أحبائي كادر وأعضاء المنتدى الكرام ...
تحية حب واحترام واعتزاز ...
لقد ساهمت قبل فترة بأبيات من الشعر للشاعر المناذري وهو من شعراء الواحدة ، يصف بها وادي بزاعا ، واليوم أحببت أن تشاركوني بما كتبه أبو الحسن الأنباري في رثاء الوزير أبي طاهر محمد بن بقية والذي صلبه السلطان عضد الدولة ، وقد رفعت هذه الأبيات الشاعر الأنباري وبحقٍ الى مرتبة شعراء الواحدة ...
وأليكم قصة هذا الشاعر وقصيدته الواحدة آمل أن تروق لكم ... مع حبي وأحترامي لكم جميعا ...
من شعراء الواحدة ... الأنباري ..
الأنباري هو أبو الحسن ، محمد بن يعقوب بن عمران الأنباري ، وعاش أيام حكم السلطان عضد الدولة في العصر العباسي الثالث ..
ولم يعرف للأنباري شعراً سوى تائيته الذائعة الصيت التي رثى فيها الوزير ابن بقية ، وله بضعة ابيات ذكرها ابن خلكان.
وهذه القصيدة والأبيات التي ذكرها ابن خلكان تدلان بما لا يقبل الشك ان الأنباري من فحول الشعراء ، ولم يكتب التاريخ للأنباري غير هذه المرثاة ولكنه ذكر أنه من العدول في بغداد .
والآن الى واحدة الأنباري ...
واحدة الأنباري من بحر الوافر ، وهي مرثيته في الوزير أبي طاهر محمد بن بقية الذي صلبه السلطان عضد الدولة. وهي في واحد وعشرين بيتاً من الشعر السهل الممتنع ، وكان فيها من المديح أكثر من الرثاء وقد بلغ من اعجاب الناس بالقصيدة انهم زعموا أن السلطان عضد الدولة لما سمعها تمنى أن يكون هو المصلوب وهذه مرثاته ، والحق انها من الشعر العربي الخالد.
قال الأنباري ...
علوٌ في الحياة وفي الممات ***** لحقُ أنت أحدى المعجزاتِ
كأن الناسَ حولك حين قاموا ***** وفودُ نداك أيام الصِلاتِ
كأنك قائمٌ فيهم خطيباً ***** وكلُهُمُ قيامٌ للصلاةِ
مددتَ يديك نحوهمُ احتفاءً ***** كمدِهما اليهم بالهباتِ
ولما ضاق بطن الأرض عن أن ***** يضمَ علاك من بعد الوفاةِ
أصاروا الجوَّ قبرك واستعاضوا ***** عن الأكفان ثوب السافياتِ
لعظمك في النفوسِ بقيت تُرعى ***** بحراسٍ وحفاظٍ ثقاتِ
وتوقد حولك النيران ليلاً ***** كذلك كنت أيام الحياةِ
ركبت مطيةً من قبلُ زيدٌ ***** علاها في السنين الماضياتِ
وتلك قضيـةٌ فيها تأسٍ ***** تباعدُ عنك تعيــير العداةِ
ولم أر قبل جذعك قط جذعاً ***** تمكن من عناق المكرماتِ
أسأت الى النوائب فاستثارت ***** فأنت قتيل ثأر النائباتِ
وكنت تُجيرُ من صرف الليالي ***** فصار مطالباً لك بالتراتِ
وصيرَ دهرُك الإحسانَ فيـه ***** إليـنا من عظيم السيئاتِ
وكنتَ لمعشرٍ سعداً فلما ***** مضيتَ تفرقوا بالمنحساتِ
غليـلٌ باطنٌ لك في فؤادي ***** يُخففُ بالدموع الجارياتِ
ولو أني قدرتُ على قيامٍ ***** بفرضِكَ والحقوقِ الواجباتِ
ملأتُ الأرضَ من نظم القوافي ***** ونحتُ بها خلافَ النائحاتِ
ولكني أصبر عنك نفسي ***** مخافةَ أن أُعـدَّ من الجناةِ
وما لك تربةٌ فأقول تسقى ***** لأنك نصبَ هطلِ الهاطلاتِ
عليكَ تحيةُ الرحمنِ تترى ***** برحماتٍ غوادٍ رائحاتِ
صباح الجميلي
من كتاب شعراء الواحدة / بتصرف