اللغة العربية لغة الأصالة والبلاغة والإعجاز / الجزء التاسع
أحبائي كادر وأعضاء المنتدى الكرام ... تحية حب واعتزاز
لقد درسنا في الجزء الثامن كيف تكتب الهمزة المتوسطة على الواو وعلى الياء ومفردة على السطر .
وفي هذه المساهمة سندرس حالة الهمزة المتطرفة والحالة الخاصة لها ، أي كيف تكتب في آخر الكلمة .
خامسا : الهمزة المتطرفة
أولا - إذا كانت بعد حرف متحرك أو ساكن
لنستعرض النص الأدبي الآتي وملاحظة الكلمات بين الأقواس :
(فالقارئُ) يستطيع أن يعيش في العصورِ كلها وفي كل بقاع الدنيا وأمصارها ، سابحا في أعماق البحارِ بين حقولِ المرجان (واللؤلُؤ) (المضيء) ، أو محلقا في ( الفضاءِ ) بين مجاميعِ الكواكبِ والنجمِ (المتلألِىء) .
وبهذا (يُهيِّئُ) الإنسانُ نفسَه لكل شيء للحركة والعمل والعلم ، التي أراد اللهُ بها أن ينمو الكونُ بلا ( تباطُؤ ) ، وقد (تتهيَّأ) له الفرصة فيأتي بما لا عين رأت ولا أذن سمعتْ .
1- في الكلمات ( القارِيء – المتلألِيء – يهيِّيء ) ، نجد أن الهمزة في نهاية كل كلمةٍ قد سبقها حرفٌ مكسورٌ لذا كُتبت الهمزةُ على الياء لأنها تجانس الكسرةَ من غير أن ننظر حركة الهمزة نفسها .
2- وفي الكلمتين ( اللؤلُؤ – تباطُؤ ) الواردتين في النص السابق ، ومثلها : (جُؤجُؤ الطير – بؤبُؤ العين – يجرُؤ ) نلاحظ أن الحرف الذي يسبق الهمزةَ مضمومٌ ، لذا كتبنا الهمزةَ على الواو لأنها تجانس الضمةَ بصرف النظر عن حركة الهمزة .
3- أما في الكلمات ( تبدَأ – تهيَأ – يملأ – يتلألأ ) نجد أن الهمزةَ المتطرفةَ في كل منها قد سبقها حرفٌ مفتوحٌ ، فكتبت الهمزةُ على الألفِ لأنه يناسب الفتح ، دون النظر الى حركة الهمزةِ نفسها .
ومما تقدم نعرف أن الهمزةَ في آخر الكلمة ، إن كان الحرف الذي قبلها متحركا كُتبت على حرفٍ يناسب حركةَ الحرفِ الذي قبلها بصرف النظرِ عن حركة الهمزة نفسها .
4- وإذا لاحظنا الكلمات : ( مخبوْء – ضياء – المضيْء – الفضاء – شيء ) ، وما شابهها نرى أن الهمزةَ في أواخرها ، وقعت بعد حرفٍ ساكنٍ ، فكُتبت الهمزةُ في هذه الحالةِ مفردةً على السطر ، وبهذا عرفنا أن الهمزةَ في آخر الكلمةِ تُكتب مفردةً على السطر ، إن كان ما قبلها حرفاً ساكناً .
مما تقدم يمكننا أن نستخلص القاعدة الآتية :
للهمزةِ المتطرفةِ حالتان :
1- أن تكون بعد حرفٍ متحركٍ :
فتكتب الهمزةُ المتطرفةُ على حرفٍ يناسب حركةَ ما قبلها ، مهما كانت حركة الهمزة نفسها .
1-1- فإن كان ما قبلها مكسوراً كُتبت على الياء ، مثل : ( قارِىء - شاطِىء – دافِىء – متلألِىء – بُدِىء )
1-2- وإن كان ما قبلها مضموماً كُتبت على الواو ، مثل : ( تباطُؤ – التهيُّؤ – دفُؤَ – لؤلُؤ – يجرُؤ ) .
1-3- وإن كان ما قبلها مفتوحاً كُتبت على الألف ، مثل : ( يقرَأ – يملأ – تهيَا – بَدَأ – يبدَأ – ابدَأ – صدَأ – مبتدَأ – تبوَّأ ) .
2- أن تكون بعد حرفٍ ساكنٍ :
تُكتب الهمزةُ المتطرفةُ مفردةً على السطر إذا وقعت بعد حرفٍ ساكنٍ ، مثل :
2-1- صحراء – قضاء – ماء – شواء – سناء .
2-2- ضوء – هدوء – مخبوء – وُضوء – لُجوء .
2-3- شيء – يجيء – مُضيء – مريء – جريء .
2-4- مرء – دفْء – عبْء – جزء – بَدْء – نشْء .
ثانياً – الحالات الخاصة للهمزةِ المتطرفةِ ، ( المفردة بعد ساكن )
في كثيرٍ من الحالات تتصلُ الهمزةُ المتطرفةُ بشيئين وهما :
1- ألف تنوين الفتح ، مثل :
- ما عملتُ شيئاً .
- اقتطعتُ جزءاً .
2- ألف التثنيةِ ، مثل :
- أعجبني شيئان .
- هذان جزءان .
ولفهم الضوابط التي تحكم كتابة الهمزة المتطرفة في مثل هذه الحالات ، دعونا نقرأ النص الأدبي الآتي :
ألقى أحمدُ على زملائه خطاباً . خصص (جزْءاً) منه لاستثمار أوقاتِ الفراغِ . وخصص (الجزْء) الأخرَ من خطابهِ الرسالةِ التي يحملها المدرس في المجتمعِ . فهو يحملُ (عبْئاً) ثقيلاً في تربيةِ الجيلِ لكونهِ مربياً قديراً .
يتولى ( النشْءَ ) بالإرشادِ والتوجيهِ والنُصحِ . فيقدم إلى الأرواحِ متاعاً يصقُلُ فيه النفوسَ ، ويحملُ ( عِبْء ) تعليمهم لكونه معلماً فاضلاً يقدم إلى العقولِ علماً (مُضيئاً) ومعرفةً نافعةً .
فالتربيةُ والتعليمُ (عِبْئان ) متكافئان ، ( وجزْءان ) متكاملان لوجهٍ واحدٍ هو (البناءُ) والتقدمُ والحياة السعيدة للإنسان .
• الآن لننعم النظر في الجمل الآتية التي وردت في النص الأدبي أعلاه وملاحظة الكلمات بين الأقواس :
1- ويحمل (عِبْءَ) تعليمهم .
2- فهو يحمل (عِبْئاَ ) ثقيلاً .
3- فالتربية والتعليمُ ( عِبْئانِ ) متكافِئان .
لاحظ أن كلمة ( عِبْء ) في الجملةِ الأولى كُتبت همزتُها مفردةً على السطرِ . لأنها وقعت بعد حرفٍ ساكن .
وحين لحقتها ألف تنوين النصب في الجملة الثانية ، أصبحت ( عِبْئاً ) فكُتبت الهمزةُ على نبرةِ ( ياء ) لأن الحرف الذي قبل الهمزة ( الباء ) يمكن وصلُهُ بما بعدَهُ من الأحرف . كذلك الأمر حين لحقتها ألف الأثنين في ( عِبْئان ) في الجملة الثالثة .
• ودعنا نعيدُ النظرَ في النص الأدبي نفسه ولنلاحظ الجمل الآتية والكلمات بين القوسين الواردة فيها :
1- وخصص ( الجزءَ ) الآخرَ من خطابه للرسالةِ ...
2- خصص ( جزءاً ) لاستثمارِ أوقات الفراغِ ...
3- ( وجزءان ) متكامِلان ...
نجدُ أن كلمة ( جزْء ) في الجملة الأولى ، كُتبت همزتُها المتطرفةُ منفردةً على السطر ، لأنها جاءت بعد حرفٍ ساكن لا يتصل بما بعده .
وحين لحقتها ألفُ تنوينِ النصبِ في الجملةِ الثانيةِ صارت ( جزْءاً ) وظلت الهمزةُ مفردةً كما هي ، لأن الحرف الذي قبلها ( الزاي ) لا يمكن وصلُهُ بما بَعدَهُ من الأحرف .
وكذلك الحال نفسه بالنسبة إلى الكلمة ( جزْءان ) حين لحقت ألفُ الاثنين بالهمزةِ في الجملة الثالثةِ .
مما تقدم يمكننا أن نستخلص القاعدة الآتية لهذه الحالة :
إذا اتصلت الهمزةُ المتطرفةُ ( المفردة بعد ساكن ) ، بألفِ تنوين النصب أو ألفِ التثنيةِ ، كُتبت على حالتين :
1- على الياء ( النبرة – الكرسي ) إذا كان الحرف الذي قبلها يمكن وصلُهُ بما بعدَهُ ، مثل :
- دِفْء ... دفْئاً ... دِفْئان
- عِبْء ... عِبْئاً ... عِبْئان
- شيْء ... شيْئاً ... شيْئان
2- مفردةٌ على السطرِ إذا كان الحرف الذي قبلها لا يمكن وصلُهُ بما بعدَهُ ، مثل :
- ضوْء ... ضوْءاً ... ضوْءان
- جزْء ... جزْءاً ... جزْءان
- مرْء ... مرْءاً ... مرْءان
أحبائي : سنأخذ – إن شاء الله – في الجزء القادم كتابة الألف اللينة وكتابة التاء . تركتم بخير ، ونلتقي في الجزء القادم - بعون الله - مع تحياتي ...
صباح الجميلي