يوم آخر كسائر الأيام ..بدت مريم ضجرة وهي تحاول دون جدوى الخلود الى النوم ..فما فتأت تتقلب يميناً ويسارا وتُغَيَّر من وضع وسادتها التي عفى عليها الزمن وانكمشت داخل كيسها المهترىء باهت الألوان ، والحوار الصامت اليومي يتردد في افكارها التعبة ..
—- لو يتوقف عّم محمود الحداد عن الطرق لدقائق ريثما أغفو .. فأنام لساعة أو بعض الساعة قبل ان يحين موعد ذهابي الى عملي الليلي في مشفى القرية ..
نعم .. فهي تعمل في قسم التوليد ليلا في ذلك المشفى قليل الإمكانيات مُذ حصلت على شهادتها كحكيمة توليد وهي تباشر عملها في نفس المكان منذ سنوات لاتذكر كم عددها ...
تعود من عملها صباحا ، تحمل ما تحتاجه من لوازم تشتريها على عجل في طريق عودتها مارة بالسوق الوحيد في القرية .. بعض الخبز والجبن والخضار لتحضير وجبة تسد جوع من تنتظرها شاخصة ببصرها نحو باب منزلها القديم وقد رُدَ دون أن يُغْلَق ..
——. مريم ... يا مريم .. أهذه أنتِ ..؟؟!
—— ومن غيري يا أمي ..!؟
نعم .. فقد دُرسَ بصر العجوز المسنة منذ سنوات ..
وما ان دخلت مريم حتى صارت تتحرك في ارجاء المنزل على عجل وهي ترفع بقايا يومٍ مضى ، كسرة خبز هنا .. طبق جفت بقايا الطعام على حوافه هناك ..
والتفتت مُحَدِثة العجوز ..
— تأخرت الْيَوْمَ يا أمي في المشفى .. لا بأس يا أمي ..سأنجزُ كل شيء قبل خلودي الى النوم .. لا تقلقي ..
—- جائعة أنا ... أنا جائعة ..!!
— حاضر ياأمي ..حاضر ..
وعلى وجه السرعة قدمت طبق الطعام وأمسكت يد العجوز لتضعها على الطبق فتعرف مكانه...
—- الخبز ... أين الخبز ،، وهي تمد يدها لتأخذ رغيف الخبز ..فناولتها مريم رغيف الخبز على عجالة ..
وقفزت الى السرير لتريح جسدها المنهك علها تنال قسطا من الراحة بعد عناء ليلة الامس ..
— كانت ليلة عجيبة يا أمي ..لا ادري لمَ كل الولادات تَحينُ ليلا ..!!!
طاق .. طاق ....طاق .. واستمر الطرق دون هوادة ،،
طاق .. طاق .. طاق ..
عمً محمود يطرق الحديد الساخن بكل همة لتشكيله ..
وهي تصارع الوسادة يميناً ويسارا .. دون جدوى ..
— ماء ... ماء .. أين قدح الماء يا مريم ..؟؟
— ألا تسقني شاياً .. مريم ..؟؟
طاق .. طاق ...طاق ..
- مريم ..؟!
لم تجب مريم فقد راحت في سبات عميق ...
نجاح احمد
عدل سابقا من قبل نجاح احمد في الثلاثاء يوليو 31, 2018 10:21 am عدل 1 مرات (السبب : إضافة جملة ..))