تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :
[
[
size=18]( 9 )
تمر الشهور سريعة كعادتها، لم يبقى سوى أيام معدودة ويبدأ وميض رحلة المراجعة لدائرة التجنيد.
وفي يوم من أيام التحول من حياة مدنية إلى حياة عسكرية ليس أمامه إلا الرضوخ للأمر الواقع، راجع دائرة تجنيده في الاعظمية وسلم دفتر خدمته العسكرية إلى ضابط التجنيد والذي أنجز بدوره أوراقه وسلم وميض كتاب سوقه إلى خدمة العلم وفي مركز تدريب مشاة الحلة التحق فيه وهناك تلقى التدريب الأساسي على الضبط العسكري والاحترام للرتب والتدريب على السلاح، ثلاثة أشهر من حياة جديدة عليه وفيها لأول مرة يفارق عائلته وكأن أيامه القليلة هذه أصبحت شهورا.
أتم فترة التدريب ونقل إلى إحدى وحدات الجيش العراقي وما هي ألا أشهر وتبدأ الحرب مع العدو الأزلي للعرب وهي إيران وتشتد المعارك ويحمى أوارها وأطلق على هذه الحرب اسم معركة قداسية صدام والتي بدأت في 4/9/1980 تيمناً بمعركة القادسية الأولى ووميض كأي عسكري لا بد له أن يشارك في المعركة دفاعا عن وطنه وأمته ونجاه الله من الاستشهاد مرات عديدة، وتنتهي خدمته الإلزامية وتبدأ مباشرة خدمة الاحتياط وهو في نفس وحدته وينتقل من قاطع إلى أخر ومن وحدة إلى أخرى وحسب احتياج وزارة الدفاع وقد خاض معارك في شمال العراق وجنوبه، وتنتهي المعركة بعد صراع دام حوالي ثمان سنوات وبعدها في عام 1989 يشمل وميض بالتسريح من الخدمة العسكرية الاحتياط ليعود إلى الحياة المدنية والى عائلته التي طالما كان يشتاق إليها زوجته وأبنائه وأمه وإخوته وأخواته يعود أليهم وابتسامته المشرقة مرسومة على محياه.
وألان بدأت رحلة البحث عن الوظيفة فالعمل مطلوب كي يؤمن الرزق الحلال لعائلته، عمل في بادئ الأمر سائق سيارة أجرة لمدة شهرين تقريبا ثم تركها بعد أن قدم أوراق تعينه إلى إحدى وزارات الدولة وحصل على فرصة العمل فيها ولا زال وميض يعمل فيها بهمة عالية فكيف تم تعينه وهذه الوزارة من الصعوبة التعين فيها إلا بعد موافقات أصولية أمنية وامتحان للغة الانكليزية كي يؤهل للعمل فيها وبكفاءة، التقى صدفة بجيرانه سعيد وبعد التحية بدأ الحديث بينهما عن صعوبة الحياة والحصول على وظيفة
ـ مجيد: وميض هل ترغب بالتعين في وزارتنا
ـ وميض: الله ويدك دبرها لأني محتاج إلى الوظيفة
إذن تعال إليّ يوم غد في الوزارة ومعك كل أوراقك الثبوتيه الرسمية،حسنا يا صاحبي، وفي الصباح الباكر هيئ وميض كل مستمسكاته الرسمية وذهب إلى الوزارة المعنية وقابل صديقه مجيد هناك وقدم له طلبا بالتعيين، وما هي إلا أيام قلية يأتيه اتصال هاتفي من الوزارة تعال يوم غد لأداء امتحان اللغة الإنكليزية، ذهب في الوقت المحدد وأدى الامتحان في احد قاعاتها وخرج وهو لا يدري ما سيخبئه له القدر.
وبعد أيام معدودة يبلغه صديقه مجيد مبروك لقد نجحت في الامتحان، وفعلا بعد يوم أو يومين يتم الاتصال به هاتفيا ويبلغه تعال غدا وباشر في عملك لقد صدر أمر تعينك، فرحة كبرى عمت البيت بفضل دعاء والدته بأن يهيئ له الله فرصة العمل ومن يومها ووميض يعمل في وزارته دون كلل أو ملل.
( 10 )
قبل تعينه بأيام قلائل دخل العراق الكويت ليلقن حكامها ما يستحقون بعد إن دمروا اقتصاد العراق رغم التحذيرات المتكررة لهم وعلينا أن لا ننسى إن الكويت ارض عراقية اقتطعت من قبل الاستعمار البريطاني لتصبح دولة فيما بعد، المهم وميض مستمر بوظيفته وتمر الأشهر بعدها للحاجة الماسة بسبب ظروف المعركة التي تدخلت فيها أميركا لصالح الكويت، تستدعى مواليد وميض لأداء خدمة العلم الاحتياط ويلتحق وميض ليؤدي هذا الشرف مع اقرانه من الرجال، وتمضي الأيام وتعقبها الشهور ويستقر الحال، وتصدر الدولة تعليماتها بتسريحهم من الجيش ليعود وميض ثانية إلى الحياة المدنية.
عاد إلى وظيفته يمارس أعماله اليومية ويرعى عائلته ويلبي احتياجاتها، وكأي رجل يشتهي بل يعشق النساء سار وميض في دروب الحب والهوى يبحث عن إنسانة يستقر معها ما تبقى له من العمر فيبدأ بعلاقة مع فتاة حتى ترهقه بمشاكلها وطلباتها الغير منطقية ويلبي لها كل ما تريد وإذا هي تخونه مع شخص آخر وتتركه وحيدا دون عذر قد يتقبله، وينتقل إلى أخرى دفعها الزمان إليه ربما يجد ضالته معها وهي الأخرى لعوب لا تعطي الحب حق قدسيته، كان وميض مثاليا في طلباته من حبيبته لا يفرض عليها أمورا معقدة يريدها إنسانة تحترم كلمة الحب وتقدسها وتعمل جاهدة من اجلها فيصدم وميض من جديد لأنها هي الأخرى تبحث عن متعة زائلة وبين هذه وتلك علاقات أخرى وكأنه ينتقل من زهرة إلى أخرى بحثا عن الرحيق فهل هو نحلة، أم إنسان يبحث عن الزواج والاستقرار؟.
كان يسعى جاهدا للزواج من امرأة ثانية ليقيم أسرة جديدة أساسها الحب الذي حرم منه طويلا، فيأتيه الجواب سريعا من زميلة له
ـ زميلته: وميض أنت مثالي أكثر من اللازم وبنات هل الوكت ميدورن حب واستقرار
ـ وميض: إذن عن أي شيء يبحثنّ
ـ زميلته: ( تبتسم ) الم اقل لك انك مثالي إنهن يبحثنّ عن المتعة والاستفادة المادية عبر هدايا أو أي شيء.
يصمت وميض ويطول صمته، وعلى صوت زميلته يصحو، ما بالك أين سرحت، لا أبدا فقط عجبت لأمر الفتيات، لا تعجب فما خفي أعظم.
وتمضي الأيام وتعقبها الشهور والسنين وكأنه في سباق محموم مع الزمن، لا يعي ما سيحدث لان أحداث الكويت ما أن تخبو نيرانها حتى تعود ثانية متأججة بأشد ما يكون اللهيب سعيرا، ولأن زمام الأمور بيد أميركا الطغيان وهي لها مصالح مشتركة مع الكويت في نهب خيراته وتغير نظام الحكم فيه كانت هذه الدولة تستغل نفوذ أميركا في مجلس الأمن لتصدر القرارات الجائرة على العراق وبالتالي تستغل هذه القرارات لشن الحرب عليه وهذا ما حصل وتتمكن إرادة الشر المتمثلة بأميركا والدول المتحالفة معها من شن هجوم كاسح على العراق بعد أن أفرغت العراق من مصادر قوته العسكرية وذلك بعد قرارات تدمير أسلحة العراق، شنت هجومها في عام 2003 لتحتل العراق من أقصاه إلى أقصاه وعلى أثرها حدث ما حدث من سلب ونهب وقتل وعمليات سرقة دولية لأموال العراق وأثاره وثرواته، كما جرت الدماء فيه انهارا ومزقت وحدته الوطنية وتجاوزت دول الجوار على أراضي العراق وأنهاره.
وتتغير صورة العراق ويصبح الانفتاح واسعا وتنتشر شبكة ألنت فيه والفضائيات على أوسع أبوابها فيعمل وميض منتدى خاص له لينشر فيه مؤلفاته وإبداعات الشعراء والكتاب الآخرين ورويدا رويدا ينتشر المنتدى ويصبح له قراءه وأعضائه ويتوسع ليضم بين طياته أسماء لامعة من كبار الشعراء العراقيين والعرب وكذلك من الموهوبين أيضا.
ويستمر بنشر نتاجاته الأدبية في الصحف وبالذات صدى الجماهير حتى أصبح محررا فيها ثم سكرتير تحرير ويستمر بالنشر للقصص والمقالات ويرتقي في الصحافة حتى صار مدير تحرير الجريدة وعضوا في نقابة الصحفيين العراقيين وما زال.
( 11 )
فترة قليلة لم تتجاوز الأشهر فيتم التعارف بين وميض وإحدى الشاعرات المصريات في المنتدى فمن كلمات الإعجاب في الردود عليها إلى الرسائل الخاصة التي يبعثها لها من المنتدى فتجيبه بأرق الكلمات إلى تبادل البريد الالكتروني والحديث عبر المايك ثم يكون الحديث بالمايك والكاميرا وتراه وتعم الابتسامات أحاديثهما ويقودهما الحديث من الإعجاب بما تنشر في منتداه إلى الإعجاب بشخصيتها وبأناقتها وألوانها المفضلة.
وهذا نص ما دار بينهما من حديث عبر الايميل
ـ وميض: اليوم أحلى صباح لأني كلمتك
ـ الشاعرة: الله يخليك يا رب
ـ وميض: ويسلمك
ـ الشاعرة: أشكرك لرقة قلبك
ـ وميض: وهل فيه غيركِ حبيبة الأمس واليوم والغد
ـ الشاعرة: ولا يوجد غيرك
ـ وميض: اعرف ذلك
ـ الشاعرة: الحمد لله ، وتأكد انه يتقربون ألي الكثيرين ولكن يحترموني
ـ وميض: أنا واثق منك
ـ الشاعرة: الحمد لله ، أنت بالمنتدى
ـ وميض: خرجت
ـ الشاعرة: أي، أنا كتبت خاطرة جديدة، بقسم الإبداع
ـ وميض: الحمد لله
ـ الشاعرة: شكرا
ـ وميض: سأقرئها، أنا ألان في الدائرة، أي عندي دوام رسمي
ـ الشاعرة: اوكي
ـ وميض: مشتاقلك موت
ـ الشاعرة: الله بالعون
ـ وميض: وحاب أسمعك
ـ الشاعرة: وأنا كمان، ألان سأوقظ زوجي ليذهب لعمله
ويستمر الحوار بينهما طويلا ويستغرق وقتا أطول وظروف العمل في دائرته تتطلب منه الانتباه والعمل بجد ويوفق وميض بإدارة عمله والحديث مع حبيبته.
ـ وميض: وتلامس كلماتي كلماتك
ـ الشاعرة: عندما تقرأ خاطرة، اسمها بكل نقطة دم بجسدي أحبك
ـ وميض: الله عليك
ـ الشاعرة: ميرسي
ـ وميض: أكيد كتبت لي
ـ الشاعرة: طبعا
ـ وميض: شكرا مقدما يا اعز حبيبة
ـ الشاعرة: ولكن أتمنى أن تدير بالك من الرد، فانا مراقبة دوما
ـ وميض: أكيد لأني حريص عليكِ، وكرامتكِ تهمني كثيرا، قرأتها وأعجبتني كثيرا، وسكنت فؤادي مع من كتبتها
ـ الشاعرة : أشكرك جدا لذوقك
ـ وميض: ذوقك أجمل
ـ الشاعرة: هي أحسها دون المستوى
ـ وميض: شكرا على هذه الرائعة
ـ الشاعرة: ولكن هي كلمات بقلبي، وأردت أن أدونها
ـ وميض: دخلت القلب مباشرة، سلمت يداكِ
ـ الشاعرة: أشكرك أرجو ألا تجاملني فأنت أستاذا لنا جميعا والله
ـ وميض: أنا لا أجامل وأنتِ معلمتي الحب
ويستمر الغزل بينهما بأروع ما يكون الغزل كلما سنحت لهم الظروف وتوفرت فرص اللقاء عبر ألنت فالبعد بينهما بالمسافات كبيرا وقاسيا أما في القلوب فهما اقرب إلى بعض ويكاد لا يفصلهما إلا حاجز ما يرتديان من ملابس.
وتنشر هي قصيدة عنوانها الهمس الجميل، فيقرر وميض جمع ما تنشره من قصائد في منتداه بمجموعة واحدة اسماها الهمس الجميل ووضع لها مقدمة من بناة أفكاره تليق بهذا الهمس.
اندهشت هي بهذه المفاجئة الرائعة التي نالت إعجابها أيما إعجاب وطارت بها فرحا وأبلغت زوجها وعائلتها بهذا الخبر الجميل، ثم يفاجئها وميض مرة أخرى ويجعلها مشرفة في المنتدى، وبعد حوارات عبر الايميل يتجسد الحب بينهما بأروع ما يكون ويشعر وميض لأول مرة بأن حبا صادقا احتل مساحة قلبه، وتعترف هي بحبها له ويستمر بينهما الحب عبر النت هي في الإسكندرية الوجه البحري في مصر وهو في العراق وعاصمته بغداد فهل ينجح هذا الحب حقا وكلاهما محتاج إليه؟.
تكتب له قصيدة ويجيبها هو بأخرى وكأن السجال بينهما لا ينتهي عبر رحلة حب جميل فيقرر وميض أن يكتب رواية بنفس العنوان ( الهمس الجميل ) ليخلد فيها حبهما الذي تجسد بأروع ما يكون.
فهل وميض يعيش حالة حب حقيقي هذه المرة أو سيكون هذا الحب وبالا عليه كالمرات السابقة؟.
سؤال قد يجيب عليه الزمن يقينا ربما تكون هواجس وميض الأولية بان الحب الصادق قد طرق للقلب باب ربما تكون هواجس حقيقية إذا ما استمرت هذه العلاقة بهذا التألق والصدق في المشاعر، لكن من يدري ربما تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، ربما تهب عواصف أخرى تجعل هذا الحب يتأرجح ذات اليمين وذات الشمال ومن خلال هذا التأرجح يفقد وميض حبا كان يعتقد انه صادقا.
يعمل وميض جاهدا من اجل ديمومة هذا الحب ويحاول أن يقدم أي شيء ممكن من اجل هذه الديمومة لأنه وجد عندها شيئًا قد افتقده منذ سنوات، إلا وهو المشاعر والعواطف الملتهبة وهو في سعيه لإرضاء حبيبته لا من اجل المتعة الزائلة لان هذه المتع موجودة بكثرة هذه الأيام وهو لم ولن يسعى إليها وإنما أراد ديمومة حب يبقى إلى آخر العمر كما كان يصرح لها دائما، فهل تعي هذه الشاعرة حقيقة نوازع وميض والعواطف الرائعة التي تبحر في قلبه الصغير بحجمها الكبير بحبه كأنه البحر بما يحتويه وهل ستعمل بمثل ما يعمل من اجل هذه الديمومة كي يبقى حبهما نقيا نقاء القلوب.
ـ وميض: أخشى انكِ لم تقدري حقيقة حبي لكِ
ـ الشاعرة: لا تخشى فأنا اعرف إن حبك متين
ـ وميض: لكني لم اشعر انكِ تقدمين له ما يستوجب من اجل الاستمرار
ـ الشاعرة: عندي أزمة عائلية وأزمات أخرى في المنتديات.
ويواصل وميض رحلة الحب ودفقه في شرايين الروح ويستمر معها عبر ألنت يغازلها أحيانا وتثقل كاهله بمشاكلها أحيانا أخرى، وقد تولد عنده إحساس أن هذه الشاعرة هي كتلة من المشاكل والأزمات وكان يعينها على تجاوز تلك الأزمات ويقدم لها النصائح ولم تكن تسمع أو تستجيب وكل مرة يتصل بها عن طريق الياهو ماسنجر حين يفتح أيميله ويحدثها كانت تزعجه بمشاكلها وكان نصيب حبهما خلال هذه الاتصالات يكاد يكون معدوما، ولكي لا يضيع وميض بين طرقات هذه الأزمات طلب منها أن تعرف نفسها بإيجاز كي يحدد وميض مساره في عالم الحب وقد كتبت إليه هذا الرد : ـ
س 1: من أنتِ
ج _ هي حياة فتاة عادية كانت تسعد بوجود والديها ما كانت تعبئ للدنيا أي هم أو تبالي ولكنهما عندما بعدوا عنها وتوفوا قتل كل شيء حلو بحياتها تزوجت من سائق كان بينهما حب وكانت هي بالجامعة وهو لم يحصل على الإعدادية، وحقا هو طيب القلب ولكن طباعه وميوله تختلف عنها كثيرا وظهر الفارق طبعا بعد الزواج وتخيل سيدي أنها لأجل حبها ومن أحبته تحدت الدنيا من أجله وذاقت من الذل ألوانه وهى أماً بلا أبناء وتحملت أن تعيش بهذا الحال لان زوجها مريض ولا يقدر على الإنجاب ورضت بما قسمه الله لها وتحملت بعد وفاة والديها مسؤولية 3 من الأخوة وأولادهم ومازالت تلملم أخوتها حول طيات جناحيها من أي إنسان حفاظا عليهم من غدر الزمان.
س2: وصف عام للمدينة التي ولدتي فيها والتي تسكنيها
ج _ هي مدينة ساحرة وهادئة بالشتاء وأنا عاشقة للبحر، يكون الكورنيش محمل لكل تعطر الأرواح إذا كانت عائلة أم وأب وأبناء أو كانوا خطيبان.
بهذه الجمل أوجزت الشاعرة حياتها وتلمس من خلالها صور مأساوية فيقدر وميض حالها ويقرر أن يقدم لها العون من اجل تجاوز أزماتها فيبادلها الحب باندفاع كبير وتستجيب هي له وربما باندفاع اكبر حين أرادت أن تريح وميض بل وتلهب مشاعره وعواطفه حين كشفت عن نهدها الأسمر الجميل، دهش وميض وطلب أن تزيح القماش عن النهد الثاني، استجابت لطلبه وكشفت عن نهديها، وهو ينظر إليهما بنزوة الشيطان ويستمر يتغزل بنهديها والحلمتين وروعة ابتساماتها ولهيب تنهداتها حتى يصابا برعشة الشوق.
( 12 )
الإسكندرية مدينة مصرية ترقد على البحر الأبيض المتوسط، مدينة جميلة أنيقة راقية بمبانيها وعمرانها وسكانها الأصليون مثال للطيبة والكرم وخفة الدم، هذه المدينة التي تغفو على أصوات موج البحر وتصحو على أنغامه كل يوم تمتاز بحيوية ناسها وجمال طبيعتها الساحرة التي تدهش العين وتبهر القلوب، ترى بأم عينيك وأنت على مقربة من البحر فيها مراكب وزوارق الصيادين ترسو أحيانا وتبحر أحيانا أخرى والصيادون بزيهم الرسمي الجميل يعملون بلا كلل أو ملل ويرمون شباكهم في عمق البحر كي يصيدوا سمكا رزقا ليومهم هذا وهم ينشدون أغانيهم الجميلة بإلحانها الراقية بنغماتها والفرحة تعلو وجوههم يحدوهم الأمل بصيد وفير يغطي نفقات العائلة مما سيرزقهم الله من سمك البحر.
نسائم البحر رقيقة باردة تسحر من يقف عندها ليستنشق هواءا نقيا والطبيعة البحرية بأجوائها لا تقل روعة وجمالا تسحر هي الأخرى كل من ينظر إلى البحر جمالا أخاذا وبين الحركة الدؤوبة للصيادين بمراكبهم ذهابا وإيابا ترى الخير الوفير يملئ صناديق السمك وتشاهد فرحة ما بعدها فرحة تعلو وجوههم، أمواج البحر المتلاطمة برقة مع الجرف تداعب رماله بلطف ثم تعود أدراجها إلى حيث البحر وإذا ما أصبح البحر بثورته ترى الأمواج تقتحم كل شيئا أمامها بقوة وعنف وتكتسح الرمال وما فيها إلى مديات ابعد وتسمع صوت الموج يغرد بمعزوفة قد لا تعي مغزاها لكنها جميلة بجمال الموج نفسه زرقة مصحوبة بالبياض موجة بعد أخرى، ومع هذه المشاهد اليومية للبحر والمدينة ما أن تتوغل فيها وتتجول في أزقتها حتى تسمع لهجتها المصرية الاسكندرانيه المحببة إلى النفوس والتي تشدك إليها شدا وترغمك على الاستماع إلى حواراتها وكأنك تعيش عالم سحريا راقيا من الألفة والتحابب بين ناسها، وان تقدمت في سيرك إلى الداخل ستجد مقاهيها الجميلة وأصوات النادلين تنادي لتهيئة طلبات الزبائن بتنغيم جميل للكلام من مشروبات ساخنة وأخرى باردة ومن الاركيله المعسلة إلى غير ذلك في هذه المدينة تسكن الشاعرة التي أحبها وميض وشغف بها كثيرا وهي التي تعاني من ظروف نفسية صعبة أثرت على مجمل حياتها قبل وبعد الزواج هذه الظروف بمجملها ربما جعلت منها ذات مزاج حاد لا يليق بأنوثتها فانعكس ذلك على حبها وعلاقاتها مع الناس بتأثير سلبي ربما سيزيد حالتها النفسية سوءا.
( 13 )
وتمضي الأيام ويكبر شيئا فشيئا الحب بينهما، ويتحمل وميض سهر الليالي من اجلها لا لشيء إلا ليقدم لها الإرشاد والنصيحة كلما احتاجت إليهما، ولأنه تعود حين يبدأ معها بالحديث أن يسمعها شيئا مما كتب لها
بعاد
16/10/2010
أحكي قصتي يا شهرزاد
عن الحب والجسد والبعاد
وكلمة نوووووو التي قصمت الفؤاد
وجعلني منبوذ بين العباد
ليس لي جسد يحويني
ليس لي بيت يؤويني
ليس لي حبيب يداويني
أحببتها أجمل حب
ومحت عني الجدب
وأصبحت هي القلب
هي الحياة هي النجاة
هي حبيبتي للممات
هل تقف معي في الملمات
أم تدعني وحيدا أقاسي
تعد هي وتحسب أنفاسي
يا قلب لا تكن عليّ قاسي
كن رحوما بلا مآسي
كلمة نووو لا أريد سماعها ثاني
ترن في خلدي ووجداني
احبكِ يا عالمي الثاني
احبكِ يا عالمي الثاني
هذه كلماتي لكِ ولكِ كل ما ترغبين من العباد فأنظروا جوابها
ـ الشاعرة: سلمت لي يا أغلى الناس
ـ وميض: سلمت يا من سكنتي الفؤاد أميرة الحب دون بعاد
ـ الشاعرة: وأنت سكنت بقلبي وروحي ووجداني
ـ وميض: يا مالكة كل كياني، عشقا ولا أروع يملئ حناني، وعمري ، وأعماق نفسي، وأوصالي تردد اسمكِ
ـ الشاعرة: لك قلبي حبيبي
ـ وميض: لكِ مني كلي بقلبي وعشقي يا حبيبتي
ـ الشاعرة: يا ويلى
ـ وميض: يا ويلي أنا من عشقكِ، الذي هز كياني
ـ الشاعرة: العشق لك والحب لك وقلبي لك
ـ وميض: كلكِ لي كما كلي لكِ في هذا الزمانِ
ـ الشاعرة: كم أنا أحبك
ـ وميض: حبيبين لا يعرفان الانفصال، وحبي لكِ ملئ الدنيا والسماوات.
هذا حوار بمنتهى الرقة والحب والحنان لعاشقين لا يعرفان نهاية الحب الذي بينهما، ولا يقدران المؤثرات الخارجية والظروف الصعبة التي قد تواجههما وتكون سببا في تعاستهما، لان من يتصرف بقلبه غير من يحتكم إلى عقله واني أراهما قد ذهبا بعيدا عن العقل وكان هاجسهما والمحرك لأفعالهما هو القلب فقط.
ويرتقي الحب بينهما مراتب عليا من عدم السيطرة على عواطفهما ومشاعرهما ويتيها في دروب العاطفة الهوجاء فتخلع عنها كل ساترة وتتنهد بحسرة وكأنها تمارس الحب معه أما هو فيندمج معها بإعجاب واضح بمفاتنها وجسدها الذي يتمايل أمامه كأنها غصن بان تحركه الريح كيفا تشاء ويستمران حتى تنطفئ شهوتهما بلذة شعرا بها تغمرهما وبرعشة الشوق التي اعترتهما، ثم يشعران بذنب ما اقترفا ويعودان إلى رشدهما بعد فوات الأوان حين انتهى دور القلب وجاء دور العقل ليحدد لهما المسار فهل هذه توبة أم مجرد تأنيب ضمير سيزول بزوال الظروف المسببة له؟.
هما سائران بهذا النهج وديدنهما الحاجة إلى هذه الممارسة التي أصبحت جزء من اتصالاتهما اليومية وتركا أمر هذه الممارسة إلى الزمن فهو كفيل بأن يحدد اتجاهاتها أو أن ينهي ممارستها وكأنهما رهينا لهذا الزمن أو لا يملكان عقلا يحددا بموجبه ما يريدان.
يتناقشا بأمور كثيرة تتعلق بتطوير المنتدى والمشاركة في المنتديات الأخرى التي تعمل فيها هذه الشاعرة والظروف الصعبة التي تواجهها هناك من مشاكل ومشاجرات مستمرة تؤدي بها إلى الانفعال وارتفاع الضغط وطلب النصيحة من وميض، تشعر وهي تسمع صوته الهادر بارتياح واضح فتهدأ نفسها وتستكين الى أرائه وتعمل بموجبها أحيانا كثيرة وكأن وميض هو بوصلة النجاة لها لا تخطو خطوة إلا وتأخذ رأيه بعد كل مشكلة تحدث.
وقد خالفت نصائحه التي أوصاها بها بعد أن تطورت المشاكل إلى حد لا يطاق خالفت رأيه بترك تلك المنتديات التي تسبب لها كل هذا الألم، وتسبب لها كل هذا التوتر، وتسبب لها كل هذا السهر والأرق ولم ترعوي رغم كل المصائب التي وقعت لها والتي نشرت أيضا عن طريق رسائل خاصة بعثت إليها أو بردود عامة في تلك المواقع والتي تسيء إلى أخلاقها وسمعتها والتي أحدثت ضجة كبرى حينها وأصبحت الشاعرة حديث كل الأعضاء رجالا ونساء، وأصرت على البقاء في هذه المنتديات بتحد كبير وكأن ما طرح والذي يسيء لسمعتها أمر هين، هي أرادت أن ترد على الجميع وتعطي كل واحد منهم ما يستحق وقد فعلت ذلك، حينئذ كان الانسحاب من المنتديات واجبا عليها لكنها خالفت رأي وميض فوقعت بمشكلة اكبر حين هددها احد الأعضاء بنشر صور ومقاطع أفلام قد سجلت لها، كانت مرعوبة جدا وتحاول التبرير باستمرار كي تتجنب ذلك الوضع المأساوي، هذا الوضع قد استنزف قواها وانهارت من هول المصيبة ولم تفتح ألنت لفترة من الزمن وذلك لسوء حالتها الصحية وبالتالي بسبب هذه المشكلة لجأت إلى وميض الذي وبخها لعدم تنفيذها نصيحته السابقة لها ثم احتضنها برعايته وخفف عنها وأسدى إليها النصيحة الملائمة لتجنب ذلك الموقف المشين.
( 14 )
وتستمر العلاقة بينهما هو يسعى أن يرتقي بها نحو أفق المستقبل الزاهر وبناء مجدا يليق بكاتبة تعرف كيف تختار المفردات، وهي تسعى لحشد اكبر عدد من القراء لا أعجابا بما تكتب وإنما بطرق ملتوية بعيدة عن الأدب والثقافة والتي نوهنا عنها سابقا، ومثل هذا التوجه ينتهي بنهاية السبب وتبقى وحيدة تبحث عن صيد جديد ليقرأ ما تكتب، حذرها وميض مرارا من هذا التوجه محاولا نصحها والابتعاد عن تلك الأساليب ومن ثم الابتعاد عن تلك المنتديات التي تسبب لها الألم والأرق دون جدوى يستمر هو بالنصيحة وتستمر هي بمخالفة رأيه وتستمر بنهجها هذا الذي سبب لها الألم كثيرا ومرارا، ومع ذلك يستمر وميض يحدثها لساعات طوال ويسهر الليل من اجلها ويواصل الكتابة لها بعذب الكلام ويسمعها ما كتب بصوته الشجي فتذوب من عذوبة الكلام وتأخذها فرحة كبيرة وهي تسمع ما يقول
ابتسمت
22/11/2010
كلمتها فابتسمت
والفرحة على وجهها ارتسمت
مطمئنة الحال بما وجدت
حبيب بعد طوال وقت عثرت
عينيها تشع الق ما انبرت
حين تكلمه بالحبِ تكللت
قالت أنا لك قد ارتحت
ولك أبوح بما أسررت
وختمت حديثها يا غالي أنت
قال أجمل غزل منكِ سمعت
بادليني الحب لأني غرقت
في بحر هواكِ وما عرفت
من قلبكِ الخروج وما أبيت
لكل ما يقال لأنك ارق ما عنيت
داعبي شغاف قلبي ما رغبت
غيرك أميرة للحب تسكنه وما انتهيت
حبي لكِ بلا حدود وما التهمت
كلمات العشق من ثغرك ما جنيت
احبكِ .. احبكِ يا حبيبتي ما حييت
فتذهل مما سمعت وتطير فرحا وتنتشي بزهو هذه الكلمات غير مصدقة كل هذا الإبداع الذي يقال لها
ـ الشاعرة: كل هذا لي يا وميض
ـ وميض : وهل غيرك تستحق الكلام الجميل
ـ الشاعرة: سلم يراعك الذي أنقذني من الحزن إلى الفرحة والأمل.
أتمنى أن تكون كلماتك صادقة، وهل تشك بذلك، أفعالكِ تدل على عكس ذلك، أنا لك يا وميض مخلصة بحبي دائما، اشك بذلك لأنكِ تتصرفين أحيانا بعيدا عن أطار الحب الحقيقي وهذا ما ستكشفه الأيام لي وأنا مستعد لمواجهة تلك اللحظة وهيئت نفسي لها، انك واهم يا وميض، أتمنى أن أكون واهما لكني أقرء ما بين السطور واعرف حقيقة الأمور اعملي ما شئتي لصنع ما تحلمين به وسأعمل ما أشاء أنصحك إلى النهاية حتى أتمكن يوما من انتشالك من حالة الضياع أو المجد الموهوم الذي تحلمين به، أنت تقسوا عليّ بكلامك هذا ولم أعهدك هكذا، لأني وصلت معكِ إلى المستوى الذي لا بد أن تسمعيه من كلامي ربما تفيقين من حلمك لتحافظي على كبريائك أو ما تبقى منه، تغلق الاتصال معه وتنهي الحديث
( 15 )
وتبدأ مرحلة أخرى من مراحل الحذر والتوجس التي يعيشها وميض مع هذه الشاعرة التي أطلقت العنان لنفسها لتنطلق كفرس جامح في عالم المنتديات تربط الليل بالنهار لتنشر أرائها وخواطرها وقصائدها في أكثر من ثلاث منتديات ولتواجه مشاكل جمة لا تقوى على الصمود أمامها كونها امرأة تبقى أولا وأخرا ضعيفة أمام المشاكل سريعة البكاء لما أصابها، هي تعتقد أنها تبني لنفسها مجدا في عالم الشعر والإبداع وهي محقة لان للإبداع ضريبة تدفع لكن ليس كالتي تدفعها هي، من فوضى واتهامات وتنكيل، ضريبة الإبداع هي في دقة ما نكتب ومتانته واستخدام المفردة الراقية من اجل بناء موضوع راقي يعجب القراء فيشاركونا بآرائهم ونتواصل معهم بألق.
تنهار الشاعرة بسرعة وهي تقرأ الردود التي لا تليق أو وهي تقرأ الرسائل في بريدها الالكتروني لما تحتويه هذه الرسائل من إساءة لسمعتها هي تدعي أن ما ينشره البعض من أشياء تسيء أليها لا صحة له ونابع من الحقد على اسمها ومكانتها، في حين يشير الآخرين إلى حقيقة ما يكتب ويؤكدون ذلك باستمرار ويقولون أنها تستدرج الشباب عن طريق الرسائل الخاصة التي تبعثها إليهم لتوهمهم بالحب ثم تتبادل معهم الايميلات وتبدأ المرحلة الجديدة وهي الحديث معهم عبر المايك والكاميرا وتمارس نفس الأفعال التي تقوم بها مع وميض والغاية هو أن يتواجد اكبر عدد من القراء في ديوانها هذا.
وحين عرف وميض الحقيقة حاول بطيبة خاطر أن يخفف عنها ألامها وان يرسم الفرحة على وجهها ويعيد إليها ثقتها بنفسها فيبلغها بمنصب أعلى في المنتدى، منصب أعلى أنها مفاجئة سعيدة
ـ وميض: تستحقين ذلك لأنك مبدعة
ـ الشاعرة: تبتسم وتشكره وكادت أن تطير من الفرح
شعر وميض بارتياح لأنه أعاد أليها الابتسامة وأعاد أليها جزء من ثقتها بنفسها لعلها تعود كما كانت وتمارس حياتها بشكل طبيعي وتسمع نصائحه من جديد وتعمل بها.
وتمر الأيام ووميض يقرر السفر إلى مصر لا لشيء إلا للسياحة ويستغل ذلك كي يلتقي بمن أحب، رزم حقائبه ورتب أوراقه وفي اليوم المحدد توجه إلى المطار وفي التوقيت أقلعت الطائرة إلى عمان ومن هناك بعد يومين توجه إلى القاهرة رحلة طويلة لكنها تستحق ما يقدم لها من تعب لان السياحة عند وميض والاطلاع على الآثار تأتي في المقام الأول من توجهه، ومن هناك فتح أيميله وكلم الشاعرة أتدرين أنا ألان أين، لست ادري، أنا في القاهرة وارغب أن أزورك في الإسكندرية فما تقولين، ماذا ماذا أنت جاد يا وميض، نعم والله أنا في القاهرة جئت سائحا وتمنيت أن التقي بكِ.
ـ الشاعرة: مستحيل ما تطلب
ـ وميض: لماذا مستحيل
ـ الشاعرة: وضعي لا يسمح لي بذلك، لكن ممكن أن تأتي إلى الإسكندرية وعلى عنواني وستجدني واقفة عند بوابة العمارة وتمر من أمامي دون كلام، امتعض وميض من ذلك واعتبر هذه الطريقة غير لائقة وأنهى الحديث معها سريعا.
أغلق نوافذ غرفته وبابها وخرج يتجول في شوارع القاهرة يمتع ناظريه بمناظرها الجميلة وحركة سياراتها وناسها وجلس في احد مقاهيها يرتشف القهوة العربية التي تعود عليها واشترك بالحديث مع احد جالسيه وكأنه يعرفه منذ زمن بعيد وما أن غادر المقهى وواصل السير في طرقات المدينة وهو يشاهد مساجدها والجامع الأزهر بطرازه الجميل شعر بهدوء نفسه واطمئنانها فاستمر بسيره رويدا رويدا وابتسامات الناس الجميلة حين يشاهدوه تعبر عن إعجاب أو رضا بمشيته هذه.
ولم يفوته مشاهدة جامع الوالي العثماني بطرازه القديم ومساحته الواسعة وبنائه المتقن وشاهد خلفه مباشرة مرابط الخيل التابعة للوالي أيضا وكأنه يعيش الماضي القريب بكل تفاصيله.
تجول في الأسواق الحديثة والقديمة ليعرف المعروض من البضائع ، ثم سأل عن أشهر الأسواق في القاهرة التي تبيع الانتيكات والمسابح والتحف فجاءه الجواب سريعا انه خان الخليلي نعم خان الخليلي هذا ما كنت ابحث عنه دائما أسواق تاريخية قديمة بمبانيها وقديمة بصناعاتها، استأجر وميض سيارة أجرة وطلب من سائقها أن يذهب به إلى خان الخليلي فانطلقت السيارة في شوارع القاهرة إلى حيث يريد وحين وصل إلى هناك سدد المبلغ للسائق وشكره لحسن سلوكه.
دخل إلى السوق وهو مندهش لأنه للمرة الأولى يشاهد هذا السوق اندهش فعلا لجمال خان الخليلي وطبيعة بنائه وطرازه وتفرده ببيع كل ما ترغب بشرائه، كان ينظر يمينا ويسارا إلى هذه المحلات وحين شعر أن شيئا ما سيمر دون أن يراه قرر أن يشاهد المحلات التي على يمينه أولا ثم يعود لمشاهدة المحلات على يساره، تجول في الخان وهو يسير ببطء واضح لفت إليه أنظار الباعة والمتسوقين معا، شاهد مصر بكل لهجاتها المحلية في الخان وشاهد الرعايا الأجانب وهم يتجولون ويتسوقون كما شاهد الأخوة العرب في الخان كلا يبحث عن مبتغاه وحين شاهد محلا لبيع الأحجار والمسابح بمختلف أنواعها توقف أمام عارضته الزجاجية ينظر بنظرة ثاقبة ويتفحص ما يشاهد مسابح رائعة الصنع سبح يسر بمختلف الأحجام وأخرى مطعمة بالياقوت الأحمر ونوع ثالث مطعم بالفسيفساء والكهرب بأنواعه والسندلس وغير ذلك وحين قرر الشراء دخل إلى داخل المحل فأستقبله صاحبه بابتسامة جميلة مرحبا به وبدأ يجلب إليه أنواع المسابح دون تذمر، وميض لديه نوع محدد جاء ليشتريه وما أن شاهده طلب منه نوعين اليسر العادي واليسر المطعم بالياقوت، اتفقا على الثمن وسدد إليه وخرج مودعا إياه، استمر بالتجول في الخان حيث محلات بيع النحاسيات وأخرى لبيع التحف والانتيكات وكذلك محلات بيع الملابس الجميلة أو ما يسمى بالكلابيات استمر بالتجول يمينا ويسارا وهو فرح بما يشاهد من معروضات تدل على ذوق رفيع للمصريين واعتزازا واضح بصناعتهم القديمة والحديثة وترحيبهم بالزوار ذلك الترحيب الرائع.
[/size]تمر الشهور سريعة كعادتها، لم يبقى سوى أيام معدودة ويبدأ وميض رحلة المراجعة لدائرة التجنيد.
وفي يوم من أيام التحول من حياة مدنية إلى حياة عسكرية ليس أمامه إلا الرضوخ للأمر الواقع، راجع دائرة تجنيده في الاعظمية وسلم دفتر خدمته العسكرية إلى ضابط التجنيد والذي أنجز بدوره أوراقه وسلم وميض كتاب سوقه إلى خدمة العلم وفي مركز تدريب مشاة الحلة التحق فيه وهناك تلقى التدريب الأساسي على الضبط العسكري والاحترام للرتب والتدريب على السلاح، ثلاثة أشهر من حياة جديدة عليه وفيها لأول مرة يفارق عائلته وكأن أيامه القليلة هذه أصبحت شهورا.
أتم فترة التدريب ونقل إلى إحدى وحدات الجيش العراقي وما هي ألا أشهر وتبدأ الحرب مع العدو الأزلي للعرب وهي إيران وتشتد المعارك ويحمى أوارها وأطلق على هذه الحرب اسم معركة قداسية صدام والتي بدأت في 4/9/1980 تيمناً بمعركة القادسية الأولى ووميض كأي عسكري لا بد له أن يشارك في المعركة دفاعا عن وطنه وأمته ونجاه الله من الاستشهاد مرات عديدة، وتنتهي خدمته الإلزامية وتبدأ مباشرة خدمة الاحتياط وهو في نفس وحدته وينتقل من قاطع إلى أخر ومن وحدة إلى أخرى وحسب احتياج وزارة الدفاع وقد خاض معارك في شمال العراق وجنوبه، وتنتهي المعركة بعد صراع دام حوالي ثمان سنوات وبعدها في عام 1989 يشمل وميض بالتسريح من الخدمة العسكرية الاحتياط ليعود إلى الحياة المدنية والى عائلته التي طالما كان يشتاق إليها زوجته وأبنائه وأمه وإخوته وأخواته يعود أليهم وابتسامته المشرقة مرسومة على محياه.
وألان بدأت رحلة البحث عن الوظيفة فالعمل مطلوب كي يؤمن الرزق الحلال لعائلته، عمل في بادئ الأمر سائق سيارة أجرة لمدة شهرين تقريبا ثم تركها بعد أن قدم أوراق تعينه إلى إحدى وزارات الدولة وحصل على فرصة العمل فيها ولا زال وميض يعمل فيها بهمة عالية فكيف تم تعينه وهذه الوزارة من الصعوبة التعين فيها إلا بعد موافقات أصولية أمنية وامتحان للغة الانكليزية كي يؤهل للعمل فيها وبكفاءة، التقى صدفة بجيرانه سعيد وبعد التحية بدأ الحديث بينهما عن صعوبة الحياة والحصول على وظيفة
ـ مجيد: وميض هل ترغب بالتعين في وزارتنا
ـ وميض: الله ويدك دبرها لأني محتاج إلى الوظيفة
إذن تعال إليّ يوم غد في الوزارة ومعك كل أوراقك الثبوتيه الرسمية،حسنا يا صاحبي، وفي الصباح الباكر هيئ وميض كل مستمسكاته الرسمية وذهب إلى الوزارة المعنية وقابل صديقه مجيد هناك وقدم له طلبا بالتعيين، وما هي إلا أيام قلية يأتيه اتصال هاتفي من الوزارة تعال يوم غد لأداء امتحان اللغة الإنكليزية، ذهب في الوقت المحدد وأدى الامتحان في احد قاعاتها وخرج وهو لا يدري ما سيخبئه له القدر.
وبعد أيام معدودة يبلغه صديقه مجيد مبروك لقد نجحت في الامتحان، وفعلا بعد يوم أو يومين يتم الاتصال به هاتفيا ويبلغه تعال غدا وباشر في عملك لقد صدر أمر تعينك، فرحة كبرى عمت البيت بفضل دعاء والدته بأن يهيئ له الله فرصة العمل ومن يومها ووميض يعمل في وزارته دون كلل أو ملل.
( 10 )
قبل تعينه بأيام قلائل دخل العراق الكويت ليلقن حكامها ما يستحقون بعد إن دمروا اقتصاد العراق رغم التحذيرات المتكررة لهم وعلينا أن لا ننسى إن الكويت ارض عراقية اقتطعت من قبل الاستعمار البريطاني لتصبح دولة فيما بعد، المهم وميض مستمر بوظيفته وتمر الأشهر بعدها للحاجة الماسة بسبب ظروف المعركة التي تدخلت فيها أميركا لصالح الكويت، تستدعى مواليد وميض لأداء خدمة العلم الاحتياط ويلتحق وميض ليؤدي هذا الشرف مع اقرانه من الرجال، وتمضي الأيام وتعقبها الشهور ويستقر الحال، وتصدر الدولة تعليماتها بتسريحهم من الجيش ليعود وميض ثانية إلى الحياة المدنية.
عاد إلى وظيفته يمارس أعماله اليومية ويرعى عائلته ويلبي احتياجاتها، وكأي رجل يشتهي بل يعشق النساء سار وميض في دروب الحب والهوى يبحث عن إنسانة يستقر معها ما تبقى له من العمر فيبدأ بعلاقة مع فتاة حتى ترهقه بمشاكلها وطلباتها الغير منطقية ويلبي لها كل ما تريد وإذا هي تخونه مع شخص آخر وتتركه وحيدا دون عذر قد يتقبله، وينتقل إلى أخرى دفعها الزمان إليه ربما يجد ضالته معها وهي الأخرى لعوب لا تعطي الحب حق قدسيته، كان وميض مثاليا في طلباته من حبيبته لا يفرض عليها أمورا معقدة يريدها إنسانة تحترم كلمة الحب وتقدسها وتعمل جاهدة من اجلها فيصدم وميض من جديد لأنها هي الأخرى تبحث عن متعة زائلة وبين هذه وتلك علاقات أخرى وكأنه ينتقل من زهرة إلى أخرى بحثا عن الرحيق فهل هو نحلة، أم إنسان يبحث عن الزواج والاستقرار؟.
كان يسعى جاهدا للزواج من امرأة ثانية ليقيم أسرة جديدة أساسها الحب الذي حرم منه طويلا، فيأتيه الجواب سريعا من زميلة له
ـ زميلته: وميض أنت مثالي أكثر من اللازم وبنات هل الوكت ميدورن حب واستقرار
ـ وميض: إذن عن أي شيء يبحثنّ
ـ زميلته: ( تبتسم ) الم اقل لك انك مثالي إنهن يبحثنّ عن المتعة والاستفادة المادية عبر هدايا أو أي شيء.
يصمت وميض ويطول صمته، وعلى صوت زميلته يصحو، ما بالك أين سرحت، لا أبدا فقط عجبت لأمر الفتيات، لا تعجب فما خفي أعظم.
وتمضي الأيام وتعقبها الشهور والسنين وكأنه في سباق محموم مع الزمن، لا يعي ما سيحدث لان أحداث الكويت ما أن تخبو نيرانها حتى تعود ثانية متأججة بأشد ما يكون اللهيب سعيرا، ولأن زمام الأمور بيد أميركا الطغيان وهي لها مصالح مشتركة مع الكويت في نهب خيراته وتغير نظام الحكم فيه كانت هذه الدولة تستغل نفوذ أميركا في مجلس الأمن لتصدر القرارات الجائرة على العراق وبالتالي تستغل هذه القرارات لشن الحرب عليه وهذا ما حصل وتتمكن إرادة الشر المتمثلة بأميركا والدول المتحالفة معها من شن هجوم كاسح على العراق بعد أن أفرغت العراق من مصادر قوته العسكرية وذلك بعد قرارات تدمير أسلحة العراق، شنت هجومها في عام 2003 لتحتل العراق من أقصاه إلى أقصاه وعلى أثرها حدث ما حدث من سلب ونهب وقتل وعمليات سرقة دولية لأموال العراق وأثاره وثرواته، كما جرت الدماء فيه انهارا ومزقت وحدته الوطنية وتجاوزت دول الجوار على أراضي العراق وأنهاره.
وتتغير صورة العراق ويصبح الانفتاح واسعا وتنتشر شبكة ألنت فيه والفضائيات على أوسع أبوابها فيعمل وميض منتدى خاص له لينشر فيه مؤلفاته وإبداعات الشعراء والكتاب الآخرين ورويدا رويدا ينتشر المنتدى ويصبح له قراءه وأعضائه ويتوسع ليضم بين طياته أسماء لامعة من كبار الشعراء العراقيين والعرب وكذلك من الموهوبين أيضا.
ويستمر بنشر نتاجاته الأدبية في الصحف وبالذات صدى الجماهير حتى أصبح محررا فيها ثم سكرتير تحرير ويستمر بالنشر للقصص والمقالات ويرتقي في الصحافة حتى صار مدير تحرير الجريدة وعضوا في نقابة الصحفيين العراقيين وما زال.
( 11 )
فترة قليلة لم تتجاوز الأشهر فيتم التعارف بين وميض وإحدى الشاعرات المصريات في المنتدى فمن كلمات الإعجاب في الردود عليها إلى الرسائل الخاصة التي يبعثها لها من المنتدى فتجيبه بأرق الكلمات إلى تبادل البريد الالكتروني والحديث عبر المايك ثم يكون الحديث بالمايك والكاميرا وتراه وتعم الابتسامات أحاديثهما ويقودهما الحديث من الإعجاب بما تنشر في منتداه إلى الإعجاب بشخصيتها وبأناقتها وألوانها المفضلة.
وهذا نص ما دار بينهما من حديث عبر الايميل
ـ وميض: اليوم أحلى صباح لأني كلمتك
ـ الشاعرة: الله يخليك يا رب
ـ وميض: ويسلمك
ـ الشاعرة: أشكرك لرقة قلبك
ـ وميض: وهل فيه غيركِ حبيبة الأمس واليوم والغد
ـ الشاعرة: ولا يوجد غيرك
ـ وميض: اعرف ذلك
ـ الشاعرة: الحمد لله ، وتأكد انه يتقربون ألي الكثيرين ولكن يحترموني
ـ وميض: أنا واثق منك
ـ الشاعرة: الحمد لله ، أنت بالمنتدى
ـ وميض: خرجت
ـ الشاعرة: أي، أنا كتبت خاطرة جديدة، بقسم الإبداع
ـ وميض: الحمد لله
ـ الشاعرة: شكرا
ـ وميض: سأقرئها، أنا ألان في الدائرة، أي عندي دوام رسمي
ـ الشاعرة: اوكي
ـ وميض: مشتاقلك موت
ـ الشاعرة: الله بالعون
ـ وميض: وحاب أسمعك
ـ الشاعرة: وأنا كمان، ألان سأوقظ زوجي ليذهب لعمله
ويستمر الحوار بينهما طويلا ويستغرق وقتا أطول وظروف العمل في دائرته تتطلب منه الانتباه والعمل بجد ويوفق وميض بإدارة عمله والحديث مع حبيبته.
ـ وميض: وتلامس كلماتي كلماتك
ـ الشاعرة: عندما تقرأ خاطرة، اسمها بكل نقطة دم بجسدي أحبك
ـ وميض: الله عليك
ـ الشاعرة: ميرسي
ـ وميض: أكيد كتبت لي
ـ الشاعرة: طبعا
ـ وميض: شكرا مقدما يا اعز حبيبة
ـ الشاعرة: ولكن أتمنى أن تدير بالك من الرد، فانا مراقبة دوما
ـ وميض: أكيد لأني حريص عليكِ، وكرامتكِ تهمني كثيرا، قرأتها وأعجبتني كثيرا، وسكنت فؤادي مع من كتبتها
ـ الشاعرة : أشكرك جدا لذوقك
ـ وميض: ذوقك أجمل
ـ الشاعرة: هي أحسها دون المستوى
ـ وميض: شكرا على هذه الرائعة
ـ الشاعرة: ولكن هي كلمات بقلبي، وأردت أن أدونها
ـ وميض: دخلت القلب مباشرة، سلمت يداكِ
ـ الشاعرة: أشكرك أرجو ألا تجاملني فأنت أستاذا لنا جميعا والله
ـ وميض: أنا لا أجامل وأنتِ معلمتي الحب
ويستمر الغزل بينهما بأروع ما يكون الغزل كلما سنحت لهم الظروف وتوفرت فرص اللقاء عبر ألنت فالبعد بينهما بالمسافات كبيرا وقاسيا أما في القلوب فهما اقرب إلى بعض ويكاد لا يفصلهما إلا حاجز ما يرتديان من ملابس.
وتنشر هي قصيدة عنوانها الهمس الجميل، فيقرر وميض جمع ما تنشره من قصائد في منتداه بمجموعة واحدة اسماها الهمس الجميل ووضع لها مقدمة من بناة أفكاره تليق بهذا الهمس.
اندهشت هي بهذه المفاجئة الرائعة التي نالت إعجابها أيما إعجاب وطارت بها فرحا وأبلغت زوجها وعائلتها بهذا الخبر الجميل، ثم يفاجئها وميض مرة أخرى ويجعلها مشرفة في المنتدى، وبعد حوارات عبر الايميل يتجسد الحب بينهما بأروع ما يكون ويشعر وميض لأول مرة بأن حبا صادقا احتل مساحة قلبه، وتعترف هي بحبها له ويستمر بينهما الحب عبر النت هي في الإسكندرية الوجه البحري في مصر وهو في العراق وعاصمته بغداد فهل ينجح هذا الحب حقا وكلاهما محتاج إليه؟.
تكتب له قصيدة ويجيبها هو بأخرى وكأن السجال بينهما لا ينتهي عبر رحلة حب جميل فيقرر وميض أن يكتب رواية بنفس العنوان ( الهمس الجميل ) ليخلد فيها حبهما الذي تجسد بأروع ما يكون.
فهل وميض يعيش حالة حب حقيقي هذه المرة أو سيكون هذا الحب وبالا عليه كالمرات السابقة؟.
سؤال قد يجيب عليه الزمن يقينا ربما تكون هواجس وميض الأولية بان الحب الصادق قد طرق للقلب باب ربما تكون هواجس حقيقية إذا ما استمرت هذه العلاقة بهذا التألق والصدق في المشاعر، لكن من يدري ربما تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، ربما تهب عواصف أخرى تجعل هذا الحب يتأرجح ذات اليمين وذات الشمال ومن خلال هذا التأرجح يفقد وميض حبا كان يعتقد انه صادقا.
يعمل وميض جاهدا من اجل ديمومة هذا الحب ويحاول أن يقدم أي شيء ممكن من اجل هذه الديمومة لأنه وجد عندها شيئًا قد افتقده منذ سنوات، إلا وهو المشاعر والعواطف الملتهبة وهو في سعيه لإرضاء حبيبته لا من اجل المتعة الزائلة لان هذه المتع موجودة بكثرة هذه الأيام وهو لم ولن يسعى إليها وإنما أراد ديمومة حب يبقى إلى آخر العمر كما كان يصرح لها دائما، فهل تعي هذه الشاعرة حقيقة نوازع وميض والعواطف الرائعة التي تبحر في قلبه الصغير بحجمها الكبير بحبه كأنه البحر بما يحتويه وهل ستعمل بمثل ما يعمل من اجل هذه الديمومة كي يبقى حبهما نقيا نقاء القلوب.
ـ وميض: أخشى انكِ لم تقدري حقيقة حبي لكِ
ـ الشاعرة: لا تخشى فأنا اعرف إن حبك متين
ـ وميض: لكني لم اشعر انكِ تقدمين له ما يستوجب من اجل الاستمرار
ـ الشاعرة: عندي أزمة عائلية وأزمات أخرى في المنتديات.
ويواصل وميض رحلة الحب ودفقه في شرايين الروح ويستمر معها عبر ألنت يغازلها أحيانا وتثقل كاهله بمشاكلها أحيانا أخرى، وقد تولد عنده إحساس أن هذه الشاعرة هي كتلة من المشاكل والأزمات وكان يعينها على تجاوز تلك الأزمات ويقدم لها النصائح ولم تكن تسمع أو تستجيب وكل مرة يتصل بها عن طريق الياهو ماسنجر حين يفتح أيميله ويحدثها كانت تزعجه بمشاكلها وكان نصيب حبهما خلال هذه الاتصالات يكاد يكون معدوما، ولكي لا يضيع وميض بين طرقات هذه الأزمات طلب منها أن تعرف نفسها بإيجاز كي يحدد وميض مساره في عالم الحب وقد كتبت إليه هذا الرد : ـ
س 1: من أنتِ
ج _ هي حياة فتاة عادية كانت تسعد بوجود والديها ما كانت تعبئ للدنيا أي هم أو تبالي ولكنهما عندما بعدوا عنها وتوفوا قتل كل شيء حلو بحياتها تزوجت من سائق كان بينهما حب وكانت هي بالجامعة وهو لم يحصل على الإعدادية، وحقا هو طيب القلب ولكن طباعه وميوله تختلف عنها كثيرا وظهر الفارق طبعا بعد الزواج وتخيل سيدي أنها لأجل حبها ومن أحبته تحدت الدنيا من أجله وذاقت من الذل ألوانه وهى أماً بلا أبناء وتحملت أن تعيش بهذا الحال لان زوجها مريض ولا يقدر على الإنجاب ورضت بما قسمه الله لها وتحملت بعد وفاة والديها مسؤولية 3 من الأخوة وأولادهم ومازالت تلملم أخوتها حول طيات جناحيها من أي إنسان حفاظا عليهم من غدر الزمان.
س2: وصف عام للمدينة التي ولدتي فيها والتي تسكنيها
ج _ هي مدينة ساحرة وهادئة بالشتاء وأنا عاشقة للبحر، يكون الكورنيش محمل لكل تعطر الأرواح إذا كانت عائلة أم وأب وأبناء أو كانوا خطيبان.
بهذه الجمل أوجزت الشاعرة حياتها وتلمس من خلالها صور مأساوية فيقدر وميض حالها ويقرر أن يقدم لها العون من اجل تجاوز أزماتها فيبادلها الحب باندفاع كبير وتستجيب هي له وربما باندفاع اكبر حين أرادت أن تريح وميض بل وتلهب مشاعره وعواطفه حين كشفت عن نهدها الأسمر الجميل، دهش وميض وطلب أن تزيح القماش عن النهد الثاني، استجابت لطلبه وكشفت عن نهديها، وهو ينظر إليهما بنزوة الشيطان ويستمر يتغزل بنهديها والحلمتين وروعة ابتساماتها ولهيب تنهداتها حتى يصابا برعشة الشوق.
( 12 )
الإسكندرية مدينة مصرية ترقد على البحر الأبيض المتوسط، مدينة جميلة أنيقة راقية بمبانيها وعمرانها وسكانها الأصليون مثال للطيبة والكرم وخفة الدم، هذه المدينة التي تغفو على أصوات موج البحر وتصحو على أنغامه كل يوم تمتاز بحيوية ناسها وجمال طبيعتها الساحرة التي تدهش العين وتبهر القلوب، ترى بأم عينيك وأنت على مقربة من البحر فيها مراكب وزوارق الصيادين ترسو أحيانا وتبحر أحيانا أخرى والصيادون بزيهم الرسمي الجميل يعملون بلا كلل أو ملل ويرمون شباكهم في عمق البحر كي يصيدوا سمكا رزقا ليومهم هذا وهم ينشدون أغانيهم الجميلة بإلحانها الراقية بنغماتها والفرحة تعلو وجوههم يحدوهم الأمل بصيد وفير يغطي نفقات العائلة مما سيرزقهم الله من سمك البحر.
نسائم البحر رقيقة باردة تسحر من يقف عندها ليستنشق هواءا نقيا والطبيعة البحرية بأجوائها لا تقل روعة وجمالا تسحر هي الأخرى كل من ينظر إلى البحر جمالا أخاذا وبين الحركة الدؤوبة للصيادين بمراكبهم ذهابا وإيابا ترى الخير الوفير يملئ صناديق السمك وتشاهد فرحة ما بعدها فرحة تعلو وجوههم، أمواج البحر المتلاطمة برقة مع الجرف تداعب رماله بلطف ثم تعود أدراجها إلى حيث البحر وإذا ما أصبح البحر بثورته ترى الأمواج تقتحم كل شيئا أمامها بقوة وعنف وتكتسح الرمال وما فيها إلى مديات ابعد وتسمع صوت الموج يغرد بمعزوفة قد لا تعي مغزاها لكنها جميلة بجمال الموج نفسه زرقة مصحوبة بالبياض موجة بعد أخرى، ومع هذه المشاهد اليومية للبحر والمدينة ما أن تتوغل فيها وتتجول في أزقتها حتى تسمع لهجتها المصرية الاسكندرانيه المحببة إلى النفوس والتي تشدك إليها شدا وترغمك على الاستماع إلى حواراتها وكأنك تعيش عالم سحريا راقيا من الألفة والتحابب بين ناسها، وان تقدمت في سيرك إلى الداخل ستجد مقاهيها الجميلة وأصوات النادلين تنادي لتهيئة طلبات الزبائن بتنغيم جميل للكلام من مشروبات ساخنة وأخرى باردة ومن الاركيله المعسلة إلى غير ذلك في هذه المدينة تسكن الشاعرة التي أحبها وميض وشغف بها كثيرا وهي التي تعاني من ظروف نفسية صعبة أثرت على مجمل حياتها قبل وبعد الزواج هذه الظروف بمجملها ربما جعلت منها ذات مزاج حاد لا يليق بأنوثتها فانعكس ذلك على حبها وعلاقاتها مع الناس بتأثير سلبي ربما سيزيد حالتها النفسية سوءا.
( 13 )
وتمضي الأيام ويكبر شيئا فشيئا الحب بينهما، ويتحمل وميض سهر الليالي من اجلها لا لشيء إلا ليقدم لها الإرشاد والنصيحة كلما احتاجت إليهما، ولأنه تعود حين يبدأ معها بالحديث أن يسمعها شيئا مما كتب لها
بعاد
16/10/2010
أحكي قصتي يا شهرزاد
عن الحب والجسد والبعاد
وكلمة نوووووو التي قصمت الفؤاد
وجعلني منبوذ بين العباد
ليس لي جسد يحويني
ليس لي بيت يؤويني
ليس لي حبيب يداويني
أحببتها أجمل حب
ومحت عني الجدب
وأصبحت هي القلب
هي الحياة هي النجاة
هي حبيبتي للممات
هل تقف معي في الملمات
أم تدعني وحيدا أقاسي
تعد هي وتحسب أنفاسي
يا قلب لا تكن عليّ قاسي
كن رحوما بلا مآسي
كلمة نووو لا أريد سماعها ثاني
ترن في خلدي ووجداني
احبكِ يا عالمي الثاني
احبكِ يا عالمي الثاني
هذه كلماتي لكِ ولكِ كل ما ترغبين من العباد فأنظروا جوابها
ـ الشاعرة: سلمت لي يا أغلى الناس
ـ وميض: سلمت يا من سكنتي الفؤاد أميرة الحب دون بعاد
ـ الشاعرة: وأنت سكنت بقلبي وروحي ووجداني
ـ وميض: يا مالكة كل كياني، عشقا ولا أروع يملئ حناني، وعمري ، وأعماق نفسي، وأوصالي تردد اسمكِ
ـ الشاعرة: لك قلبي حبيبي
ـ وميض: لكِ مني كلي بقلبي وعشقي يا حبيبتي
ـ الشاعرة: يا ويلى
ـ وميض: يا ويلي أنا من عشقكِ، الذي هز كياني
ـ الشاعرة: العشق لك والحب لك وقلبي لك
ـ وميض: كلكِ لي كما كلي لكِ في هذا الزمانِ
ـ الشاعرة: كم أنا أحبك
ـ وميض: حبيبين لا يعرفان الانفصال، وحبي لكِ ملئ الدنيا والسماوات.
هذا حوار بمنتهى الرقة والحب والحنان لعاشقين لا يعرفان نهاية الحب الذي بينهما، ولا يقدران المؤثرات الخارجية والظروف الصعبة التي قد تواجههما وتكون سببا في تعاستهما، لان من يتصرف بقلبه غير من يحتكم إلى عقله واني أراهما قد ذهبا بعيدا عن العقل وكان هاجسهما والمحرك لأفعالهما هو القلب فقط.
ويرتقي الحب بينهما مراتب عليا من عدم السيطرة على عواطفهما ومشاعرهما ويتيها في دروب العاطفة الهوجاء فتخلع عنها كل ساترة وتتنهد بحسرة وكأنها تمارس الحب معه أما هو فيندمج معها بإعجاب واضح بمفاتنها وجسدها الذي يتمايل أمامه كأنها غصن بان تحركه الريح كيفا تشاء ويستمران حتى تنطفئ شهوتهما بلذة شعرا بها تغمرهما وبرعشة الشوق التي اعترتهما، ثم يشعران بذنب ما اقترفا ويعودان إلى رشدهما بعد فوات الأوان حين انتهى دور القلب وجاء دور العقل ليحدد لهما المسار فهل هذه توبة أم مجرد تأنيب ضمير سيزول بزوال الظروف المسببة له؟.
هما سائران بهذا النهج وديدنهما الحاجة إلى هذه الممارسة التي أصبحت جزء من اتصالاتهما اليومية وتركا أمر هذه الممارسة إلى الزمن فهو كفيل بأن يحدد اتجاهاتها أو أن ينهي ممارستها وكأنهما رهينا لهذا الزمن أو لا يملكان عقلا يحددا بموجبه ما يريدان.
يتناقشا بأمور كثيرة تتعلق بتطوير المنتدى والمشاركة في المنتديات الأخرى التي تعمل فيها هذه الشاعرة والظروف الصعبة التي تواجهها هناك من مشاكل ومشاجرات مستمرة تؤدي بها إلى الانفعال وارتفاع الضغط وطلب النصيحة من وميض، تشعر وهي تسمع صوته الهادر بارتياح واضح فتهدأ نفسها وتستكين الى أرائه وتعمل بموجبها أحيانا كثيرة وكأن وميض هو بوصلة النجاة لها لا تخطو خطوة إلا وتأخذ رأيه بعد كل مشكلة تحدث.
وقد خالفت نصائحه التي أوصاها بها بعد أن تطورت المشاكل إلى حد لا يطاق خالفت رأيه بترك تلك المنتديات التي تسبب لها كل هذا الألم، وتسبب لها كل هذا التوتر، وتسبب لها كل هذا السهر والأرق ولم ترعوي رغم كل المصائب التي وقعت لها والتي نشرت أيضا عن طريق رسائل خاصة بعثت إليها أو بردود عامة في تلك المواقع والتي تسيء إلى أخلاقها وسمعتها والتي أحدثت ضجة كبرى حينها وأصبحت الشاعرة حديث كل الأعضاء رجالا ونساء، وأصرت على البقاء في هذه المنتديات بتحد كبير وكأن ما طرح والذي يسيء لسمعتها أمر هين، هي أرادت أن ترد على الجميع وتعطي كل واحد منهم ما يستحق وقد فعلت ذلك، حينئذ كان الانسحاب من المنتديات واجبا عليها لكنها خالفت رأي وميض فوقعت بمشكلة اكبر حين هددها احد الأعضاء بنشر صور ومقاطع أفلام قد سجلت لها، كانت مرعوبة جدا وتحاول التبرير باستمرار كي تتجنب ذلك الوضع المأساوي، هذا الوضع قد استنزف قواها وانهارت من هول المصيبة ولم تفتح ألنت لفترة من الزمن وذلك لسوء حالتها الصحية وبالتالي بسبب هذه المشكلة لجأت إلى وميض الذي وبخها لعدم تنفيذها نصيحته السابقة لها ثم احتضنها برعايته وخفف عنها وأسدى إليها النصيحة الملائمة لتجنب ذلك الموقف المشين.
( 14 )
وتستمر العلاقة بينهما هو يسعى أن يرتقي بها نحو أفق المستقبل الزاهر وبناء مجدا يليق بكاتبة تعرف كيف تختار المفردات، وهي تسعى لحشد اكبر عدد من القراء لا أعجابا بما تكتب وإنما بطرق ملتوية بعيدة عن الأدب والثقافة والتي نوهنا عنها سابقا، ومثل هذا التوجه ينتهي بنهاية السبب وتبقى وحيدة تبحث عن صيد جديد ليقرأ ما تكتب، حذرها وميض مرارا من هذا التوجه محاولا نصحها والابتعاد عن تلك الأساليب ومن ثم الابتعاد عن تلك المنتديات التي تسبب لها الألم والأرق دون جدوى يستمر هو بالنصيحة وتستمر هي بمخالفة رأيه وتستمر بنهجها هذا الذي سبب لها الألم كثيرا ومرارا، ومع ذلك يستمر وميض يحدثها لساعات طوال ويسهر الليل من اجلها ويواصل الكتابة لها بعذب الكلام ويسمعها ما كتب بصوته الشجي فتذوب من عذوبة الكلام وتأخذها فرحة كبيرة وهي تسمع ما يقول
ابتسمت
22/11/2010
كلمتها فابتسمت
والفرحة على وجهها ارتسمت
مطمئنة الحال بما وجدت
حبيب بعد طوال وقت عثرت
عينيها تشع الق ما انبرت
حين تكلمه بالحبِ تكللت
قالت أنا لك قد ارتحت
ولك أبوح بما أسررت
وختمت حديثها يا غالي أنت
قال أجمل غزل منكِ سمعت
بادليني الحب لأني غرقت
في بحر هواكِ وما عرفت
من قلبكِ الخروج وما أبيت
لكل ما يقال لأنك ارق ما عنيت
داعبي شغاف قلبي ما رغبت
غيرك أميرة للحب تسكنه وما انتهيت
حبي لكِ بلا حدود وما التهمت
كلمات العشق من ثغرك ما جنيت
احبكِ .. احبكِ يا حبيبتي ما حييت
فتذهل مما سمعت وتطير فرحا وتنتشي بزهو هذه الكلمات غير مصدقة كل هذا الإبداع الذي يقال لها
ـ الشاعرة: كل هذا لي يا وميض
ـ وميض : وهل غيرك تستحق الكلام الجميل
ـ الشاعرة: سلم يراعك الذي أنقذني من الحزن إلى الفرحة والأمل.
أتمنى أن تكون كلماتك صادقة، وهل تشك بذلك، أفعالكِ تدل على عكس ذلك، أنا لك يا وميض مخلصة بحبي دائما، اشك بذلك لأنكِ تتصرفين أحيانا بعيدا عن أطار الحب الحقيقي وهذا ما ستكشفه الأيام لي وأنا مستعد لمواجهة تلك اللحظة وهيئت نفسي لها، انك واهم يا وميض، أتمنى أن أكون واهما لكني أقرء ما بين السطور واعرف حقيقة الأمور اعملي ما شئتي لصنع ما تحلمين به وسأعمل ما أشاء أنصحك إلى النهاية حتى أتمكن يوما من انتشالك من حالة الضياع أو المجد الموهوم الذي تحلمين به، أنت تقسوا عليّ بكلامك هذا ولم أعهدك هكذا، لأني وصلت معكِ إلى المستوى الذي لا بد أن تسمعيه من كلامي ربما تفيقين من حلمك لتحافظي على كبريائك أو ما تبقى منه، تغلق الاتصال معه وتنهي الحديث
( 15 )
وتبدأ مرحلة أخرى من مراحل الحذر والتوجس التي يعيشها وميض مع هذه الشاعرة التي أطلقت العنان لنفسها لتنطلق كفرس جامح في عالم المنتديات تربط الليل بالنهار لتنشر أرائها وخواطرها وقصائدها في أكثر من ثلاث منتديات ولتواجه مشاكل جمة لا تقوى على الصمود أمامها كونها امرأة تبقى أولا وأخرا ضعيفة أمام المشاكل سريعة البكاء لما أصابها، هي تعتقد أنها تبني لنفسها مجدا في عالم الشعر والإبداع وهي محقة لان للإبداع ضريبة تدفع لكن ليس كالتي تدفعها هي، من فوضى واتهامات وتنكيل، ضريبة الإبداع هي في دقة ما نكتب ومتانته واستخدام المفردة الراقية من اجل بناء موضوع راقي يعجب القراء فيشاركونا بآرائهم ونتواصل معهم بألق.
تنهار الشاعرة بسرعة وهي تقرأ الردود التي لا تليق أو وهي تقرأ الرسائل في بريدها الالكتروني لما تحتويه هذه الرسائل من إساءة لسمعتها هي تدعي أن ما ينشره البعض من أشياء تسيء أليها لا صحة له ونابع من الحقد على اسمها ومكانتها، في حين يشير الآخرين إلى حقيقة ما يكتب ويؤكدون ذلك باستمرار ويقولون أنها تستدرج الشباب عن طريق الرسائل الخاصة التي تبعثها إليهم لتوهمهم بالحب ثم تتبادل معهم الايميلات وتبدأ المرحلة الجديدة وهي الحديث معهم عبر المايك والكاميرا وتمارس نفس الأفعال التي تقوم بها مع وميض والغاية هو أن يتواجد اكبر عدد من القراء في ديوانها هذا.
وحين عرف وميض الحقيقة حاول بطيبة خاطر أن يخفف عنها ألامها وان يرسم الفرحة على وجهها ويعيد إليها ثقتها بنفسها فيبلغها بمنصب أعلى في المنتدى، منصب أعلى أنها مفاجئة سعيدة
ـ وميض: تستحقين ذلك لأنك مبدعة
ـ الشاعرة: تبتسم وتشكره وكادت أن تطير من الفرح
شعر وميض بارتياح لأنه أعاد أليها الابتسامة وأعاد أليها جزء من ثقتها بنفسها لعلها تعود كما كانت وتمارس حياتها بشكل طبيعي وتسمع نصائحه من جديد وتعمل بها.
وتمر الأيام ووميض يقرر السفر إلى مصر لا لشيء إلا للسياحة ويستغل ذلك كي يلتقي بمن أحب، رزم حقائبه ورتب أوراقه وفي اليوم المحدد توجه إلى المطار وفي التوقيت أقلعت الطائرة إلى عمان ومن هناك بعد يومين توجه إلى القاهرة رحلة طويلة لكنها تستحق ما يقدم لها من تعب لان السياحة عند وميض والاطلاع على الآثار تأتي في المقام الأول من توجهه، ومن هناك فتح أيميله وكلم الشاعرة أتدرين أنا ألان أين، لست ادري، أنا في القاهرة وارغب أن أزورك في الإسكندرية فما تقولين، ماذا ماذا أنت جاد يا وميض، نعم والله أنا في القاهرة جئت سائحا وتمنيت أن التقي بكِ.
ـ الشاعرة: مستحيل ما تطلب
ـ وميض: لماذا مستحيل
ـ الشاعرة: وضعي لا يسمح لي بذلك، لكن ممكن أن تأتي إلى الإسكندرية وعلى عنواني وستجدني واقفة عند بوابة العمارة وتمر من أمامي دون كلام، امتعض وميض من ذلك واعتبر هذه الطريقة غير لائقة وأنهى الحديث معها سريعا.
أغلق نوافذ غرفته وبابها وخرج يتجول في شوارع القاهرة يمتع ناظريه بمناظرها الجميلة وحركة سياراتها وناسها وجلس في احد مقاهيها يرتشف القهوة العربية التي تعود عليها واشترك بالحديث مع احد جالسيه وكأنه يعرفه منذ زمن بعيد وما أن غادر المقهى وواصل السير في طرقات المدينة وهو يشاهد مساجدها والجامع الأزهر بطرازه الجميل شعر بهدوء نفسه واطمئنانها فاستمر بسيره رويدا رويدا وابتسامات الناس الجميلة حين يشاهدوه تعبر عن إعجاب أو رضا بمشيته هذه.
ولم يفوته مشاهدة جامع الوالي العثماني بطرازه القديم ومساحته الواسعة وبنائه المتقن وشاهد خلفه مباشرة مرابط الخيل التابعة للوالي أيضا وكأنه يعيش الماضي القريب بكل تفاصيله.
تجول في الأسواق الحديثة والقديمة ليعرف المعروض من البضائع ، ثم سأل عن أشهر الأسواق في القاهرة التي تبيع الانتيكات والمسابح والتحف فجاءه الجواب سريعا انه خان الخليلي نعم خان الخليلي هذا ما كنت ابحث عنه دائما أسواق تاريخية قديمة بمبانيها وقديمة بصناعاتها، استأجر وميض سيارة أجرة وطلب من سائقها أن يذهب به إلى خان الخليلي فانطلقت السيارة في شوارع القاهرة إلى حيث يريد وحين وصل إلى هناك سدد المبلغ للسائق وشكره لحسن سلوكه.
دخل إلى السوق وهو مندهش لأنه للمرة الأولى يشاهد هذا السوق اندهش فعلا لجمال خان الخليلي وطبيعة بنائه وطرازه وتفرده ببيع كل ما ترغب بشرائه، كان ينظر يمينا ويسارا إلى هذه المحلات وحين شعر أن شيئا ما سيمر دون أن يراه قرر أن يشاهد المحلات التي على يمينه أولا ثم يعود لمشاهدة المحلات على يساره، تجول في الخان وهو يسير ببطء واضح لفت إليه أنظار الباعة والمتسوقين معا، شاهد مصر بكل لهجاتها المحلية في الخان وشاهد الرعايا الأجانب وهم يتجولون ويتسوقون كما شاهد الأخوة العرب في الخان كلا يبحث عن مبتغاه وحين شاهد محلا لبيع الأحجار والمسابح بمختلف أنواعها توقف أمام عارضته الزجاجية ينظر بنظرة ثاقبة ويتفحص ما يشاهد مسابح رائعة الصنع سبح يسر بمختلف الأحجام وأخرى مطعمة بالياقوت الأحمر ونوع ثالث مطعم بالفسيفساء والكهرب بأنواعه والسندلس وغير ذلك وحين قرر الشراء دخل إلى داخل المحل فأستقبله صاحبه بابتسامة جميلة مرحبا به وبدأ يجلب إليه أنواع المسابح دون تذمر، وميض لديه نوع محدد جاء ليشتريه وما أن شاهده طلب منه نوعين اليسر العادي واليسر المطعم بالياقوت، اتفقا على الثمن وسدد إليه وخرج مودعا إياه، استمر بالتجول في الخان حيث محلات بيع النحاسيات وأخرى لبيع التحف والانتيكات وكذلك محلات بيع الملابس الجميلة أو ما يسمى بالكلابيات استمر بالتجول يمينا ويسارا وهو فرح بما يشاهد من معروضات تدل على ذوق رفيع للمصريين واعتزازا واضح بصناعتهم القديمة والحديثة وترحيبهم بالزوار ذلك الترحيب الرائع.