ورود على قبر الرحيل:
توارى النهار وأضمحل النور ولمت الشمس وشاحها عن الكون، كنت في طريقي إلى الماضي على درب طويل كثير التعاريج ألملم بقايا أمل متناثر فوق جرحي السقيم ورياح الشوق تبعثرني على أرصفة الحنين، مر من أمامي قطار العمر يطوي الأيام طيا فوق سكة الحياة دون محطات انتظار، رجعت إلى البيت منهكة القوى فطعنات الزمن الغادر لازالت تنزف في داخلي وأنا لازلت أملأ الحوض بالماء وأنثر الزهور فوق قبر الرحيل كل يوم,وأجزم أني سأعيش الحياة متحدية الجبابرة القساة الذين يعيشون من جشع النافعين المستغلين لعقلياتهم الغافلة والجاهلة. بهذه التأملات الأليمة وهذه الأفكار المعذبة اتجهت إلى غرفتنا وفتحت الباب ببطء شديد فأصدر سيمفونية مزعجة استلقيت فوق سريرنا المتهرئ ململمة أطرافي فاستنشقت بقايا عطرك العالقة فوق وسادتي وشعرت بيديك تطوقني وأنت تقبلني بحرارة المشتاق، أغمضت عينيا واقتربت منك أكثر حتى أرتوي برحيق قبلاتك..لكن سرعان ما تبخر طيفك كدموع الندى عن وجنات الأزهار بعد طلوع الشمس,وبقيت أتأمل بحزن تفاصيل غرفتنا التي لم أغير فيها شيئا منذ ذالك اليوم النافذة التي كنا نقف أمامها وأنت تطوقني بذراعيك لننعم بنور الصباح كل يوم أصبحت اليوم تطل على درب الفراق ونسائم الحزن تراقص ستائرها,وتلك المرآة التي كنت تغازلها بعينيك السوداويين هاهي شظاياها تئن على الأرض تلعن البعد والفراق,وهذه الساعة الجدارية أصبح ضجيج عقاربها يقتلني في لحظات انتظار المستحيل,وأيام السعادة التي مرت كأنها حلما جميلا باتت اليوم ذابلة فوق أهداب العيون..كنت أظن أن أيام السعادة تلك لن تنتهي إلا عندما نبلغ المشيب ولكن القدر كان يقف ضاحكا عندما دق جرس الباب في هدوء ذلك الليل,فتحت الباب ففوجئت بحشد كبير من الرجال يحملونك على أكتافهم فصرخت صراخا هائلا ومزقت ثيابي وارتميت على جثتك الهامدة وروحي المتوجعة تراوح بين لجج الحياة وهاوية الموت,فأفاقت أجفان الراقدين وجزعت نساء الحي وذعرت أرواح الأطفال وتعالى النواح والبكاء والعويل من جوانب هذا البيت الذي شهد رحيل العمر، ها قد رحل عاشق الحرية,رحل البطل الذي كان على حدود الوطن يفني قواه أمام غدر الضباع,رحل من كان يقول » حب وطني عطش ليس منه ارتواء فلقد رسخت في القلب منه مودة كما رسخت في صدري الصريع أسهم الغدر حب وطني سيبقى في شريان قلبي ينبض فمنه كان الابتداء ولأجله سيكون الانتهاء« وبقيت وحدي مع أطياف تعانق لهفتي وتعيد ذكرى الراحلين وشعور بوحشة الغربة في وطني لا يكاد يفارقني نعم إنهم اقتلعوا زهرتي ولكن هناك برعم في رحم المستقبل سوف يثور إنه شيئا منك ينبض بداخلي
توارى النهار وأضمحل النور ولمت الشمس وشاحها عن الكون، كنت في طريقي إلى الماضي على درب طويل كثير التعاريج ألملم بقايا أمل متناثر فوق جرحي السقيم ورياح الشوق تبعثرني على أرصفة الحنين، مر من أمامي قطار العمر يطوي الأيام طيا فوق سكة الحياة دون محطات انتظار، رجعت إلى البيت منهكة القوى فطعنات الزمن الغادر لازالت تنزف في داخلي وأنا لازلت أملأ الحوض بالماء وأنثر الزهور فوق قبر الرحيل كل يوم,وأجزم أني سأعيش الحياة متحدية الجبابرة القساة الذين يعيشون من جشع النافعين المستغلين لعقلياتهم الغافلة والجاهلة. بهذه التأملات الأليمة وهذه الأفكار المعذبة اتجهت إلى غرفتنا وفتحت الباب ببطء شديد فأصدر سيمفونية مزعجة استلقيت فوق سريرنا المتهرئ ململمة أطرافي فاستنشقت بقايا عطرك العالقة فوق وسادتي وشعرت بيديك تطوقني وأنت تقبلني بحرارة المشتاق، أغمضت عينيا واقتربت منك أكثر حتى أرتوي برحيق قبلاتك..لكن سرعان ما تبخر طيفك كدموع الندى عن وجنات الأزهار بعد طلوع الشمس,وبقيت أتأمل بحزن تفاصيل غرفتنا التي لم أغير فيها شيئا منذ ذالك اليوم النافذة التي كنا نقف أمامها وأنت تطوقني بذراعيك لننعم بنور الصباح كل يوم أصبحت اليوم تطل على درب الفراق ونسائم الحزن تراقص ستائرها,وتلك المرآة التي كنت تغازلها بعينيك السوداويين هاهي شظاياها تئن على الأرض تلعن البعد والفراق,وهذه الساعة الجدارية أصبح ضجيج عقاربها يقتلني في لحظات انتظار المستحيل,وأيام السعادة التي مرت كأنها حلما جميلا باتت اليوم ذابلة فوق أهداب العيون..كنت أظن أن أيام السعادة تلك لن تنتهي إلا عندما نبلغ المشيب ولكن القدر كان يقف ضاحكا عندما دق جرس الباب في هدوء ذلك الليل,فتحت الباب ففوجئت بحشد كبير من الرجال يحملونك على أكتافهم فصرخت صراخا هائلا ومزقت ثيابي وارتميت على جثتك الهامدة وروحي المتوجعة تراوح بين لجج الحياة وهاوية الموت,فأفاقت أجفان الراقدين وجزعت نساء الحي وذعرت أرواح الأطفال وتعالى النواح والبكاء والعويل من جوانب هذا البيت الذي شهد رحيل العمر، ها قد رحل عاشق الحرية,رحل البطل الذي كان على حدود الوطن يفني قواه أمام غدر الضباع,رحل من كان يقول » حب وطني عطش ليس منه ارتواء فلقد رسخت في القلب منه مودة كما رسخت في صدري الصريع أسهم الغدر حب وطني سيبقى في شريان قلبي ينبض فمنه كان الابتداء ولأجله سيكون الانتهاء« وبقيت وحدي مع أطياف تعانق لهفتي وتعيد ذكرى الراحلين وشعور بوحشة الغربة في وطني لا يكاد يفارقني نعم إنهم اقتلعوا زهرتي ولكن هناك برعم في رحم المستقبل سوف يثور إنه شيئا منك ينبض بداخلي