لقد قرأت لك / فصاحتهم أنقذتهم / قصة من التراث
أحبائي كادر وأعضاء منتدى القلم .... مساهمتي اليوم قصة من التراث منها ما قرأت أيام الدراسة الإعدادية ومنها ما قرأت في كتب الأدب والثراث وآمل أن تنال إعجابكم ... ولكم مني أحلى الأمنيات .....
فصاحتهم أنقذتهم / قصة من التراث
في عهد الخليفة الأموي عبد الملك إبن مروان ، كانت بعض الأمصار غير مستقرة وتسودها الفوضى ومها العراق وكان مركزه مدينة الكوفة ... فكلما أرسل لهم واليا رفضوه ... فأرسل لهم الحجاج بن يوسف الثقفي والياً ... ولما دخل الحجاج المدينة توجه الى المسجد بكامل عدته الحربية وكانت صلاة الجمعة ... فأخذوا يرموه بنوى التمر ... ولما ارتقى المنبر وقف فيهم خطيبا وقال ....
(أنا ابن جلا وطلاع الثنايا متى أضع العمامة تعرفوني ... والله إني لأرى رؤوسا قد أينعت وحان وقت قطافها وأنا لها.... ) واستمر بخطبته التي اصبحت من الخطب الفريدة ببلاغتها وفصاحتها. ولضبط الأمن في المدينة أصدر أمرا بعدم التجوال بعد صلاة العشاء ومن يخالف هذا الأمر يضرب عنقه .. وحدث أن دخل المدينة ليلا أعرابي من البادية وهو لا يعلم بهذا الأمر فألقى العسس القبض عليه وقدموه صباحا للحجاج ... وقال له البدوي أيها الأمير إني بريء والله لا أعلم بهذا الأمر ... فقال له الحجاج .. أعلم أنك بريء ولكن في قتلك صلاح هذه الأمة ثم أقام عليه الحد ...
ومن الطرائف أن الحجاج كان يسير بمحاذاة شاطيء النهر وزلت قدمه وسقط في الفرات وكاد أن يغرق لولا أن قيض الله له رجلا أنقذه من الغرق ... فقال له الحجاج لقد انقذتني من الموت فتمنى علي ... فنظر إليه الرجل وبعد أن عرف أنه الحجاج فقال له ... أيها الأمير استحلفك بالله أن لا تروي هذه الحادثة على أحد وتخبرهم أني أنقذتك فعندها لن أأمن على حياتي من الناس ... فضحك منه وأجازه
وحدث في أحد الأيام وبينما كان الحرس يتجولون بعد صلاة العشاء وعندهم أمرا بضرب عنق كل من يخالف أمر الحجاج ، رأوا ثلاثة فتيان يتسامرون فأحاطوا بهم...
وسألهم كبير الحرس ... من أنتم حتى خالفتم الأمر ؟
فقال الأول :
أنا ابن الذي دانت الرقاب له .... ما بين محزومها وهاشمها
تأتي إليه الرقاب صاغرة .... يأخذ من مالها ومـن دمهـا
فأمسك عن قتله وقال لعله من أقارب الأمير ....
وقال الثاني :
أنا ابن الذي لا ينزل الدهر قدره .... وإن نزلت يوماً فسوف تعود
ترى الناس أفواجاً إلى ضوء ناره .... فمنهم قيامٌ حولها وقعـود
فتأخر عن قتله وقال لعله من أشراف العرب الكرام ....
وقال الثالث :
أنا ابن الذي خاض الصفوف بعزمه .... وقومها بالسيف حتى استقامت
ركاباه لا تنفك رجلاه منهما .... إذا الخيل فـي يـوم الكريهـة ولـت
فترك قتله وقال لعله من شجعان العرب....
فلما أصبح ...رفع أمرهم إلى الحجاج وأحضرهم ...وكشف عن حالهم
فإذا .... بالأول ابن الـحــلاق ( والذي يقوم بأعمال الحجامة )
والثاني ابن بائع فول ( بائع الباقلاء )
والثالث ابن حائك ثياب
فتعجب الحجاج من قصائدهم وفصاحتهم وقال لجلسائه :
علموا أولادكم الأدب ... فوالله لولا فصاحتهم لضربت أعناقهم
ثم أطلقهم وأنشد :
كن ابن من شئت واكتسب أدباً .... يغنيك محموده عن النسب
إن الفتى من قال ها أنذا .... ليس الفتى من قال كان أبـي
صباح الجميلي