة إلا شهادة لها بأنها نبع الحنان وأريج الحياة لأنها تمتلك قلبا مفعما بالحب والغيرة على بيتها وأهله ...
تقبلوا تحياتي ...
صباح الجميلي
عدل سابقا من قبل صباح الجميلي في الثلاثاء أكتوبر 16, 2012 3:29 pm عدل 2 مرات