القلم للثقافة والفنون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
القلم للثقافة والفنون

( قَلمُنا ... ليس ككلِ الأقلامْ ، قَلمُنا ينطقُ ثقافةً وينزفُ صدقاً ويشجع المواهبَ ليخلقَ الإبداعْ )


+3
قاسم
ريم السلطنة
صباح الجميلي
7 مشترك

    أمير الجوزه شعوبي إبراهيم

    صباح الجميلي
    صباح الجميلي
    عضو ماسي
    عضو ماسي


    عدد المساهمات : 4287
    نقاط : 21339
    السٌّمعَة : 437
    تاريخ التسجيل : 07/04/2011
    87
    الموقع : المربي الفاضل /مدير عام تنفيذي /كبير مبدعي القلم / القلم الذهبي / القلم الماسي / وسام الابداع/ درع الابداع

    أمير الجوزه شعوبي إبراهيم Empty أمير الجوزه شعوبي إبراهيم

    مُساهمة من طرف صباح الجميلي الثلاثاء سبتمبر 13, 2011 7:57 pm

    أمير الجوزة شعوبي إبراهيم
    شخصية أدبية وعلم من أعلام الفن والموسيقى التراثية وواحد من الذين عشقوا المقام العراقي الأصيل ومن الذين خدموا هذا الفن التراثي الجميل، والذي تتلمذ على يديه عدد من العازفين والفنانين ، ذلك هو المرحوم الشاعر الفنان والإنسان أحمد شعيب إبراهيم والمعروف بإسم شعوبي.
    إسمه ونسبه:
    أسمه الكامل هو أحمد شعيب إبراهيم خليل اسماعيل نوش العبيدي الأعظمي والمعروف بإسم شعوبي ، ولد عام 1925 في محلة الشيوخ في الأعظمية ، حيث الموالد والمناقب النبوية والجو الشعبي الفني والساحة الرحبة من ساحات المقام العراقي . نشأ عصاميا مكافحا في عائلة متوسطة مثله مثل سائر العائلات العراقية المعروفة ، وترعرع في تلك الأجواء النقية البسيطة . ويرجع نسبه إلى عشيرة العبيد وهي من العشائر العربية العراقية المعروفة والتي تنتمي إلى عشائر زبيد من القبائل القحطانية.
    هواياته:
    من هواياته السباحة والنجارة وصناعة الزوارق والموسيقى والمقام العراقي ، وهو في الإبتدائية صنع أول آلة موسيقية له وهي الناي ، وتعلم العزف عليه ، وكان يعزف وهو يتجول في أزقة محلته حتى أصبح الناس تعرفه من عزفه ، وتعلم صناعة آلة الربابة والعزف عليها من مراقبته رجال الغجر الذين كانوا يطوفون أزقة بغداد أيام الأعياد يغنون أمام البيوت مادحين أهلها.
    نشاطاته ومسيرته الوظيفية:
    في بداية الأربعينات عين في دار الإذاعة ، ثم عمل في الفرقة الموسيقية فيها. وفي عام 1949 التحق بمعهد الفنون الجميلة / القسم المسائي / وتخرج فيه عام 1952 حيث درس آلة القانون ، ثم تحول الى الكمان الذي درسه على يد الأستاذ جميل بشير، وبعد تخرجه من معهد الفنون الجميلة / القسم المسائي التحق في المعهد المذكور / القسم الصباحي / إعداد المعلمين ودرس العود على يد الأساتذة يعقوب يوسف وجميل سليم وغانم حداد.
    لقد تعلم شعوبي العزف على آلة الجوزة وكان يصنعها بيده ، فكان أول صانع لهذه الآلة ولشدة عشقه للجوزة جاهد لتعلم العزف عليها بنفسه حيث لم يكن هناك مدرسون لها.
    كما اسس وفي بداية الخمسينات أول فرقة للجالغي البغدادي ، ومع بداية فرقة الجالغي البغدادي كانت بداية الفنان شعوبي إبراهيم مع الجوزة والمقام العراقي عزفا وأداءا ، فكان بحق أمير الجوزة وأسطى المقام العراقي كما كان يلقبه ويسميه الفنان الراحل منير بشير.
    وفي عام 1960 وللمرة الثالثة دخل شعوبي معهد الفنون الجميلة ولكن هذه المرة مدرسا لتدريس ألة الجوزة. وعندما افتتح معهد الدراسات النغمية العراقي عام 1970 في الوزيرية ، والذي اصبح اسمه فيما بعد (معهد الدراسات الموسيقية)، التحق به شعوبي ابراهيم مؤسسا واستاذا للجوزة والمقام فيه. وكان الأستاذ الوحيد لهاتين المادتين في حينه فتخرج على يده عدد من العازفين الجيدين.
    شخصيته:
    يتميز شعوبي ابراهيم بشخصية بسيطة طيبة متواضعة مرحة هادئة ، يحب معاونة الصغير والكبير، ويحب المرح والنكته ويرويها حتى وان كانت على نفسه، وربما البعض منا لا يعرف بانه يعتبر واحدا من ظرفاء بغداد وان طرفه ومداعباته الكثيرة والمتميزة مشهورة حتى انها تسمى بالشعوبيات نسبة اليه، كما ان سهراته مع رفاقه وأهل محلته لا تزال راسخة في الأذهان يتذكرها الأهل والأصحاب فتعلوا الأبتسامة وجوههم فيرونه بينهم بوجهه الضحوك الهادئ ثم يذكرون رحيله عنهم فيترحمون عليه والأسى يعلو الوجوه.
    فنه:
    يتميز فن شعوبي ابراهيم في طريقة عزفه على الجوزة فهي طريقة كلاسيكية قديمة مأخوذة عن عراقيته الصميمة في إداء المقامات العراقية عزفا وأداء بطريقة لا مثيل لها حاليا. فهو قريب جدا للحقيقة التراثية ومواكب لروح العصر المتغير والمتجدد دائما، فأضاف الحداثة إلى قواعد وأصول المقام العراقي من غير أن ينقص من قيمة المقام وجماله الأصيل ولا ان يفقده طعمه الخاص المتميز به.
    لقد تمكن شعوبي إبراهيم بذكائه وفطنته من دمج مدرسة محمد القبانجي المتطورة والمواكبة لهذا العصر مع مدرسة رشيد القندرجي الملتزم بكل قواعد وأصول المقام العراقي ، ونرى ذلك بكل وضوح في أدائه العذب للمقام وهو يلاعب أوتار جوزته ويحتضنها بكل حنان ورقة.
    في الأربعينات التقى شعوبي ابراهيم يوسف عمر وشكل معه ثنائيا بديعا منسجما وكان عصرا متميزا بجمال الأداء وعذوبة اللحن، فـأصبحا وحدة فنية متناغمة في فرقة الجالغي البغدادي ، واستمرت هذه العلاقة وهذه الفرقة في تقديم الحفلات والمشاركة في المهرجانات الفنية حتى اعتزال يوسف عمر الفن عام 1984
    مشاركاته في المهرجانات الدولية وشهاداته:
    لقد زار الفنان شعوبي إبراهيم العديد من بلدان العالم مشاركا في المهرجانات الفنية المقامة فيها مثل طاجكستان، أذربيجان، سوريا، دول الخليج، إيران، تركيا، بلغاريا، النمسا (مهرجان سالسبورغ) فنلندا، مصر، تونس والجزائر وغيرها، وفي عام 1964 شارك شعوبي في مؤتمر الموسيقى العربي الثاني في بغداد.
    وفي عام 1976 وفي احتفال فني في قاعة قدمت له دائرة الفنون الموسيقية وساما وشهادة تقديرية لكونه من رواد الموسيقى والغناء في العراق في فترة الأربعينات والخمسينات، كما قدمت له نقابة الفنانين عام 1992 وسام الفن وشهادة تقديرية بمناسبة مرور عام على وفاته لدوره المتميز في إحياء المقام العراقي، وفي فنلندا منحت أكاديمية سيلبوس الفنلندية شعوبي إبراهيم شهادة بروفيسور (غير رسمية) إعترافا منها بفنه وتقديرا لموهبته وعطائه الفني.
    إن أقرب الشهادات الى نفس شعوبي وأحبها إليه هي حب الناس له وشهادة عشاق الفن والموسيقى والمقام العراقي ، والتي جسدها فنان العراق الأول غريد الرافدين الراحل محمد القبانجي حيث قال:
    (( إن الفنان شعوبي إبراهيم يمتلك الخبرة والعلم والفهم في مجال المقام العراقي مما يجعلني أشهد له بذلك وأعطيه هذه الشهادة)).
    مؤلفاته:
    لقد كتب شعوبي الكثير وتحدث في الفن كثيرا ولكن مع الأسف لم يحتفظ بما كتب ولم يدون ما تحدث به ، وقد أصبح من الأمور الإعتيادية أن ترى قصاصة ورق أو غلافا لعلبة سكاير مكتوبا عليها شيء من الشعر أو بعض المعلومات الفنية عن المقام أو شيء من التراث، فضاع الكثير ولم يبقى إلا القليل ، ولكن هذا القليل من مؤلفاته على الرغم من قلتها فهو عميق جدا بمعلوماته.
    إن كتابه (المقامات) عام 1963 أصبح موسوعة فنية تضم ألوان المقام العراقي ، وكتابه (دليل الأنغام لطلاب المقام) عام 1982، كتاب ثمين وفريد دون فيه جميع المقامات العراقية وعددها أربعون مقاما وقد أرفق معه ستة أشرطة كاسيت مسجل، سجل عليها ويصوته جميع المقامات شارحا أصولها وقواعدها حرصا منه عليها من الضياع والإندثار أو التداخل والتشويه. كما أن له عددا من القصائد وعددا من الأغاني والبستات والزهيريات تأليفا ولحنا وأداء، وما مقام المشتاق الذي ابتكره ووضع أصوله إلا واحدا من إبداعاته.
    قصته مع الشعر:
    لقد كتب شعوبي إبراهيم الكثير من القصائد الشعبية والموالات البغدادية والزهيريات، كما نظم الشعر العمودي باللغة الفصحى بحكم إجادته لقواعد اللغة العربية ، ومذ كان طالبا في المرحلة المتوسطة حيث كان يكتب ناقدا وناصحا بإسلوبه الجاد والظريف، وكان أول من كتب المنلوجات المدرسية ناقدا الطالب الكسول ومداعباته للدروس واساتذتها وقوله عن الطالب الكسلان :

    الكسلان هذا حاله .... ما تتبدل أحواله
    راسب بكل أقواله .... بالصف دماغه امطشر
    ومداعباته لدرس الجبر حيث قال:

    عمي يا استاذ الجبر .... درسك يتعب الفكر
    سين صاد تحت الجذر .... درسك اشويه اختصر
    وفاته:
    لقد عانى شعوبي ابراهيم من داء السكر الشيء الكثير حتى تسبب هذا المرض اللعين بفقده بصره وعاش سنين عديدة حبيس هذه الحالة، وقد اشتد عليه المرض عندما اصيب بالكسر في عظم الفخذ فتدهورت صحته أكثر ولم يكن له من أنيس في وحدته سوى جوزته التي رافقته سنين حياته فكان يناغيها وتناغيه ، ويتوكأ عليها في محنته، يحتضنها برفق وتحتضنه بحنان وهو على فراش المرض ، حتى كان فجر يوم الإثنين التاسع من أيلول عام 1991 حيث توقف ذلك القلب الكبير عن نبضه ، وتوفى الأستاذ الكبير والمعلم والفنان والأنسان شعوبي إبراهيم عن عمر يبلغ الخامسة والستين عاما.
    لقد تلقت الأوساط الفنية نبأ وفاته بحزن وأسف شديدين ، وبوفاته فقد الفن واحدا من أعمدته وعلما من أعلامه وبذلك تطوى صفحة من اروع صفحات إنسان ضحى بالكثير وعاش للآخرين تاركا وراءه أعمالا رائعة ستعيش مع كل إنسان أحب المقام وعشقه.
    رحم الله شعوبي إبراهيم وأسكنه فسيح جناته ، فذكراه ما غابت عن محبيه أبدا، وإني لأذكر إذ أذكر يوم زرته عائدا قبل أسابيع من وفاته ، وفي يدي قصيدة كتبتها بمناسبة ذكرى ميلاد إبنتي لناقشني فيها كعادته موجها في الشعر وناصحا ، فوجدته مضطجعا على أريكة في رحبة الدار محتضنا جوزته على صدره يداعب أوتارها فرأيته كأنه يكلمها وتكلمه ، وما حسبت أنه كان يودعها وتودعه.
    إن الجديث عن شعوبي إبراهيم لا يمكن أن تغطيه صفحات كتاب أو وقت محدد ولكني في الختام أقول له:

    ولو أن دمعي يعيد مغيبا ... لأمطرت عيني شعوب سحبا
    ولو لا يحرم ديني نصبا .... إذن لأقمت لذكراك نصبا

    صباح الجميلي
    ريم السلطنة
    ريم السلطنة
    عضو ذهبي
    عضو ذهبي


    عدد المساهمات : 202
    نقاط : 6347
    السٌّمعَة : 37
    تاريخ التسجيل : 28/05/2010
    35
    الموقع : اوفياء المنتدى

    أمير الجوزه شعوبي إبراهيم Empty رد: أمير الجوزه شعوبي إبراهيم

    مُساهمة من طرف ريم السلطنة الأربعاء سبتمبر 14, 2011 6:58 pm

    صباح الجميلي كتب:
    أمير الجوزة شعوبي إبراهيم
    شخصية أدبية وعلم من أعلام الفن والموسيقى التراثية وواحد من الذين عشقوا المقام العراقي الأصيل ومن الذين خدموا هذا الفن التراثي الجميل، والذي تتلمذ على يديه عدد من العازفين والفنانين ، ذلك هو المرحوم الشاعر الفنان والإنسان أحمد شعيب إبراهيم والمعروف بإسم شعوبي.
    إسمه ونسبه:
    أسمه الكامل هو أحمد شعيب إبراهيم خليل اسماعيل نوش العبيدي الأعظمي والمعروف بإسم شعوبي ، ولد عام 1925 في محلة الشيوخ في الأعظمية ، حيث الموالد والمناقب النبوية والجو الشعبي الفني والساحة الرحبة من ساحات المقام العراقي . نشأ عصاميا مكافحا في عائلة متوسطة مثله مثل سائر العائلات العراقية المعروفة ، وترعرع في تلك الأجواء النقية البسيطة . ويرجع نسبه إلى عشيرة العبيد وهي من العشائر العربية العراقية المعروفة والتي تنتمي إلى عشائر زبيد من القبائل القحطانية.
    هواياته:
    من هواياته السباحة والنجارة وصناعة الزوارق والموسيقى والمقام العراقي ، وهو في الإبتدائية صنع أول آلة موسيقية له وهي الناي ، وتعلم العزف عليه ، وكان يعزف وهو يتجول في أزقة محلته حتى أصبح الناس تعرفه من عزفه ، وتعلم صناعة آلة الربابة والعزف عليها من مراقبته رجال الغجر الذين كانوا يطوفون أزقة بغداد أيام الأعياد يغنون أمام البيوت مادحين أهلها.
    نشاطاته ومسيرته الوظيفية:
    في بداية الأربعينات عين في دار الإذاعة ، ثم عمل في الفرقة الموسيقية فيها. وفي عام 1949 التحق بمعهد الفنون الجميلة / القسم المسائي / وتخرج فيه عام 1952 حيث درس آلة القانون ، ثم تحول الى الكمان الذي درسه على يد الأستاذ جميل بشير، وبعد تخرجه من معهد الفنون الجميلة / القسم المسائي التحق في المعهد المذكور / القسم الصباحي / إعداد المعلمين ودرس العود على يد الأساتذة يعقوب يوسف وجميل سليم وغانم حداد.
    لقد تعلم شعوبي العزف على آلة الجوزة وكان يصنعها بيده ، فكان أول صانع لهذه الآلة ولشدة عشقه للجوزة جاهد لتعلم العزف عليها بنفسه حيث لم يكن هناك مدرسون لها.
    كما اسس وفي بداية الخمسينات أول فرقة للجالغي البغدادي ، ومع بداية فرقة الجالغي البغدادي كانت بداية الفنان شعوبي إبراهيم مع الجوزة والمقام العراقي عزفا وأداءا ، فكان بحق أمير الجوزة وأسطى المقام العراقي كما كان يلقبه ويسميه الفنان الراحل منير بشير.
    وفي عام 1960 وللمرة الثالثة دخل شعوبي معهد الفنون الجميلة ولكن هذه المرة مدرسا لتدريس ألة الجوزة. وعندما افتتح معهد الدراسات النغمية العراقي عام 1970 في الوزيرية ، والذي اصبح اسمه فيما بعد (معهد الدراسات الموسيقية)، التحق به شعوبي ابراهيم مؤسسا واستاذا للجوزة والمقام فيه. وكان الأستاذ الوحيد لهاتين المادتين في حينه فتخرج على يده عدد من العازفين الجيدين.
    شخصيته:
    يتميز شعوبي ابراهيم بشخصية بسيطة طيبة متواضعة مرحة هادئة ، يحب معاونة الصغير والكبير، ويحب المرح والنكته ويرويها حتى وان كانت على نفسه، وربما البعض منا لا يعرف بانه يعتبر واحدا من ظرفاء بغداد وان طرفه ومداعباته الكثيرة والمتميزة مشهورة حتى انها تسمى بالشعوبيات نسبة اليه، كما ان سهراته مع رفاقه وأهل محلته لا تزال راسخة في الأذهان يتذكرها الأهل والأصحاب فتعلوا الأبتسامة وجوههم فيرونه بينهم بوجهه الضحوك الهادئ ثم يذكرون رحيله عنهم فيترحمون عليه والأسى يعلو الوجوه.
    فنه:
    يتميز فن شعوبي ابراهيم في طريقة عزفه على الجوزة فهي طريقة كلاسيكية قديمة مأخوذة عن عراقيته الصميمة في إداء المقامات العراقية عزفا وأداء بطريقة لا مثيل لها حاليا. فهو قريب جدا للحقيقة التراثية ومواكب لروح العصر المتغير والمتجدد دائما، فأضاف الحداثة إلى قواعد وأصول المقام العراقي من غير أن ينقص من قيمة المقام وجماله الأصيل ولا ان يفقده طعمه الخاص المتميز به.
    لقد تمكن شعوبي إبراهيم بذكائه وفطنته من دمج مدرسة محمد القبانجي المتطورة والمواكبة لهذا العصر مع مدرسة رشيد القندرجي الملتزم بكل قواعد وأصول المقام العراقي ، ونرى ذلك بكل وضوح في أدائه العذب للمقام وهو يلاعب أوتار جوزته ويحتضنها بكل حنان ورقة.
    في الأربعينات التقى شعوبي ابراهيم يوسف عمر وشكل معه ثنائيا بديعا منسجما وكان عصرا متميزا بجمال الأداء وعذوبة اللحن، فـأصبحا وحدة فنية متناغمة في فرقة الجالغي البغدادي ، واستمرت هذه العلاقة وهذه الفرقة في تقديم الحفلات والمشاركة في المهرجانات الفنية حتى اعتزال يوسف عمر الفن عام 1984
    مشاركاته في المهرجانات الدولية وشهاداته:
    لقد زار الفنان شعوبي إبراهيم العديد من بلدان العالم مشاركا في المهرجانات الفنية المقامة فيها مثل طاجكستان، أذربيجان، سوريا، دول الخليج، إيران، تركيا، بلغاريا، النمسا (مهرجان سالسبورغ) فنلندا، مصر، تونس والجزائر وغيرها، وفي عام 1964 شارك شعوبي في مؤتمر الموسيقى العربي الثاني في بغداد.
    وفي عام 1976 وفي احتفال فني في قاعة قدمت له دائرة الفنون الموسيقية وساما وشهادة تقديرية لكونه من رواد الموسيقى والغناء في العراق في فترة الأربعينات والخمسينات، كما قدمت له نقابة الفنانين عام 1992 وسام الفن وشهادة تقديرية بمناسبة مرور عام على وفاته لدوره المتميز في إحياء المقام العراقي، وفي فنلندا منحت أكاديمية سيلبوس الفنلندية شعوبي إبراهيم شهادة بروفيسور (غير رسمية) إعترافا منها بفنه وتقديرا لموهبته وعطائه الفني.
    إن أقرب الشهادات الى نفس شعوبي وأحبها إليه هي حب الناس له وشهادة عشاق الفن والموسيقى والمقام العراقي ، والتي جسدها فنان العراق الأول غريد الرافدين الراحل محمد القبانجي حيث قال:
    (( إن الفنان شعوبي إبراهيم يمتلك الخبرة والعلم والفهم في مجال المقام العراقي مما يجعلني أشهد له بذلك وأعطيه هذه الشهادة)).
    مؤلفاته:
    لقد كتب شعوبي الكثير وتحدث في الفن كثيرا ولكن مع الأسف لم يحتفظ بما كتب ولم يدون ما تحدث به ، وقد أصبح من الأمور الإعتيادية أن ترى قصاصة ورق أو غلافا لعلبة سكاير مكتوبا عليها شيء من الشعر أو بعض المعلومات الفنية عن المقام أو شيء من التراث، فضاع الكثير ولم يبقى إلا القليل ، ولكن هذا القليل من مؤلفاته على الرغم من قلتها فهو عميق جدا بمعلوماته.
    إن كتابه (المقامات) عام 1963 أصبح موسوعة فنية تضم ألوان المقام العراقي ، وكتابه (دليل الأنغام لطلاب المقام) عام 1982، كتاب ثمين وفريد دون فيه جميع المقامات العراقية وعددها أربعون مقاما وقد أرفق معه ستة أشرطة كاسيت مسجل، سجل عليها ويصوته جميع المقامات شارحا أصولها وقواعدها حرصا منه عليها من الضياع والإندثار أو التداخل والتشويه. كما أن له عددا من القصائد وعددا من الأغاني والبستات والزهيريات تأليفا ولحنا وأداء، وما مقام المشتاق الذي ابتكره ووضع أصوله إلا واحدا من إبداعاته.
    قصته مع الشعر:
    لقد كتب شعوبي إبراهيم الكثير من القصائد الشعبية والموالات البغدادية والزهيريات، كما نظم الشعر العمودي باللغة الفصحى بحكم إجادته لقواعد اللغة العربية ، ومذ كان طالبا في المرحلة المتوسطة حيث كان يكتب ناقدا وناصحا بإسلوبه الجاد والظريف، وكان أول من كتب المنلوجات المدرسية ناقدا الطالب الكسول ومداعباته للدروس واساتذتها وقوله عن الطالب الكسلان :

    الكسلان هذا حاله .... ما تتبدل أحواله
    راسب بكل أقواله .... بالصف دماغه امطشر
    ومداعباته لدرس الجبر حيث قال:

    عمي يا استاذ الجبر .... درسك يتعب الفكر
    سين صاد تحت الجذر .... درسك اشويه اختصر
    وفاته:
    لقد عانى شعوبي ابراهيم من داء السكر الشيء الكثير حتى تسبب هذا المرض اللعين بفقده بصره وعاش سنين عديدة حبيس هذه الحالة، وقد اشتد عليه المرض عندما اصيب بالكسر في عظم الفخذ فتدهورت صحته أكثر ولم يكن له من أنيس في وحدته سوى جوزته التي رافقته سنين حياته فكان يناغيها وتناغيه ، ويتوكأ عليها في محنته، يحتضنها برفق وتحتضنه بحنان وهو على فراش المرض ، حتى كان فجر يوم الإثنين التاسع من أيلول عام 1991 حيث توقف ذلك القلب الكبير عن نبضه ، وتوفى الأستاذ الكبير والمعلم والفنان والأنسان شعوبي إبراهيم عن عمر يبلغ الخامسة والستين عاما.
    لقد تلقت الأوساط الفنية نبأ وفاته بحزن وأسف شديدين ، وبوفاته فقد الفن واحدا من أعمدته وعلما من أعلامه وبذلك تطوى صفحة من اروع صفحات إنسان ضحى بالكثير وعاش للآخرين تاركا وراءه أعمالا رائعة ستعيش مع كل إنسان أحب المقام وعشقه.
    رحم الله شعوبي إبراهيم وأسكنه فسيح جناته ، فذكراه ما غابت عن محبيه أبدا، وإني لأذكر إذ أذكر يوم زرته عائدا قبل أسابيع من وفاته ، وفي يدي قصيدة كتبتها بمناسبة ذكرى ميلاد إبنتي لناقشني فيها كعادته موجها في الشعر وناصحا ، فوجدته مضطجعا على أريكة في رحبة الدار محتضنا جوزته على صدره يداعب أوتارها فرأيته كأنه يكلمها وتكلمه ، وما حسبت أنه كان يودعها وتودعه.
    إن الجديث عن شعوبي إبراهيم لا يمكن أن تغطيه صفحات كتاب أو وقت محدد ولكني في الختام أقول له:

    ولو أن دمعي يعيد مغيبا ... لأمطرت عيني شعوب سحبا
    ولو لا يحرم ديني نصبا .... إذن لأقمت لذكراك نصبا

    صباح الجميلي

    بارك الله فيك تعريف موجز وراقي عن فنان مبدع
    صباح الجميلي
    صباح الجميلي
    عضو ماسي
    عضو ماسي


    عدد المساهمات : 4287
    نقاط : 21339
    السٌّمعَة : 437
    تاريخ التسجيل : 07/04/2011
    87
    الموقع : المربي الفاضل /مدير عام تنفيذي /كبير مبدعي القلم / القلم الذهبي / القلم الماسي / وسام الابداع/ درع الابداع

    أمير الجوزه شعوبي إبراهيم Empty رد: أمير الجوزه شعوبي إبراهيم

    مُساهمة من طرف صباح الجميلي الأربعاء سبتمبر 14, 2011 10:02 pm

    ريم السلطنة كتب:
    صباح الجميلي كتب:
    أمير الجوزة شعوبي إبراهيم
    شخصية أدبية وعلم من أعلام الفن والموسيقى التراثية وواحد من الذين عشقوا المقام العراقي الأصيل ومن الذين خدموا هذا الفن التراثي الجميل، والذي تتلمذ على يديه عدد من العازفين والفنانين ، ذلك هو المرحوم الشاعر الفنان والإنسان أحمد شعيب إبراهيم والمعروف بإسم شعوبي.
    إسمه ونسبه:
    أسمه الكامل هو أحمد شعيب إبراهيم خليل اسماعيل نوش العبيدي الأعظمي والمعروف بإسم شعوبي ، ولد عام 1925 في محلة الشيوخ في الأعظمية ، حيث الموالد والمناقب النبوية والجو الشعبي الفني والساحة الرحبة من ساحات المقام العراقي . نشأ عصاميا مكافحا في عائلة متوسطة مثله مثل سائر العائلات العراقية المعروفة ، وترعرع في تلك الأجواء النقية البسيطة . ويرجع نسبه إلى عشيرة العبيد وهي من العشائر العربية العراقية المعروفة والتي تنتمي إلى عشائر زبيد من القبائل القحطانية.
    هواياته:
    من هواياته السباحة والنجارة وصناعة الزوارق والموسيقى والمقام العراقي ، وهو في الإبتدائية صنع أول آلة موسيقية له وهي الناي ، وتعلم العزف عليه ، وكان يعزف وهو يتجول في أزقة محلته حتى أصبح الناس تعرفه من عزفه ، وتعلم صناعة آلة الربابة والعزف عليها من مراقبته رجال الغجر الذين كانوا يطوفون أزقة بغداد أيام الأعياد يغنون أمام البيوت مادحين أهلها.
    نشاطاته ومسيرته الوظيفية:
    في بداية الأربعينات عين في دار الإذاعة ، ثم عمل في الفرقة الموسيقية فيها. وفي عام 1949 التحق بمعهد الفنون الجميلة / القسم المسائي / وتخرج فيه عام 1952 حيث درس آلة القانون ، ثم تحول الى الكمان الذي درسه على يد الأستاذ جميل بشير، وبعد تخرجه من معهد الفنون الجميلة / القسم المسائي التحق في المعهد المذكور / القسم الصباحي / إعداد المعلمين ودرس العود على يد الأساتذة يعقوب يوسف وجميل سليم وغانم حداد.
    لقد تعلم شعوبي العزف على آلة الجوزة وكان يصنعها بيده ، فكان أول صانع لهذه الآلة ولشدة عشقه للجوزة جاهد لتعلم العزف عليها بنفسه حيث لم يكن هناك مدرسون لها.
    كما اسس وفي بداية الخمسينات أول فرقة للجالغي البغدادي ، ومع بداية فرقة الجالغي البغدادي كانت بداية الفنان شعوبي إبراهيم مع الجوزة والمقام العراقي عزفا وأداءا ، فكان بحق أمير الجوزة وأسطى المقام العراقي كما كان يلقبه ويسميه الفنان الراحل منير بشير.
    وفي عام 1960 وللمرة الثالثة دخل شعوبي معهد الفنون الجميلة ولكن هذه المرة مدرسا لتدريس ألة الجوزة. وعندما افتتح معهد الدراسات النغمية العراقي عام 1970 في الوزيرية ، والذي اصبح اسمه فيما بعد (معهد الدراسات الموسيقية)، التحق به شعوبي ابراهيم مؤسسا واستاذا للجوزة والمقام فيه. وكان الأستاذ الوحيد لهاتين المادتين في حينه فتخرج على يده عدد من العازفين الجيدين.
    شخصيته:
    يتميز شعوبي ابراهيم بشخصية بسيطة طيبة متواضعة مرحة هادئة ، يحب معاونة الصغير والكبير، ويحب المرح والنكته ويرويها حتى وان كانت على نفسه، وربما البعض منا لا يعرف بانه يعتبر واحدا من ظرفاء بغداد وان طرفه ومداعباته الكثيرة والمتميزة مشهورة حتى انها تسمى بالشعوبيات نسبة اليه، كما ان سهراته مع رفاقه وأهل محلته لا تزال راسخة في الأذهان يتذكرها الأهل والأصحاب فتعلوا الأبتسامة وجوههم فيرونه بينهم بوجهه الضحوك الهادئ ثم يذكرون رحيله عنهم فيترحمون عليه والأسى يعلو الوجوه.
    فنه:
    يتميز فن شعوبي ابراهيم في طريقة عزفه على الجوزة فهي طريقة كلاسيكية قديمة مأخوذة عن عراقيته الصميمة في إداء المقامات العراقية عزفا وأداء بطريقة لا مثيل لها حاليا. فهو قريب جدا للحقيقة التراثية ومواكب لروح العصر المتغير والمتجدد دائما، فأضاف الحداثة إلى قواعد وأصول المقام العراقي من غير أن ينقص من قيمة المقام وجماله الأصيل ولا ان يفقده طعمه الخاص المتميز به.
    لقد تمكن شعوبي إبراهيم بذكائه وفطنته من دمج مدرسة محمد القبانجي المتطورة والمواكبة لهذا العصر مع مدرسة رشيد القندرجي الملتزم بكل قواعد وأصول المقام العراقي ، ونرى ذلك بكل وضوح في أدائه العذب للمقام وهو يلاعب أوتار جوزته ويحتضنها بكل حنان ورقة.
    في الأربعينات التقى شعوبي ابراهيم يوسف عمر وشكل معه ثنائيا بديعا منسجما وكان عصرا متميزا بجمال الأداء وعذوبة اللحن، فـأصبحا وحدة فنية متناغمة في فرقة الجالغي البغدادي ، واستمرت هذه العلاقة وهذه الفرقة في تقديم الحفلات والمشاركة في المهرجانات الفنية حتى اعتزال يوسف عمر الفن عام 1984
    مشاركاته في المهرجانات الدولية وشهاداته:
    لقد زار الفنان شعوبي إبراهيم العديد من بلدان العالم مشاركا في المهرجانات الفنية المقامة فيها مثل طاجكستان، أذربيجان، سوريا، دول الخليج، إيران، تركيا، بلغاريا، النمسا (مهرجان سالسبورغ) فنلندا، مصر، تونس والجزائر وغيرها، وفي عام 1964 شارك شعوبي في مؤتمر الموسيقى العربي الثاني في بغداد.
    وفي عام 1976 وفي احتفال فني في قاعة قدمت له دائرة الفنون الموسيقية وساما وشهادة تقديرية لكونه من رواد الموسيقى والغناء في العراق في فترة الأربعينات والخمسينات، كما قدمت له نقابة الفنانين عام 1992 وسام الفن وشهادة تقديرية بمناسبة مرور عام على وفاته لدوره المتميز في إحياء المقام العراقي، وفي فنلندا منحت أكاديمية سيلبوس الفنلندية شعوبي إبراهيم شهادة بروفيسور (غير رسمية) إعترافا منها بفنه وتقديرا لموهبته وعطائه الفني.
    إن أقرب الشهادات الى نفس شعوبي وأحبها إليه هي حب الناس له وشهادة عشاق الفن والموسيقى والمقام العراقي ، والتي جسدها فنان العراق الأول غريد الرافدين الراحل محمد القبانجي حيث قال:
    (( إن الفنان شعوبي إبراهيم يمتلك الخبرة والعلم والفهم في مجال المقام العراقي مما يجعلني أشهد له بذلك وأعطيه هذه الشهادة)).
    مؤلفاته:
    لقد كتب شعوبي الكثير وتحدث في الفن كثيرا ولكن مع الأسف لم يحتفظ بما كتب ولم يدون ما تحدث به ، وقد أصبح من الأمور الإعتيادية أن ترى قصاصة ورق أو غلافا لعلبة سكاير مكتوبا عليها شيء من الشعر أو بعض المعلومات الفنية عن المقام أو شيء من التراث، فضاع الكثير ولم يبقى إلا القليل ، ولكن هذا القليل من مؤلفاته على الرغم من قلتها فهو عميق جدا بمعلوماته.
    إن كتابه (المقامات) عام 1963 أصبح موسوعة فنية تضم ألوان المقام العراقي ، وكتابه (دليل الأنغام لطلاب المقام) عام 1982، كتاب ثمين وفريد دون فيه جميع المقامات العراقية وعددها أربعون مقاما وقد أرفق معه ستة أشرطة كاسيت مسجل، سجل عليها ويصوته جميع المقامات شارحا أصولها وقواعدها حرصا منه عليها من الضياع والإندثار أو التداخل والتشويه. كما أن له عددا من القصائد وعددا من الأغاني والبستات والزهيريات تأليفا ولحنا وأداء، وما مقام المشتاق الذي ابتكره ووضع أصوله إلا واحدا من إبداعاته.
    قصته مع الشعر:
    لقد كتب شعوبي إبراهيم الكثير من القصائد الشعبية والموالات البغدادية والزهيريات، كما نظم الشعر العمودي باللغة الفصحى بحكم إجادته لقواعد اللغة العربية ، ومذ كان طالبا في المرحلة المتوسطة حيث كان يكتب ناقدا وناصحا بإسلوبه الجاد والظريف، وكان أول من كتب المنلوجات المدرسية ناقدا الطالب الكسول ومداعباته للدروس واساتذتها وقوله عن الطالب الكسلان :

    الكسلان هذا حاله .... ما تتبدل أحواله
    راسب بكل أقواله .... بالصف دماغه امطشر
    ومداعباته لدرس الجبر حيث قال:

    عمي يا استاذ الجبر .... درسك يتعب الفكر
    سين صاد تحت الجذر .... درسك اشويه اختصر
    وفاته:
    لقد عانى شعوبي ابراهيم من داء السكر الشيء الكثير حتى تسبب هذا المرض اللعين بفقده بصره وعاش سنين عديدة حبيس هذه الحالة، وقد اشتد عليه المرض عندما اصيب بالكسر في عظم الفخذ فتدهورت صحته أكثر ولم يكن له من أنيس في وحدته سوى جوزته التي رافقته سنين حياته فكان يناغيها وتناغيه ، ويتوكأ عليها في محنته، يحتضنها برفق وتحتضنه بحنان وهو على فراش المرض ، حتى كان فجر يوم الإثنين التاسع من أيلول عام 1991 حيث توقف ذلك القلب الكبير عن نبضه ، وتوفى الأستاذ الكبير والمعلم والفنان والأنسان شعوبي إبراهيم عن عمر يبلغ الخامسة والستين عاما.
    لقد تلقت الأوساط الفنية نبأ وفاته بحزن وأسف شديدين ، وبوفاته فقد الفن واحدا من أعمدته وعلما من أعلامه وبذلك تطوى صفحة من اروع صفحات إنسان ضحى بالكثير وعاش للآخرين تاركا وراءه أعمالا رائعة ستعيش مع كل إنسان أحب المقام وعشقه.
    رحم الله شعوبي إبراهيم وأسكنه فسيح جناته ، فذكراه ما غابت عن محبيه أبدا، وإني لأذكر إذ أذكر يوم زرته عائدا قبل أسابيع من وفاته ، وفي يدي قصيدة كتبتها بمناسبة ذكرى ميلاد إبنتي لناقشني فيها كعادته موجها في الشعر وناصحا ، فوجدته مضطجعا على أريكة في رحبة الدار محتضنا جوزته على صدره يداعب أوتارها فرأيته كأنه يكلمها وتكلمه ، وما حسبت أنه كان يودعها وتودعه.
    إن الجديث عن شعوبي إبراهيم لا يمكن أن تغطيه صفحات كتاب أو وقت محدد ولكني في الختام أقول له:

    ولو أن دمعي يعيد مغيبا ... لأمطرت عيني شعوب سحبا
    ولو لا يحرم ديني نصبا .... إذن لأقمت لذكراك نصبا

    صباح الجميلي

    بارك الله فيك تعريف موجز وراقي عن فنان مبدع

    ألف شكر زميلتي الغالية لمرورك العطرهذا والذي اسعدني حقا .. بارك الله فيك
    صباح الجميلي
    avatar
    قاسم
    عضو فضي
    عضو فضي


    عدد المساهمات : 142
    نقاط : 5033
    السٌّمعَة : 13
    تاريخ التسجيل : 12/01/2011

    أمير الجوزه شعوبي إبراهيم Empty رد: أمير الجوزه شعوبي إبراهيم

    مُساهمة من طرف قاسم الجمعة سبتمبر 16, 2011 6:50 pm

    صباح الجميلي كتب:
    أمير الجوزة شعوبي إبراهيم
    شخصية أدبية وعلم من أعلام الفن والموسيقى التراثية وواحد من الذين عشقوا المقام العراقي الأصيل ومن الذين خدموا هذا الفن التراثي الجميل، والذي تتلمذ على يديه عدد من العازفين والفنانين ، ذلك هو المرحوم الشاعر الفنان والإنسان أحمد شعيب إبراهيم والمعروف بإسم شعوبي.
    إسمه ونسبه:
    أسمه الكامل هو أحمد شعيب إبراهيم خليل اسماعيل نوش العبيدي الأعظمي والمعروف بإسم شعوبي ، ولد عام 1925 في محلة الشيوخ في الأعظمية ، حيث الموالد والمناقب النبوية والجو الشعبي الفني والساحة الرحبة من ساحات المقام العراقي . نشأ عصاميا مكافحا في عائلة متوسطة مثله مثل سائر العائلات العراقية المعروفة ، وترعرع في تلك الأجواء النقية البسيطة . ويرجع نسبه إلى عشيرة العبيد وهي من العشائر العربية العراقية المعروفة والتي تنتمي إلى عشائر زبيد من القبائل القحطانية.
    هواياته:
    من هواياته السباحة والنجارة وصناعة الزوارق والموسيقى والمقام العراقي ، وهو في الإبتدائية صنع أول آلة موسيقية له وهي الناي ، وتعلم العزف عليه ، وكان يعزف وهو يتجول في أزقة محلته حتى أصبح الناس تعرفه من عزفه ، وتعلم صناعة آلة الربابة والعزف عليها من مراقبته رجال الغجر الذين كانوا يطوفون أزقة بغداد أيام الأعياد يغنون أمام البيوت مادحين أهلها.
    نشاطاته ومسيرته الوظيفية:
    في بداية الأربعينات عين في دار الإذاعة ، ثم عمل في الفرقة الموسيقية فيها. وفي عام 1949 التحق بمعهد الفنون الجميلة / القسم المسائي / وتخرج فيه عام 1952 حيث درس آلة القانون ، ثم تحول الى الكمان الذي درسه على يد الأستاذ جميل بشير، وبعد تخرجه من معهد الفنون الجميلة / القسم المسائي التحق في المعهد المذكور / القسم الصباحي / إعداد المعلمين ودرس العود على يد الأساتذة يعقوب يوسف وجميل سليم وغانم حداد.
    لقد تعلم شعوبي العزف على آلة الجوزة وكان يصنعها بيده ، فكان أول صانع لهذه الآلة ولشدة عشقه للجوزة جاهد لتعلم العزف عليها بنفسه حيث لم يكن هناك مدرسون لها.
    كما اسس وفي بداية الخمسينات أول فرقة للجالغي البغدادي ، ومع بداية فرقة الجالغي البغدادي كانت بداية الفنان شعوبي إبراهيم مع الجوزة والمقام العراقي عزفا وأداءا ، فكان بحق أمير الجوزة وأسطى المقام العراقي كما كان يلقبه ويسميه الفنان الراحل منير بشير.
    وفي عام 1960 وللمرة الثالثة دخل شعوبي معهد الفنون الجميلة ولكن هذه المرة مدرسا لتدريس ألة الجوزة. وعندما افتتح معهد الدراسات النغمية العراقي عام 1970 في الوزيرية ، والذي اصبح اسمه فيما بعد (معهد الدراسات الموسيقية)، التحق به شعوبي ابراهيم مؤسسا واستاذا للجوزة والمقام فيه. وكان الأستاذ الوحيد لهاتين المادتين في حينه فتخرج على يده عدد من العازفين الجيدين.
    شخصيته:
    يتميز شعوبي ابراهيم بشخصية بسيطة طيبة متواضعة مرحة هادئة ، يحب معاونة الصغير والكبير، ويحب المرح والنكته ويرويها حتى وان كانت على نفسه، وربما البعض منا لا يعرف بانه يعتبر واحدا من ظرفاء بغداد وان طرفه ومداعباته الكثيرة والمتميزة مشهورة حتى انها تسمى بالشعوبيات نسبة اليه، كما ان سهراته مع رفاقه وأهل محلته لا تزال راسخة في الأذهان يتذكرها الأهل والأصحاب فتعلوا الأبتسامة وجوههم فيرونه بينهم بوجهه الضحوك الهادئ ثم يذكرون رحيله عنهم فيترحمون عليه والأسى يعلو الوجوه.
    فنه:
    يتميز فن شعوبي ابراهيم في طريقة عزفه على الجوزة فهي طريقة كلاسيكية قديمة مأخوذة عن عراقيته الصميمة في إداء المقامات العراقية عزفا وأداء بطريقة لا مثيل لها حاليا. فهو قريب جدا للحقيقة التراثية ومواكب لروح العصر المتغير والمتجدد دائما، فأضاف الحداثة إلى قواعد وأصول المقام العراقي من غير أن ينقص من قيمة المقام وجماله الأصيل ولا ان يفقده طعمه الخاص المتميز به.
    لقد تمكن شعوبي إبراهيم بذكائه وفطنته من دمج مدرسة محمد القبانجي المتطورة والمواكبة لهذا العصر مع مدرسة رشيد القندرجي الملتزم بكل قواعد وأصول المقام العراقي ، ونرى ذلك بكل وضوح في أدائه العذب للمقام وهو يلاعب أوتار جوزته ويحتضنها بكل حنان ورقة.
    في الأربعينات التقى شعوبي ابراهيم يوسف عمر وشكل معه ثنائيا بديعا منسجما وكان عصرا متميزا بجمال الأداء وعذوبة اللحن، فـأصبحا وحدة فنية متناغمة في فرقة الجالغي البغدادي ، واستمرت هذه العلاقة وهذه الفرقة في تقديم الحفلات والمشاركة في المهرجانات الفنية حتى اعتزال يوسف عمر الفن عام 1984
    مشاركاته في المهرجانات الدولية وشهاداته:
    لقد زار الفنان شعوبي إبراهيم العديد من بلدان العالم مشاركا في المهرجانات الفنية المقامة فيها مثل طاجكستان، أذربيجان، سوريا، دول الخليج، إيران، تركيا، بلغاريا، النمسا (مهرجان سالسبورغ) فنلندا، مصر، تونس والجزائر وغيرها، وفي عام 1964 شارك شعوبي في مؤتمر الموسيقى العربي الثاني في بغداد.
    وفي عام 1976 وفي احتفال فني في قاعة قدمت له دائرة الفنون الموسيقية وساما وشهادة تقديرية لكونه من رواد الموسيقى والغناء في العراق في فترة الأربعينات والخمسينات، كما قدمت له نقابة الفنانين عام 1992 وسام الفن وشهادة تقديرية بمناسبة مرور عام على وفاته لدوره المتميز في إحياء المقام العراقي، وفي فنلندا منحت أكاديمية سيلبوس الفنلندية شعوبي إبراهيم شهادة بروفيسور (غير رسمية) إعترافا منها بفنه وتقديرا لموهبته وعطائه الفني.
    إن أقرب الشهادات الى نفس شعوبي وأحبها إليه هي حب الناس له وشهادة عشاق الفن والموسيقى والمقام العراقي ، والتي جسدها فنان العراق الأول غريد الرافدين الراحل محمد القبانجي حيث قال:
    (( إن الفنان شعوبي إبراهيم يمتلك الخبرة والعلم والفهم في مجال المقام العراقي مما يجعلني أشهد له بذلك وأعطيه هذه الشهادة)).
    مؤلفاته:
    لقد كتب شعوبي الكثير وتحدث في الفن كثيرا ولكن مع الأسف لم يحتفظ بما كتب ولم يدون ما تحدث به ، وقد أصبح من الأمور الإعتيادية أن ترى قصاصة ورق أو غلافا لعلبة سكاير مكتوبا عليها شيء من الشعر أو بعض المعلومات الفنية عن المقام أو شيء من التراث، فضاع الكثير ولم يبقى إلا القليل ، ولكن هذا القليل من مؤلفاته على الرغم من قلتها فهو عميق جدا بمعلوماته.
    إن كتابه (المقامات) عام 1963 أصبح موسوعة فنية تضم ألوان المقام العراقي ، وكتابه (دليل الأنغام لطلاب المقام) عام 1982، كتاب ثمين وفريد دون فيه جميع المقامات العراقية وعددها أربعون مقاما وقد أرفق معه ستة أشرطة كاسيت مسجل، سجل عليها ويصوته جميع المقامات شارحا أصولها وقواعدها حرصا منه عليها من الضياع والإندثار أو التداخل والتشويه. كما أن له عددا من القصائد وعددا من الأغاني والبستات والزهيريات تأليفا ولحنا وأداء، وما مقام المشتاق الذي ابتكره ووضع أصوله إلا واحدا من إبداعاته.
    قصته مع الشعر:
    لقد كتب شعوبي إبراهيم الكثير من القصائد الشعبية والموالات البغدادية والزهيريات، كما نظم الشعر العمودي باللغة الفصحى بحكم إجادته لقواعد اللغة العربية ، ومذ كان طالبا في المرحلة المتوسطة حيث كان يكتب ناقدا وناصحا بإسلوبه الجاد والظريف، وكان أول من كتب المنلوجات المدرسية ناقدا الطالب الكسول ومداعباته للدروس واساتذتها وقوله عن الطالب الكسلان :

    الكسلان هذا حاله .... ما تتبدل أحواله
    راسب بكل أقواله .... بالصف دماغه امطشر
    ومداعباته لدرس الجبر حيث قال:

    عمي يا استاذ الجبر .... درسك يتعب الفكر
    سين صاد تحت الجذر .... درسك اشويه اختصر
    وفاته:
    لقد عانى شعوبي ابراهيم من داء السكر الشيء الكثير حتى تسبب هذا المرض اللعين بفقده بصره وعاش سنين عديدة حبيس هذه الحالة، وقد اشتد عليه المرض عندما اصيب بالكسر في عظم الفخذ فتدهورت صحته أكثر ولم يكن له من أنيس في وحدته سوى جوزته التي رافقته سنين حياته فكان يناغيها وتناغيه ، ويتوكأ عليها في محنته، يحتضنها برفق وتحتضنه بحنان وهو على فراش المرض ، حتى كان فجر يوم الإثنين التاسع من أيلول عام 1991 حيث توقف ذلك القلب الكبير عن نبضه ، وتوفى الأستاذ الكبير والمعلم والفنان والأنسان شعوبي إبراهيم عن عمر يبلغ الخامسة والستين عاما.
    لقد تلقت الأوساط الفنية نبأ وفاته بحزن وأسف شديدين ، وبوفاته فقد الفن واحدا من أعمدته وعلما من أعلامه وبذلك تطوى صفحة من اروع صفحات إنسان ضحى بالكثير وعاش للآخرين تاركا وراءه أعمالا رائعة ستعيش مع كل إنسان أحب المقام وعشقه.
    رحم الله شعوبي إبراهيم وأسكنه فسيح جناته ، فذكراه ما غابت عن محبيه أبدا، وإني لأذكر إذ أذكر يوم زرته عائدا قبل أسابيع من وفاته ، وفي يدي قصيدة كتبتها بمناسبة ذكرى ميلاد إبنتي لناقشني فيها كعادته موجها في الشعر وناصحا ، فوجدته مضطجعا على أريكة في رحبة الدار محتضنا جوزته على صدره يداعب أوتارها فرأيته كأنه يكلمها وتكلمه ، وما حسبت أنه كان يودعها وتودعه.
    إن الجديث عن شعوبي إبراهيم لا يمكن أن تغطيه صفحات كتاب أو وقت محدد ولكني في الختام أقول له:

    ولو أن دمعي يعيد مغيبا ... لأمطرت عيني شعوب سحبا
    ولو لا يحرم ديني نصبا .... إذن لأقمت لذكراك نصبا

    صباح الجميلي

    بارك الله فيك لقد استذكرت علما مبدعا
    من اعلام العراق
    صباح الجميلي
    صباح الجميلي
    عضو ماسي
    عضو ماسي


    عدد المساهمات : 4287
    نقاط : 21339
    السٌّمعَة : 437
    تاريخ التسجيل : 07/04/2011
    87
    الموقع : المربي الفاضل /مدير عام تنفيذي /كبير مبدعي القلم / القلم الذهبي / القلم الماسي / وسام الابداع/ درع الابداع

    أمير الجوزه شعوبي إبراهيم Empty رد: أمير الجوزه شعوبي إبراهيم

    مُساهمة من طرف صباح الجميلي الجمعة سبتمبر 16, 2011 10:17 pm

    قاسم كتب:
    صباح الجميلي كتب:
    أمير الجوزة شعوبي إبراهيم
    شخصية أدبية وعلم من أعلام الفن والموسيقى التراثية وواحد من الذين عشقوا المقام العراقي الأصيل ومن الذين خدموا هذا الفن التراثي الجميل، والذي تتلمذ على يديه عدد من العازفين والفنانين ، ذلك هو المرحوم الشاعر الفنان والإنسان أحمد شعيب إبراهيم والمعروف بإسم شعوبي.
    إسمه ونسبه:
    أسمه الكامل هو أحمد شعيب إبراهيم خليل اسماعيل نوش العبيدي الأعظمي والمعروف بإسم شعوبي ، ولد عام 1925 في محلة الشيوخ في الأعظمية ، حيث الموالد والمناقب النبوية والجو الشعبي الفني والساحة الرحبة من ساحات المقام العراقي . نشأ عصاميا مكافحا في عائلة متوسطة مثله مثل سائر العائلات العراقية المعروفة ، وترعرع في تلك الأجواء النقية البسيطة . ويرجع نسبه إلى عشيرة العبيد وهي من العشائر العربية العراقية المعروفة والتي تنتمي إلى عشائر زبيد من القبائل القحطانية.
    هواياته:
    من هواياته السباحة والنجارة وصناعة الزوارق والموسيقى والمقام العراقي ، وهو في الإبتدائية صنع أول آلة موسيقية له وهي الناي ، وتعلم العزف عليه ، وكان يعزف وهو يتجول في أزقة محلته حتى أصبح الناس تعرفه من عزفه ، وتعلم صناعة آلة الربابة والعزف عليها من مراقبته رجال الغجر الذين كانوا يطوفون أزقة بغداد أيام الأعياد يغنون أمام البيوت مادحين أهلها.
    نشاطاته ومسيرته الوظيفية:
    في بداية الأربعينات عين في دار الإذاعة ، ثم عمل في الفرقة الموسيقية فيها. وفي عام 1949 التحق بمعهد الفنون الجميلة / القسم المسائي / وتخرج فيه عام 1952 حيث درس آلة القانون ، ثم تحول الى الكمان الذي درسه على يد الأستاذ جميل بشير، وبعد تخرجه من معهد الفنون الجميلة / القسم المسائي التحق في المعهد المذكور / القسم الصباحي / إعداد المعلمين ودرس العود على يد الأساتذة يعقوب يوسف وجميل سليم وغانم حداد.
    لقد تعلم شعوبي العزف على آلة الجوزة وكان يصنعها بيده ، فكان أول صانع لهذه الآلة ولشدة عشقه للجوزة جاهد لتعلم العزف عليها بنفسه حيث لم يكن هناك مدرسون لها.
    كما اسس وفي بداية الخمسينات أول فرقة للجالغي البغدادي ، ومع بداية فرقة الجالغي البغدادي كانت بداية الفنان شعوبي إبراهيم مع الجوزة والمقام العراقي عزفا وأداءا ، فكان بحق أمير الجوزة وأسطى المقام العراقي كما كان يلقبه ويسميه الفنان الراحل منير بشير.
    وفي عام 1960 وللمرة الثالثة دخل شعوبي معهد الفنون الجميلة ولكن هذه المرة مدرسا لتدريس ألة الجوزة. وعندما افتتح معهد الدراسات النغمية العراقي عام 1970 في الوزيرية ، والذي اصبح اسمه فيما بعد (معهد الدراسات الموسيقية)، التحق به شعوبي ابراهيم مؤسسا واستاذا للجوزة والمقام فيه. وكان الأستاذ الوحيد لهاتين المادتين في حينه فتخرج على يده عدد من العازفين الجيدين.
    شخصيته:
    يتميز شعوبي ابراهيم بشخصية بسيطة طيبة متواضعة مرحة هادئة ، يحب معاونة الصغير والكبير، ويحب المرح والنكته ويرويها حتى وان كانت على نفسه، وربما البعض منا لا يعرف بانه يعتبر واحدا من ظرفاء بغداد وان طرفه ومداعباته الكثيرة والمتميزة مشهورة حتى انها تسمى بالشعوبيات نسبة اليه، كما ان سهراته مع رفاقه وأهل محلته لا تزال راسخة في الأذهان يتذكرها الأهل والأصحاب فتعلوا الأبتسامة وجوههم فيرونه بينهم بوجهه الضحوك الهادئ ثم يذكرون رحيله عنهم فيترحمون عليه والأسى يعلو الوجوه.
    فنه:
    يتميز فن شعوبي ابراهيم في طريقة عزفه على الجوزة فهي طريقة كلاسيكية قديمة مأخوذة عن عراقيته الصميمة في إداء المقامات العراقية عزفا وأداء بطريقة لا مثيل لها حاليا. فهو قريب جدا للحقيقة التراثية ومواكب لروح العصر المتغير والمتجدد دائما، فأضاف الحداثة إلى قواعد وأصول المقام العراقي من غير أن ينقص من قيمة المقام وجماله الأصيل ولا ان يفقده طعمه الخاص المتميز به.
    لقد تمكن شعوبي إبراهيم بذكائه وفطنته من دمج مدرسة محمد القبانجي المتطورة والمواكبة لهذا العصر مع مدرسة رشيد القندرجي الملتزم بكل قواعد وأصول المقام العراقي ، ونرى ذلك بكل وضوح في أدائه العذب للمقام وهو يلاعب أوتار جوزته ويحتضنها بكل حنان ورقة.
    في الأربعينات التقى شعوبي ابراهيم يوسف عمر وشكل معه ثنائيا بديعا منسجما وكان عصرا متميزا بجمال الأداء وعذوبة اللحن، فـأصبحا وحدة فنية متناغمة في فرقة الجالغي البغدادي ، واستمرت هذه العلاقة وهذه الفرقة في تقديم الحفلات والمشاركة في المهرجانات الفنية حتى اعتزال يوسف عمر الفن عام 1984
    مشاركاته في المهرجانات الدولية وشهاداته:
    لقد زار الفنان شعوبي إبراهيم العديد من بلدان العالم مشاركا في المهرجانات الفنية المقامة فيها مثل طاجكستان، أذربيجان، سوريا، دول الخليج، إيران، تركيا، بلغاريا، النمسا (مهرجان سالسبورغ) فنلندا، مصر، تونس والجزائر وغيرها، وفي عام 1964 شارك شعوبي في مؤتمر الموسيقى العربي الثاني في بغداد.
    وفي عام 1976 وفي احتفال فني في قاعة قدمت له دائرة الفنون الموسيقية وساما وشهادة تقديرية لكونه من رواد الموسيقى والغناء في العراق في فترة الأربعينات والخمسينات، كما قدمت له نقابة الفنانين عام 1992 وسام الفن وشهادة تقديرية بمناسبة مرور عام على وفاته لدوره المتميز في إحياء المقام العراقي، وفي فنلندا منحت أكاديمية سيلبوس الفنلندية شعوبي إبراهيم شهادة بروفيسور (غير رسمية) إعترافا منها بفنه وتقديرا لموهبته وعطائه الفني.
    إن أقرب الشهادات الى نفس شعوبي وأحبها إليه هي حب الناس له وشهادة عشاق الفن والموسيقى والمقام العراقي ، والتي جسدها فنان العراق الأول غريد الرافدين الراحل محمد القبانجي حيث قال:
    (( إن الفنان شعوبي إبراهيم يمتلك الخبرة والعلم والفهم في مجال المقام العراقي مما يجعلني أشهد له بذلك وأعطيه هذه الشهادة)).
    مؤلفاته:
    لقد كتب شعوبي الكثير وتحدث في الفن كثيرا ولكن مع الأسف لم يحتفظ بما كتب ولم يدون ما تحدث به ، وقد أصبح من الأمور الإعتيادية أن ترى قصاصة ورق أو غلافا لعلبة سكاير مكتوبا عليها شيء من الشعر أو بعض المعلومات الفنية عن المقام أو شيء من التراث، فضاع الكثير ولم يبقى إلا القليل ، ولكن هذا القليل من مؤلفاته على الرغم من قلتها فهو عميق جدا بمعلوماته.
    إن كتابه (المقامات) عام 1963 أصبح موسوعة فنية تضم ألوان المقام العراقي ، وكتابه (دليل الأنغام لطلاب المقام) عام 1982، كتاب ثمين وفريد دون فيه جميع المقامات العراقية وعددها أربعون مقاما وقد أرفق معه ستة أشرطة كاسيت مسجل، سجل عليها ويصوته جميع المقامات شارحا أصولها وقواعدها حرصا منه عليها من الضياع والإندثار أو التداخل والتشويه. كما أن له عددا من القصائد وعددا من الأغاني والبستات والزهيريات تأليفا ولحنا وأداء، وما مقام المشتاق الذي ابتكره ووضع أصوله إلا واحدا من إبداعاته.
    قصته مع الشعر:
    لقد كتب شعوبي إبراهيم الكثير من القصائد الشعبية والموالات البغدادية والزهيريات، كما نظم الشعر العمودي باللغة الفصحى بحكم إجادته لقواعد اللغة العربية ، ومذ كان طالبا في المرحلة المتوسطة حيث كان يكتب ناقدا وناصحا بإسلوبه الجاد والظريف، وكان أول من كتب المنلوجات المدرسية ناقدا الطالب الكسول ومداعباته للدروس واساتذتها وقوله عن الطالب الكسلان :

    الكسلان هذا حاله .... ما تتبدل أحواله
    راسب بكل أقواله .... بالصف دماغه امطشر
    ومداعباته لدرس الجبر حيث قال:

    عمي يا استاذ الجبر .... درسك يتعب الفكر
    سين صاد تحت الجذر .... درسك اشويه اختصر
    وفاته:
    لقد عانى شعوبي ابراهيم من داء السكر الشيء الكثير حتى تسبب هذا المرض اللعين بفقده بصره وعاش سنين عديدة حبيس هذه الحالة، وقد اشتد عليه المرض عندما اصيب بالكسر في عظم الفخذ فتدهورت صحته أكثر ولم يكن له من أنيس في وحدته سوى جوزته التي رافقته سنين حياته فكان يناغيها وتناغيه ، ويتوكأ عليها في محنته، يحتضنها برفق وتحتضنه بحنان وهو على فراش المرض ، حتى كان فجر يوم الإثنين التاسع من أيلول عام 1991 حيث توقف ذلك القلب الكبير عن نبضه ، وتوفى الأستاذ الكبير والمعلم والفنان والأنسان شعوبي إبراهيم عن عمر يبلغ الخامسة والستين عاما.
    لقد تلقت الأوساط الفنية نبأ وفاته بحزن وأسف شديدين ، وبوفاته فقد الفن واحدا من أعمدته وعلما من أعلامه وبذلك تطوى صفحة من اروع صفحات إنسان ضحى بالكثير وعاش للآخرين تاركا وراءه أعمالا رائعة ستعيش مع كل إنسان أحب المقام وعشقه.
    رحم الله شعوبي إبراهيم وأسكنه فسيح جناته ، فذكراه ما غابت عن محبيه أبدا، وإني لأذكر إذ أذكر يوم زرته عائدا قبل أسابيع من وفاته ، وفي يدي قصيدة كتبتها بمناسبة ذكرى ميلاد إبنتي لناقشني فيها كعادته موجها في الشعر وناصحا ، فوجدته مضطجعا على أريكة في رحبة الدار محتضنا جوزته على صدره يداعب أوتارها فرأيته كأنه يكلمها وتكلمه ، وما حسبت أنه كان يودعها وتودعه.
    إن الجديث عن شعوبي إبراهيم لا يمكن أن تغطيه صفحات كتاب أو وقت محدد ولكني في الختام أقول له:

    ولو أن دمعي يعيد مغيبا ... لأمطرت عيني شعوب سحبا
    ولو لا يحرم ديني نصبا .... إذن لأقمت لذكراك نصبا

    صباح الجميلي

    بارك الله فيك لقد استذكرت علما مبدعا
    من اعلام العراق

    الف شكر أخي الغالي قاسم اسعدني مرورك العطر هذا ولك مني احلى الأماني
    صباح الجميلي
    ابو سعد
    ابو سعد
    عضو فضي
    عضو فضي


    عدد المساهمات : 133
    نقاط : 5215
    السٌّمعَة : 10
    تاريخ التسجيل : 29/06/2010
    44
    الموقع : اوفياء المنتدى

    أمير الجوزه شعوبي إبراهيم Empty رد: أمير الجوزه شعوبي إبراهيم

    مُساهمة من طرف ابو سعد السبت سبتمبر 17, 2011 6:13 pm

    صباح الجميلي كتب:
    أمير الجوزة شعوبي إبراهيم
    شخصية أدبية وعلم من أعلام الفن والموسيقى التراثية وواحد من الذين عشقوا المقام العراقي الأصيل ومن الذين خدموا هذا الفن التراثي الجميل، والذي تتلمذ على يديه عدد من العازفين والفنانين ، ذلك هو المرحوم الشاعر الفنان والإنسان أحمد شعيب إبراهيم والمعروف بإسم شعوبي.
    إسمه ونسبه:
    أسمه الكامل هو أحمد شعيب إبراهيم خليل اسماعيل نوش العبيدي الأعظمي والمعروف بإسم شعوبي ، ولد عام 1925 في محلة الشيوخ في الأعظمية ، حيث الموالد والمناقب النبوية والجو الشعبي الفني والساحة الرحبة من ساحات المقام العراقي . نشأ عصاميا مكافحا في عائلة متوسطة مثله مثل سائر العائلات العراقية المعروفة ، وترعرع في تلك الأجواء النقية البسيطة . ويرجع نسبه إلى عشيرة العبيد وهي من العشائر العربية العراقية المعروفة والتي تنتمي إلى عشائر زبيد من القبائل القحطانية.
    هواياته:
    من هواياته السباحة والنجارة وصناعة الزوارق والموسيقى والمقام العراقي ، وهو في الإبتدائية صنع أول آلة موسيقية له وهي الناي ، وتعلم العزف عليه ، وكان يعزف وهو يتجول في أزقة محلته حتى أصبح الناس تعرفه من عزفه ، وتعلم صناعة آلة الربابة والعزف عليها من مراقبته رجال الغجر الذين كانوا يطوفون أزقة بغداد أيام الأعياد يغنون أمام البيوت مادحين أهلها.
    نشاطاته ومسيرته الوظيفية:
    في بداية الأربعينات عين في دار الإذاعة ، ثم عمل في الفرقة الموسيقية فيها. وفي عام 1949 التحق بمعهد الفنون الجميلة / القسم المسائي / وتخرج فيه عام 1952 حيث درس آلة القانون ، ثم تحول الى الكمان الذي درسه على يد الأستاذ جميل بشير، وبعد تخرجه من معهد الفنون الجميلة / القسم المسائي التحق في المعهد المذكور / القسم الصباحي / إعداد المعلمين ودرس العود على يد الأساتذة يعقوب يوسف وجميل سليم وغانم حداد.
    لقد تعلم شعوبي العزف على آلة الجوزة وكان يصنعها بيده ، فكان أول صانع لهذه الآلة ولشدة عشقه للجوزة جاهد لتعلم العزف عليها بنفسه حيث لم يكن هناك مدرسون لها.
    كما اسس وفي بداية الخمسينات أول فرقة للجالغي البغدادي ، ومع بداية فرقة الجالغي البغدادي كانت بداية الفنان شعوبي إبراهيم مع الجوزة والمقام العراقي عزفا وأداءا ، فكان بحق أمير الجوزة وأسطى المقام العراقي كما كان يلقبه ويسميه الفنان الراحل منير بشير.
    وفي عام 1960 وللمرة الثالثة دخل شعوبي معهد الفنون الجميلة ولكن هذه المرة مدرسا لتدريس ألة الجوزة. وعندما افتتح معهد الدراسات النغمية العراقي عام 1970 في الوزيرية ، والذي اصبح اسمه فيما بعد (معهد الدراسات الموسيقية)، التحق به شعوبي ابراهيم مؤسسا واستاذا للجوزة والمقام فيه. وكان الأستاذ الوحيد لهاتين المادتين في حينه فتخرج على يده عدد من العازفين الجيدين.
    شخصيته:
    يتميز شعوبي ابراهيم بشخصية بسيطة طيبة متواضعة مرحة هادئة ، يحب معاونة الصغير والكبير، ويحب المرح والنكته ويرويها حتى وان كانت على نفسه، وربما البعض منا لا يعرف بانه يعتبر واحدا من ظرفاء بغداد وان طرفه ومداعباته الكثيرة والمتميزة مشهورة حتى انها تسمى بالشعوبيات نسبة اليه، كما ان سهراته مع رفاقه وأهل محلته لا تزال راسخة في الأذهان يتذكرها الأهل والأصحاب فتعلوا الأبتسامة وجوههم فيرونه بينهم بوجهه الضحوك الهادئ ثم يذكرون رحيله عنهم فيترحمون عليه والأسى يعلو الوجوه.
    فنه:
    يتميز فن شعوبي ابراهيم في طريقة عزفه على الجوزة فهي طريقة كلاسيكية قديمة مأخوذة عن عراقيته الصميمة في إداء المقامات العراقية عزفا وأداء بطريقة لا مثيل لها حاليا. فهو قريب جدا للحقيقة التراثية ومواكب لروح العصر المتغير والمتجدد دائما، فأضاف الحداثة إلى قواعد وأصول المقام العراقي من غير أن ينقص من قيمة المقام وجماله الأصيل ولا ان يفقده طعمه الخاص المتميز به.
    لقد تمكن شعوبي إبراهيم بذكائه وفطنته من دمج مدرسة محمد القبانجي المتطورة والمواكبة لهذا العصر مع مدرسة رشيد القندرجي الملتزم بكل قواعد وأصول المقام العراقي ، ونرى ذلك بكل وضوح في أدائه العذب للمقام وهو يلاعب أوتار جوزته ويحتضنها بكل حنان ورقة.
    في الأربعينات التقى شعوبي ابراهيم يوسف عمر وشكل معه ثنائيا بديعا منسجما وكان عصرا متميزا بجمال الأداء وعذوبة اللحن، فـأصبحا وحدة فنية متناغمة في فرقة الجالغي البغدادي ، واستمرت هذه العلاقة وهذه الفرقة في تقديم الحفلات والمشاركة في المهرجانات الفنية حتى اعتزال يوسف عمر الفن عام 1984
    مشاركاته في المهرجانات الدولية وشهاداته:
    لقد زار الفنان شعوبي إبراهيم العديد من بلدان العالم مشاركا في المهرجانات الفنية المقامة فيها مثل طاجكستان، أذربيجان، سوريا، دول الخليج، إيران، تركيا، بلغاريا، النمسا (مهرجان سالسبورغ) فنلندا، مصر، تونس والجزائر وغيرها، وفي عام 1964 شارك شعوبي في مؤتمر الموسيقى العربي الثاني في بغداد.
    وفي عام 1976 وفي احتفال فني في قاعة قدمت له دائرة الفنون الموسيقية وساما وشهادة تقديرية لكونه من رواد الموسيقى والغناء في العراق في فترة الأربعينات والخمسينات، كما قدمت له نقابة الفنانين عام 1992 وسام الفن وشهادة تقديرية بمناسبة مرور عام على وفاته لدوره المتميز في إحياء المقام العراقي، وفي فنلندا منحت أكاديمية سيلبوس الفنلندية شعوبي إبراهيم شهادة بروفيسور (غير رسمية) إعترافا منها بفنه وتقديرا لموهبته وعطائه الفني.
    إن أقرب الشهادات الى نفس شعوبي وأحبها إليه هي حب الناس له وشهادة عشاق الفن والموسيقى والمقام العراقي ، والتي جسدها فنان العراق الأول غريد الرافدين الراحل محمد القبانجي حيث قال:
    (( إن الفنان شعوبي إبراهيم يمتلك الخبرة والعلم والفهم في مجال المقام العراقي مما يجعلني أشهد له بذلك وأعطيه هذه الشهادة)).
    مؤلفاته:
    لقد كتب شعوبي الكثير وتحدث في الفن كثيرا ولكن مع الأسف لم يحتفظ بما كتب ولم يدون ما تحدث به ، وقد أصبح من الأمور الإعتيادية أن ترى قصاصة ورق أو غلافا لعلبة سكاير مكتوبا عليها شيء من الشعر أو بعض المعلومات الفنية عن المقام أو شيء من التراث، فضاع الكثير ولم يبقى إلا القليل ، ولكن هذا القليل من مؤلفاته على الرغم من قلتها فهو عميق جدا بمعلوماته.
    إن كتابه (المقامات) عام 1963 أصبح موسوعة فنية تضم ألوان المقام العراقي ، وكتابه (دليل الأنغام لطلاب المقام) عام 1982، كتاب ثمين وفريد دون فيه جميع المقامات العراقية وعددها أربعون مقاما وقد أرفق معه ستة أشرطة كاسيت مسجل، سجل عليها ويصوته جميع المقامات شارحا أصولها وقواعدها حرصا منه عليها من الضياع والإندثار أو التداخل والتشويه. كما أن له عددا من القصائد وعددا من الأغاني والبستات والزهيريات تأليفا ولحنا وأداء، وما مقام المشتاق الذي ابتكره ووضع أصوله إلا واحدا من إبداعاته.
    قصته مع الشعر:
    لقد كتب شعوبي إبراهيم الكثير من القصائد الشعبية والموالات البغدادية والزهيريات، كما نظم الشعر العمودي باللغة الفصحى بحكم إجادته لقواعد اللغة العربية ، ومذ كان طالبا في المرحلة المتوسطة حيث كان يكتب ناقدا وناصحا بإسلوبه الجاد والظريف، وكان أول من كتب المنلوجات المدرسية ناقدا الطالب الكسول ومداعباته للدروس واساتذتها وقوله عن الطالب الكسلان :

    الكسلان هذا حاله .... ما تتبدل أحواله
    راسب بكل أقواله .... بالصف دماغه امطشر
    ومداعباته لدرس الجبر حيث قال:

    عمي يا استاذ الجبر .... درسك يتعب الفكر
    سين صاد تحت الجذر .... درسك اشويه اختصر
    وفاته:
    لقد عانى شعوبي ابراهيم من داء السكر الشيء الكثير حتى تسبب هذا المرض اللعين بفقده بصره وعاش سنين عديدة حبيس هذه الحالة، وقد اشتد عليه المرض عندما اصيب بالكسر في عظم الفخذ فتدهورت صحته أكثر ولم يكن له من أنيس في وحدته سوى جوزته التي رافقته سنين حياته فكان يناغيها وتناغيه ، ويتوكأ عليها في محنته، يحتضنها برفق وتحتضنه بحنان وهو على فراش المرض ، حتى كان فجر يوم الإثنين التاسع من أيلول عام 1991 حيث توقف ذلك القلب الكبير عن نبضه ، وتوفى الأستاذ الكبير والمعلم والفنان والأنسان شعوبي إبراهيم عن عمر يبلغ الخامسة والستين عاما.
    لقد تلقت الأوساط الفنية نبأ وفاته بحزن وأسف شديدين ، وبوفاته فقد الفن واحدا من أعمدته وعلما من أعلامه وبذلك تطوى صفحة من اروع صفحات إنسان ضحى بالكثير وعاش للآخرين تاركا وراءه أعمالا رائعة ستعيش مع كل إنسان أحب المقام وعشقه.
    رحم الله شعوبي إبراهيم وأسكنه فسيح جناته ، فذكراه ما غابت عن محبيه أبدا، وإني لأذكر إذ أذكر يوم زرته عائدا قبل أسابيع من وفاته ، وفي يدي قصيدة كتبتها بمناسبة ذكرى ميلاد إبنتي لناقشني فيها كعادته موجها في الشعر وناصحا ، فوجدته مضطجعا على أريكة في رحبة الدار محتضنا جوزته على صدره يداعب أوتارها فرأيته كأنه يكلمها وتكلمه ، وما حسبت أنه كان يودعها وتودعه.
    إن الجديث عن شعوبي إبراهيم لا يمكن أن تغطيه صفحات كتاب أو وقت محدد ولكني في الختام أقول له:

    ولو أن دمعي يعيد مغيبا ... لأمطرت عيني شعوب سحبا
    ولو لا يحرم ديني نصبا .... إذن لأقمت لذكراك نصبا

    صباح الجميلي

    نعم يستحق منا هذا الاستذكار بورك باليد التي خطت هذا الموضوع
    صباح الجميلي
    صباح الجميلي
    عضو ماسي
    عضو ماسي


    عدد المساهمات : 4287
    نقاط : 21339
    السٌّمعَة : 437
    تاريخ التسجيل : 07/04/2011
    87
    الموقع : المربي الفاضل /مدير عام تنفيذي /كبير مبدعي القلم / القلم الذهبي / القلم الماسي / وسام الابداع/ درع الابداع

    أمير الجوزه شعوبي إبراهيم Empty رد: أمير الجوزه شعوبي إبراهيم

    مُساهمة من طرف صباح الجميلي السبت سبتمبر 17, 2011 8:05 pm

    ابو سعد كتب:
    صباح الجميلي كتب:
    أمير الجوزة شعوبي إبراهيم
    شخصية أدبية وعلم من أعلام الفن والموسيقى التراثية وواحد من الذين عشقوا المقام العراقي الأصيل ومن الذين خدموا هذا الفن التراثي الجميل، والذي تتلمذ على يديه عدد من العازفين والفنانين ، ذلك هو المرحوم الشاعر الفنان والإنسان أحمد شعيب إبراهيم والمعروف بإسم شعوبي.
    إسمه ونسبه:
    أسمه الكامل هو أحمد شعيب إبراهيم خليل اسماعيل نوش العبيدي الأعظمي والمعروف بإسم شعوبي ، ولد عام 1925 في محلة الشيوخ في الأعظمية ، حيث الموالد والمناقب النبوية والجو الشعبي الفني والساحة الرحبة من ساحات المقام العراقي . نشأ عصاميا مكافحا في عائلة متوسطة مثله مثل سائر العائلات العراقية المعروفة ، وترعرع في تلك الأجواء النقية البسيطة . ويرجع نسبه إلى عشيرة العبيد وهي من العشائر العربية العراقية المعروفة والتي تنتمي إلى عشائر زبيد من القبائل القحطانية.
    هواياته:
    من هواياته السباحة والنجارة وصناعة الزوارق والموسيقى والمقام العراقي ، وهو في الإبتدائية صنع أول آلة موسيقية له وهي الناي ، وتعلم العزف عليه ، وكان يعزف وهو يتجول في أزقة محلته حتى أصبح الناس تعرفه من عزفه ، وتعلم صناعة آلة الربابة والعزف عليها من مراقبته رجال الغجر الذين كانوا يطوفون أزقة بغداد أيام الأعياد يغنون أمام البيوت مادحين أهلها.
    نشاطاته ومسيرته الوظيفية:
    في بداية الأربعينات عين في دار الإذاعة ، ثم عمل في الفرقة الموسيقية فيها. وفي عام 1949 التحق بمعهد الفنون الجميلة / القسم المسائي / وتخرج فيه عام 1952 حيث درس آلة القانون ، ثم تحول الى الكمان الذي درسه على يد الأستاذ جميل بشير، وبعد تخرجه من معهد الفنون الجميلة / القسم المسائي التحق في المعهد المذكور / القسم الصباحي / إعداد المعلمين ودرس العود على يد الأساتذة يعقوب يوسف وجميل سليم وغانم حداد.
    لقد تعلم شعوبي العزف على آلة الجوزة وكان يصنعها بيده ، فكان أول صانع لهذه الآلة ولشدة عشقه للجوزة جاهد لتعلم العزف عليها بنفسه حيث لم يكن هناك مدرسون لها.
    كما اسس وفي بداية الخمسينات أول فرقة للجالغي البغدادي ، ومع بداية فرقة الجالغي البغدادي كانت بداية الفنان شعوبي إبراهيم مع الجوزة والمقام العراقي عزفا وأداءا ، فكان بحق أمير الجوزة وأسطى المقام العراقي كما كان يلقبه ويسميه الفنان الراحل منير بشير.
    وفي عام 1960 وللمرة الثالثة دخل شعوبي معهد الفنون الجميلة ولكن هذه المرة مدرسا لتدريس ألة الجوزة. وعندما افتتح معهد الدراسات النغمية العراقي عام 1970 في الوزيرية ، والذي اصبح اسمه فيما بعد (معهد الدراسات الموسيقية)، التحق به شعوبي ابراهيم مؤسسا واستاذا للجوزة والمقام فيه. وكان الأستاذ الوحيد لهاتين المادتين في حينه فتخرج على يده عدد من العازفين الجيدين.
    شخصيته:
    يتميز شعوبي ابراهيم بشخصية بسيطة طيبة متواضعة مرحة هادئة ، يحب معاونة الصغير والكبير، ويحب المرح والنكته ويرويها حتى وان كانت على نفسه، وربما البعض منا لا يعرف بانه يعتبر واحدا من ظرفاء بغداد وان طرفه ومداعباته الكثيرة والمتميزة مشهورة حتى انها تسمى بالشعوبيات نسبة اليه، كما ان سهراته مع رفاقه وأهل محلته لا تزال راسخة في الأذهان يتذكرها الأهل والأصحاب فتعلوا الأبتسامة وجوههم فيرونه بينهم بوجهه الضحوك الهادئ ثم يذكرون رحيله عنهم فيترحمون عليه والأسى يعلو الوجوه.
    فنه:
    يتميز فن شعوبي ابراهيم في طريقة عزفه على الجوزة فهي طريقة كلاسيكية قديمة مأخوذة عن عراقيته الصميمة في إداء المقامات العراقية عزفا وأداء بطريقة لا مثيل لها حاليا. فهو قريب جدا للحقيقة التراثية ومواكب لروح العصر المتغير والمتجدد دائما، فأضاف الحداثة إلى قواعد وأصول المقام العراقي من غير أن ينقص من قيمة المقام وجماله الأصيل ولا ان يفقده طعمه الخاص المتميز به.
    لقد تمكن شعوبي إبراهيم بذكائه وفطنته من دمج مدرسة محمد القبانجي المتطورة والمواكبة لهذا العصر مع مدرسة رشيد القندرجي الملتزم بكل قواعد وأصول المقام العراقي ، ونرى ذلك بكل وضوح في أدائه العذب للمقام وهو يلاعب أوتار جوزته ويحتضنها بكل حنان ورقة.
    في الأربعينات التقى شعوبي ابراهيم يوسف عمر وشكل معه ثنائيا بديعا منسجما وكان عصرا متميزا بجمال الأداء وعذوبة اللحن، فـأصبحا وحدة فنية متناغمة في فرقة الجالغي البغدادي ، واستمرت هذه العلاقة وهذه الفرقة في تقديم الحفلات والمشاركة في المهرجانات الفنية حتى اعتزال يوسف عمر الفن عام 1984
    مشاركاته في المهرجانات الدولية وشهاداته:
    لقد زار الفنان شعوبي إبراهيم العديد من بلدان العالم مشاركا في المهرجانات الفنية المقامة فيها مثل طاجكستان، أذربيجان، سوريا، دول الخليج، إيران، تركيا، بلغاريا، النمسا (مهرجان سالسبورغ) فنلندا، مصر، تونس والجزائر وغيرها، وفي عام 1964 شارك شعوبي في مؤتمر الموسيقى العربي الثاني في بغداد.
    وفي عام 1976 وفي احتفال فني في قاعة قدمت له دائرة الفنون الموسيقية وساما وشهادة تقديرية لكونه من رواد الموسيقى والغناء في العراق في فترة الأربعينات والخمسينات، كما قدمت له نقابة الفنانين عام 1992 وسام الفن وشهادة تقديرية بمناسبة مرور عام على وفاته لدوره المتميز في إحياء المقام العراقي، وفي فنلندا منحت أكاديمية سيلبوس الفنلندية شعوبي إبراهيم شهادة بروفيسور (غير رسمية) إعترافا منها بفنه وتقديرا لموهبته وعطائه الفني.
    إن أقرب الشهادات الى نفس شعوبي وأحبها إليه هي حب الناس له وشهادة عشاق الفن والموسيقى والمقام العراقي ، والتي جسدها فنان العراق الأول غريد الرافدين الراحل محمد القبانجي حيث قال:
    (( إن الفنان شعوبي إبراهيم يمتلك الخبرة والعلم والفهم في مجال المقام العراقي مما يجعلني أشهد له بذلك وأعطيه هذه الشهادة)).
    مؤلفاته:
    لقد كتب شعوبي الكثير وتحدث في الفن كثيرا ولكن مع الأسف لم يحتفظ بما كتب ولم يدون ما تحدث به ، وقد أصبح من الأمور الإعتيادية أن ترى قصاصة ورق أو غلافا لعلبة سكاير مكتوبا عليها شيء من الشعر أو بعض المعلومات الفنية عن المقام أو شيء من التراث، فضاع الكثير ولم يبقى إلا القليل ، ولكن هذا القليل من مؤلفاته على الرغم من قلتها فهو عميق جدا بمعلوماته.
    إن كتابه (المقامات) عام 1963 أصبح موسوعة فنية تضم ألوان المقام العراقي ، وكتابه (دليل الأنغام لطلاب المقام) عام 1982، كتاب ثمين وفريد دون فيه جميع المقامات العراقية وعددها أربعون مقاما وقد أرفق معه ستة أشرطة كاسيت مسجل، سجل عليها ويصوته جميع المقامات شارحا أصولها وقواعدها حرصا منه عليها من الضياع والإندثار أو التداخل والتشويه. كما أن له عددا من القصائد وعددا من الأغاني والبستات والزهيريات تأليفا ولحنا وأداء، وما مقام المشتاق الذي ابتكره ووضع أصوله إلا واحدا من إبداعاته.
    قصته مع الشعر:
    لقد كتب شعوبي إبراهيم الكثير من القصائد الشعبية والموالات البغدادية والزهيريات، كما نظم الشعر العمودي باللغة الفصحى بحكم إجادته لقواعد اللغة العربية ، ومذ كان طالبا في المرحلة المتوسطة حيث كان يكتب ناقدا وناصحا بإسلوبه الجاد والظريف، وكان أول من كتب المنلوجات المدرسية ناقدا الطالب الكسول ومداعباته للدروس واساتذتها وقوله عن الطالب الكسلان :

    الكسلان هذا حاله .... ما تتبدل أحواله
    راسب بكل أقواله .... بالصف دماغه امطشر
    ومداعباته لدرس الجبر حيث قال:

    عمي يا استاذ الجبر .... درسك يتعب الفكر
    سين صاد تحت الجذر .... درسك اشويه اختصر
    وفاته:
    لقد عانى شعوبي ابراهيم من داء السكر الشيء الكثير حتى تسبب هذا المرض اللعين بفقده بصره وعاش سنين عديدة حبيس هذه الحالة، وقد اشتد عليه المرض عندما اصيب بالكسر في عظم الفخذ فتدهورت صحته أكثر ولم يكن له من أنيس في وحدته سوى جوزته التي رافقته سنين حياته فكان يناغيها وتناغيه ، ويتوكأ عليها في محنته، يحتضنها برفق وتحتضنه بحنان وهو على فراش المرض ، حتى كان فجر يوم الإثنين التاسع من أيلول عام 1991 حيث توقف ذلك القلب الكبير عن نبضه ، وتوفى الأستاذ الكبير والمعلم والفنان والأنسان شعوبي إبراهيم عن عمر يبلغ الخامسة والستين عاما.
    لقد تلقت الأوساط الفنية نبأ وفاته بحزن وأسف شديدين ، وبوفاته فقد الفن واحدا من أعمدته وعلما من أعلامه وبذلك تطوى صفحة من اروع صفحات إنسان ضحى بالكثير وعاش للآخرين تاركا وراءه أعمالا رائعة ستعيش مع كل إنسان أحب المقام وعشقه.
    رحم الله شعوبي إبراهيم وأسكنه فسيح جناته ، فذكراه ما غابت عن محبيه أبدا، وإني لأذكر إذ أذكر يوم زرته عائدا قبل أسابيع من وفاته ، وفي يدي قصيدة كتبتها بمناسبة ذكرى ميلاد إبنتي لناقشني فيها كعادته موجها في الشعر وناصحا ، فوجدته مضطجعا على أريكة في رحبة الدار محتضنا جوزته على صدره يداعب أوتارها فرأيته كأنه يكلمها وتكلمه ، وما حسبت أنه كان يودعها وتودعه.
    إن الجديث عن شعوبي إبراهيم لا يمكن أن تغطيه صفحات كتاب أو وقت محدد ولكني في الختام أقول له:

    ولو أن دمعي يعيد مغيبا ... لأمطرت عيني شعوب سحبا
    ولو لا يحرم ديني نصبا .... إذن لأقمت لذكراك نصبا

    صباح الجميلي

    نعم يستحق منا هذا الاستذكار بورك باليد التي خطت هذا الموضوع

    الف شكر أخي أبو سعد لمرورك الجميل هذا .. ان الفنان والإنسان شعوبي ابراهيم من أعمدة الفن وقد خدم بصمت وتجرد وانه استاذي في الشعر .. رحمه الله واسكنه فسيح جناته .. اكرر شكري وتقديري لك أخي أبو سعد
    صباح الجميلي
    avatar
    استبرق
    عضو فضي
    عضو فضي


    عدد المساهمات : 121
    نقاط : 5002
    السٌّمعَة : 4
    تاريخ التسجيل : 12/01/2011

    أمير الجوزه شعوبي إبراهيم Empty رد: أمير الجوزه شعوبي إبراهيم

    مُساهمة من طرف استبرق الثلاثاء سبتمبر 20, 2011 6:29 pm

    صباح الجميلي كتب:
    أمير الجوزة شعوبي إبراهيم
    شخصية أدبية وعلم من أعلام الفن والموسيقى التراثية وواحد من الذين عشقوا المقام العراقي الأصيل ومن الذين خدموا هذا الفن التراثي الجميل، والذي تتلمذ على يديه عدد من العازفين والفنانين ، ذلك هو المرحوم الشاعر الفنان والإنسان أحمد شعيب إبراهيم والمعروف بإسم شعوبي.
    إسمه ونسبه:
    أسمه الكامل هو أحمد شعيب إبراهيم خليل اسماعيل نوش العبيدي الأعظمي والمعروف بإسم شعوبي ، ولد عام 1925 في محلة الشيوخ في الأعظمية ، حيث الموالد والمناقب النبوية والجو الشعبي الفني والساحة الرحبة من ساحات المقام العراقي . نشأ عصاميا مكافحا في عائلة متوسطة مثله مثل سائر العائلات العراقية المعروفة ، وترعرع في تلك الأجواء النقية البسيطة . ويرجع نسبه إلى عشيرة العبيد وهي من العشائر العربية العراقية المعروفة والتي تنتمي إلى عشائر زبيد من القبائل القحطانية.
    هواياته:
    من هواياته السباحة والنجارة وصناعة الزوارق والموسيقى والمقام العراقي ، وهو في الإبتدائية صنع أول آلة موسيقية له وهي الناي ، وتعلم العزف عليه ، وكان يعزف وهو يتجول في أزقة محلته حتى أصبح الناس تعرفه من عزفه ، وتعلم صناعة آلة الربابة والعزف عليها من مراقبته رجال الغجر الذين كانوا يطوفون أزقة بغداد أيام الأعياد يغنون أمام البيوت مادحين أهلها.
    نشاطاته ومسيرته الوظيفية:
    في بداية الأربعينات عين في دار الإذاعة ، ثم عمل في الفرقة الموسيقية فيها. وفي عام 1949 التحق بمعهد الفنون الجميلة / القسم المسائي / وتخرج فيه عام 1952 حيث درس آلة القانون ، ثم تحول الى الكمان الذي درسه على يد الأستاذ جميل بشير، وبعد تخرجه من معهد الفنون الجميلة / القسم المسائي التحق في المعهد المذكور / القسم الصباحي / إعداد المعلمين ودرس العود على يد الأساتذة يعقوب يوسف وجميل سليم وغانم حداد.
    لقد تعلم شعوبي العزف على آلة الجوزة وكان يصنعها بيده ، فكان أول صانع لهذه الآلة ولشدة عشقه للجوزة جاهد لتعلم العزف عليها بنفسه حيث لم يكن هناك مدرسون لها.
    كما اسس وفي بداية الخمسينات أول فرقة للجالغي البغدادي ، ومع بداية فرقة الجالغي البغدادي كانت بداية الفنان شعوبي إبراهيم مع الجوزة والمقام العراقي عزفا وأداءا ، فكان بحق أمير الجوزة وأسطى المقام العراقي كما كان يلقبه ويسميه الفنان الراحل منير بشير.
    وفي عام 1960 وللمرة الثالثة دخل شعوبي معهد الفنون الجميلة ولكن هذه المرة مدرسا لتدريس ألة الجوزة. وعندما افتتح معهد الدراسات النغمية العراقي عام 1970 في الوزيرية ، والذي اصبح اسمه فيما بعد (معهد الدراسات الموسيقية)، التحق به شعوبي ابراهيم مؤسسا واستاذا للجوزة والمقام فيه. وكان الأستاذ الوحيد لهاتين المادتين في حينه فتخرج على يده عدد من العازفين الجيدين.
    شخصيته:
    يتميز شعوبي ابراهيم بشخصية بسيطة طيبة متواضعة مرحة هادئة ، يحب معاونة الصغير والكبير، ويحب المرح والنكته ويرويها حتى وان كانت على نفسه، وربما البعض منا لا يعرف بانه يعتبر واحدا من ظرفاء بغداد وان طرفه ومداعباته الكثيرة والمتميزة مشهورة حتى انها تسمى بالشعوبيات نسبة اليه، كما ان سهراته مع رفاقه وأهل محلته لا تزال راسخة في الأذهان يتذكرها الأهل والأصحاب فتعلوا الأبتسامة وجوههم فيرونه بينهم بوجهه الضحوك الهادئ ثم يذكرون رحيله عنهم فيترحمون عليه والأسى يعلو الوجوه.
    فنه:
    يتميز فن شعوبي ابراهيم في طريقة عزفه على الجوزة فهي طريقة كلاسيكية قديمة مأخوذة عن عراقيته الصميمة في إداء المقامات العراقية عزفا وأداء بطريقة لا مثيل لها حاليا. فهو قريب جدا للحقيقة التراثية ومواكب لروح العصر المتغير والمتجدد دائما، فأضاف الحداثة إلى قواعد وأصول المقام العراقي من غير أن ينقص من قيمة المقام وجماله الأصيل ولا ان يفقده طعمه الخاص المتميز به.
    لقد تمكن شعوبي إبراهيم بذكائه وفطنته من دمج مدرسة محمد القبانجي المتطورة والمواكبة لهذا العصر مع مدرسة رشيد القندرجي الملتزم بكل قواعد وأصول المقام العراقي ، ونرى ذلك بكل وضوح في أدائه العذب للمقام وهو يلاعب أوتار جوزته ويحتضنها بكل حنان ورقة.
    في الأربعينات التقى شعوبي ابراهيم يوسف عمر وشكل معه ثنائيا بديعا منسجما وكان عصرا متميزا بجمال الأداء وعذوبة اللحن، فـأصبحا وحدة فنية متناغمة في فرقة الجالغي البغدادي ، واستمرت هذه العلاقة وهذه الفرقة في تقديم الحفلات والمشاركة في المهرجانات الفنية حتى اعتزال يوسف عمر الفن عام 1984
    مشاركاته في المهرجانات الدولية وشهاداته:
    لقد زار الفنان شعوبي إبراهيم العديد من بلدان العالم مشاركا في المهرجانات الفنية المقامة فيها مثل طاجكستان، أذربيجان، سوريا، دول الخليج، إيران، تركيا، بلغاريا، النمسا (مهرجان سالسبورغ) فنلندا، مصر، تونس والجزائر وغيرها، وفي عام 1964 شارك شعوبي في مؤتمر الموسيقى العربي الثاني في بغداد.
    وفي عام 1976 وفي احتفال فني في قاعة قدمت له دائرة الفنون الموسيقية وساما وشهادة تقديرية لكونه من رواد الموسيقى والغناء في العراق في فترة الأربعينات والخمسينات، كما قدمت له نقابة الفنانين عام 1992 وسام الفن وشهادة تقديرية بمناسبة مرور عام على وفاته لدوره المتميز في إحياء المقام العراقي، وفي فنلندا منحت أكاديمية سيلبوس الفنلندية شعوبي إبراهيم شهادة بروفيسور (غير رسمية) إعترافا منها بفنه وتقديرا لموهبته وعطائه الفني.
    إن أقرب الشهادات الى نفس شعوبي وأحبها إليه هي حب الناس له وشهادة عشاق الفن والموسيقى والمقام العراقي ، والتي جسدها فنان العراق الأول غريد الرافدين الراحل محمد القبانجي حيث قال:
    (( إن الفنان شعوبي إبراهيم يمتلك الخبرة والعلم والفهم في مجال المقام العراقي مما يجعلني أشهد له بذلك وأعطيه هذه الشهادة)).
    مؤلفاته:
    لقد كتب شعوبي الكثير وتحدث في الفن كثيرا ولكن مع الأسف لم يحتفظ بما كتب ولم يدون ما تحدث به ، وقد أصبح من الأمور الإعتيادية أن ترى قصاصة ورق أو غلافا لعلبة سكاير مكتوبا عليها شيء من الشعر أو بعض المعلومات الفنية عن المقام أو شيء من التراث، فضاع الكثير ولم يبقى إلا القليل ، ولكن هذا القليل من مؤلفاته على الرغم من قلتها فهو عميق جدا بمعلوماته.
    إن كتابه (المقامات) عام 1963 أصبح موسوعة فنية تضم ألوان المقام العراقي ، وكتابه (دليل الأنغام لطلاب المقام) عام 1982، كتاب ثمين وفريد دون فيه جميع المقامات العراقية وعددها أربعون مقاما وقد أرفق معه ستة أشرطة كاسيت مسجل، سجل عليها ويصوته جميع المقامات شارحا أصولها وقواعدها حرصا منه عليها من الضياع والإندثار أو التداخل والتشويه. كما أن له عددا من القصائد وعددا من الأغاني والبستات والزهيريات تأليفا ولحنا وأداء، وما مقام المشتاق الذي ابتكره ووضع أصوله إلا واحدا من إبداعاته.
    قصته مع الشعر:
    لقد كتب شعوبي إبراهيم الكثير من القصائد الشعبية والموالات البغدادية والزهيريات، كما نظم الشعر العمودي باللغة الفصحى بحكم إجادته لقواعد اللغة العربية ، ومذ كان طالبا في المرحلة المتوسطة حيث كان يكتب ناقدا وناصحا بإسلوبه الجاد والظريف، وكان أول من كتب المنلوجات المدرسية ناقدا الطالب الكسول ومداعباته للدروس واساتذتها وقوله عن الطالب الكسلان :

    الكسلان هذا حاله .... ما تتبدل أحواله
    راسب بكل أقواله .... بالصف دماغه امطشر
    ومداعباته لدرس الجبر حيث قال:

    عمي يا استاذ الجبر .... درسك يتعب الفكر
    سين صاد تحت الجذر .... درسك اشويه اختصر
    وفاته:
    لقد عانى شعوبي ابراهيم من داء السكر الشيء الكثير حتى تسبب هذا المرض اللعين بفقده بصره وعاش سنين عديدة حبيس هذه الحالة، وقد اشتد عليه المرض عندما اصيب بالكسر في عظم الفخذ فتدهورت صحته أكثر ولم يكن له من أنيس في وحدته سوى جوزته التي رافقته سنين حياته فكان يناغيها وتناغيه ، ويتوكأ عليها في محنته، يحتضنها برفق وتحتضنه بحنان وهو على فراش المرض ، حتى كان فجر يوم الإثنين التاسع من أيلول عام 1991 حيث توقف ذلك القلب الكبير عن نبضه ، وتوفى الأستاذ الكبير والمعلم والفنان والأنسان شعوبي إبراهيم عن عمر يبلغ الخامسة والستين عاما.
    لقد تلقت الأوساط الفنية نبأ وفاته بحزن وأسف شديدين ، وبوفاته فقد الفن واحدا من أعمدته وعلما من أعلامه وبذلك تطوى صفحة من اروع صفحات إنسان ضحى بالكثير وعاش للآخرين تاركا وراءه أعمالا رائعة ستعيش مع كل إنسان أحب المقام وعشقه.
    رحم الله شعوبي إبراهيم وأسكنه فسيح جناته ، فذكراه ما غابت عن محبيه أبدا، وإني لأذكر إذ أذكر يوم زرته عائدا قبل أسابيع من وفاته ، وفي يدي قصيدة كتبتها بمناسبة ذكرى ميلاد إبنتي لناقشني فيها كعادته موجها في الشعر وناصحا ، فوجدته مضطجعا على أريكة في رحبة الدار محتضنا جوزته على صدره يداعب أوتارها فرأيته كأنه يكلمها وتكلمه ، وما حسبت أنه كان يودعها وتودعه.
    إن الجديث عن شعوبي إبراهيم لا يمكن أن تغطيه صفحات كتاب أو وقت محدد ولكني في الختام أقول له:

    ولو أن دمعي يعيد مغيبا ... لأمطرت عيني شعوب سحبا
    ولو لا يحرم ديني نصبا .... إذن لأقمت لذكراك نصبا

    صباح الجميلي

    بورك فيك على هذا البحث الشيق
    صباح الجميلي
    صباح الجميلي
    عضو ماسي
    عضو ماسي


    عدد المساهمات : 4287
    نقاط : 21339
    السٌّمعَة : 437
    تاريخ التسجيل : 07/04/2011
    87
    الموقع : المربي الفاضل /مدير عام تنفيذي /كبير مبدعي القلم / القلم الذهبي / القلم الماسي / وسام الابداع/ درع الابداع

    أمير الجوزه شعوبي إبراهيم Empty رد: أمير الجوزه شعوبي إبراهيم

    مُساهمة من طرف صباح الجميلي الثلاثاء سبتمبر 20, 2011 11:29 pm

    استبرق كتب:
    صباح الجميلي كتب:
    أمير الجوزة شعوبي إبراهيم
    شخصية أدبية وعلم من أعلام الفن والموسيقى التراثية وواحد من الذين عشقوا المقام العراقي الأصيل ومن الذين خدموا هذا الفن التراثي الجميل، والذي تتلمذ على يديه عدد من العازفين والفنانين ، ذلك هو المرحوم الشاعر الفنان والإنسان أحمد شعيب إبراهيم والمعروف بإسم شعوبي.
    إسمه ونسبه:
    أسمه الكامل هو أحمد شعيب إبراهيم خليل اسماعيل نوش العبيدي الأعظمي والمعروف بإسم شعوبي ، ولد عام 1925 في محلة الشيوخ في الأعظمية ، حيث الموالد والمناقب النبوية والجو الشعبي الفني والساحة الرحبة من ساحات المقام العراقي . نشأ عصاميا مكافحا في عائلة متوسطة مثله مثل سائر العائلات العراقية المعروفة ، وترعرع في تلك الأجواء النقية البسيطة . ويرجع نسبه إلى عشيرة العبيد وهي من العشائر العربية العراقية المعروفة والتي تنتمي إلى عشائر زبيد من القبائل القحطانية.
    هواياته:
    من هواياته السباحة والنجارة وصناعة الزوارق والموسيقى والمقام العراقي ، وهو في الإبتدائية صنع أول آلة موسيقية له وهي الناي ، وتعلم العزف عليه ، وكان يعزف وهو يتجول في أزقة محلته حتى أصبح الناس تعرفه من عزفه ، وتعلم صناعة آلة الربابة والعزف عليها من مراقبته رجال الغجر الذين كانوا يطوفون أزقة بغداد أيام الأعياد يغنون أمام البيوت مادحين أهلها.
    نشاطاته ومسيرته الوظيفية:
    في بداية الأربعينات عين في دار الإذاعة ، ثم عمل في الفرقة الموسيقية فيها. وفي عام 1949 التحق بمعهد الفنون الجميلة / القسم المسائي / وتخرج فيه عام 1952 حيث درس آلة القانون ، ثم تحول الى الكمان الذي درسه على يد الأستاذ جميل بشير، وبعد تخرجه من معهد الفنون الجميلة / القسم المسائي التحق في المعهد المذكور / القسم الصباحي / إعداد المعلمين ودرس العود على يد الأساتذة يعقوب يوسف وجميل سليم وغانم حداد.
    لقد تعلم شعوبي العزف على آلة الجوزة وكان يصنعها بيده ، فكان أول صانع لهذه الآلة ولشدة عشقه للجوزة جاهد لتعلم العزف عليها بنفسه حيث لم يكن هناك مدرسون لها.
    كما اسس وفي بداية الخمسينات أول فرقة للجالغي البغدادي ، ومع بداية فرقة الجالغي البغدادي كانت بداية الفنان شعوبي إبراهيم مع الجوزة والمقام العراقي عزفا وأداءا ، فكان بحق أمير الجوزة وأسطى المقام العراقي كما كان يلقبه ويسميه الفنان الراحل منير بشير.
    وفي عام 1960 وللمرة الثالثة دخل شعوبي معهد الفنون الجميلة ولكن هذه المرة مدرسا لتدريس ألة الجوزة. وعندما افتتح معهد الدراسات النغمية العراقي عام 1970 في الوزيرية ، والذي اصبح اسمه فيما بعد (معهد الدراسات الموسيقية)، التحق به شعوبي ابراهيم مؤسسا واستاذا للجوزة والمقام فيه. وكان الأستاذ الوحيد لهاتين المادتين في حينه فتخرج على يده عدد من العازفين الجيدين.
    شخصيته:
    يتميز شعوبي ابراهيم بشخصية بسيطة طيبة متواضعة مرحة هادئة ، يحب معاونة الصغير والكبير، ويحب المرح والنكته ويرويها حتى وان كانت على نفسه، وربما البعض منا لا يعرف بانه يعتبر واحدا من ظرفاء بغداد وان طرفه ومداعباته الكثيرة والمتميزة مشهورة حتى انها تسمى بالشعوبيات نسبة اليه، كما ان سهراته مع رفاقه وأهل محلته لا تزال راسخة في الأذهان يتذكرها الأهل والأصحاب فتعلوا الأبتسامة وجوههم فيرونه بينهم بوجهه الضحوك الهادئ ثم يذكرون رحيله عنهم فيترحمون عليه والأسى يعلو الوجوه.
    فنه:
    يتميز فن شعوبي ابراهيم في طريقة عزفه على الجوزة فهي طريقة كلاسيكية قديمة مأخوذة عن عراقيته الصميمة في إداء المقامات العراقية عزفا وأداء بطريقة لا مثيل لها حاليا. فهو قريب جدا للحقيقة التراثية ومواكب لروح العصر المتغير والمتجدد دائما، فأضاف الحداثة إلى قواعد وأصول المقام العراقي من غير أن ينقص من قيمة المقام وجماله الأصيل ولا ان يفقده طعمه الخاص المتميز به.
    لقد تمكن شعوبي إبراهيم بذكائه وفطنته من دمج مدرسة محمد القبانجي المتطورة والمواكبة لهذا العصر مع مدرسة رشيد القندرجي الملتزم بكل قواعد وأصول المقام العراقي ، ونرى ذلك بكل وضوح في أدائه العذب للمقام وهو يلاعب أوتار جوزته ويحتضنها بكل حنان ورقة.
    في الأربعينات التقى شعوبي ابراهيم يوسف عمر وشكل معه ثنائيا بديعا منسجما وكان عصرا متميزا بجمال الأداء وعذوبة اللحن، فـأصبحا وحدة فنية متناغمة في فرقة الجالغي البغدادي ، واستمرت هذه العلاقة وهذه الفرقة في تقديم الحفلات والمشاركة في المهرجانات الفنية حتى اعتزال يوسف عمر الفن عام 1984
    مشاركاته في المهرجانات الدولية وشهاداته:
    لقد زار الفنان شعوبي إبراهيم العديد من بلدان العالم مشاركا في المهرجانات الفنية المقامة فيها مثل طاجكستان، أذربيجان، سوريا، دول الخليج، إيران، تركيا، بلغاريا، النمسا (مهرجان سالسبورغ) فنلندا، مصر، تونس والجزائر وغيرها، وفي عام 1964 شارك شعوبي في مؤتمر الموسيقى العربي الثاني في بغداد.
    وفي عام 1976 وفي احتفال فني في قاعة قدمت له دائرة الفنون الموسيقية وساما وشهادة تقديرية لكونه من رواد الموسيقى والغناء في العراق في فترة الأربعينات والخمسينات، كما قدمت له نقابة الفنانين عام 1992 وسام الفن وشهادة تقديرية بمناسبة مرور عام على وفاته لدوره المتميز في إحياء المقام العراقي، وفي فنلندا منحت أكاديمية سيلبوس الفنلندية شعوبي إبراهيم شهادة بروفيسور (غير رسمية) إعترافا منها بفنه وتقديرا لموهبته وعطائه الفني.
    إن أقرب الشهادات الى نفس شعوبي وأحبها إليه هي حب الناس له وشهادة عشاق الفن والموسيقى والمقام العراقي ، والتي جسدها فنان العراق الأول غريد الرافدين الراحل محمد القبانجي حيث قال:
    (( إن الفنان شعوبي إبراهيم يمتلك الخبرة والعلم والفهم في مجال المقام العراقي مما يجعلني أشهد له بذلك وأعطيه هذه الشهادة)).
    مؤلفاته:
    لقد كتب شعوبي الكثير وتحدث في الفن كثيرا ولكن مع الأسف لم يحتفظ بما كتب ولم يدون ما تحدث به ، وقد أصبح من الأمور الإعتيادية أن ترى قصاصة ورق أو غلافا لعلبة سكاير مكتوبا عليها شيء من الشعر أو بعض المعلومات الفنية عن المقام أو شيء من التراث، فضاع الكثير ولم يبقى إلا القليل ، ولكن هذا القليل من مؤلفاته على الرغم من قلتها فهو عميق جدا بمعلوماته.
    إن كتابه (المقامات) عام 1963 أصبح موسوعة فنية تضم ألوان المقام العراقي ، وكتابه (دليل الأنغام لطلاب المقام) عام 1982، كتاب ثمين وفريد دون فيه جميع المقامات العراقية وعددها أربعون مقاما وقد أرفق معه ستة أشرطة كاسيت مسجل، سجل عليها ويصوته جميع المقامات شارحا أصولها وقواعدها حرصا منه عليها من الضياع والإندثار أو التداخل والتشويه. كما أن له عددا من القصائد وعددا من الأغاني والبستات والزهيريات تأليفا ولحنا وأداء، وما مقام المشتاق الذي ابتكره ووضع أصوله إلا واحدا من إبداعاته.
    قصته مع الشعر:
    لقد كتب شعوبي إبراهيم الكثير من القصائد الشعبية والموالات البغدادية والزهيريات، كما نظم الشعر العمودي باللغة الفصحى بحكم إجادته لقواعد اللغة العربية ، ومذ كان طالبا في المرحلة المتوسطة حيث كان يكتب ناقدا وناصحا بإسلوبه الجاد والظريف، وكان أول من كتب المنلوجات المدرسية ناقدا الطالب الكسول ومداعباته للدروس واساتذتها وقوله عن الطالب الكسلان :

    الكسلان هذا حاله .... ما تتبدل أحواله
    راسب بكل أقواله .... بالصف دماغه امطشر
    ومداعباته لدرس الجبر حيث قال:

    عمي يا استاذ الجبر .... درسك يتعب الفكر
    سين صاد تحت الجذر .... درسك اشويه اختصر
    وفاته:
    لقد عانى شعوبي ابراهيم من داء السكر الشيء الكثير حتى تسبب هذا المرض اللعين بفقده بصره وعاش سنين عديدة حبيس هذه الحالة، وقد اشتد عليه المرض عندما اصيب بالكسر في عظم الفخذ فتدهورت صحته أكثر ولم يكن له من أنيس في وحدته سوى جوزته التي رافقته سنين حياته فكان يناغيها وتناغيه ، ويتوكأ عليها في محنته، يحتضنها برفق وتحتضنه بحنان وهو على فراش المرض ، حتى كان فجر يوم الإثنين التاسع من أيلول عام 1991 حيث توقف ذلك القلب الكبير عن نبضه ، وتوفى الأستاذ الكبير والمعلم والفنان والأنسان شعوبي إبراهيم عن عمر يبلغ الخامسة والستين عاما.
    لقد تلقت الأوساط الفنية نبأ وفاته بحزن وأسف شديدين ، وبوفاته فقد الفن واحدا من أعمدته وعلما من أعلامه وبذلك تطوى صفحة من اروع صفحات إنسان ضحى بالكثير وعاش للآخرين تاركا وراءه أعمالا رائعة ستعيش مع كل إنسان أحب المقام وعشقه.
    رحم الله شعوبي إبراهيم وأسكنه فسيح جناته ، فذكراه ما غابت عن محبيه أبدا، وإني لأذكر إذ أذكر يوم زرته عائدا قبل أسابيع من وفاته ، وفي يدي قصيدة كتبتها بمناسبة ذكرى ميلاد إبنتي لناقشني فيها كعادته موجها في الشعر وناصحا ، فوجدته مضطجعا على أريكة في رحبة الدار محتضنا جوزته على صدره يداعب أوتارها فرأيته كأنه يكلمها وتكلمه ، وما حسبت أنه كان يودعها وتودعه.
    إن الجديث عن شعوبي إبراهيم لا يمكن أن تغطيه صفحات كتاب أو وقت محدد ولكني في الختام أقول له:

    ولو أن دمعي يعيد مغيبا ... لأمطرت عيني شعوب سحبا
    ولو لا يحرم ديني نصبا .... إذن لأقمت لذكراك نصبا

    صباح الجميلي

    بورك فيك على هذا البحث الشيق

    ألف شكر على مرورك الجميل ... انه جزء بسيط من الوفاء لرجال العراق الأعلام .. اكرر شكري وتقديري..
    صباح الجميلي
    العادل
    العادل
    عضو ماسي
    عضو ماسي


    عدد المساهمات : 1657
    نقاط : 8754
    السٌّمعَة : 131
    تاريخ التسجيل : 29/05/2010
    42

    أمير الجوزه شعوبي إبراهيم Empty رد: أمير الجوزه شعوبي إبراهيم

    مُساهمة من طرف العادل الجمعة أكتوبر 28, 2011 6:19 pm

    صباح الجميلي كتب:
    أمير الجوزة شعوبي إبراهيم
    شخصية أدبية وعلم من أعلام الفن والموسيقى التراثية وواحد من الذين عشقوا المقام العراقي الأصيل ومن الذين خدموا هذا الفن التراثي الجميل، والذي تتلمذ على يديه عدد من العازفين والفنانين ، ذلك هو المرحوم الشاعر الفنان والإنسان أحمد شعيب إبراهيم والمعروف بإسم شعوبي.
    إسمه ونسبه:
    أسمه الكامل هو أحمد شعيب إبراهيم خليل اسماعيل نوش العبيدي الأعظمي والمعروف بإسم شعوبي ، ولد عام 1925 في محلة الشيوخ في الأعظمية ، حيث الموالد والمناقب النبوية والجو الشعبي الفني والساحة الرحبة من ساحات المقام العراقي . نشأ عصاميا مكافحا في عائلة متوسطة مثله مثل سائر العائلات العراقية المعروفة ، وترعرع في تلك الأجواء النقية البسيطة . ويرجع نسبه إلى عشيرة العبيد وهي من العشائر العربية العراقية المعروفة والتي تنتمي إلى عشائر زبيد من القبائل القحطانية.
    هواياته:
    من هواياته السباحة والنجارة وصناعة الزوارق والموسيقى والمقام العراقي ، وهو في الإبتدائية صنع أول آلة موسيقية له وهي الناي ، وتعلم العزف عليه ، وكان يعزف وهو يتجول في أزقة محلته حتى أصبح الناس تعرفه من عزفه ، وتعلم صناعة آلة الربابة والعزف عليها من مراقبته رجال الغجر الذين كانوا يطوفون أزقة بغداد أيام الأعياد يغنون أمام البيوت مادحين أهلها.
    نشاطاته ومسيرته الوظيفية:
    في بداية الأربعينات عين في دار الإذاعة ، ثم عمل في الفرقة الموسيقية فيها. وفي عام 1949 التحق بمعهد الفنون الجميلة / القسم المسائي / وتخرج فيه عام 1952 حيث درس آلة القانون ، ثم تحول الى الكمان الذي درسه على يد الأستاذ جميل بشير، وبعد تخرجه من معهد الفنون الجميلة / القسم المسائي التحق في المعهد المذكور / القسم الصباحي / إعداد المعلمين ودرس العود على يد الأساتذة يعقوب يوسف وجميل سليم وغانم حداد.
    لقد تعلم شعوبي العزف على آلة الجوزة وكان يصنعها بيده ، فكان أول صانع لهذه الآلة ولشدة عشقه للجوزة جاهد لتعلم العزف عليها بنفسه حيث لم يكن هناك مدرسون لها.
    كما اسس وفي بداية الخمسينات أول فرقة للجالغي البغدادي ، ومع بداية فرقة الجالغي البغدادي كانت بداية الفنان شعوبي إبراهيم مع الجوزة والمقام العراقي عزفا وأداءا ، فكان بحق أمير الجوزة وأسطى المقام العراقي كما كان يلقبه ويسميه الفنان الراحل منير بشير.
    وفي عام 1960 وللمرة الثالثة دخل شعوبي معهد الفنون الجميلة ولكن هذه المرة مدرسا لتدريس ألة الجوزة. وعندما افتتح معهد الدراسات النغمية العراقي عام 1970 في الوزيرية ، والذي اصبح اسمه فيما بعد (معهد الدراسات الموسيقية)، التحق به شعوبي ابراهيم مؤسسا واستاذا للجوزة والمقام فيه. وكان الأستاذ الوحيد لهاتين المادتين في حينه فتخرج على يده عدد من العازفين الجيدين.
    شخصيته:
    يتميز شعوبي ابراهيم بشخصية بسيطة طيبة متواضعة مرحة هادئة ، يحب معاونة الصغير والكبير، ويحب المرح والنكته ويرويها حتى وان كانت على نفسه، وربما البعض منا لا يعرف بانه يعتبر واحدا من ظرفاء بغداد وان طرفه ومداعباته الكثيرة والمتميزة مشهورة حتى انها تسمى بالشعوبيات نسبة اليه، كما ان سهراته مع رفاقه وأهل محلته لا تزال راسخة في الأذهان يتذكرها الأهل والأصحاب فتعلوا الأبتسامة وجوههم فيرونه بينهم بوجهه الضحوك الهادئ ثم يذكرون رحيله عنهم فيترحمون عليه والأسى يعلو الوجوه.
    فنه:
    يتميز فن شعوبي ابراهيم في طريقة عزفه على الجوزة فهي طريقة كلاسيكية قديمة مأخوذة عن عراقيته الصميمة في إداء المقامات العراقية عزفا وأداء بطريقة لا مثيل لها حاليا. فهو قريب جدا للحقيقة التراثية ومواكب لروح العصر المتغير والمتجدد دائما، فأضاف الحداثة إلى قواعد وأصول المقام العراقي من غير أن ينقص من قيمة المقام وجماله الأصيل ولا ان يفقده طعمه الخاص المتميز به.
    لقد تمكن شعوبي إبراهيم بذكائه وفطنته من دمج مدرسة محمد القبانجي المتطورة والمواكبة لهذا العصر مع مدرسة رشيد القندرجي الملتزم بكل قواعد وأصول المقام العراقي ، ونرى ذلك بكل وضوح في أدائه العذب للمقام وهو يلاعب أوتار جوزته ويحتضنها بكل حنان ورقة.
    في الأربعينات التقى شعوبي ابراهيم يوسف عمر وشكل معه ثنائيا بديعا منسجما وكان عصرا متميزا بجمال الأداء وعذوبة اللحن، فـأصبحا وحدة فنية متناغمة في فرقة الجالغي البغدادي ، واستمرت هذه العلاقة وهذه الفرقة في تقديم الحفلات والمشاركة في المهرجانات الفنية حتى اعتزال يوسف عمر الفن عام 1984
    مشاركاته في المهرجانات الدولية وشهاداته:
    لقد زار الفنان شعوبي إبراهيم العديد من بلدان العالم مشاركا في المهرجانات الفنية المقامة فيها مثل طاجكستان، أذربيجان، سوريا، دول الخليج، إيران، تركيا، بلغاريا، النمسا (مهرجان سالسبورغ) فنلندا، مصر، تونس والجزائر وغيرها، وفي عام 1964 شارك شعوبي في مؤتمر الموسيقى العربي الثاني في بغداد.
    وفي عام 1976 وفي احتفال فني في قاعة قدمت له دائرة الفنون الموسيقية وساما وشهادة تقديرية لكونه من رواد الموسيقى والغناء في العراق في فترة الأربعينات والخمسينات، كما قدمت له نقابة الفنانين عام 1992 وسام الفن وشهادة تقديرية بمناسبة مرور عام على وفاته لدوره المتميز في إحياء المقام العراقي، وفي فنلندا منحت أكاديمية سيلبوس الفنلندية شعوبي إبراهيم شهادة بروفيسور (غير رسمية) إعترافا منها بفنه وتقديرا لموهبته وعطائه الفني.
    إن أقرب الشهادات الى نفس شعوبي وأحبها إليه هي حب الناس له وشهادة عشاق الفن والموسيقى والمقام العراقي ، والتي جسدها فنان العراق الأول غريد الرافدين الراحل محمد القبانجي حيث قال:
    (( إن الفنان شعوبي إبراهيم يمتلك الخبرة والعلم والفهم في مجال المقام العراقي مما يجعلني أشهد له بذلك وأعطيه هذه الشهادة)).
    مؤلفاته:
    لقد كتب شعوبي الكثير وتحدث في الفن كثيرا ولكن مع الأسف لم يحتفظ بما كتب ولم يدون ما تحدث به ، وقد أصبح من الأمور الإعتيادية أن ترى قصاصة ورق أو غلافا لعلبة سكاير مكتوبا عليها شيء من الشعر أو بعض المعلومات الفنية عن المقام أو شيء من التراث، فضاع الكثير ولم يبقى إلا القليل ، ولكن هذا القليل من مؤلفاته على الرغم من قلتها فهو عميق جدا بمعلوماته.
    إن كتابه (المقامات) عام 1963 أصبح موسوعة فنية تضم ألوان المقام العراقي ، وكتابه (دليل الأنغام لطلاب المقام) عام 1982، كتاب ثمين وفريد دون فيه جميع المقامات العراقية وعددها أربعون مقاما وقد أرفق معه ستة أشرطة كاسيت مسجل، سجل عليها ويصوته جميع المقامات شارحا أصولها وقواعدها حرصا منه عليها من الضياع والإندثار أو التداخل والتشويه. كما أن له عددا من القصائد وعددا من الأغاني والبستات والزهيريات تأليفا ولحنا وأداء، وما مقام المشتاق الذي ابتكره ووضع أصوله إلا واحدا من إبداعاته.
    قصته مع الشعر:
    لقد كتب شعوبي إبراهيم الكثير من القصائد الشعبية والموالات البغدادية والزهيريات، كما نظم الشعر العمودي باللغة الفصحى بحكم إجادته لقواعد اللغة العربية ، ومذ كان طالبا في المرحلة المتوسطة حيث كان يكتب ناقدا وناصحا بإسلوبه الجاد والظريف، وكان أول من كتب المنلوجات المدرسية ناقدا الطالب الكسول ومداعباته للدروس واساتذتها وقوله عن الطالب الكسلان :

    الكسلان هذا حاله .... ما تتبدل أحواله
    راسب بكل أقواله .... بالصف دماغه امطشر
    ومداعباته لدرس الجبر حيث قال:

    عمي يا استاذ الجبر .... درسك يتعب الفكر
    سين صاد تحت الجذر .... درسك اشويه اختصر
    وفاته:
    لقد عانى شعوبي ابراهيم من داء السكر الشيء الكثير حتى تسبب هذا المرض اللعين بفقده بصره وعاش سنين عديدة حبيس هذه الحالة، وقد اشتد عليه المرض عندما اصيب بالكسر في عظم الفخذ فتدهورت صحته أكثر ولم يكن له من أنيس في وحدته سوى جوزته التي رافقته سنين حياته فكان يناغيها وتناغيه ، ويتوكأ عليها في محنته، يحتضنها برفق وتحتضنه بحنان وهو على فراش المرض ، حتى كان فجر يوم الإثنين التاسع من أيلول عام 1991 حيث توقف ذلك القلب الكبير عن نبضه ، وتوفى الأستاذ الكبير والمعلم والفنان والأنسان شعوبي إبراهيم عن عمر يبلغ الخامسة والستين عاما.
    لقد تلقت الأوساط الفنية نبأ وفاته بحزن وأسف شديدين ، وبوفاته فقد الفن واحدا من أعمدته وعلما من أعلامه وبذلك تطوى صفحة من اروع صفحات إنسان ضحى بالكثير وعاش للآخرين تاركا وراءه أعمالا رائعة ستعيش مع كل إنسان أحب المقام وعشقه.
    رحم الله شعوبي إبراهيم وأسكنه فسيح جناته ، فذكراه ما غابت عن محبيه أبدا، وإني لأذكر إذ أذكر يوم زرته عائدا قبل أسابيع من وفاته ، وفي يدي قصيدة كتبتها بمناسبة ذكرى ميلاد إبنتي لناقشني فيها كعادته موجها في الشعر وناصحا ، فوجدته مضطجعا على أريكة في رحبة الدار محتضنا جوزته على صدره يداعب أوتارها فرأيته كأنه يكلمها وتكلمه ، وما حسبت أنه كان يودعها وتودعه.
    إن الجديث عن شعوبي إبراهيم لا يمكن أن تغطيه صفحات كتاب أو وقت محدد ولكني في الختام أقول له:

    ولو أن دمعي يعيد مغيبا ... لأمطرت عيني شعوب سحبا
    ولو لا يحرم ديني نصبا .... إذن لأقمت لذكراك نصبا

    صباح الجميلي


    كتبت وابدعت واعطيت الرجل حقه بورك فيك يا استاذي
    صباح الجميلي
    صباح الجميلي
    عضو ماسي
    عضو ماسي


    عدد المساهمات : 4287
    نقاط : 21339
    السٌّمعَة : 437
    تاريخ التسجيل : 07/04/2011
    87
    الموقع : المربي الفاضل /مدير عام تنفيذي /كبير مبدعي القلم / القلم الذهبي / القلم الماسي / وسام الابداع/ درع الابداع

    أمير الجوزه شعوبي إبراهيم Empty رد: أمير الجوزه شعوبي إبراهيم

    مُساهمة من طرف صباح الجميلي الجمعة أكتوبر 28, 2011 8:14 pm

    العادل كتب:
    صباح الجميلي كتب:
    أمير الجوزة شعوبي إبراهيم
    شخصية أدبية وعلم من أعلام الفن والموسيقى التراثية وواحد من الذين عشقوا المقام العراقي الأصيل ومن الذين خدموا هذا الفن التراثي الجميل، والذي تتلمذ على يديه عدد من العازفين والفنانين ، ذلك هو المرحوم الشاعر الفنان والإنسان أحمد شعيب إبراهيم والمعروف بإسم شعوبي.
    إسمه ونسبه:
    أسمه الكامل هو أحمد شعيب إبراهيم خليل اسماعيل نوش العبيدي الأعظمي والمعروف بإسم شعوبي ، ولد عام 1925 في محلة الشيوخ في الأعظمية ، حيث الموالد والمناقب النبوية والجو الشعبي الفني والساحة الرحبة من ساحات المقام العراقي . نشأ عصاميا مكافحا في عائلة متوسطة مثله مثل سائر العائلات العراقية المعروفة ، وترعرع في تلك الأجواء النقية البسيطة . ويرجع نسبه إلى عشيرة العبيد وهي من العشائر العربية العراقية المعروفة والتي تنتمي إلى عشائر زبيد من القبائل القحطانية.
    هواياته:
    من هواياته السباحة والنجارة وصناعة الزوارق والموسيقى والمقام العراقي ، وهو في الإبتدائية صنع أول آلة موسيقية له وهي الناي ، وتعلم العزف عليه ، وكان يعزف وهو يتجول في أزقة محلته حتى أصبح الناس تعرفه من عزفه ، وتعلم صناعة آلة الربابة والعزف عليها من مراقبته رجال الغجر الذين كانوا يطوفون أزقة بغداد أيام الأعياد يغنون أمام البيوت مادحين أهلها.
    نشاطاته ومسيرته الوظيفية:
    في بداية الأربعينات عين في دار الإذاعة ، ثم عمل في الفرقة الموسيقية فيها. وفي عام 1949 التحق بمعهد الفنون الجميلة / القسم المسائي / وتخرج فيه عام 1952 حيث درس آلة القانون ، ثم تحول الى الكمان الذي درسه على يد الأستاذ جميل بشير، وبعد تخرجه من معهد الفنون الجميلة / القسم المسائي التحق في المعهد المذكور / القسم الصباحي / إعداد المعلمين ودرس العود على يد الأساتذة يعقوب يوسف وجميل سليم وغانم حداد.
    لقد تعلم شعوبي العزف على آلة الجوزة وكان يصنعها بيده ، فكان أول صانع لهذه الآلة ولشدة عشقه للجوزة جاهد لتعلم العزف عليها بنفسه حيث لم يكن هناك مدرسون لها.
    كما اسس وفي بداية الخمسينات أول فرقة للجالغي البغدادي ، ومع بداية فرقة الجالغي البغدادي كانت بداية الفنان شعوبي إبراهيم مع الجوزة والمقام العراقي عزفا وأداءا ، فكان بحق أمير الجوزة وأسطى المقام العراقي كما كان يلقبه ويسميه الفنان الراحل منير بشير.
    وفي عام 1960 وللمرة الثالثة دخل شعوبي معهد الفنون الجميلة ولكن هذه المرة مدرسا لتدريس ألة الجوزة. وعندما افتتح معهد الدراسات النغمية العراقي عام 1970 في الوزيرية ، والذي اصبح اسمه فيما بعد (معهد الدراسات الموسيقية)، التحق به شعوبي ابراهيم مؤسسا واستاذا للجوزة والمقام فيه. وكان الأستاذ الوحيد لهاتين المادتين في حينه فتخرج على يده عدد من العازفين الجيدين.
    شخصيته:
    يتميز شعوبي ابراهيم بشخصية بسيطة طيبة متواضعة مرحة هادئة ، يحب معاونة الصغير والكبير، ويحب المرح والنكته ويرويها حتى وان كانت على نفسه، وربما البعض منا لا يعرف بانه يعتبر واحدا من ظرفاء بغداد وان طرفه ومداعباته الكثيرة والمتميزة مشهورة حتى انها تسمى بالشعوبيات نسبة اليه، كما ان سهراته مع رفاقه وأهل محلته لا تزال راسخة في الأذهان يتذكرها الأهل والأصحاب فتعلوا الأبتسامة وجوههم فيرونه بينهم بوجهه الضحوك الهادئ ثم يذكرون رحيله عنهم فيترحمون عليه والأسى يعلو الوجوه.
    فنه:
    يتميز فن شعوبي ابراهيم في طريقة عزفه على الجوزة فهي طريقة كلاسيكية قديمة مأخوذة عن عراقيته الصميمة في إداء المقامات العراقية عزفا وأداء بطريقة لا مثيل لها حاليا. فهو قريب جدا للحقيقة التراثية ومواكب لروح العصر المتغير والمتجدد دائما، فأضاف الحداثة إلى قواعد وأصول المقام العراقي من غير أن ينقص من قيمة المقام وجماله الأصيل ولا ان يفقده طعمه الخاص المتميز به.
    لقد تمكن شعوبي إبراهيم بذكائه وفطنته من دمج مدرسة محمد القبانجي المتطورة والمواكبة لهذا العصر مع مدرسة رشيد القندرجي الملتزم بكل قواعد وأصول المقام العراقي ، ونرى ذلك بكل وضوح في أدائه العذب للمقام وهو يلاعب أوتار جوزته ويحتضنها بكل حنان ورقة.
    في الأربعينات التقى شعوبي ابراهيم يوسف عمر وشكل معه ثنائيا بديعا منسجما وكان عصرا متميزا بجمال الأداء وعذوبة اللحن، فـأصبحا وحدة فنية متناغمة في فرقة الجالغي البغدادي ، واستمرت هذه العلاقة وهذه الفرقة في تقديم الحفلات والمشاركة في المهرجانات الفنية حتى اعتزال يوسف عمر الفن عام 1984
    مشاركاته في المهرجانات الدولية وشهاداته:
    لقد زار الفنان شعوبي إبراهيم العديد من بلدان العالم مشاركا في المهرجانات الفنية المقامة فيها مثل طاجكستان، أذربيجان، سوريا، دول الخليج، إيران، تركيا، بلغاريا، النمسا (مهرجان سالسبورغ) فنلندا، مصر، تونس والجزائر وغيرها، وفي عام 1964 شارك شعوبي في مؤتمر الموسيقى العربي الثاني في بغداد.
    وفي عام 1976 وفي احتفال فني في قاعة قدمت له دائرة الفنون الموسيقية وساما وشهادة تقديرية لكونه من رواد الموسيقى والغناء في العراق في فترة الأربعينات والخمسينات، كما قدمت له نقابة الفنانين عام 1992 وسام الفن وشهادة تقديرية بمناسبة مرور عام على وفاته لدوره المتميز في إحياء المقام العراقي، وفي فنلندا منحت أكاديمية سيلبوس الفنلندية شعوبي إبراهيم شهادة بروفيسور (غير رسمية) إعترافا منها بفنه وتقديرا لموهبته وعطائه الفني.
    إن أقرب الشهادات الى نفس شعوبي وأحبها إليه هي حب الناس له وشهادة عشاق الفن والموسيقى والمقام العراقي ، والتي جسدها فنان العراق الأول غريد الرافدين الراحل محمد القبانجي حيث قال:
    (( إن الفنان شعوبي إبراهيم يمتلك الخبرة والعلم والفهم في مجال المقام العراقي مما يجعلني أشهد له بذلك وأعطيه هذه الشهادة)).
    مؤلفاته:
    لقد كتب شعوبي الكثير وتحدث في الفن كثيرا ولكن مع الأسف لم يحتفظ بما كتب ولم يدون ما تحدث به ، وقد أصبح من الأمور الإعتيادية أن ترى قصاصة ورق أو غلافا لعلبة سكاير مكتوبا عليها شيء من الشعر أو بعض المعلومات الفنية عن المقام أو شيء من التراث، فضاع الكثير ولم يبقى إلا القليل ، ولكن هذا القليل من مؤلفاته على الرغم من قلتها فهو عميق جدا بمعلوماته.
    إن كتابه (المقامات) عام 1963 أصبح موسوعة فنية تضم ألوان المقام العراقي ، وكتابه (دليل الأنغام لطلاب المقام) عام 1982، كتاب ثمين وفريد دون فيه جميع المقامات العراقية وعددها أربعون مقاما وقد أرفق معه ستة أشرطة كاسيت مسجل، سجل عليها ويصوته جميع المقامات شارحا أصولها وقواعدها حرصا منه عليها من الضياع والإندثار أو التداخل والتشويه. كما أن له عددا من القصائد وعددا من الأغاني والبستات والزهيريات تأليفا ولحنا وأداء، وما مقام المشتاق الذي ابتكره ووضع أصوله إلا واحدا من إبداعاته.
    قصته مع الشعر:
    لقد كتب شعوبي إبراهيم الكثير من القصائد الشعبية والموالات البغدادية والزهيريات، كما نظم الشعر العمودي باللغة الفصحى بحكم إجادته لقواعد اللغة العربية ، ومذ كان طالبا في المرحلة المتوسطة حيث كان يكتب ناقدا وناصحا بإسلوبه الجاد والظريف، وكان أول من كتب المنلوجات المدرسية ناقدا الطالب الكسول ومداعباته للدروس واساتذتها وقوله عن الطالب الكسلان :

    الكسلان هذا حاله .... ما تتبدل أحواله
    راسب بكل أقواله .... بالصف دماغه امطشر
    ومداعباته لدرس الجبر حيث قال:

    عمي يا استاذ الجبر .... درسك يتعب الفكر
    سين صاد تحت الجذر .... درسك اشويه اختصر
    وفاته:
    لقد عانى شعوبي ابراهيم من داء السكر الشيء الكثير حتى تسبب هذا المرض اللعين بفقده بصره وعاش سنين عديدة حبيس هذه الحالة، وقد اشتد عليه المرض عندما اصيب بالكسر في عظم الفخذ فتدهورت صحته أكثر ولم يكن له من أنيس في وحدته سوى جوزته التي رافقته سنين حياته فكان يناغيها وتناغيه ، ويتوكأ عليها في محنته، يحتضنها برفق وتحتضنه بحنان وهو على فراش المرض ، حتى كان فجر يوم الإثنين التاسع من أيلول عام 1991 حيث توقف ذلك القلب الكبير عن نبضه ، وتوفى الأستاذ الكبير والمعلم والفنان والأنسان شعوبي إبراهيم عن عمر يبلغ الخامسة والستين عاما.
    لقد تلقت الأوساط الفنية نبأ وفاته بحزن وأسف شديدين ، وبوفاته فقد الفن واحدا من أعمدته وعلما من أعلامه وبذلك تطوى صفحة من اروع صفحات إنسان ضحى بالكثير وعاش للآخرين تاركا وراءه أعمالا رائعة ستعيش مع كل إنسان أحب المقام وعشقه.
    رحم الله شعوبي إبراهيم وأسكنه فسيح جناته ، فذكراه ما غابت عن محبيه أبدا، وإني لأذكر إذ أذكر يوم زرته عائدا قبل أسابيع من وفاته ، وفي يدي قصيدة كتبتها بمناسبة ذكرى ميلاد إبنتي لناقشني فيها كعادته موجها في الشعر وناصحا ، فوجدته مضطجعا على أريكة في رحبة الدار محتضنا جوزته على صدره يداعب أوتارها فرأيته كأنه يكلمها وتكلمه ، وما حسبت أنه كان يودعها وتودعه.
    إن الجديث عن شعوبي إبراهيم لا يمكن أن تغطيه صفحات كتاب أو وقت محدد ولكني في الختام أقول له:

    ولو أن دمعي يعيد مغيبا ... لأمطرت عيني شعوب سحبا
    ولو لا يحرم ديني نصبا .... إذن لأقمت لذكراك نصبا

    صباح الجميلي


    كتبت وابدعت واعطيت الرجل حقه بورك فيك يا استاذي

    شكرا أخي العادل لقد اسعدني حقا مرورك العطر وبارك الله فيك
    صباح الجميلي
    avatar
    ابو الثوار
    عضو فضي
    عضو فضي


    عدد المساهمات : 103
    نقاط : 5190
    السٌّمعَة : 14
    تاريخ التسجيل : 29/06/2010

    أمير الجوزه شعوبي إبراهيم Empty رد: أمير الجوزه شعوبي إبراهيم

    مُساهمة من طرف ابو الثوار السبت أكتوبر 29, 2011 5:08 pm

    صباح الجميلي كتب:
    أمير الجوزة شعوبي إبراهيم
    شخصية أدبية وعلم من أعلام الفن والموسيقى التراثية وواحد من الذين عشقوا المقام العراقي الأصيل ومن الذين خدموا هذا الفن التراثي الجميل، والذي تتلمذ على يديه عدد من العازفين والفنانين ، ذلك هو المرحوم الشاعر الفنان والإنسان أحمد شعيب إبراهيم والمعروف بإسم شعوبي.
    إسمه ونسبه:
    أسمه الكامل هو أحمد شعيب إبراهيم خليل اسماعيل نوش العبيدي الأعظمي والمعروف بإسم شعوبي ، ولد عام 1925 في محلة الشيوخ في الأعظمية ، حيث الموالد والمناقب النبوية والجو الشعبي الفني والساحة الرحبة من ساحات المقام العراقي . نشأ عصاميا مكافحا في عائلة متوسطة مثله مثل سائر العائلات العراقية المعروفة ، وترعرع في تلك الأجواء النقية البسيطة . ويرجع نسبه إلى عشيرة العبيد وهي من العشائر العربية العراقية المعروفة والتي تنتمي إلى عشائر زبيد من القبائل القحطانية.
    هواياته:
    من هواياته السباحة والنجارة وصناعة الزوارق والموسيقى والمقام العراقي ، وهو في الإبتدائية صنع أول آلة موسيقية له وهي الناي ، وتعلم العزف عليه ، وكان يعزف وهو يتجول في أزقة محلته حتى أصبح الناس تعرفه من عزفه ، وتعلم صناعة آلة الربابة والعزف عليها من مراقبته رجال الغجر الذين كانوا يطوفون أزقة بغداد أيام الأعياد يغنون أمام البيوت مادحين أهلها.
    نشاطاته ومسيرته الوظيفية:
    في بداية الأربعينات عين في دار الإذاعة ، ثم عمل في الفرقة الموسيقية فيها. وفي عام 1949 التحق بمعهد الفنون الجميلة / القسم المسائي / وتخرج فيه عام 1952 حيث درس آلة القانون ، ثم تحول الى الكمان الذي درسه على يد الأستاذ جميل بشير، وبعد تخرجه من معهد الفنون الجميلة / القسم المسائي التحق في المعهد المذكور / القسم الصباحي / إعداد المعلمين ودرس العود على يد الأساتذة يعقوب يوسف وجميل سليم وغانم حداد.
    لقد تعلم شعوبي العزف على آلة الجوزة وكان يصنعها بيده ، فكان أول صانع لهذه الآلة ولشدة عشقه للجوزة جاهد لتعلم العزف عليها بنفسه حيث لم يكن هناك مدرسون لها.
    كما اسس وفي بداية الخمسينات أول فرقة للجالغي البغدادي ، ومع بداية فرقة الجالغي البغدادي كانت بداية الفنان شعوبي إبراهيم مع الجوزة والمقام العراقي عزفا وأداءا ، فكان بحق أمير الجوزة وأسطى المقام العراقي كما كان يلقبه ويسميه الفنان الراحل منير بشير.
    وفي عام 1960 وللمرة الثالثة دخل شعوبي معهد الفنون الجميلة ولكن هذه المرة مدرسا لتدريس ألة الجوزة. وعندما افتتح معهد الدراسات النغمية العراقي عام 1970 في الوزيرية ، والذي اصبح اسمه فيما بعد (معهد الدراسات الموسيقية)، التحق به شعوبي ابراهيم مؤسسا واستاذا للجوزة والمقام فيه. وكان الأستاذ الوحيد لهاتين المادتين في حينه فتخرج على يده عدد من العازفين الجيدين.
    شخصيته:
    يتميز شعوبي ابراهيم بشخصية بسيطة طيبة متواضعة مرحة هادئة ، يحب معاونة الصغير والكبير، ويحب المرح والنكته ويرويها حتى وان كانت على نفسه، وربما البعض منا لا يعرف بانه يعتبر واحدا من ظرفاء بغداد وان طرفه ومداعباته الكثيرة والمتميزة مشهورة حتى انها تسمى بالشعوبيات نسبة اليه، كما ان سهراته مع رفاقه وأهل محلته لا تزال راسخة في الأذهان يتذكرها الأهل والأصحاب فتعلوا الأبتسامة وجوههم فيرونه بينهم بوجهه الضحوك الهادئ ثم يذكرون رحيله عنهم فيترحمون عليه والأسى يعلو الوجوه.
    فنه:
    يتميز فن شعوبي ابراهيم في طريقة عزفه على الجوزة فهي طريقة كلاسيكية قديمة مأخوذة عن عراقيته الصميمة في إداء المقامات العراقية عزفا وأداء بطريقة لا مثيل لها حاليا. فهو قريب جدا للحقيقة التراثية ومواكب لروح العصر المتغير والمتجدد دائما، فأضاف الحداثة إلى قواعد وأصول المقام العراقي من غير أن ينقص من قيمة المقام وجماله الأصيل ولا ان يفقده طعمه الخاص المتميز به.
    لقد تمكن شعوبي إبراهيم بذكائه وفطنته من دمج مدرسة محمد القبانجي المتطورة والمواكبة لهذا العصر مع مدرسة رشيد القندرجي الملتزم بكل قواعد وأصول المقام العراقي ، ونرى ذلك بكل وضوح في أدائه العذب للمقام وهو يلاعب أوتار جوزته ويحتضنها بكل حنان ورقة.
    في الأربعينات التقى شعوبي ابراهيم يوسف عمر وشكل معه ثنائيا بديعا منسجما وكان عصرا متميزا بجمال الأداء وعذوبة اللحن، فـأصبحا وحدة فنية متناغمة في فرقة الجالغي البغدادي ، واستمرت هذه العلاقة وهذه الفرقة في تقديم الحفلات والمشاركة في المهرجانات الفنية حتى اعتزال يوسف عمر الفن عام 1984
    مشاركاته في المهرجانات الدولية وشهاداته:
    لقد زار الفنان شعوبي إبراهيم العديد من بلدان العالم مشاركا في المهرجانات الفنية المقامة فيها مثل طاجكستان، أذربيجان، سوريا، دول الخليج، إيران، تركيا، بلغاريا، النمسا (مهرجان سالسبورغ) فنلندا، مصر، تونس والجزائر وغيرها، وفي عام 1964 شارك شعوبي في مؤتمر الموسيقى العربي الثاني في بغداد.
    وفي عام 1976 وفي احتفال فني في قاعة قدمت له دائرة الفنون الموسيقية وساما وشهادة تقديرية لكونه من رواد الموسيقى والغناء في العراق في فترة الأربعينات والخمسينات، كما قدمت له نقابة الفنانين عام 1992 وسام الفن وشهادة تقديرية بمناسبة مرور عام على وفاته لدوره المتميز في إحياء المقام العراقي، وفي فنلندا منحت أكاديمية سيلبوس الفنلندية شعوبي إبراهيم شهادة بروفيسور (غير رسمية) إعترافا منها بفنه وتقديرا لموهبته وعطائه الفني.
    إن أقرب الشهادات الى نفس شعوبي وأحبها إليه هي حب الناس له وشهادة عشاق الفن والموسيقى والمقام العراقي ، والتي جسدها فنان العراق الأول غريد الرافدين الراحل محمد القبانجي حيث قال:
    (( إن الفنان شعوبي إبراهيم يمتلك الخبرة والعلم والفهم في مجال المقام العراقي مما يجعلني أشهد له بذلك وأعطيه هذه الشهادة)).
    مؤلفاته:
    لقد كتب شعوبي الكثير وتحدث في الفن كثيرا ولكن مع الأسف لم يحتفظ بما كتب ولم يدون ما تحدث به ، وقد أصبح من الأمور الإعتيادية أن ترى قصاصة ورق أو غلافا لعلبة سكاير مكتوبا عليها شيء من الشعر أو بعض المعلومات الفنية عن المقام أو شيء من التراث، فضاع الكثير ولم يبقى إلا القليل ، ولكن هذا القليل من مؤلفاته على الرغم من قلتها فهو عميق جدا بمعلوماته.
    إن كتابه (المقامات) عام 1963 أصبح موسوعة فنية تضم ألوان المقام العراقي ، وكتابه (دليل الأنغام لطلاب المقام) عام 1982، كتاب ثمين وفريد دون فيه جميع المقامات العراقية وعددها أربعون مقاما وقد أرفق معه ستة أشرطة كاسيت مسجل، سجل عليها ويصوته جميع المقامات شارحا أصولها وقواعدها حرصا منه عليها من الضياع والإندثار أو التداخل والتشويه. كما أن له عددا من القصائد وعددا من الأغاني والبستات والزهيريات تأليفا ولحنا وأداء، وما مقام المشتاق الذي ابتكره ووضع أصوله إلا واحدا من إبداعاته.
    قصته مع الشعر:
    لقد كتب شعوبي إبراهيم الكثير من القصائد الشعبية والموالات البغدادية والزهيريات، كما نظم الشعر العمودي باللغة الفصحى بحكم إجادته لقواعد اللغة العربية ، ومذ كان طالبا في المرحلة المتوسطة حيث كان يكتب ناقدا وناصحا بإسلوبه الجاد والظريف، وكان أول من كتب المنلوجات المدرسية ناقدا الطالب الكسول ومداعباته للدروس واساتذتها وقوله عن الطالب الكسلان :

    الكسلان هذا حاله .... ما تتبدل أحواله
    راسب بكل أقواله .... بالصف دماغه امطشر
    ومداعباته لدرس الجبر حيث قال:

    عمي يا استاذ الجبر .... درسك يتعب الفكر
    سين صاد تحت الجذر .... درسك اشويه اختصر
    وفاته:
    لقد عانى شعوبي ابراهيم من داء السكر الشيء الكثير حتى تسبب هذا المرض اللعين بفقده بصره وعاش سنين عديدة حبيس هذه الحالة، وقد اشتد عليه المرض عندما اصيب بالكسر في عظم الفخذ فتدهورت صحته أكثر ولم يكن له من أنيس في وحدته سوى جوزته التي رافقته سنين حياته فكان يناغيها وتناغيه ، ويتوكأ عليها في محنته، يحتضنها برفق وتحتضنه بحنان وهو على فراش المرض ، حتى كان فجر يوم الإثنين التاسع من أيلول عام 1991 حيث توقف ذلك القلب الكبير عن نبضه ، وتوفى الأستاذ الكبير والمعلم والفنان والأنسان شعوبي إبراهيم عن عمر يبلغ الخامسة والستين عاما.
    لقد تلقت الأوساط الفنية نبأ وفاته بحزن وأسف شديدين ، وبوفاته فقد الفن واحدا من أعمدته وعلما من أعلامه وبذلك تطوى صفحة من اروع صفحات إنسان ضحى بالكثير وعاش للآخرين تاركا وراءه أعمالا رائعة ستعيش مع كل إنسان أحب المقام وعشقه.
    رحم الله شعوبي إبراهيم وأسكنه فسيح جناته ، فذكراه ما غابت عن محبيه أبدا، وإني لأذكر إذ أذكر يوم زرته عائدا قبل أسابيع من وفاته ، وفي يدي قصيدة كتبتها بمناسبة ذكرى ميلاد إبنتي لناقشني فيها كعادته موجها في الشعر وناصحا ، فوجدته مضطجعا على أريكة في رحبة الدار محتضنا جوزته على صدره يداعب أوتارها فرأيته كأنه يكلمها وتكلمه ، وما حسبت أنه كان يودعها وتودعه.
    إن الجديث عن شعوبي إبراهيم لا يمكن أن تغطيه صفحات كتاب أو وقت محدد ولكني في الختام أقول له:

    ولو أن دمعي يعيد مغيبا ... لأمطرت عيني شعوب سحبا
    ولو لا يحرم ديني نصبا .... إذن لأقمت لذكراك نصبا

    صباح الجميلي


    علم من اعلام الموسيقى شكرا ذكرتنا به
    صباح الجميلي
    صباح الجميلي
    عضو ماسي
    عضو ماسي


    عدد المساهمات : 4287
    نقاط : 21339
    السٌّمعَة : 437
    تاريخ التسجيل : 07/04/2011
    87
    الموقع : المربي الفاضل /مدير عام تنفيذي /كبير مبدعي القلم / القلم الذهبي / القلم الماسي / وسام الابداع/ درع الابداع

    أمير الجوزه شعوبي إبراهيم Empty رد: أمير الجوزه شعوبي إبراهيم

    مُساهمة من طرف صباح الجميلي السبت أكتوبر 29, 2011 9:29 pm

    ابو الثوار كتب:
    صباح الجميلي كتب:
    أمير الجوزة شعوبي إبراهيم
    شخصية أدبية وعلم من أعلام الفن والموسيقى التراثية وواحد من الذين عشقوا المقام العراقي الأصيل ومن الذين خدموا هذا الفن التراثي الجميل، والذي تتلمذ على يديه عدد من العازفين والفنانين ، ذلك هو المرحوم الشاعر الفنان والإنسان أحمد شعيب إبراهيم والمعروف بإسم شعوبي.
    إسمه ونسبه:
    أسمه الكامل هو أحمد شعيب إبراهيم خليل اسماعيل نوش العبيدي الأعظمي والمعروف بإسم شعوبي ، ولد عام 1925 في محلة الشيوخ في الأعظمية ، حيث الموالد والمناقب النبوية والجو الشعبي الفني والساحة الرحبة من ساحات المقام العراقي . نشأ عصاميا مكافحا في عائلة متوسطة مثله مثل سائر العائلات العراقية المعروفة ، وترعرع في تلك الأجواء النقية البسيطة . ويرجع نسبه إلى عشيرة العبيد وهي من العشائر العربية العراقية المعروفة والتي تنتمي إلى عشائر زبيد من القبائل القحطانية.
    هواياته:
    من هواياته السباحة والنجارة وصناعة الزوارق والموسيقى والمقام العراقي ، وهو في الإبتدائية صنع أول آلة موسيقية له وهي الناي ، وتعلم العزف عليه ، وكان يعزف وهو يتجول في أزقة محلته حتى أصبح الناس تعرفه من عزفه ، وتعلم صناعة آلة الربابة والعزف عليها من مراقبته رجال الغجر الذين كانوا يطوفون أزقة بغداد أيام الأعياد يغنون أمام البيوت مادحين أهلها.
    نشاطاته ومسيرته الوظيفية:
    في بداية الأربعينات عين في دار الإذاعة ، ثم عمل في الفرقة الموسيقية فيها. وفي عام 1949 التحق بمعهد الفنون الجميلة / القسم المسائي / وتخرج فيه عام 1952 حيث درس آلة القانون ، ثم تحول الى الكمان الذي درسه على يد الأستاذ جميل بشير، وبعد تخرجه من معهد الفنون الجميلة / القسم المسائي التحق في المعهد المذكور / القسم الصباحي / إعداد المعلمين ودرس العود على يد الأساتذة يعقوب يوسف وجميل سليم وغانم حداد.
    لقد تعلم شعوبي العزف على آلة الجوزة وكان يصنعها بيده ، فكان أول صانع لهذه الآلة ولشدة عشقه للجوزة جاهد لتعلم العزف عليها بنفسه حيث لم يكن هناك مدرسون لها.
    كما اسس وفي بداية الخمسينات أول فرقة للجالغي البغدادي ، ومع بداية فرقة الجالغي البغدادي كانت بداية الفنان شعوبي إبراهيم مع الجوزة والمقام العراقي عزفا وأداءا ، فكان بحق أمير الجوزة وأسطى المقام العراقي كما كان يلقبه ويسميه الفنان الراحل منير بشير.
    وفي عام 1960 وللمرة الثالثة دخل شعوبي معهد الفنون الجميلة ولكن هذه المرة مدرسا لتدريس ألة الجوزة. وعندما افتتح معهد الدراسات النغمية العراقي عام 1970 في الوزيرية ، والذي اصبح اسمه فيما بعد (معهد الدراسات الموسيقية)، التحق به شعوبي ابراهيم مؤسسا واستاذا للجوزة والمقام فيه. وكان الأستاذ الوحيد لهاتين المادتين في حينه فتخرج على يده عدد من العازفين الجيدين.
    شخصيته:
    يتميز شعوبي ابراهيم بشخصية بسيطة طيبة متواضعة مرحة هادئة ، يحب معاونة الصغير والكبير، ويحب المرح والنكته ويرويها حتى وان كانت على نفسه، وربما البعض منا لا يعرف بانه يعتبر واحدا من ظرفاء بغداد وان طرفه ومداعباته الكثيرة والمتميزة مشهورة حتى انها تسمى بالشعوبيات نسبة اليه، كما ان سهراته مع رفاقه وأهل محلته لا تزال راسخة في الأذهان يتذكرها الأهل والأصحاب فتعلوا الأبتسامة وجوههم فيرونه بينهم بوجهه الضحوك الهادئ ثم يذكرون رحيله عنهم فيترحمون عليه والأسى يعلو الوجوه.
    فنه:
    يتميز فن شعوبي ابراهيم في طريقة عزفه على الجوزة فهي طريقة كلاسيكية قديمة مأخوذة عن عراقيته الصميمة في إداء المقامات العراقية عزفا وأداء بطريقة لا مثيل لها حاليا. فهو قريب جدا للحقيقة التراثية ومواكب لروح العصر المتغير والمتجدد دائما، فأضاف الحداثة إلى قواعد وأصول المقام العراقي من غير أن ينقص من قيمة المقام وجماله الأصيل ولا ان يفقده طعمه الخاص المتميز به.
    لقد تمكن شعوبي إبراهيم بذكائه وفطنته من دمج مدرسة محمد القبانجي المتطورة والمواكبة لهذا العصر مع مدرسة رشيد القندرجي الملتزم بكل قواعد وأصول المقام العراقي ، ونرى ذلك بكل وضوح في أدائه العذب للمقام وهو يلاعب أوتار جوزته ويحتضنها بكل حنان ورقة.
    في الأربعينات التقى شعوبي ابراهيم يوسف عمر وشكل معه ثنائيا بديعا منسجما وكان عصرا متميزا بجمال الأداء وعذوبة اللحن، فـأصبحا وحدة فنية متناغمة في فرقة الجالغي البغدادي ، واستمرت هذه العلاقة وهذه الفرقة في تقديم الحفلات والمشاركة في المهرجانات الفنية حتى اعتزال يوسف عمر الفن عام 1984
    مشاركاته في المهرجانات الدولية وشهاداته:
    لقد زار الفنان شعوبي إبراهيم العديد من بلدان العالم مشاركا في المهرجانات الفنية المقامة فيها مثل طاجكستان، أذربيجان، سوريا، دول الخليج، إيران، تركيا، بلغاريا، النمسا (مهرجان سالسبورغ) فنلندا، مصر، تونس والجزائر وغيرها، وفي عام 1964 شارك شعوبي في مؤتمر الموسيقى العربي الثاني في بغداد.
    وفي عام 1976 وفي احتفال فني في قاعة قدمت له دائرة الفنون الموسيقية وساما وشهادة تقديرية لكونه من رواد الموسيقى والغناء في العراق في فترة الأربعينات والخمسينات، كما قدمت له نقابة الفنانين عام 1992 وسام الفن وشهادة تقديرية بمناسبة مرور عام على وفاته لدوره المتميز في إحياء المقام العراقي، وفي فنلندا منحت أكاديمية سيلبوس الفنلندية شعوبي إبراهيم شهادة بروفيسور (غير رسمية) إعترافا منها بفنه وتقديرا لموهبته وعطائه الفني.
    إن أقرب الشهادات الى نفس شعوبي وأحبها إليه هي حب الناس له وشهادة عشاق الفن والموسيقى والمقام العراقي ، والتي جسدها فنان العراق الأول غريد الرافدين الراحل محمد القبانجي حيث قال:
    (( إن الفنان شعوبي إبراهيم يمتلك الخبرة والعلم والفهم في مجال المقام العراقي مما يجعلني أشهد له بذلك وأعطيه هذه الشهادة)).
    مؤلفاته:
    لقد كتب شعوبي الكثير وتحدث في الفن كثيرا ولكن مع الأسف لم يحتفظ بما كتب ولم يدون ما تحدث به ، وقد أصبح من الأمور الإعتيادية أن ترى قصاصة ورق أو غلافا لعلبة سكاير مكتوبا عليها شيء من الشعر أو بعض المعلومات الفنية عن المقام أو شيء من التراث، فضاع الكثير ولم يبقى إلا القليل ، ولكن هذا القليل من مؤلفاته على الرغم من قلتها فهو عميق جدا بمعلوماته.
    إن كتابه (المقامات) عام 1963 أصبح موسوعة فنية تضم ألوان المقام العراقي ، وكتابه (دليل الأنغام لطلاب المقام) عام 1982، كتاب ثمين وفريد دون فيه جميع المقامات العراقية وعددها أربعون مقاما وقد أرفق معه ستة أشرطة كاسيت مسجل، سجل عليها ويصوته جميع المقامات شارحا أصولها وقواعدها حرصا منه عليها من الضياع والإندثار أو التداخل والتشويه. كما أن له عددا من القصائد وعددا من الأغاني والبستات والزهيريات تأليفا ولحنا وأداء، وما مقام المشتاق الذي ابتكره ووضع أصوله إلا واحدا من إبداعاته.
    قصته مع الشعر:
    لقد كتب شعوبي إبراهيم الكثير من القصائد الشعبية والموالات البغدادية والزهيريات، كما نظم الشعر العمودي باللغة الفصحى بحكم إجادته لقواعد اللغة العربية ، ومذ كان طالبا في المرحلة المتوسطة حيث كان يكتب ناقدا وناصحا بإسلوبه الجاد والظريف، وكان أول من كتب المنلوجات المدرسية ناقدا الطالب الكسول ومداعباته للدروس واساتذتها وقوله عن الطالب الكسلان :

    الكسلان هذا حاله .... ما تتبدل أحواله
    راسب بكل أقواله .... بالصف دماغه امطشر
    ومداعباته لدرس الجبر حيث قال:

    عمي يا استاذ الجبر .... درسك يتعب الفكر
    سين صاد تحت الجذر .... درسك اشويه اختصر
    وفاته:
    لقد عانى شعوبي ابراهيم من داء السكر الشيء الكثير حتى تسبب هذا المرض اللعين بفقده بصره وعاش سنين عديدة حبيس هذه الحالة، وقد اشتد عليه المرض عندما اصيب بالكسر في عظم الفخذ فتدهورت صحته أكثر ولم يكن له من أنيس في وحدته سوى جوزته التي رافقته سنين حياته فكان يناغيها وتناغيه ، ويتوكأ عليها في محنته، يحتضنها برفق وتحتضنه بحنان وهو على فراش المرض ، حتى كان فجر يوم الإثنين التاسع من أيلول عام 1991 حيث توقف ذلك القلب الكبير عن نبضه ، وتوفى الأستاذ الكبير والمعلم والفنان والأنسان شعوبي إبراهيم عن عمر يبلغ الخامسة والستين عاما.
    لقد تلقت الأوساط الفنية نبأ وفاته بحزن وأسف شديدين ، وبوفاته فقد الفن واحدا من أعمدته وعلما من أعلامه وبذلك تطوى صفحة من اروع صفحات إنسان ضحى بالكثير وعاش للآخرين تاركا وراءه أعمالا رائعة ستعيش مع كل إنسان أحب المقام وعشقه.
    رحم الله شعوبي إبراهيم وأسكنه فسيح جناته ، فذكراه ما غابت عن محبيه أبدا، وإني لأذكر إذ أذكر يوم زرته عائدا قبل أسابيع من وفاته ، وفي يدي قصيدة كتبتها بمناسبة ذكرى ميلاد إبنتي لناقشني فيها كعادته موجها في الشعر وناصحا ، فوجدته مضطجعا على أريكة في رحبة الدار محتضنا جوزته على صدره يداعب أوتارها فرأيته كأنه يكلمها وتكلمه ، وما حسبت أنه كان يودعها وتودعه.
    إن الجديث عن شعوبي إبراهيم لا يمكن أن تغطيه صفحات كتاب أو وقت محدد ولكني في الختام أقول له:

    ولو أن دمعي يعيد مغيبا ... لأمطرت عيني شعوب سحبا
    ولو لا يحرم ديني نصبا .... إذن لأقمت لذكراك نصبا

    صباح الجميلي


    علم من اعلام الموسيقى شكرا ذكرتنا به

    أخي أبو الثوار ... الف شكر لمرورك العطر ... ان رجالنا الأعلام الذين قدموا نتاجاتهم وجهدهم بدون مقابل علينا واجب ان نذكرهم ونذكر بهم جيلنا الحاضر ... نعم صدقت انه كان علم من أعلام الموسيقى ... أكرر شكري واحترامي لك أخي الغالي
    صباح الجميلي

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 12:12 pm