تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :
( 24 )
وتمضي السنوات وحسين يسكن في نفس المنطقة الكسرة0
وهو يبني له مجدا ومكانة بين الناس وإذا ما حدثت مشكلة بين الجيران واشتد الصراع والعراك تدخل حسين لحسم الأمر وإنهاء المشكلة برجاحة عقله وحكمته وحب الناس أليه فأصبح مهيب الجانب عزيز المكانة مرموق السلوك والتصرف هذه المكانة التي حصل عليها حسين لم تأتي من فراغ وإنما اكتسبها من امتدادات عائلته التي نشأت في الهور وتربت على القيم والمثل والاخلاق الحميدة وهي خلاصة مواقف اجداده وأبائه التي اكتسبوها من مضيف العشيرة وتخرجوا من مدرسة الدواوين العربية وقد غرست هذه القيم بذاكرته ونبتت في عروقه وتصرف بموجبها 0
وتمضي السنين وتكبر عائلته حيث أنجبت له زوجته البنين والبنات وأخرهم ولده علي أخر العنقود الذي ولد عام 1985 م أي أثناء معركة القادسية مع إيران حيث كان والده يؤدي خدمة الاحتياط في جبهات القتال 0
نشأ على في هذه المنطقة وعاش بين أزقتها الشعبية طفلا وديعا وحين أتم السادسة من عمره دخل المدرسة الابتدائية في مدرسة الاستقلال وفي عام 1997 م دخل المدرسة المتوسطة بعد نجاحه في الامتحان الوزاري البكلوريا حينها دخل متوسطة التحرير للبنين في منطقة الوزيرية القريبة من سكنهم ، هناك تعرف على اصدقاء جدد واجتاز الصف الاول المتوسط بنجاح ففرحت عائلته به كما فرح والده كثيرا ومنحه هدية النجاح وفي الصف الثاني المتوسط رافق علي مجموعة من اصدقاء السوء وبدأ مستواه الدراسي بالهبوط حيث كان في تلك الفترة من عمره يترك الدوام في متوسطته ويذهب الى حيث مدارس البنات يقف هناك هو وزملاء السوء ويبدأون بالتحرش بالطالبات ويسمعوهن كلمات نابية غير محتشمة وتعلم من اصدقائه التدخين وانشغل معهم في امور لا تتعلق بالدراسة مطلقا 0
فشل بدراسته وفصل هذا العام بسبب غياباته التي تجاوزت الثلاثين يوما ، هذه هي فترة المراهقة التي يمر بها علي وهي فترة حرجة يحاول من خلالها اثبات شخصيته وهي تحتاج الى رقيب يتابع تطورها ويهذب سلوكه من خلالها ورغم ان العائلة بمستوى اخلاقي راقي وان اخوته الاكبر سنا كانوا يوجهوه كما ان والده كان دائم التأكيد عليه بأن يلتزم بالخط العام لسلوك العائلة وعليه ان يحسن التصرف كما يفعل اخوانه الا ان علي لم يهتم بهذه الوصايا بل اندفع كثيرا مع اصدقاء السوء وانزلق معهم منزلق خطيرا سيؤثر ذلك على سلوكه المستقبلي0
بدئوا يذهبون إلى دور السينما الرخيصة التي تقدم أفلام رخيصة أيضا والواقعة في شارع الرشيد ببغداد ، هذه السينما روادها من المنحرفين خلقيا حيث يمارسون اللواط ويتناولون الخمور وقسم كبير منهم من اللصوص وخريجو السجون وهذه السينما تعرض أفلام المجون والخلاعة والمراهقين من أمثال علي وأصدقائه كانوا يذهبون لمشاهدة تلك الأفلام وشيئا فشيئا تعلم علي شرب الخمور والمسكرات حيث ابتدأ مع أصدقائه بتناول كمية قليلة منها وما هي ألا فترة حتى أدمن عليها وأصبح لا يفارق الكأس أبدا ومن مقارعة الخمر إلى الذهاب إلى دور الدعارة وممارسة الجنس الرخيص مع نساء لا يعرفنّ إلا جمع المال بهذه الطريقة رغم أنهنّ لم تتوفر لديهنّ النظافة المطلوبة لكثرة ما يطأهنّ الرجال فأصيب بمرض زهري قلق علي كثيرا وبدأ يراجع الطبيب المختص لغرض العلاج حتى تعافى من ذلك المرض 0
طالب بمثل عمره لا دخل مادي لديه سوى ما تقدمه له العائلة من مصروف يومي كيف سيغطي نفقاته المتزايدة وكيف سيوفر المال اللازم لذلك لعلب السكائر التي يدخنها وللسموم التي يشربها من الخمور واجور الدخول للسينما ودفع اجور المتعة الزائلة في دور الدعارة كيف سيغطي كل تلك النفقات ؟ 0
كان يأخذ مصروفه اليومي من والده وكان يلتمس عطف والدته التي تعطيه بعض المال أيضا إلا أن كل ذلك لا يغطي نفقاته اليومية فحاول التصرف بقدر ما لديه من مال لكن أصدقاء السوء دفعوه دفعا إلى الهاوية وزينوا له البذخ في الصرف الغير شرعي في أمور مخالفة للدين الإسلامي حاول علي أن يغير من منهج حياته وأول ما قام به هو تغير دار السينما الذي كان من رواده وبدأ يذهب الى سينما الخيام المعروفة في بغداد صالة عرض راقية روادها من الشخصيات المتزنة وهي تعرض افلام الاكشن والجريمة لا افلام الجنس حاول علي ان يغير الجو العام المحيط به اما الامور المادية فلم تتغير ومنذ ذلك اليوم اصبح علي من رواد هذه السينما الدائميين وتولع كثيرا بأفلام الجريمة وكان يمني نفسه ان يكون بطل هذه الافلام 0
وأمام حالة الاحتياج إلى المال لتلبية رغباتهم الآنية من متعة كان لزاما عليهم أن يجدوا مصدرا لهذا المال كيف ولا عمل لديهم وهم طلاب مدارس اجتمعوا ذات يوم ووسوس الشيطان لهم طريق السرقة كما وسوس لهم سابقا طريق النساء الزانيات
ــ علي : ان هذا الطريق خطير
ــ صديقه : لا نسرق الا اشياء صغيرة تغطي نفقاتنا
ــ علي : أني أخشى أن يكشف أمرنا
ــ صديقه : سأرتب الأمور واضع الخطة وأبلغكم بذلك كي ننفذ
وضع صاحبهم هذا خطته التي تعتمد على مشاغلة احد اصحاب المحلات في السوق 0
وقد ابلغ أصدقائه سنربك صاحب المحل هذا ونطلب منهم المواد البعيدة الموجودة في الرفوف العليا وما أن يستدير لجلبها يمد احدنا يده بخفة وسرعة ليسرق جزء من المال الموجود في العلبة الخشبية التي يضع فيها نقوده وفعلا نفذوا هذه العملية بنجاح وكانت أول سرقة يمارسونها واستهوتهم تلك السرقة وقادتهم الى سرقات اخرى 0
ويستمر علي وأصدقائه برحلة الانحطاط والسقوط بين براثن الجريمة والشر كما أعجبهم ممارسة الجنس الذي دفعهم إلى التحرش بلا وازع ضمير بفتيات منطقتهم وذات يوم يأتي احد الرجال إلى جاره حسين شاكيا ولده علي لان مضايقاته لابنته قد تجاوزت الحدود أنا نعرفك جار طيب وسباق لفعل الخير والعائلة ذو سمعة لا شائبة عليها من هذا المنطق جئت إليك شاكيا علي لأنه لم يصن حرمة الجار ويتحرش بابنتي في ذهابها وإيابها وقد أخبرتني بذلك ، قدم حسين اعتذاره لجيرانه ووعده بمحاسبة علي وطلب منه أن لا يخبر احدا بذلك لحساسية الموضوع لانه يمس سمعة العائلتين 0
كان حسين يتحرق من داخله وهو ينتظر عودة ولده علي وما أن جاء طلب والده أن يقدم تفسيرا لهذا التصرف فما كان من على ألا أن يطأطئ رأسه أمام والده ويتلعثم بالجواب فأنفعل والده وضرب على بكف على خده محاولا أعادته إلى رشده وهو يقول له ألا تخجل من نفسك أترضى أن يتحارش الناس باخواتك اترك هذا الطريق ولا تمس سمعة العائلة بسوء 0
وتمضي السنين ويبلغ علي السادسة عشر عاما كان ذلك عام 2001 م وقد ترك دراسته نهائيا واستمر بطريق الشر وممارسة السرقة وذات يوم تلقي الشرطة القبض عليه متلبسا بسرقة احد الدور في المنطقة المجاورة لهم منطقة نجيب باشا فتأخذه الشرطة إلى المركز وتعرض أوراقه إلى القاضي فيحيلها إلى محكمة الأحداث لان علي لم يبلغ سن الرشد أي الثامنة عشر عاما ، حدد موعد لمحاكمته بعد أن تم تثبيت شهادة العائلة المسروقة وشهادة أفراد الشرطة وحفظ المسروقات وتدوين تفاصيلها في ملف القضية وفي جلسة المحكمة وبحضور محامي الدفاع اعترف علي بالسرقة فأصدر القاضي قرار الحكم بحقه بالسجن أربعة سنوات وحول إلى دار الإصلاح فأصيبت عائلته بنكسة كبيرة وهز كيانها إعصار الفعلة النكراء لولدهم علي فطأطأت العائلة رأسها واعتكف والده في داره حزينا خجلا من الجيران لا يدري ماذا يقول أو يفعل فقد مسخ علي تأريخ العائلة بتصرفه هذا 0
توافد الجيران إلى بيت حسين يواسوه ويخففوا عن الحزن محاولين رفع معنويات العائلة كي لا تشعر بالحرج
ــ احد الجيران : لا تحزن يا حسين على ذلك
ــ حسين : وكيف لا احزن وقد نكس رؤوسنا
ــ احد الجيران : رأسكم مرفوع ولكل شجرة غصن يابس فلا تبتئس
وبعد حوار مطول بينه وبين الجيران شعر حسين بأن الجيران لا زالوا ينظرون أليه بنفس النظرة السابقة وان ما فعله ولده علي لا يخدش من مكانتهم شيْ ولد حدث وقد أخطأ ونال جزائه وفي صباح اليوم الثاني خرج حسين إلى عمله يكسب رزقه بعرق جبينه يتظاهر أمام الناس انه قوي وبالحقيقة هو اضعف ما يكون مكسور الخاطر كئيب كان يتمنى أن يموت ولا يشهد هذا اليوم ولكن الأمر ليس بيده وإنما بيد الواحد الأحد الذي يقرر متى يموت الإنسان 0
وفي السجن دار الإصلاح يتعرف علي على شتى أصناف المجرمين من الأحداث من سراق وقتلة ومغتصبين لاعراض النساء ومن اناس ادمنت تناول المسكرات وشم السيكوتين والبنزين والثنر في شوارع العاصمة كل ذلك الخليط يعيش في ردهات واحدة ويقضون ليلهم بالحديث عن تلك الايام وكأن احدهم يعلم الاخر جرائم جديدة اما اللواط التي كانوا يمارسوه قبل دخولهم السجن فحدث ولا حرج وذلك بفعل ادمانهم المواد المسكرة 0
وعلي قبل دخوله السجن كان من رواد سينما الخيام ويتابع أفلام الجريمة والاكشن فأضافت اليه بعدا اخر للجريمة مضافا اليه ما يسمعه من قصص داخل سجنه 0
فهل فترة السجن هذه ستعلمه درسا ويتعظ ويترك ممارسة الجريمة والسرقة أم ستلقي به في رحم الجريمة ؟ 0 وهل سجنه هذا ستنقضي أيامه سريعة أم ستكون ثقيلة محملة بالذل لأمثاله من المجرمين والسراق ، كان يحدث نفسه متى اخرج لابدأ حياتي من جديد بما يرضي الله عني والناس فهل هذه صحوة الضمير والعودة الى رشده ليحافظ على قيم العائلة وتاريخ العشيرة ام هي صحوة مؤقتة تمت بتأثير ايام السجن 0
ينقضي العام الأول عسيرا عليه صعبا بمعاناته حبيس الجدران وهناك بدأ بالوشم على جسده فكتب على ذراعه جملة آه يا زمن ورسم بالوشم على الذراع الأخرى رأس صقر وكأن هذه الاوشام هي علامة فارقة للسجناء والسجون ، وفي عام 2003 م وبالتحديد في اذار منه يبدأ العدوان الامريكي والدول المتحالفة معه على العراق فتدمر البنى التحتية والمصانع والمعسكرات والمطارات ويصبح العراق من اقصاه الى اقصاه هدفا لنيران قوات الاحتلال وتستمر المعارك وتحتل بغداد في 9/ 4/ 2003 م وتسيطر القوات الغازية على مقدرات العراق وتنهب الممتلكات والبنوك ودوائر الدولة وتحطم السجون ويخرج المجرمون والقتلة الى الشوارع منطلقين الى بيوتهم 0
( 25 )
فوضى عارمة تدب الشارع العراقي وبخاصة العاصمة بغداد فيذهب ذو النفوس الضعيفة من السكان ومن الذين زين لهم الشيطان طريق النهب والسرقة إلى سرقة دوائر الدولة كافة لا يميزون بين مستشفى وبنك ولا بين دار رعاية للأيتام أو وزارة حكومية وكأن سرقة المال العام هي شيْ مشروع وهذه المجاميع أطلق عليها اسم الحواسم وهؤلاء الحواسم ممن تلذذوا بالمال الحرام اصبحوا اغنياء المدن والمناطق وقد بدأت المشاكل تسري بينهم كالنار في الهشيم وبدأنا نسمع ونرى كيف ان الابن يقتل اباه والاخ يقتل اخاه والاب يقتل ابنه وهم يقتسمون اموال الشعب التي نهبوها بالحواسم وبنظرة سريعة على واقع هذه المجاميع وخلفياتهم تراهم اساسا من عوائل لا تعير للأخلاق اهمية وهم منغمسون بالملذات والجنس الذي يمارس بينهم بابشع صوره 0
بمثل هذه الظروف خرج السجناء من سجنهم ومن بينهم علي وتوجهوا إلى دورهم ومنهم من انزلق مرة أخرى في عالم الجريمة والسرقة ومنهم من التزم بيته حبيس الجدران ينأى بنفسه عن هذه الأفعال 0
ومن السجن تعلم علي درسا لا ينساه أبدا وهو أن لا يمنح سره أي شخص آخر حيث إن غالبية المسجونين ومن خلال الحديث بينهم اتضح أن شخصا واحدا تم اعتقاله فاعترف على جميع أفراد عصابته وشركائه في السرقة والجميع محكومون بالسجن فقرر من حينها الحذر وعدم إشراك الأصدقاء بأسراره 0
قضى علي أيامه الأولى حبيس بيته لا يخرج إلى الشارع في حين جاء الجيران ليطمئنوا عليه ويحثوه على الانضباط والالتزام كي لا يقع مرة أخرى تحت مسائلة القانون ولكي يحفظ لوالده هيبته ومكانته وان يجعل من هذه التجربة القاسية درسا يستفاد منه في تقويم سلوكه والعمل بشرف من اجل مساعدة العائلة ، وحين قرر الخروج ذات يوم إلى شوارع المنطقة وأثناء تجواله شعر بأن الناس هنا ينظرون أليه بعين من الريبة والتوجس استمر بسيره غير آبها بنظرات الجميع أليه وقادته قدماه إلى حيث كان يهوى إلى احد بيوت الدعارة والتي فيها حبيبته تماسك نفسه وشحذ هممه وابتعد عن هذه الدار ومن فيها لأنه لا يريد أن يعود إلى سابق عهده وبدأ الصراع يشتد في داخله قوتان تتجاذبانه قوة الخير في أعماقه تدعوه للاستقرار وحفظ كرامة العائلة وقوة الشر ونوازعه تدفعه باتجاه الرذيلة وكان يقاوم بلا حدود كي لا يرجع إلى هذا الوكر ويوما بعد يوم تضعف إرادته وتتغلب أرادة الشر عليه ويقرر أن يزور من أحب في بيت الدعارة هذا وحين طرق الباب وفتح له دخل وهو يسأل أين حبيبتي فيأتيه الجواب صبرا يا علي ستأتي أليك بعد حين 0
وتخرج أليه فتاة من بنات الهوى تعرف عليها في بيت الدعارة في منطقته شابة جميلة ذات قوام رائع ولعوب تضحك على ذقون الشباب لنفرغ جيوبهم في متعة نهت عنها الشريعة الاسلامية0 أنا احبكِ يا ميساء، من يقول ذلك ، أنا أقوله لكِ وأنا صادق معكِ ، اثبت لي ذلك ، آلا تشعرين بحبي لكِ ، اثبت لي ذلك ، كيف اثبت لكِ حبي ، وبضحكة مسمومة وميوعة منها قالت اعطني مئة ألف دينارا لأني محتاجة إليها 0 وعدها بذلك ، فقط أعطيني مهلة أدبر لك المبلغ 0
خرج منها يائس الحال يفكر بطريقة لجلب المبلغ وراوده الشيطان بالسرقة من أحدى العجائز الوحيدات الساكنة بالشارع الخلفي لدارهم ، خرج مساءا يحمل سكينا كبيرة ، ذهب إليها كان بابها لا يزال مفتوحا ، دخل مسرعا ، رأته ، لف ذراعه من خلفها وكمم فمها بكف يده وبدأ بطعنها عدة مرات حتى سقطت أرضا وطعنها بأخرى في صدرها معتقدا انه مزق قلبها 0
سرق ذهبها ومبلغا نقديا وخرج مسرعا ، دخل داره، خبئ الذهب في صندوق خشبي خاص به وحمل المال معه ، ذهب إلى دار من يحب فرحا
ـ علي : لقد جلبت لكِ المال يا ميساء
ـ ميساء :أين هو
هذه مائتان وخمسون ألف لكِ والنصف الأخر لي ، احتظنته بلهفة بالغة وانامته مها في سرير واحد0
كانت هذه الخطوة الأولى بعد الخروج من السجن لتقوده إلى خطوات أخرى اكبر بعدا ومأساوية وإجراما ، كان يتصل بحبيبته ميساء باستمرار ويخرج معها بنزهة في بغداد لا يهمه ما يسمعه وما قد يحدث المهم عنده ان يتواصل مع حبيبته 0 وعاود علي دخول دور العرض السينمائي ومتابعة افلام الجريمة كما وقد دخل الستلايت في كل البيوت واصبح بأمكانه متابعة تلك الافلام وهوبداره وكان ذكيا يحفظ الجريمة وكيف حدثت بكامل تفاصيلها وتتراكم عنده الخبرة ويستفاد من وسائل الجريمة الحديثة المختزنة بذاكرته 0
كان علي يتصل بها باستمرار ويأخذها في نزهة بشوارع بغداد ومنتزهاتها ويجالسها في مطاعم المدينة وفي طريق العودة يفتح حقيبتها ليضع فيها مبلغا كبيرا من المال 0
ـ ميساء : ( مع ابتسامة لطيفة ) شكرا علي
ـ علي : ( يبتسم لها ) تدللين عمري
ـ ميساء : ( تمسك يده برفق ) أموت عليك حبيبي
يستمر معها بعلاقة حميمة استمرت طويلا وبدأت هي تستغل تلك العلاقة واندفاعه باتجاهها حتى وصل بها الحال إلى الابتزاز بأعذار شتى
ذات يوم اتصلت به هاتفيا 000 الو ، ( وبارتباك مصطنع وبكاء كاذب ) حبيبي محتاجتك ، قولي ماذا بكِ ، أنا بمأزق ومحتاجة مليون دينار ، غير متوفر لدي ألان ، طيب أتصرف أرجوك ، أمهليني اليوم فقط يا ميساء ، طيب باي 0
أغلقت الهاتف وهي تضحك مع أحدى الزانيات من شريكاتها في بيت الدعارة 0
لم يسأل علي عن سبب طلب هذا المبلغ بل بدأ يفكر بالسرقة لتأمينه لها ، حمل مسدسه وخرج ليلا إلى احد الأسواق القريبة من دارهم وانتظر أن يسود الهدوء السوق ، دخل احد المحلات التجارية الكبيرة وهو يغطي وجهه باليشماغ العربي كي لا يعرفه ووجه مسدسه إلى صاحب المحل مهددا أيها بالقتل أو دفع ما لديه من أموال ، استجاب له أعطاه المال المتوفر عنده وهو مبلغ كبير يفوق المليون دينار 0
خرج علي مسرعا فرحا وتوجه الى بيت من يحب وسلمها مبلغ المليون دينار وقضى ليلة معها على سرير الزنى يمارس معها ما يشاء 0
وكأنه لا يعي حقيقة واحدة ان هذا الطريق سيودي به الى الموت او ان ينال عذاب اليم من الله تعالى 0
حين اعتكف علي بغرفته ليلا في احد أيام عام 2005 يفكر بالجريمتين السابقتين وكيف نفذهما على عجل مدفوعا من حبيبة القلب تلك الزانية التي تنام يوميا بحضن عدة رجال شعر بحجم الخطأ الجسيم الذي ارتكبه وعليه أن لا يعود لمثلها بالمستقبل وبدأ يحاور نفسه ويضع الحلول لتساؤلاته عليه أن يظهر أمام الجيران وأمام كل من يعرفه بصورة أخرى تختلف عن الصورة السابقة وعليه أن يوفر غطاءا لنفسه يقيه انتقاد الناس بل ويزرع عندهم الثقة به وبسلوكه واخيرا قرر ان يمارس الصلاة ويؤديها في بادئ الامر في البيت حتى يتقن ادائها وبالفعل نفذ ذلك وشعر جميع من بالبيت ان علي قد تغير وانه سلك الطريق القويم بعد ذلك بدأ الصلاة بمواقيتها في الحسينية الموجودة بمنطقتهم واصبح من روادها الدائميين مما اثار اعجاب الجيران به ، قال احدهم يبدوا ان علي قد استفاد من تجربة سجنه ، اجابه الاخر انك لن تهدي من احببت والله يهدي من يشاء ، نعم لقد تغير علي ونسأل الله تعالى ان يستمر بهدايته 0
لقد خدع علي الجميع بطريقته هذه كي يغطي على جريمتيه السابقتين والجرائم اللاحقة التي ينوي القيام بها ولكي يَحبُك اللعبة طلب من جيرانه المقربين ان يبحثوا معه على محل للايجار لكي يعمل به ويكسب رزقه وحين لن يجدوا له المحل بسوق الكسرة اضطر الى العبور في الجهة الثانية اي محلة نجيب باشا وهناك وجد ضالته محل تجاري خالي خلف مستشفى الخيال قام بايجاره وقد طلب من والده مساعدته المالية لكي يجهز المحل بالمواد الغذائية والمعلبات 0
منحه والده المبلغ المطلوب وبدأ علي بترميم المحل ووضع الديكور والرفوف ثم وضع في أرضية المحل مكانا يسع لصندوقه الموجود في البيت والذي يحتوي على الذهب المسروق وما أن أنجز أعمال المحل اخرج جزء من الذهب الذي بحوزته وذهب إلى سوق الكاظمية حيث الصاغة وهناك باع الدفعة الاولى منه وعاد بالمبلغ ثم تسوق المواد اللازمة للمحل وقام بوضع قطعة خشب على مكان الصندوق ثم وضع عليها كيس الرز لكي لا يلفت انظار احد اليه وباشر بالعمل بمحله والناس قد اطمئنت عليه وعلى تصرفاته وسلوكه الجديد حيث يترك عمله بالمحل ليؤدي فريضة الصلاة جماعة مع المصلين ثم يعود لمحله وبدأت الناس تتحدث عن سيرته الجديدة والاخبار تصل الى والديه الذين فرحوا بهذا التغير والجيران تمدح سلوكه وهم يقولون لقد عاد الى اصله الطيب واخلاق العائلة العريقة 0
وفي تلك الفترة بالذات كان رجال الشرطة يبحثون في القضيتين الجريمتين اللتان وقعتا حيث أمر مدير شرطة الاعظمية بتشكيل فريق عمل من شرطته للبحث عن الادلة لكي يتوصلوا الى الجناة لكن دون جدوى وقد تم تسجيل القضيتين ضد مجهول 0
لقد اوجد علي لنفسه غطاءين الأول غطاء الدين الذي تستر به ليبعد الانظار عنه والثاني غطاء المحل الذي فتحه والذي ستنسب اليه مردوداته المالية من السرقات القادمة ، لقد تغلب عليه الشيطان بل اصبح هو نفسه شيطان الجريمة والخداع والمكر ، غطائين لا احد يتصور زيفهما وهو يؤدي العمل من خلالهما 0
لقد زاره أصدقاء السوء إلى محله وطلبوا منه العودة أليهم والتنزه معا وان يعودوا لممارسة السرقة كما أيام زمان ألا أن علي رفض ذلك وطلب منهم عدم الاقتراب منه لأنه اختار طريق أخر وقد تحير أصدقاء السوء من الرد كيف ينقلب علي كل هذا المنقلب وكيف أثرت به سنين السجن ليعود فردا صالحا نافعا بالمجنمع غادروه وهم يرددون ذلك وقرروا عدم الاتصال به مرة ثانية حيث وصلتهم اخبار تدينه واستقامته الظاهرة للعيان 0
( 26 )
وبعد أن زين صورته بهذه الطريقة وغير نظرة الناس أليه بدأ يفكر بتنفيذه لعمليات سرقة كبيرة بمفرده يسعى من خلالها تطوير واقعه وآخذت تراوده أفكار جنونية كيف نحن نسكن هنا في هذه البيوت الصغيرة القديمة الرطبة والخالية من كل وسائل الراحة في حين المنطقة المجاورة لنا منطقة نجيب باشا يعيشون في قصور كبيرة وبحدائق جميلة تفوق مساحتها أضعاف مساحة دورنا يجب أن نأخذ منهم ما يعيننا على تطور وضعنا وبالطريقة التي أراها 0
وكأن طريق الشر هذا هو الحل وسرقة أموال الناس شيء شرعي متناسيا أن ذلك حرام ولا يجوز وانه سيحاسب عليه يوم تقوم الساعة ، تناسى علي أن طريق العمل والمثابرة والجد هو الطريق الأفضل لتطوير الواقع اعمل تكسب مالا تطور به واقعك تناسا علي كل تلك القيم والاخلاق والابعاد التاريخية لعائلته وبدأ التفكير بشكل يسيء اليهم لقد حسم امره وسار في طريق الشر الى النهاية 0
وفي اليوم الثاني اختلى علي بنفسه في غرفة داخل الدار وبدأ يفكر بتوسيع دائرة سرقاته لان السرقات البسيطة التي يقوم بها لم تكفي احتياجاته ، هو بحاجة إلى عمليات سرقة كبرى لتغطي نفقاته الغير مشروعة ، قرر أن يرتكب جرائم مخطط لها دون أن يترك اثر يشير أليه أو دليل يكشف مرتكب الجريمة 0
انطلق صباحا متوجها إلى الحي المجاور لهم وبدأ برصد الدور الراقية فيه ويرصد حركات سكانها ، استمر أسبوعا في المراقبة حتى حدد هدفه ، دار يسكنه رجل عجوز وزوجته حيث بقية العائلة متواجدة في المهجر خارج القطر ، من خلال مراقبته عرف وقت غلق الأبواب الخارجية مساءا 0 وضع خططه اللازمة وحمل مسدسه وسكين كبيرة ، خرج ليلا وصل الدار المذكور وبسرعة ركض علي ودخل حديقة الدار واختبأ هناك ، لبس قناعه الأسود وقفازيه المطاطيين 0
خرج الرجل العجوز باتجاه الباب الخارجي لغلقه ، ركض علي ودخل القصر ووضع سكينه على رقبة المرأة ، دخل الرجل العجوز وأغلق الباب الداخلي وحين دخل ذهل مما رأى ، لا يا ولدي لا تؤذي زوجتي ، اجلب لي المال والذهب فورا وألا قتلتها ، لكَ ما تريد يا ولدي 0
ـ الرجل : هذا كل ما لدينا من ذهب وأموال
ـ علي : ضعه في كيس واتركه على الطاولة
ذهب الرجل لجلب الكيس ، قام علي بوضع يده اليسرى على فم المرأة ثم سحبها بقوة إلى صدره من خلفها وطعنها بيده اليمنى بسكينه عدة طعنات ثم مرر سكينه على رقبتها وقطع لها الشرايين ، جاء الرجل بالكيس شاهد المنظر صرخ لا وأغمى عليه0 قام علي بقتل الرجل أيضا وكتب بالدم أنا شبح الموت 0 خرج من الدار وأغلق الباب الداخلي ثم انتظر في الحديقة قليلا وتأكد من خلو الشارع نزع قناعه وقفازيه وقفز إلى الشارع حاملا ما سرقه 0
استغرب جيران العائلة من عدم خروجهم من الدار صباح اليوم الثاني ، ابلغوا الشرطة ، تم اتخاذ الأجراء اللازم باقتحام الدار وتحديد مسرح الجريمة وتصويرها وحاولوا رفع البصمات دون جدوى ولم يعثروا على أي كسر للباب الداخلي ثم صوروا جملة ( أنا شبح الموت ) 0 قام ضابط التحقيق بالاستفسار من الجيران هل للعائلة أعداء ؟ وهل شاهدوا من دخل الدار أم هل شعروا بشيء مريب ؟0 وجاء الجواب بالنفي 0
بعد إنهاء الإجراءات القانونية والرسمية أمر بنقل الجثتين إلى الطب ألعدلي ، وأمر الشرطة بالانسحاب وهو يقول أين المفر يا شبح الموت 000 سأتعقبك يا شبح الموت 0
ما كان من علي ألا الذهاب إلى محله وهناك رفع كيس الرز وفتح مخبأه ووضع فيه الذهب والأموال ثم أغلق المخبأ وارجع كيس الرز إلى مكانه وفي المحل تعمد أثارة ضجة مفتعلة مع احد الأشخاص لكي يوحي للجيران انه موجود في محله ويشهدوا على ذلك أذا ما لزم الأمر 0
جريمة أخرى في سلسلة جرائمه وأجهزة الشرطة تحقق ولا من دليل وبدأ النقاش ساخنا بين مدير شرطة الاعظمية وضباط مديريته وهم يناقشون الجريمة
ــ المدير : تشير الوقائع اننا امام عصابة منظمة خبيرة باجرامها لا تترك اثرا يستدل منه عليها
ــ احد الضباط : سيدي الوضع الأمني غير مستقر وعمليات السرقة متعددة وهذه أحداها
ــ المدير : قبلها جريمتين وهذه ابشع دققوا سجلات ذوي السوابق من المجرمين والقتلة واجمعوا المعلومات وشكلوا غرفة عمليات لهذا الغرض 0
وتتحول مديرية شرطة الاعظمية الى خلية نحل تعمل بجد ومثابرة وتدرس الملفات وتنطلق لجمع المعلومات بمساعدة استخبارات وزارة الداخلية عن المجرمين السابقين ومجرمي فترة الحواسم ايضا لربما تجد ضالتها فيهم نقاش جاد بين الضباط وهم يستعرضون الاسماء ويشاهدون صور المجرمين ويدرسوا جميع قضاياهم السابقة وطريقة ادائهم للجريمة من اجل مطابقتها مع الجرائم الجديدة وتناقش الاسماء وتضع الملاحظات على كل مجرم وحين وصلوا الى ملف علي حسين حسن وقرأوه وجدوا جريمة سرقة واحدة وامسك به ونال جزاءه وهو اليوم ذو سمعة جيدة لا شائبة عليه ويكسب رزقه من محله 0
وجاءهم التوجيه من مدير شرطة الاعظمية اسألوا عنهم واحدا واحدا في مناطق سكنهم واستعينوا برأي المختار ووجهاء المنطقة لانهم الاقرب الى هؤلاء الناس ويعرفون تحركاتهم 0
ينتهي الاجتماع وينطلق الضباط لتنفيذ الأوامر فيأتيهم الجواب بخصوص علي مطابقا للمعلومات التي لديهم كونه استقام وأصبح من رواد الحسينية يؤدي فيها الفروض ويكسب رزقه من محله ، وتأتيهم المعلومات عن الجميع وتكلف مجموعة من المراتب واحد الضباط لمتابعة ورصد تحركات المشتبه بهم ممن جاءت المعلومات عنهم غير مشجعة 0
كان علي حريصا على أن لا يقوم بعمل أخر ألا بعد حين كي يعطي فترة أمان محدودة خف خلالها توتر أجهزة الشرطة ومن ثم يقوم بالعملية الجديدة بإتقان ودون خوف 0
ليس هذا فحسب بل كان علي أكثر سخائا وكرما يعطي الفقراء من محله دون حساب ويوحي للناس بأنه احد المحسنين الورعين فلم يروه يوما ينهر سائل أو يمنع المال على محتاج وكان سباقا لفعل الخير يدعم أبناء منطقته بما تجود به نفسه وامكانياته المادية كما ويعطي العوائل الفقيرة الموجودة في منطقة نجيب باشا ما تستحق من مساعدة وكانت بيوت محدودة جدا بالنسبة الى بيوت المنطقة الكثيرة ، لقد حصن نفسه وأمن منافذ التسلل الى سلوكه عبر هذه التصرفات التي ابعدت عنه كل عين بل ومنعت كل لسان من ان يحكي شيئا او يمسه بشيء من السوء بل الجميع يمتدحون اخلاقه وتوبته الظاهرة لله تعالى وهم لا يعرفون بواطن الامور وما تخفي النفوس من شر 0
تستمر خلية عمل الشرطة بأداء مهامها وتلقي القبض على شركاء علي السابقين ويتم التحقيق معهم على انفراد تحقيق غير رسمي لاعتقالهم على الشبهات ومن خلال الضغط والمناورة والاستفزاز حاول رجال الشرطة الحصول على معلومات تعينهم على الجناة لكن دون جدوى فلم يكن المشتبه بهم ممن نفذوا العمليات السابقة وليس عندهم معلومات عنها تفيد الشرطة وحين تم سؤالهم عن علاقتهم بعلي أجابوا جميعا كنا أصدقاء في السابق أما بعد خروجه من السجن فقد رفض اللقاء بنا وابلغنا ذلك بنفسه وقطع معنا كل صلة وانشغل بعبادته ومحله 0
وقد اخلي سبيلهم لأنه لا توجد قضية ضدهم أساسا وتستمر الشرطة بالمتابعة وجمع المعلومات وتحليلها بغية التوصل إلى الجناة ويوما بعد يوم تهدأ عاصفة الشرطة وتعود أعمالها بالشكل الاعتيادي قبل الجريمة وبدأ الناس أيضا بنسيان ما حصل وانشغلوا بأعمالهم وشؤونهم عندها بدأ علي التحرك والتخطيط لجريمته القادمة وكيف ستكون وسوف يهيئ كل مستلزماتها وأول ما فعل اشترى مجموعة من الأحذية المطاطية ليستخدمها في جرائمه حذاء لكل جريمة ثم يحرقه فورا 0
بعد جريمته الثالثة بدأ شبح الموت يخطط لجريمته الرابعة وبدأ يتجول في المحلة المجاورة لمحلته حيث لم يتطلب منه الأمر سوى عبور الشارع الرئيسي الذي يفصل كلا المحلتين 0
لم يشك به احد في تجواله ليلا ونهارا وذلك لكونه من الوجوه المألوفة لأهالي المحلة حيث أن كلا المحلتين من حي سكني واحد وله معارف وأصدقاء هناك وكذلك محله التجاري فيها ايضا 0 لم يمر بالشارع الذي ارتكب فيه جريمته الثالثة بل تجاوزه بعدة شوارع وهناك بدأ الرصد في الساعة التاسعة مساءا وأثناء تجواله لاحظ احد الرجال يدخل داره وحين وصل الباب الداخلي طرق طرقتين متتاليتين ثم برهة من الوقت يطرق الثالثة وينتظر فتفتح زوجته الباب 0
عاود علي ( شبح الموت ) في اليوم الثاني رصد نفس الدار في ذلك الشارع وفي نفس الوقت ، يتكرر المشهد 0 وضع علي خططه لارتكاب جريمته الرابعة والتي لم يمر على الثالثة سوى سبعة أيام0
دخل في الشارع المعني ووصل إلى الدار الذي حدده كهدف له قبل موعد رجوع رب الأسرة بنصف ساعة وحين أيقن أن الشارع خالي دخل إلى الدار ووصل إلى الباب الداخلي هيأ سلاحه وطرق طرقتين متتاليتين ثم أعقبها بالطرقة الثالثة ، انتبهت الزوجة أن الطرق اليوم قبل الموعد لقد عاد زوجي قبل موعده ، تقدمت باتجاه الباب وفتحته وبلمح البصر دفعها علي بيده بقوة حتى سقطت أرضا ، أغلق علي الباب ووضع سكينه على رقبتها أقتلكِ واقتل طفليكِ إذا أثرتي أي ضجة ، قل ما تريد ودعني وأطفالي ، أعطني مصوغاتك الذهبية وما تملكين من مال ، لكَ ما تريد 000 رفقا بأطفالي لقد أرعبتهم 0
وضع يده على فمها وشدها أليه حتى لامست جسده وطلب منها السير إلى حيث الذهب والمال ، دخلت غرفتها وأخرجت ما أراد حلي ذهبية ومبلغ مليوني دينار كل ما موجود في الدار ، وضع سرقته في جيبه واخرج المرأة إلى حيث طفليها المرعوبين وصراخهما يملئ الدار ، طلبت منه الرحمة بعدم إيذائها وأطفالها ورجته بشدة أن يغادر دارها كي تسكت أطفالها 0
ـ علي : ( وهو يضحك ) لكي ما تريدين
ـ المرأة : ( وهي ترتجف خوفا ) شكرا لك
قام علي بطعنها بسكينه عدة طعنات ثم قطع شرايين رقبتها وأعقبها بقتل طفليها ثم كتب بالدم أنا شبح الموت 0
أغلق الباب الداخلي بعد خروجه وكأنه لم يرتكب جريمة بشعة ، وصل الباب الخارجي وتأكد من خلو الشارع عندها نزع قناعه الأسود وقفازيه المطاطين وخرج من الدار يسير بهدوء ، وصل محلته ودخل دار الزنا التي يرتادها حيث ممارسة الجنس وتبذير جزء من الأموال المسروقة على تلك الزانية التي أحبها 0
جاء الزوج كعادته طرق الباب ولم يفتح له، استغرب ذلك نظر من الشباك شاهد الجريمة البشعة ذهل ، صرخ اتصل بالشرطة 00 تجمع الجيران 0
جاء ضابط التحقيق وتم الكشف على مسرح الجريمة ، حاولوا كشف الأدلة ورفع البصمات دون جدوى ، تم تصوير جملة أنا شبح الموت 0 امتعض ضابط التحقيق أتعيد الكرة مرة ثانية يا شبح الموت أمر بنقل الجثث إلى الطب ألعدلي 0 أصيب الزوج بهستريا ، تم نقله إلى المستشفى 0
وكعادته سأل ضابط الشرطة الجيران ولم يجد عندهم ما يشفي غليله سحب ألشرطه وتوعـد بالنيل من الجاني ، سألقي القبض عليك يا مرتكب الجريمة البشعة سأنال منك يا شبح الموت 0
وفي الصباح ذهب إلى محله يحمل معه المسروقات من ذهب وأموال ووضعها في مخبأه السري وكأنه لم يفعل شيئا سرقة وقتل ببرود أعصاب هذه الجرائم أثارت الرعب في قلوب الناس وجعلت الناس تتوجس خيفة من الذي سيحصل في المستقبل وأي العوائل مرشحة للأبادة من قبل تلك العصابة التي تقتل بلا حدود ولم تقيم للنفس البشرية وزنا ولا قيمة تنحر العوائل رجالا ونساء نحر النعاج ، من يفعل هذا متمرس في الاجرام ومدفوع بوازع من الحقد والتلذذ بالدم 0
فهل سيرعوي القتلة والمجرمون ويتركوا طريق الشر هذا وهل الشرطة ستفي بوعودها وتزيد من حذرها وتكثف من دورياتها كي تلقي القبض على تلك العصابة وهل سيهدأ الناس ويناموا في بيوتهم آمنين وهل 00 وهل 00 اسئلة كثيرة ولا من مجيب 0
وتمضي السنوات وحسين يسكن في نفس المنطقة الكسرة0
وهو يبني له مجدا ومكانة بين الناس وإذا ما حدثت مشكلة بين الجيران واشتد الصراع والعراك تدخل حسين لحسم الأمر وإنهاء المشكلة برجاحة عقله وحكمته وحب الناس أليه فأصبح مهيب الجانب عزيز المكانة مرموق السلوك والتصرف هذه المكانة التي حصل عليها حسين لم تأتي من فراغ وإنما اكتسبها من امتدادات عائلته التي نشأت في الهور وتربت على القيم والمثل والاخلاق الحميدة وهي خلاصة مواقف اجداده وأبائه التي اكتسبوها من مضيف العشيرة وتخرجوا من مدرسة الدواوين العربية وقد غرست هذه القيم بذاكرته ونبتت في عروقه وتصرف بموجبها 0
وتمضي السنين وتكبر عائلته حيث أنجبت له زوجته البنين والبنات وأخرهم ولده علي أخر العنقود الذي ولد عام 1985 م أي أثناء معركة القادسية مع إيران حيث كان والده يؤدي خدمة الاحتياط في جبهات القتال 0
نشأ على في هذه المنطقة وعاش بين أزقتها الشعبية طفلا وديعا وحين أتم السادسة من عمره دخل المدرسة الابتدائية في مدرسة الاستقلال وفي عام 1997 م دخل المدرسة المتوسطة بعد نجاحه في الامتحان الوزاري البكلوريا حينها دخل متوسطة التحرير للبنين في منطقة الوزيرية القريبة من سكنهم ، هناك تعرف على اصدقاء جدد واجتاز الصف الاول المتوسط بنجاح ففرحت عائلته به كما فرح والده كثيرا ومنحه هدية النجاح وفي الصف الثاني المتوسط رافق علي مجموعة من اصدقاء السوء وبدأ مستواه الدراسي بالهبوط حيث كان في تلك الفترة من عمره يترك الدوام في متوسطته ويذهب الى حيث مدارس البنات يقف هناك هو وزملاء السوء ويبدأون بالتحرش بالطالبات ويسمعوهن كلمات نابية غير محتشمة وتعلم من اصدقائه التدخين وانشغل معهم في امور لا تتعلق بالدراسة مطلقا 0
فشل بدراسته وفصل هذا العام بسبب غياباته التي تجاوزت الثلاثين يوما ، هذه هي فترة المراهقة التي يمر بها علي وهي فترة حرجة يحاول من خلالها اثبات شخصيته وهي تحتاج الى رقيب يتابع تطورها ويهذب سلوكه من خلالها ورغم ان العائلة بمستوى اخلاقي راقي وان اخوته الاكبر سنا كانوا يوجهوه كما ان والده كان دائم التأكيد عليه بأن يلتزم بالخط العام لسلوك العائلة وعليه ان يحسن التصرف كما يفعل اخوانه الا ان علي لم يهتم بهذه الوصايا بل اندفع كثيرا مع اصدقاء السوء وانزلق معهم منزلق خطيرا سيؤثر ذلك على سلوكه المستقبلي0
بدئوا يذهبون إلى دور السينما الرخيصة التي تقدم أفلام رخيصة أيضا والواقعة في شارع الرشيد ببغداد ، هذه السينما روادها من المنحرفين خلقيا حيث يمارسون اللواط ويتناولون الخمور وقسم كبير منهم من اللصوص وخريجو السجون وهذه السينما تعرض أفلام المجون والخلاعة والمراهقين من أمثال علي وأصدقائه كانوا يذهبون لمشاهدة تلك الأفلام وشيئا فشيئا تعلم علي شرب الخمور والمسكرات حيث ابتدأ مع أصدقائه بتناول كمية قليلة منها وما هي ألا فترة حتى أدمن عليها وأصبح لا يفارق الكأس أبدا ومن مقارعة الخمر إلى الذهاب إلى دور الدعارة وممارسة الجنس الرخيص مع نساء لا يعرفنّ إلا جمع المال بهذه الطريقة رغم أنهنّ لم تتوفر لديهنّ النظافة المطلوبة لكثرة ما يطأهنّ الرجال فأصيب بمرض زهري قلق علي كثيرا وبدأ يراجع الطبيب المختص لغرض العلاج حتى تعافى من ذلك المرض 0
طالب بمثل عمره لا دخل مادي لديه سوى ما تقدمه له العائلة من مصروف يومي كيف سيغطي نفقاته المتزايدة وكيف سيوفر المال اللازم لذلك لعلب السكائر التي يدخنها وللسموم التي يشربها من الخمور واجور الدخول للسينما ودفع اجور المتعة الزائلة في دور الدعارة كيف سيغطي كل تلك النفقات ؟ 0
كان يأخذ مصروفه اليومي من والده وكان يلتمس عطف والدته التي تعطيه بعض المال أيضا إلا أن كل ذلك لا يغطي نفقاته اليومية فحاول التصرف بقدر ما لديه من مال لكن أصدقاء السوء دفعوه دفعا إلى الهاوية وزينوا له البذخ في الصرف الغير شرعي في أمور مخالفة للدين الإسلامي حاول علي أن يغير من منهج حياته وأول ما قام به هو تغير دار السينما الذي كان من رواده وبدأ يذهب الى سينما الخيام المعروفة في بغداد صالة عرض راقية روادها من الشخصيات المتزنة وهي تعرض افلام الاكشن والجريمة لا افلام الجنس حاول علي ان يغير الجو العام المحيط به اما الامور المادية فلم تتغير ومنذ ذلك اليوم اصبح علي من رواد هذه السينما الدائميين وتولع كثيرا بأفلام الجريمة وكان يمني نفسه ان يكون بطل هذه الافلام 0
وأمام حالة الاحتياج إلى المال لتلبية رغباتهم الآنية من متعة كان لزاما عليهم أن يجدوا مصدرا لهذا المال كيف ولا عمل لديهم وهم طلاب مدارس اجتمعوا ذات يوم ووسوس الشيطان لهم طريق السرقة كما وسوس لهم سابقا طريق النساء الزانيات
ــ علي : ان هذا الطريق خطير
ــ صديقه : لا نسرق الا اشياء صغيرة تغطي نفقاتنا
ــ علي : أني أخشى أن يكشف أمرنا
ــ صديقه : سأرتب الأمور واضع الخطة وأبلغكم بذلك كي ننفذ
وضع صاحبهم هذا خطته التي تعتمد على مشاغلة احد اصحاب المحلات في السوق 0
وقد ابلغ أصدقائه سنربك صاحب المحل هذا ونطلب منهم المواد البعيدة الموجودة في الرفوف العليا وما أن يستدير لجلبها يمد احدنا يده بخفة وسرعة ليسرق جزء من المال الموجود في العلبة الخشبية التي يضع فيها نقوده وفعلا نفذوا هذه العملية بنجاح وكانت أول سرقة يمارسونها واستهوتهم تلك السرقة وقادتهم الى سرقات اخرى 0
ويستمر علي وأصدقائه برحلة الانحطاط والسقوط بين براثن الجريمة والشر كما أعجبهم ممارسة الجنس الذي دفعهم إلى التحرش بلا وازع ضمير بفتيات منطقتهم وذات يوم يأتي احد الرجال إلى جاره حسين شاكيا ولده علي لان مضايقاته لابنته قد تجاوزت الحدود أنا نعرفك جار طيب وسباق لفعل الخير والعائلة ذو سمعة لا شائبة عليها من هذا المنطق جئت إليك شاكيا علي لأنه لم يصن حرمة الجار ويتحرش بابنتي في ذهابها وإيابها وقد أخبرتني بذلك ، قدم حسين اعتذاره لجيرانه ووعده بمحاسبة علي وطلب منه أن لا يخبر احدا بذلك لحساسية الموضوع لانه يمس سمعة العائلتين 0
كان حسين يتحرق من داخله وهو ينتظر عودة ولده علي وما أن جاء طلب والده أن يقدم تفسيرا لهذا التصرف فما كان من على ألا أن يطأطئ رأسه أمام والده ويتلعثم بالجواب فأنفعل والده وضرب على بكف على خده محاولا أعادته إلى رشده وهو يقول له ألا تخجل من نفسك أترضى أن يتحارش الناس باخواتك اترك هذا الطريق ولا تمس سمعة العائلة بسوء 0
وتمضي السنين ويبلغ علي السادسة عشر عاما كان ذلك عام 2001 م وقد ترك دراسته نهائيا واستمر بطريق الشر وممارسة السرقة وذات يوم تلقي الشرطة القبض عليه متلبسا بسرقة احد الدور في المنطقة المجاورة لهم منطقة نجيب باشا فتأخذه الشرطة إلى المركز وتعرض أوراقه إلى القاضي فيحيلها إلى محكمة الأحداث لان علي لم يبلغ سن الرشد أي الثامنة عشر عاما ، حدد موعد لمحاكمته بعد أن تم تثبيت شهادة العائلة المسروقة وشهادة أفراد الشرطة وحفظ المسروقات وتدوين تفاصيلها في ملف القضية وفي جلسة المحكمة وبحضور محامي الدفاع اعترف علي بالسرقة فأصدر القاضي قرار الحكم بحقه بالسجن أربعة سنوات وحول إلى دار الإصلاح فأصيبت عائلته بنكسة كبيرة وهز كيانها إعصار الفعلة النكراء لولدهم علي فطأطأت العائلة رأسها واعتكف والده في داره حزينا خجلا من الجيران لا يدري ماذا يقول أو يفعل فقد مسخ علي تأريخ العائلة بتصرفه هذا 0
توافد الجيران إلى بيت حسين يواسوه ويخففوا عن الحزن محاولين رفع معنويات العائلة كي لا تشعر بالحرج
ــ احد الجيران : لا تحزن يا حسين على ذلك
ــ حسين : وكيف لا احزن وقد نكس رؤوسنا
ــ احد الجيران : رأسكم مرفوع ولكل شجرة غصن يابس فلا تبتئس
وبعد حوار مطول بينه وبين الجيران شعر حسين بأن الجيران لا زالوا ينظرون أليه بنفس النظرة السابقة وان ما فعله ولده علي لا يخدش من مكانتهم شيْ ولد حدث وقد أخطأ ونال جزائه وفي صباح اليوم الثاني خرج حسين إلى عمله يكسب رزقه بعرق جبينه يتظاهر أمام الناس انه قوي وبالحقيقة هو اضعف ما يكون مكسور الخاطر كئيب كان يتمنى أن يموت ولا يشهد هذا اليوم ولكن الأمر ليس بيده وإنما بيد الواحد الأحد الذي يقرر متى يموت الإنسان 0
وفي السجن دار الإصلاح يتعرف علي على شتى أصناف المجرمين من الأحداث من سراق وقتلة ومغتصبين لاعراض النساء ومن اناس ادمنت تناول المسكرات وشم السيكوتين والبنزين والثنر في شوارع العاصمة كل ذلك الخليط يعيش في ردهات واحدة ويقضون ليلهم بالحديث عن تلك الايام وكأن احدهم يعلم الاخر جرائم جديدة اما اللواط التي كانوا يمارسوه قبل دخولهم السجن فحدث ولا حرج وذلك بفعل ادمانهم المواد المسكرة 0
وعلي قبل دخوله السجن كان من رواد سينما الخيام ويتابع أفلام الجريمة والاكشن فأضافت اليه بعدا اخر للجريمة مضافا اليه ما يسمعه من قصص داخل سجنه 0
فهل فترة السجن هذه ستعلمه درسا ويتعظ ويترك ممارسة الجريمة والسرقة أم ستلقي به في رحم الجريمة ؟ 0 وهل سجنه هذا ستنقضي أيامه سريعة أم ستكون ثقيلة محملة بالذل لأمثاله من المجرمين والسراق ، كان يحدث نفسه متى اخرج لابدأ حياتي من جديد بما يرضي الله عني والناس فهل هذه صحوة الضمير والعودة الى رشده ليحافظ على قيم العائلة وتاريخ العشيرة ام هي صحوة مؤقتة تمت بتأثير ايام السجن 0
ينقضي العام الأول عسيرا عليه صعبا بمعاناته حبيس الجدران وهناك بدأ بالوشم على جسده فكتب على ذراعه جملة آه يا زمن ورسم بالوشم على الذراع الأخرى رأس صقر وكأن هذه الاوشام هي علامة فارقة للسجناء والسجون ، وفي عام 2003 م وبالتحديد في اذار منه يبدأ العدوان الامريكي والدول المتحالفة معه على العراق فتدمر البنى التحتية والمصانع والمعسكرات والمطارات ويصبح العراق من اقصاه الى اقصاه هدفا لنيران قوات الاحتلال وتستمر المعارك وتحتل بغداد في 9/ 4/ 2003 م وتسيطر القوات الغازية على مقدرات العراق وتنهب الممتلكات والبنوك ودوائر الدولة وتحطم السجون ويخرج المجرمون والقتلة الى الشوارع منطلقين الى بيوتهم 0
( 25 )
فوضى عارمة تدب الشارع العراقي وبخاصة العاصمة بغداد فيذهب ذو النفوس الضعيفة من السكان ومن الذين زين لهم الشيطان طريق النهب والسرقة إلى سرقة دوائر الدولة كافة لا يميزون بين مستشفى وبنك ولا بين دار رعاية للأيتام أو وزارة حكومية وكأن سرقة المال العام هي شيْ مشروع وهذه المجاميع أطلق عليها اسم الحواسم وهؤلاء الحواسم ممن تلذذوا بالمال الحرام اصبحوا اغنياء المدن والمناطق وقد بدأت المشاكل تسري بينهم كالنار في الهشيم وبدأنا نسمع ونرى كيف ان الابن يقتل اباه والاخ يقتل اخاه والاب يقتل ابنه وهم يقتسمون اموال الشعب التي نهبوها بالحواسم وبنظرة سريعة على واقع هذه المجاميع وخلفياتهم تراهم اساسا من عوائل لا تعير للأخلاق اهمية وهم منغمسون بالملذات والجنس الذي يمارس بينهم بابشع صوره 0
بمثل هذه الظروف خرج السجناء من سجنهم ومن بينهم علي وتوجهوا إلى دورهم ومنهم من انزلق مرة أخرى في عالم الجريمة والسرقة ومنهم من التزم بيته حبيس الجدران ينأى بنفسه عن هذه الأفعال 0
ومن السجن تعلم علي درسا لا ينساه أبدا وهو أن لا يمنح سره أي شخص آخر حيث إن غالبية المسجونين ومن خلال الحديث بينهم اتضح أن شخصا واحدا تم اعتقاله فاعترف على جميع أفراد عصابته وشركائه في السرقة والجميع محكومون بالسجن فقرر من حينها الحذر وعدم إشراك الأصدقاء بأسراره 0
قضى علي أيامه الأولى حبيس بيته لا يخرج إلى الشارع في حين جاء الجيران ليطمئنوا عليه ويحثوه على الانضباط والالتزام كي لا يقع مرة أخرى تحت مسائلة القانون ولكي يحفظ لوالده هيبته ومكانته وان يجعل من هذه التجربة القاسية درسا يستفاد منه في تقويم سلوكه والعمل بشرف من اجل مساعدة العائلة ، وحين قرر الخروج ذات يوم إلى شوارع المنطقة وأثناء تجواله شعر بأن الناس هنا ينظرون أليه بعين من الريبة والتوجس استمر بسيره غير آبها بنظرات الجميع أليه وقادته قدماه إلى حيث كان يهوى إلى احد بيوت الدعارة والتي فيها حبيبته تماسك نفسه وشحذ هممه وابتعد عن هذه الدار ومن فيها لأنه لا يريد أن يعود إلى سابق عهده وبدأ الصراع يشتد في داخله قوتان تتجاذبانه قوة الخير في أعماقه تدعوه للاستقرار وحفظ كرامة العائلة وقوة الشر ونوازعه تدفعه باتجاه الرذيلة وكان يقاوم بلا حدود كي لا يرجع إلى هذا الوكر ويوما بعد يوم تضعف إرادته وتتغلب أرادة الشر عليه ويقرر أن يزور من أحب في بيت الدعارة هذا وحين طرق الباب وفتح له دخل وهو يسأل أين حبيبتي فيأتيه الجواب صبرا يا علي ستأتي أليك بعد حين 0
وتخرج أليه فتاة من بنات الهوى تعرف عليها في بيت الدعارة في منطقته شابة جميلة ذات قوام رائع ولعوب تضحك على ذقون الشباب لنفرغ جيوبهم في متعة نهت عنها الشريعة الاسلامية0 أنا احبكِ يا ميساء، من يقول ذلك ، أنا أقوله لكِ وأنا صادق معكِ ، اثبت لي ذلك ، آلا تشعرين بحبي لكِ ، اثبت لي ذلك ، كيف اثبت لكِ حبي ، وبضحكة مسمومة وميوعة منها قالت اعطني مئة ألف دينارا لأني محتاجة إليها 0 وعدها بذلك ، فقط أعطيني مهلة أدبر لك المبلغ 0
خرج منها يائس الحال يفكر بطريقة لجلب المبلغ وراوده الشيطان بالسرقة من أحدى العجائز الوحيدات الساكنة بالشارع الخلفي لدارهم ، خرج مساءا يحمل سكينا كبيرة ، ذهب إليها كان بابها لا يزال مفتوحا ، دخل مسرعا ، رأته ، لف ذراعه من خلفها وكمم فمها بكف يده وبدأ بطعنها عدة مرات حتى سقطت أرضا وطعنها بأخرى في صدرها معتقدا انه مزق قلبها 0
سرق ذهبها ومبلغا نقديا وخرج مسرعا ، دخل داره، خبئ الذهب في صندوق خشبي خاص به وحمل المال معه ، ذهب إلى دار من يحب فرحا
ـ علي : لقد جلبت لكِ المال يا ميساء
ـ ميساء :أين هو
هذه مائتان وخمسون ألف لكِ والنصف الأخر لي ، احتظنته بلهفة بالغة وانامته مها في سرير واحد0
كانت هذه الخطوة الأولى بعد الخروج من السجن لتقوده إلى خطوات أخرى اكبر بعدا ومأساوية وإجراما ، كان يتصل بحبيبته ميساء باستمرار ويخرج معها بنزهة في بغداد لا يهمه ما يسمعه وما قد يحدث المهم عنده ان يتواصل مع حبيبته 0 وعاود علي دخول دور العرض السينمائي ومتابعة افلام الجريمة كما وقد دخل الستلايت في كل البيوت واصبح بأمكانه متابعة تلك الافلام وهوبداره وكان ذكيا يحفظ الجريمة وكيف حدثت بكامل تفاصيلها وتتراكم عنده الخبرة ويستفاد من وسائل الجريمة الحديثة المختزنة بذاكرته 0
كان علي يتصل بها باستمرار ويأخذها في نزهة بشوارع بغداد ومنتزهاتها ويجالسها في مطاعم المدينة وفي طريق العودة يفتح حقيبتها ليضع فيها مبلغا كبيرا من المال 0
ـ ميساء : ( مع ابتسامة لطيفة ) شكرا علي
ـ علي : ( يبتسم لها ) تدللين عمري
ـ ميساء : ( تمسك يده برفق ) أموت عليك حبيبي
يستمر معها بعلاقة حميمة استمرت طويلا وبدأت هي تستغل تلك العلاقة واندفاعه باتجاهها حتى وصل بها الحال إلى الابتزاز بأعذار شتى
ذات يوم اتصلت به هاتفيا 000 الو ، ( وبارتباك مصطنع وبكاء كاذب ) حبيبي محتاجتك ، قولي ماذا بكِ ، أنا بمأزق ومحتاجة مليون دينار ، غير متوفر لدي ألان ، طيب أتصرف أرجوك ، أمهليني اليوم فقط يا ميساء ، طيب باي 0
أغلقت الهاتف وهي تضحك مع أحدى الزانيات من شريكاتها في بيت الدعارة 0
لم يسأل علي عن سبب طلب هذا المبلغ بل بدأ يفكر بالسرقة لتأمينه لها ، حمل مسدسه وخرج ليلا إلى احد الأسواق القريبة من دارهم وانتظر أن يسود الهدوء السوق ، دخل احد المحلات التجارية الكبيرة وهو يغطي وجهه باليشماغ العربي كي لا يعرفه ووجه مسدسه إلى صاحب المحل مهددا أيها بالقتل أو دفع ما لديه من أموال ، استجاب له أعطاه المال المتوفر عنده وهو مبلغ كبير يفوق المليون دينار 0
خرج علي مسرعا فرحا وتوجه الى بيت من يحب وسلمها مبلغ المليون دينار وقضى ليلة معها على سرير الزنى يمارس معها ما يشاء 0
وكأنه لا يعي حقيقة واحدة ان هذا الطريق سيودي به الى الموت او ان ينال عذاب اليم من الله تعالى 0
حين اعتكف علي بغرفته ليلا في احد أيام عام 2005 يفكر بالجريمتين السابقتين وكيف نفذهما على عجل مدفوعا من حبيبة القلب تلك الزانية التي تنام يوميا بحضن عدة رجال شعر بحجم الخطأ الجسيم الذي ارتكبه وعليه أن لا يعود لمثلها بالمستقبل وبدأ يحاور نفسه ويضع الحلول لتساؤلاته عليه أن يظهر أمام الجيران وأمام كل من يعرفه بصورة أخرى تختلف عن الصورة السابقة وعليه أن يوفر غطاءا لنفسه يقيه انتقاد الناس بل ويزرع عندهم الثقة به وبسلوكه واخيرا قرر ان يمارس الصلاة ويؤديها في بادئ الامر في البيت حتى يتقن ادائها وبالفعل نفذ ذلك وشعر جميع من بالبيت ان علي قد تغير وانه سلك الطريق القويم بعد ذلك بدأ الصلاة بمواقيتها في الحسينية الموجودة بمنطقتهم واصبح من روادها الدائميين مما اثار اعجاب الجيران به ، قال احدهم يبدوا ان علي قد استفاد من تجربة سجنه ، اجابه الاخر انك لن تهدي من احببت والله يهدي من يشاء ، نعم لقد تغير علي ونسأل الله تعالى ان يستمر بهدايته 0
لقد خدع علي الجميع بطريقته هذه كي يغطي على جريمتيه السابقتين والجرائم اللاحقة التي ينوي القيام بها ولكي يَحبُك اللعبة طلب من جيرانه المقربين ان يبحثوا معه على محل للايجار لكي يعمل به ويكسب رزقه وحين لن يجدوا له المحل بسوق الكسرة اضطر الى العبور في الجهة الثانية اي محلة نجيب باشا وهناك وجد ضالته محل تجاري خالي خلف مستشفى الخيال قام بايجاره وقد طلب من والده مساعدته المالية لكي يجهز المحل بالمواد الغذائية والمعلبات 0
منحه والده المبلغ المطلوب وبدأ علي بترميم المحل ووضع الديكور والرفوف ثم وضع في أرضية المحل مكانا يسع لصندوقه الموجود في البيت والذي يحتوي على الذهب المسروق وما أن أنجز أعمال المحل اخرج جزء من الذهب الذي بحوزته وذهب إلى سوق الكاظمية حيث الصاغة وهناك باع الدفعة الاولى منه وعاد بالمبلغ ثم تسوق المواد اللازمة للمحل وقام بوضع قطعة خشب على مكان الصندوق ثم وضع عليها كيس الرز لكي لا يلفت انظار احد اليه وباشر بالعمل بمحله والناس قد اطمئنت عليه وعلى تصرفاته وسلوكه الجديد حيث يترك عمله بالمحل ليؤدي فريضة الصلاة جماعة مع المصلين ثم يعود لمحله وبدأت الناس تتحدث عن سيرته الجديدة والاخبار تصل الى والديه الذين فرحوا بهذا التغير والجيران تمدح سلوكه وهم يقولون لقد عاد الى اصله الطيب واخلاق العائلة العريقة 0
وفي تلك الفترة بالذات كان رجال الشرطة يبحثون في القضيتين الجريمتين اللتان وقعتا حيث أمر مدير شرطة الاعظمية بتشكيل فريق عمل من شرطته للبحث عن الادلة لكي يتوصلوا الى الجناة لكن دون جدوى وقد تم تسجيل القضيتين ضد مجهول 0
لقد اوجد علي لنفسه غطاءين الأول غطاء الدين الذي تستر به ليبعد الانظار عنه والثاني غطاء المحل الذي فتحه والذي ستنسب اليه مردوداته المالية من السرقات القادمة ، لقد تغلب عليه الشيطان بل اصبح هو نفسه شيطان الجريمة والخداع والمكر ، غطائين لا احد يتصور زيفهما وهو يؤدي العمل من خلالهما 0
لقد زاره أصدقاء السوء إلى محله وطلبوا منه العودة أليهم والتنزه معا وان يعودوا لممارسة السرقة كما أيام زمان ألا أن علي رفض ذلك وطلب منهم عدم الاقتراب منه لأنه اختار طريق أخر وقد تحير أصدقاء السوء من الرد كيف ينقلب علي كل هذا المنقلب وكيف أثرت به سنين السجن ليعود فردا صالحا نافعا بالمجنمع غادروه وهم يرددون ذلك وقرروا عدم الاتصال به مرة ثانية حيث وصلتهم اخبار تدينه واستقامته الظاهرة للعيان 0
( 26 )
وبعد أن زين صورته بهذه الطريقة وغير نظرة الناس أليه بدأ يفكر بتنفيذه لعمليات سرقة كبيرة بمفرده يسعى من خلالها تطوير واقعه وآخذت تراوده أفكار جنونية كيف نحن نسكن هنا في هذه البيوت الصغيرة القديمة الرطبة والخالية من كل وسائل الراحة في حين المنطقة المجاورة لنا منطقة نجيب باشا يعيشون في قصور كبيرة وبحدائق جميلة تفوق مساحتها أضعاف مساحة دورنا يجب أن نأخذ منهم ما يعيننا على تطور وضعنا وبالطريقة التي أراها 0
وكأن طريق الشر هذا هو الحل وسرقة أموال الناس شيء شرعي متناسيا أن ذلك حرام ولا يجوز وانه سيحاسب عليه يوم تقوم الساعة ، تناسى علي أن طريق العمل والمثابرة والجد هو الطريق الأفضل لتطوير الواقع اعمل تكسب مالا تطور به واقعك تناسا علي كل تلك القيم والاخلاق والابعاد التاريخية لعائلته وبدأ التفكير بشكل يسيء اليهم لقد حسم امره وسار في طريق الشر الى النهاية 0
وفي اليوم الثاني اختلى علي بنفسه في غرفة داخل الدار وبدأ يفكر بتوسيع دائرة سرقاته لان السرقات البسيطة التي يقوم بها لم تكفي احتياجاته ، هو بحاجة إلى عمليات سرقة كبرى لتغطي نفقاته الغير مشروعة ، قرر أن يرتكب جرائم مخطط لها دون أن يترك اثر يشير أليه أو دليل يكشف مرتكب الجريمة 0
انطلق صباحا متوجها إلى الحي المجاور لهم وبدأ برصد الدور الراقية فيه ويرصد حركات سكانها ، استمر أسبوعا في المراقبة حتى حدد هدفه ، دار يسكنه رجل عجوز وزوجته حيث بقية العائلة متواجدة في المهجر خارج القطر ، من خلال مراقبته عرف وقت غلق الأبواب الخارجية مساءا 0 وضع خططه اللازمة وحمل مسدسه وسكين كبيرة ، خرج ليلا وصل الدار المذكور وبسرعة ركض علي ودخل حديقة الدار واختبأ هناك ، لبس قناعه الأسود وقفازيه المطاطيين 0
خرج الرجل العجوز باتجاه الباب الخارجي لغلقه ، ركض علي ودخل القصر ووضع سكينه على رقبة المرأة ، دخل الرجل العجوز وأغلق الباب الداخلي وحين دخل ذهل مما رأى ، لا يا ولدي لا تؤذي زوجتي ، اجلب لي المال والذهب فورا وألا قتلتها ، لكَ ما تريد يا ولدي 0
ـ الرجل : هذا كل ما لدينا من ذهب وأموال
ـ علي : ضعه في كيس واتركه على الطاولة
ذهب الرجل لجلب الكيس ، قام علي بوضع يده اليسرى على فم المرأة ثم سحبها بقوة إلى صدره من خلفها وطعنها بيده اليمنى بسكينه عدة طعنات ثم مرر سكينه على رقبتها وقطع لها الشرايين ، جاء الرجل بالكيس شاهد المنظر صرخ لا وأغمى عليه0 قام علي بقتل الرجل أيضا وكتب بالدم أنا شبح الموت 0 خرج من الدار وأغلق الباب الداخلي ثم انتظر في الحديقة قليلا وتأكد من خلو الشارع نزع قناعه وقفازيه وقفز إلى الشارع حاملا ما سرقه 0
استغرب جيران العائلة من عدم خروجهم من الدار صباح اليوم الثاني ، ابلغوا الشرطة ، تم اتخاذ الأجراء اللازم باقتحام الدار وتحديد مسرح الجريمة وتصويرها وحاولوا رفع البصمات دون جدوى ولم يعثروا على أي كسر للباب الداخلي ثم صوروا جملة ( أنا شبح الموت ) 0 قام ضابط التحقيق بالاستفسار من الجيران هل للعائلة أعداء ؟ وهل شاهدوا من دخل الدار أم هل شعروا بشيء مريب ؟0 وجاء الجواب بالنفي 0
بعد إنهاء الإجراءات القانونية والرسمية أمر بنقل الجثتين إلى الطب ألعدلي ، وأمر الشرطة بالانسحاب وهو يقول أين المفر يا شبح الموت 000 سأتعقبك يا شبح الموت 0
ما كان من علي ألا الذهاب إلى محله وهناك رفع كيس الرز وفتح مخبأه ووضع فيه الذهب والأموال ثم أغلق المخبأ وارجع كيس الرز إلى مكانه وفي المحل تعمد أثارة ضجة مفتعلة مع احد الأشخاص لكي يوحي للجيران انه موجود في محله ويشهدوا على ذلك أذا ما لزم الأمر 0
جريمة أخرى في سلسلة جرائمه وأجهزة الشرطة تحقق ولا من دليل وبدأ النقاش ساخنا بين مدير شرطة الاعظمية وضباط مديريته وهم يناقشون الجريمة
ــ المدير : تشير الوقائع اننا امام عصابة منظمة خبيرة باجرامها لا تترك اثرا يستدل منه عليها
ــ احد الضباط : سيدي الوضع الأمني غير مستقر وعمليات السرقة متعددة وهذه أحداها
ــ المدير : قبلها جريمتين وهذه ابشع دققوا سجلات ذوي السوابق من المجرمين والقتلة واجمعوا المعلومات وشكلوا غرفة عمليات لهذا الغرض 0
وتتحول مديرية شرطة الاعظمية الى خلية نحل تعمل بجد ومثابرة وتدرس الملفات وتنطلق لجمع المعلومات بمساعدة استخبارات وزارة الداخلية عن المجرمين السابقين ومجرمي فترة الحواسم ايضا لربما تجد ضالتها فيهم نقاش جاد بين الضباط وهم يستعرضون الاسماء ويشاهدون صور المجرمين ويدرسوا جميع قضاياهم السابقة وطريقة ادائهم للجريمة من اجل مطابقتها مع الجرائم الجديدة وتناقش الاسماء وتضع الملاحظات على كل مجرم وحين وصلوا الى ملف علي حسين حسن وقرأوه وجدوا جريمة سرقة واحدة وامسك به ونال جزاءه وهو اليوم ذو سمعة جيدة لا شائبة عليه ويكسب رزقه من محله 0
وجاءهم التوجيه من مدير شرطة الاعظمية اسألوا عنهم واحدا واحدا في مناطق سكنهم واستعينوا برأي المختار ووجهاء المنطقة لانهم الاقرب الى هؤلاء الناس ويعرفون تحركاتهم 0
ينتهي الاجتماع وينطلق الضباط لتنفيذ الأوامر فيأتيهم الجواب بخصوص علي مطابقا للمعلومات التي لديهم كونه استقام وأصبح من رواد الحسينية يؤدي فيها الفروض ويكسب رزقه من محله ، وتأتيهم المعلومات عن الجميع وتكلف مجموعة من المراتب واحد الضباط لمتابعة ورصد تحركات المشتبه بهم ممن جاءت المعلومات عنهم غير مشجعة 0
كان علي حريصا على أن لا يقوم بعمل أخر ألا بعد حين كي يعطي فترة أمان محدودة خف خلالها توتر أجهزة الشرطة ومن ثم يقوم بالعملية الجديدة بإتقان ودون خوف 0
ليس هذا فحسب بل كان علي أكثر سخائا وكرما يعطي الفقراء من محله دون حساب ويوحي للناس بأنه احد المحسنين الورعين فلم يروه يوما ينهر سائل أو يمنع المال على محتاج وكان سباقا لفعل الخير يدعم أبناء منطقته بما تجود به نفسه وامكانياته المادية كما ويعطي العوائل الفقيرة الموجودة في منطقة نجيب باشا ما تستحق من مساعدة وكانت بيوت محدودة جدا بالنسبة الى بيوت المنطقة الكثيرة ، لقد حصن نفسه وأمن منافذ التسلل الى سلوكه عبر هذه التصرفات التي ابعدت عنه كل عين بل ومنعت كل لسان من ان يحكي شيئا او يمسه بشيء من السوء بل الجميع يمتدحون اخلاقه وتوبته الظاهرة لله تعالى وهم لا يعرفون بواطن الامور وما تخفي النفوس من شر 0
تستمر خلية عمل الشرطة بأداء مهامها وتلقي القبض على شركاء علي السابقين ويتم التحقيق معهم على انفراد تحقيق غير رسمي لاعتقالهم على الشبهات ومن خلال الضغط والمناورة والاستفزاز حاول رجال الشرطة الحصول على معلومات تعينهم على الجناة لكن دون جدوى فلم يكن المشتبه بهم ممن نفذوا العمليات السابقة وليس عندهم معلومات عنها تفيد الشرطة وحين تم سؤالهم عن علاقتهم بعلي أجابوا جميعا كنا أصدقاء في السابق أما بعد خروجه من السجن فقد رفض اللقاء بنا وابلغنا ذلك بنفسه وقطع معنا كل صلة وانشغل بعبادته ومحله 0
وقد اخلي سبيلهم لأنه لا توجد قضية ضدهم أساسا وتستمر الشرطة بالمتابعة وجمع المعلومات وتحليلها بغية التوصل إلى الجناة ويوما بعد يوم تهدأ عاصفة الشرطة وتعود أعمالها بالشكل الاعتيادي قبل الجريمة وبدأ الناس أيضا بنسيان ما حصل وانشغلوا بأعمالهم وشؤونهم عندها بدأ علي التحرك والتخطيط لجريمته القادمة وكيف ستكون وسوف يهيئ كل مستلزماتها وأول ما فعل اشترى مجموعة من الأحذية المطاطية ليستخدمها في جرائمه حذاء لكل جريمة ثم يحرقه فورا 0
بعد جريمته الثالثة بدأ شبح الموت يخطط لجريمته الرابعة وبدأ يتجول في المحلة المجاورة لمحلته حيث لم يتطلب منه الأمر سوى عبور الشارع الرئيسي الذي يفصل كلا المحلتين 0
لم يشك به احد في تجواله ليلا ونهارا وذلك لكونه من الوجوه المألوفة لأهالي المحلة حيث أن كلا المحلتين من حي سكني واحد وله معارف وأصدقاء هناك وكذلك محله التجاري فيها ايضا 0 لم يمر بالشارع الذي ارتكب فيه جريمته الثالثة بل تجاوزه بعدة شوارع وهناك بدأ الرصد في الساعة التاسعة مساءا وأثناء تجواله لاحظ احد الرجال يدخل داره وحين وصل الباب الداخلي طرق طرقتين متتاليتين ثم برهة من الوقت يطرق الثالثة وينتظر فتفتح زوجته الباب 0
عاود علي ( شبح الموت ) في اليوم الثاني رصد نفس الدار في ذلك الشارع وفي نفس الوقت ، يتكرر المشهد 0 وضع علي خططه لارتكاب جريمته الرابعة والتي لم يمر على الثالثة سوى سبعة أيام0
دخل في الشارع المعني ووصل إلى الدار الذي حدده كهدف له قبل موعد رجوع رب الأسرة بنصف ساعة وحين أيقن أن الشارع خالي دخل إلى الدار ووصل إلى الباب الداخلي هيأ سلاحه وطرق طرقتين متتاليتين ثم أعقبها بالطرقة الثالثة ، انتبهت الزوجة أن الطرق اليوم قبل الموعد لقد عاد زوجي قبل موعده ، تقدمت باتجاه الباب وفتحته وبلمح البصر دفعها علي بيده بقوة حتى سقطت أرضا ، أغلق علي الباب ووضع سكينه على رقبتها أقتلكِ واقتل طفليكِ إذا أثرتي أي ضجة ، قل ما تريد ودعني وأطفالي ، أعطني مصوغاتك الذهبية وما تملكين من مال ، لكَ ما تريد 000 رفقا بأطفالي لقد أرعبتهم 0
وضع يده على فمها وشدها أليه حتى لامست جسده وطلب منها السير إلى حيث الذهب والمال ، دخلت غرفتها وأخرجت ما أراد حلي ذهبية ومبلغ مليوني دينار كل ما موجود في الدار ، وضع سرقته في جيبه واخرج المرأة إلى حيث طفليها المرعوبين وصراخهما يملئ الدار ، طلبت منه الرحمة بعدم إيذائها وأطفالها ورجته بشدة أن يغادر دارها كي تسكت أطفالها 0
ـ علي : ( وهو يضحك ) لكي ما تريدين
ـ المرأة : ( وهي ترتجف خوفا ) شكرا لك
قام علي بطعنها بسكينه عدة طعنات ثم قطع شرايين رقبتها وأعقبها بقتل طفليها ثم كتب بالدم أنا شبح الموت 0
أغلق الباب الداخلي بعد خروجه وكأنه لم يرتكب جريمة بشعة ، وصل الباب الخارجي وتأكد من خلو الشارع عندها نزع قناعه الأسود وقفازيه المطاطين وخرج من الدار يسير بهدوء ، وصل محلته ودخل دار الزنا التي يرتادها حيث ممارسة الجنس وتبذير جزء من الأموال المسروقة على تلك الزانية التي أحبها 0
جاء الزوج كعادته طرق الباب ولم يفتح له، استغرب ذلك نظر من الشباك شاهد الجريمة البشعة ذهل ، صرخ اتصل بالشرطة 00 تجمع الجيران 0
جاء ضابط التحقيق وتم الكشف على مسرح الجريمة ، حاولوا كشف الأدلة ورفع البصمات دون جدوى ، تم تصوير جملة أنا شبح الموت 0 امتعض ضابط التحقيق أتعيد الكرة مرة ثانية يا شبح الموت أمر بنقل الجثث إلى الطب ألعدلي 0 أصيب الزوج بهستريا ، تم نقله إلى المستشفى 0
وكعادته سأل ضابط الشرطة الجيران ولم يجد عندهم ما يشفي غليله سحب ألشرطه وتوعـد بالنيل من الجاني ، سألقي القبض عليك يا مرتكب الجريمة البشعة سأنال منك يا شبح الموت 0
وفي الصباح ذهب إلى محله يحمل معه المسروقات من ذهب وأموال ووضعها في مخبأه السري وكأنه لم يفعل شيئا سرقة وقتل ببرود أعصاب هذه الجرائم أثارت الرعب في قلوب الناس وجعلت الناس تتوجس خيفة من الذي سيحصل في المستقبل وأي العوائل مرشحة للأبادة من قبل تلك العصابة التي تقتل بلا حدود ولم تقيم للنفس البشرية وزنا ولا قيمة تنحر العوائل رجالا ونساء نحر النعاج ، من يفعل هذا متمرس في الاجرام ومدفوع بوازع من الحقد والتلذذ بالدم 0
فهل سيرعوي القتلة والمجرمون ويتركوا طريق الشر هذا وهل الشرطة ستفي بوعودها وتزيد من حذرها وتكثف من دورياتها كي تلقي القبض على تلك العصابة وهل سيهدأ الناس ويناموا في بيوتهم آمنين وهل 00 وهل 00 اسئلة كثيرة ولا من مجيب 0
عدل سابقا من قبل Admin في الثلاثاء يوليو 24, 2012 4:07 pm عدل 3 مرات