رجل لكل الازمان
==============
مابين الميلاد والموت نعيش متعلقين باذيال الحياة...تلك قصه لواقعية الحياة بكل مافيها من تناقضات..
ما اروع الاحلام حين تتحول الى واقع ملموس، هكذا تبادر الى ذهنه وهو يستمع الى كلمات التهنئة من الموظفين حوله.. فقد أصبح وكيل الوزارة الجديد، شكرهم وطلب منهم ان يعودوا الى مكاتبهم...
ووقف بنافذتة يراقب وكيل الوزارة السابق وهو يركب سيارته وتذكر كلماته المستفزة (اليوم ارحل وغدا تلحق بي فلا تغتر كثيراً، واعلم أنك وصلت لما انت فيه بدهائك لا بكفاءتك.. وتذكر إنك لست بعملة نادرة في هذا الزمان)
رحل وكلماته ترن في فضاء الحجرة.. ولكنه يعرف قواعد اللعبة فلم يهتم ..
وراحت تتزاحم الذكريات وتتدفق الى عقله بغزارة، وتذكر ذلك اليوم الذي غير مجرى حياته، اذ وصل لعلمه ان هناك بعض الترقيات في الوزارة.. وراح يمني نفسه أن يكون من النخبة المختارة للسفر للعاصمة فهناك يستطيع أن يحقق احلامه التي طالما راودته وراح يسعى جاهدا لتحقيقها، نعم هو بقريته مهاب فهو في المجلس المحلى ولكن في الوزارة سيكون في الصدارة وفي مركز القرار.. راحت تموج في راسه الأماني كالبحر المتلاطم وراح ينسج ألف حلم وألف امنية.. وتذكر يوم أكدوا له الخبر بترقيته وكيف اصابه الوجوم.. أهذا معقول ان تتحقق الاحلام بتلك السرعة...فبعد ان تم ترقية رئيسه من مدير عام الى وكيل وزارة.. اختاره معه كانت تلك الخطوة الاولى..
وتذكر يوم أخبرزوجته.. أطلقت الزغاريد ولكنها راحت تكيل له النصائح وتدعو له قائلة:
..كفاك الله شر المناصب وابعد عنك الطمع وكل عين حاسد...
وابتسم بينه وبين نفسه أي شر.. وراحت شياطين الطمع وشهوة السلطة تلتهم اخر ما تبقى في عقله من ضمير.. واسمال الفضيلة التي كان يتسربل بها امام اهل القرية راحت تتساقط لتكشف عورات نفسه أمام ذاته فلم يهتم.. الان سيبدأ سلم الصعود للقمة اما تلك الكلمات الجوفاء عن الضمير والفضيلة لا تسمن ولا تغني من جوع تنهد وخرج يراقب الحياة الرتيبة للقرية ... ويحدث نفسه:
- لا اعرف ما الجمال في هذا الاخضر الممتد على مرمى البصر. متى اتخلص من تلك الرتابة متى اغوص بحياة المدينة بكل ما فيها من صخب وسمر والاهم الفرص.. واقسم سيقتنص كل فرصة تسنح له...
والتفت وجد زوجته تراقبه سألته بتعجب ما بالك شارد الزهن؟
لم يجيب.. وتركها وسار بخطوات نشيطة مبتعدا.... وقد اتخذ القرار.. هذه الزوجة لا تصلح لحياة المدينة ستبقى هنا بالقرية هي وابنائه...
واستفاق من شروده على رنين الهاتف.. ونظر انها زوجته الجديدة الجميلة الراقية.. والتي تناسب المرحلة الحالية... واجابها.. نعم عندنا حفلة سنذهب سويا أستعدى في الثامنة ... وفكر ... غدا او بعد غدا أخبر زوجتي الاخرى عن الترقية الجديدة.. فانا لا اعرف متى تدور الدائرة سأستمتع بكل لحظة.. وابتسم لمساعده الجديد وهو يكيل له المديح وقد انتفخت اوداجه..
فاليوم كانت البدايه ..للخطوة الجديدة ..تلك الحفلة اقامها له بعض رجال الاعمال بمناسبة ترقيته وصل هو وزوجته الجديدة يختال كالطاوس.. ,,متخذا قراره بأن يصل الى القمه .. فقد كان مبدأه الغاية تبرر الوسيلة...وراح يفكر فى المرحلة التاليه ان يصبح وزير او عضو فى مجلس الشعب ولكن هذا يحتاج الى خطه هادئة وذكية وكذلك يحتاج الى الكثير من المال ..الدخل الحالى اصبح لا يكفى ..وأصبح يقوم باداء خدمات مقابل المال أوالهدايا العينيه ولكن ليس اى هدايا .. وراحت تمور فى رأسه الافكار وتداعبه الاحلام
راح يتلمس الطريق ليتسلل الى عالم المال والاعمال وكانت البدايه يوم كانت له رحله للخارج طلب منه صديق أن يحمل معه هديه الى صديق لانه لن يتم تفتيشه فهو شخصيه مرموقه وعلى ان يعطيه مبلغ كبير من المال وذكر له مبلغ لم يحلم به..
لم يهتم بالسؤال ونفذ الطلب واصبحت كل رحلة مصحوبه بمبلغ ضخم من المال وبعض الهدايا القيمه لزوجته
واستكان بين ذراعى الطمع ولم يحاول التفكير.. عاش اللحظه بكل مافيها
ولا يعرف كيف سقط من حسابه زوجته الاولى وابنائه لم يشركهم فى كل تلك الحياه المترفه ولا هذا الصعود .. كان يرسل لهم المال وكذلك اشترى بعض الاراضى بأسماء ابنائه ليهرب من المسائله وليس حبا فيهم,,
وذات يوم علم انه اصبح مرشح من قبل البعض لدخول انتخابات مجلس الشعب
وكانت فرحة لاتوصف ..وفاز بالانتخابات
واصبح ثعلب فى غابه تسكنها الضوارى.. وعاش حلم الثراء بكل تفاصيله..وذات يوم طلبت زوجته الاولى الطلاق وهددته ان لم ينفذ طلبها ستقوم بالتشهير به وستستعمل كل الوسائل المشروعه والغير مشروعه..كانت طعنه لكبريائه ..نفذ طلبها على مضض فكل ما يشغله تلك الارض المكتوبه لأبنائه وكيف يستردها.. واصبح اكثر شراهه للمال والسلطه..
وراح يقوم بتوصيل المخدرات من الحدود الى العاصمة فى سيارته فهو شخصيه معروفه ..لم يتعرض ولا مرة للتفتيش يكفى ان يعرفو هويته حتى تفتح له كل الابواب ,,
حتى كانت الصدفه القاتله اذ فى نفق العبور كانت هناك الكلاب المدربه على رائحة المخدارت تمكنت من شمه وتم تفتيش السياره وعثرو معه على كميه من المخدرات وتم القبض علىة.. وكان السقوط المريع.. وكما هى العاده هرب الاصدقاء المنتفعين وكذلك الزوجه الصغير فقد اكتفت وبحثت عن صيد جديد .. اما هو فقد عاش حياة السجون ..
اه لو انه استمع الى صوت ضحكات القدر لاصابه الفزع.. وراح يراجع رحلتى الصعود والهبوط ويفكر..
شاقه هى رحلات الصعود.. مدويه سرعة الهبوط تسقط معها كل الاقنعه..
ماجى صلاح