احبائي كادر وأعضاء المنتدى الكرام
تحية حب واعتزاز
إن تراثنا العربي زاخر بالحكم والمواعظ والدروس والطرائف والنوادر والمكتبة العربية غنية بالكتب العلمية والأدبية لمن يريد ان ينهل من ينابيع كنوزها وان دخلها في الوقت الحاضر البدع والدجل والذي جاء مع من جاء في غفلة من الزمن.
استذكر أيام الدراسة في مراحلها أيام كان العلم سيدا وكانت المعاهد العلمية لها مكانتها بين دول العالم، وكان المعلم والمدرس والأستاذ مرشدا وابا واخا كبيرا.
واللغة العربية لغتنا، لغة البلاغة والابداع والاعجاز، لغة القرآن والتي تعلمناها وعشقناها منذ ان تعلمنا نطق الحروف.
من كتب القراءة في المرحلة الابتدائية والى كتب النحو والمطالعة في المرحلة المتوسطة والإعدادية، ومن قصة الخروف لؤلؤ لا يعبر النهر وفيها من الطرافة والتوجيه غير المباشر، والى قصة و افق شن طبقة وما فيها من الابداع والفطنة والذكاء، الى قصيدة البردة لكعب بن زهير، بانت سعاد فقلبي اليوم متبول، وما فيها من عذوبة في الغزل واعتذار رقيق من الرسول (ص) لما بدر من الشاعر من إساءة في حقه، وفيها الحكمة والموعظة حيث قال: كل ابن انثى وان طالت سلامته يوما على آلة حدباء محمول... عذرا اذ اطلت عليكم ولكنها صرخة الم لما اقرأ واسمع من أخطاء املائية ونحوية على المواقع الإعلامية المرئية والمكتوبة...
احبائي: بعد هذه المقدمة والتي آمل ان لا أكون قد اضجرتكم، احب ان انتقل بكم الى الطرافة وما قرأت لكم من كتاب الأغاني... أملي ان تروق لكم واكون قد كفرت عنما سببته لكم من ضجر...
أبو دلامة ومع شيء من طرائفه
أبو دُلامة شاعر فكاهي من أهل الظرف والدعابة عاش في العصر العباسي، اسمه زند أو زيد بن جون، و كان غلاماً حبشياً أسوداً، وكان أبوه عبداً لرجل من بني أسد وأعتقه ... و هو أحد الشعراء المعاصرين لخلفاء بني العباس الثلاث الأوائل و هم السفاح و المنصور و المهدي، ويعتبر شاعرهم و نديمهم الخاص لقوله الكثير في مدحهم، إلا أنه لم يكن من الملتزمين دينياً وكان يتهمم بالزندقة، وكان فكها مرحا حسن الحديث ممتع الرواية...
اسمه وكنيته
اسمه زند بن الجون كما ذكرته الكثير من المصادر، وكنيته أبو دلامة نسبة الى ولده دلامة، وقد ذهب البعض ان كنيته هذه نسبة الى جبل اسمه دلامة مطلا على الحجون بأعلى مكة، وهذا الجبل اسود اللون أملس الصخر وكان مكانا لوأد البنات في الجاهلية وقد كني به لوجود الشبه بينهما الطول والسواد.
من نوادر ابي دلامة
حالي شر حال
يحكى ان أبا جعفر المنصور قد أمر أصحابه ان يلبسوا السواد مع قلانس طوال على الرأس تدعم بعيدان من الداخل، ويعلقوا السيوف في المناطق، ويكتبوا على ظهورهم: (فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم).
فدخل أبو دلامة على المنصور وهو بحالته هذه، فسأله: كيف حالك؟
فأجاب:
- شر حال، وجهي في نصفي، وسيفي من خلفي، وكتاب الله وراء ظهري، وقد صبغت بالسواد ثيابي.
فضحك منه المنصور، واعفاه من ذلك الزي وحده، وقال له:
إياك ان يسمع هذا منك أحد.
أبو دلامة يهجو نفسه
ويروي أبو دلامة انه دخل على المهدي يوما وعنده جماعة من بني هاشم، فقال له المهدي:
- انا اعطي الله عهدا، لئن لم تهج واحدا من الحاضرين في هذا المجلس لأقطعن لسانك.
فنظر الى القوم، وكلما وقع نظره على واحد غمزه بأن عليه رضاه.
فقال أبو دلامة: لقد علمت أنى وقعت ولا بد من ان اهجو أحدا، فلم أر أحدا أحق بالهجاء مني، ولا ادعى الى السلامة من هجاء نفسي فقلت:
ألا ابلغ أليـك أبا دلامة *** فليس من الكرام ولا كرامه
إذا لبس العمامة كان قردا *** وخنزيرا إذا نزع العمامه
جمعت دمامة وجمعت لؤما *** كذاك اللؤم تتبعه الدمامه
فإن تك قد أصبت نعيم دنيا *** فلا تفرح فقد دنت القيامه
فضحك القوم كلهم، ولم يبق منهم أحد إلا أجازه ...
صباح الجميلي / بتصرف