اللغة العربية لغة الأصالة والبلاغة والإعجاز / الجزء السادس
أحبائي كادر وأعضاء المنتدى الكرام ... تحية واحتراما
لقد انقطعت عن المساهمات لفترة وذلك لوعكة صحية بسيطة وكانت نصيحة الأطباء ان اخلد الى الراحة قليلا ... هذه هي الحياة ، وانا في هذا العمر قد أكل الدهر علي وشرب ... فكان لا بد مما لابد منه وعلى الأخص متابعة ابنتي الطبيبة وابنتي الصيدلانية وأزواجهم الأطباء كانوا المراقبين لكل نشاطاتي وحركاتي حتى استعيد صحتي ... فمعذرة ...
اليوم أحبائي نمر على موضوع مهم آخر من بحر لغتنا الجميلة ولطالما لاحظت الكثير من الإلتباس فيه عند مراجعتي لمساهمات أحبائي في المنتدى ...
موضوعنا اليوم هو كتابة الهمزة وكيف ترسم وتلفظ إن كانت في أول الكلمة أو في وسطها أو في آخر الكلمة.
كتابة الهمزة ...
1- تكون الهمزة في أول الكلام وهي:
1-1- همزة القطع
1-2- همزة الوصل
2- الهمزة المتوسطة وهي:
2-1- رسم الهمزة المتوسطة على الألف
2-2- رسم الهمزة المتوسطة على الواو
2-3- رسم الهمزة المتوسطة على الياء
رسم الهمزة المتوسطة مفردة على السطر
3- الهمزة المتطرفة وهي:
3-1- إذا كانت الهمزة المتطرفة بعد متحرك أو ساكن
3-2- الحالات الخاصة للهمزة المتطرفة
وسنبين اليوم في هذه المساهمة وضع الهمزة في أول الكلمة ونوضح الحالات الأخرى لاحقا إن شاء الله.
إن افضل اسلوب وأقربه للفهم هو باستعراض أحد النصوص الأدبية التي تشمل الموضوع تحت البحث ، ولنأخذ النص التالي راجيا ملاحظة الكلمات بين الأقواس ...
اِلتقى جماعةٌ من المُصطافينَ عند نبعٍ في أَحَدِ مصايفِ بلادنا (الجميلة) ، وشاهدوا بالقُربِ منهُ صخرةً كبيرةً كُتِبَ عليها :
" كُنْ شبيهاً بهذا النَّبعِ "
فقالَ أحَدُهم : (إخواني) المصطافينَ ..
(أنصِتوا) إلي ، (واسْتَمِعوا) لنصيحتي . فإذا (أرَدْتُم) (المُتعَةَ) الطيبةَ ، والذكرى العطِرةَ – بعد أن مرَّ أُسبوعٌ على فُسحتِنا – ( فأسرِعوا) ، (واشربوا) من ماءِ هذا النبعِ العَذْبِ ، (واستريحوا) في ظلال (أشجارِهِ) ، ثم (أفتونا) في معنى (القَوْلِ) المكتوبِ على هذه الصخرةِ .
قال أحدهم وكان تاجراً :
" هذا (الكلامُ) يعني ، (أن مياهَ) هذا النبعِ والينابيعِ (الأُخرى) ، التقى بعضُها بعضاً ، فكونَتْ بعد ذلك نهراً كبيراً ، وهكذا (الانسانُ) يجمعُ ثروتَهُ شيئاً فشيئاً " .
قال الثاني ، وكان شاباً :
" هذا النبعُ نقيٌ وصافٍ ، وينبغي للمرْءِ أن يكونَ مِثلَهُ نقيّ النفسِ ، صافيَ (النيةِ) ، فلا يُلوِّثُ نفسَهُ بالكَذِبِ والغِشِ والخِداعِ " .
قال الثالثُ ، وكان (أُستاذاً) :
" (إن) هذا النبعَ يروي عطشَ الضمآنِ بلا ثمنٍ ، وعلى الإنسانِ أن يفعلَ (الخيرَ) للناسِ دون انتظارٍ للثواب" .
والآن لنتأمل الكلمات الآتية التي وردت في النص اعلاه :
[ اِلقى – المصطافين – أحد – الجميلة – النبع – أنصتوا – اِستمعوا – إذا – أردتم – اَلمتعة – اَلذكرى – أُسبوع – أَسرعوا – اِشربوا – اِستريحوا – أَشجارِهِ – أَفتونا – القول – إن – أن – أُخرى – إنسان – أُستاذ – اِنتظار ]
نجد أنها أسماءٌ وأفعالٌ وأحرفٌ ، مبدوءةٌ بهمزةٍ مفتوحةٍ أو مكسورةٍ أو مضمومةٍ ، وإن هذه الهمزةَ قد كتبت ألفاً في حالات الوصل أو القطع جَميعِها .
فنفهم من هذا أننا نكتب الهمزة في بدايةِ الكلمةِ ألفاً ، في الأحوال جميعِها.
لقد بينا في بداية هذا الموضوع بأن الهمزة في بداية الكلام نوعين همزة القطع وهمزة الوصل وهي كما يلي:
أولا- همزة القطع
1- إذا لاحظت الكلمات الآتية التي وردت في النص الأدبي أعلاه :
[ أحد – إخواني – أَسبوع – أَنصتوا – إذا – أَردتم – أَسرعوا – أَشجار – أَفتونا – إن – إنسان – أُستاذ ]
نجد أن كلا منها مبدوء بهمزة رُسمت على الألف أو تحته ينطق بها دائما ، في بدء الكلام وعند وصله بما قبله ، نسميها ( همزة القطع ) .
ولمزيد من الإيضاح ، لاحظوا الأمثلة الآتية :
أ- الهمزة في بدء الكلام ( غير الموصلة بما قبلها)
- (إخواني) المصطافين
- (أنصتوا) إلي
- (أُستاذنا ) جهوده قيمة
ب - الهمزة في درج الكلام (الموصلة بما قبلها)
- سافرت (وإخواني ) المصطافين
- انتبهوا ( فأنصتوا ) إلي
- جهود ( أُستاذنا ) قيمة
ولكتابة همزة القطع ، تكتب الألف وعليها إشارة على شكل رأس العين ( ء ) . توضع هذه العلامة تحت الألف اإن كانت مكسورة مثل :
( إبرة – إناء - إلى - إبراهيم – إنسان – إذا - إرادة )
وتوضع فوق الألف إن كانت مفتوحة أو مضمومة مثل :
( أَكتب - أَب - أَرنب - أَنْ - أَسرع – أَكمل )
( أُسبوع - أُنبوب - أُنادي – أُم – أساعد - أُذن )
ونلاحظ أن بين هذه الكلمات أسماءً وأحرفاً وأفعالاً رباعية ، وأخرى مبدوءة بهمزة الفعل المضارع .
ثانيا – همزة الوصل :
1- لننظر إلى الكلمات الآتية والتي وردت في النص الأدبي نفسه:
[ اِلتقى – اَلجميلة – اَلمصطافين – اَلنبع – اِستمعوا – الخير – اِنتظار – اِستريحوا – اِشربوا – الكلام – اَلنية – اَلقول ]
نجدها مبدوءة بهمزة ينطق بها عند البدء بكلماتها ،وأُلحقت ألفها بحركة الكسر والضم والفتح ، مجردة من علامة رأس العين (ء) . وتسمى هذه الهمزة ( همزة الوصل ) .
لاحظ الأمثلة الآتية :
- اِلتقى أحمدُ صديقَهُ . ( تُنطق الهمزة ، وألفها مقرونةً بالكسر )
- اُكتبوا درسًكُم . ( تنطق الهمزة ، وألفها مقرونةً بالضم )
- اَلنبعُ جميلٌ . (تنطق الهمزة وألفها مقرونةً بالفتح )
2- ولكن إذا وقعت كلماتُها في درج الكلامِ (موصولة بما قبلها) ، فإن همزةَ الوصلِ تسقط لفظاً وتثبت كتابةً ، وتلحق بألفها علامة تميزها وتشبه رأس الصاد (صـ) ، للدلالة على صمتها (عدم نطقها) ، أو تكون الألف مجردةً منها . اُنظر الأمثلة الآتية :
- ذهب أحمدُ والتقى صديقَه .
- قال المدرسُ اكتبوا درسَكم .
- ماءُ النبعِ عذبٌ .
3- ونلاحظ أيضا أن من بين الكلمات التي تقع همزة الوصل في أولها ، فعل الأمر الثلاثي ، مثل :
[ اُكتب – اِقرأ – اُسكت – اِنهض ]
والفعل الماضي الخماسي وأمرهُ ومصدرهُ ، مثل :
[ استَمَعَ - استَمِعْ – استماعاً ] وأشباهها في [ اِختبأ – اِقتصَر – اِبْتَسَمَ – اُؤتُمِنَ – اِنتقمَ – اِندثرَ ]
وكذلك الفعل الماضي السداسي وأمرَهُ ومصدرَهُ ، مثل :
[ اِستخرَجَ - اسْتَخرِجْ – استخراجاً ] وأشباهها في [ اِستبشرَ – استطلعَ – استغفرَ – استأنفَ ]
كما تحذف همزة الوصل نطقاً وكتابةً في المواضعِ الآتية :
أ- من كلمة (اسم ) في قوله تعالى (بسم الله الرحمن الرحيم ) . على أن تكون البسملة تامةً . فألف (اسم ) لا يحذف إذا أضيفت إلى غير لفظ الجلالةِ ( الله ) كقوله تعالى :
" اِقرأ باسم ربك الذي خلق " ، (من سورة العلق الآية 1).
وكقولنا : (باسم القانون) و (باسم الشعب )
ولا تحذف في غير (بسم الله) من الصفات . مثل اللام في قولنا :
- لاسمِ اللهِ حلاوةٌ في القلوبِ .
- ليس اسمٌ كاسمِ اللهِ .
ففي هذه المواضع لابد من إثباتها .
ب- من كلمة (ابن) في الحالات الآتية :
- إذا كانت صفةً مفردةً واقعةً بين علمين . ولم تقع في أول السطر . مثل :
محمدُ بنُ عبدِ الله " صلى الله عليه وسلم " رسولٌ .
طارقُ بنُ زيادٍ قائدٌ إسلامي .
نلاحظ أن الموصوف ( محمد ) و ( طارق ) قد حذفَ منه التنوين وأن الصفةَ (ابن) حُذفت منها همزةُ الوصلِ وسُكنت الباء .
ومما تقدم يمكننا ان نلخص الموضوع بالقاعدة الآتية :
تُكتبُ الهمزةُ في أول الكلمةِ ألفا دائماً ، وهي نوعان همزةُ قطعٍ وهمزةُ وصلٍ .
أولا – همزة القطع :
هي الهمزة التي ينطق بها دائماً ، سواءٌ أكانت في بدء الكلام أم في درجِهِ ، وتلحق ألفها في الكتابة العلامة (ء) محركةً ، وتقع همزة القطعِ :
1- في أول جميع الأسماء ، عدا (ابن – ابنة – اسم – امرؤ – امرأة – اثنان – اثنتان – ايْمٌ - ايمن ) فالهمزة فيها للوصل .
2- في أول جميع الأحرف ، عدا (ال) فهمزتها للوصل .
3- في أول الفعل الماضي الثلاثي ومصدره . مثل :
( أخذ – أبى – أكل – أتى ) . ( أكل – أكلاً ) .
4- في أول الفعل الماضي الرباعي وأمره ومصدره . مثل :
( أَسرَعَ – أَسْرِع – إسراعاً ) وأشباهها في :
( أنصَتَ – أفتى – أرادَ – أنشدَ – أدامَ ) .
5- في الفعل المضارع المبدوء بالهمزة . مثل :
( أَكتْبُ – أَستشيرُ – أُسلمُ – أُدَرِسُ ) .
ثانيا – همزةُ الوصلِ :
هي الهمزةُ التي يُنطقُ بها في بَدْءِ الكلامِ ، وتُكتبُ ألفها محركةً
مجردةً من العلامة (ء) ، ولا ينطق بها في درج الكلام ، وتكتب ألفها
مقرونة بالعلامة (صـ ) أو غير مقرونةٍ بها . وتقع همزةُ الوصل :
1- في أول الفعل الماضي الخماسي وأمره ومصدرهِ مثل :
( استمَعَ – استمِعْ – اِستماعاً ) ، و (اِنتَظَر – اِقترحَ ) .
2- في أول الفعل الماضي السداسي وأمرِهِ ومصدرِهِ مثل :
(استعملَ – استعملْ - استعمالاً ) و ( استأْذَنَ – استغفرَ )
3- في أول فعل الأمر الثلاثي . مثل :
( اِقرأ – اُكتب – اِنهضْ – اُدرسْ ) .
4- في أول الأسماء المبدوءةِ بـ ( ال ) . مثل : ( القمر – الشمس) .
5- في أول الأسماء الآتية :
(ابن – ابنة – اسم – امرؤ – امرأة – اثنان – اثنتان – ايْمٌ - ايمُن ) .
أحبائي : آمل أني قد وفقت في توضيح موضوع الهمزة في أول الكلام وإن شاء الله سنوضح في مساهمات قادمة باقي حالات كتابة الهمزة ... وتقبلوا تحياتي متمنيا لكم كل الخير ...
صباح الجميلي