قصةٌ قصيرةٌ جداً
هل من سعادةٍ بعد الشقاءْ
قضى ليلتَهُ مهموماً تعباً من الشقاءِ الذي يُخيمُ عليهِ، أنتبهَ من نومِهِ على صوتِ المؤذنِ يدعو لصلاةِ الفجرِ، نهضِ مسرعاً وتوضأ وصلى ثم دعا اللهَ مستغيثاً راجياً متضرعاً: ربي يا واسعَ الرحمةِ أغثني واصرفْ عني البلاءَ والشقاءَ وانقلني الى أرضٍ كلُها سعادةْ، ثم سجدْ وانتبَهَ وإذا هو في مكانٍ غيرِ مكانِهِ، كلُ شيء فيهِ متوفرٌ لا شقاءَ ولا تعبْ، فحمدَ اللهَ وشكرهُ وعاش سعيداً راضياً ثم بعد فترةٍ بدأ يسأمُ إذ لم يعدْ يشعرُ بطعمِ السعادةِ كما كان يشعرُ بها عندما تمرُ بهِ بعد لحظاتِ تعبٍ وشقاءْ...
رجعَ ودعا ربَهُ: ربي غفرانَكَ فإنكَ أنتَ الغفورُ الرحيمْ، لقد خلقتَ كلَ شيء بقدرْ، لم أشعرُ بالسعادةِ أعدني الى ما كنتُ عليهِ، ثم سجدَ وانتبهَ فإذا هو في مكانِهِ الأولْ.
حقاً تعبَ النهارِ والجهدِ الذي يبذلهُ وشقائهِ لينفعَ نفسهُ وينفعَ غيرَهُ يقابلهُ الليلُ بهدوئِهِ وسكونهِ فيشعرَ بالراحةِ بعد جهدِ النهارِ، نعم لحظةٌ من السعادةِ بعد تعبٍ ألذُ وأطيبْ، يشعرَ بسعادةٍ وفرحٍ حين يستلمَ أجورَهُ ويشعرَ بسعادةٍ أكثرَ حين يساعدَ فقيراً أو يُطعمَ جائعٍ وكما قالَ الشاعرُ:
الناسُ للناسِ من بدوٍ ومن حضرٍ *** بعضٌ لبعضٍ وإن لم يشعروا خدمُ
فسبحانَ الله الذي خلقَ كل شيء بقدرٍ والحمدُ للهِ على ما قدرْ...
صباح الجميلي