قصة من وحي الخيال :مارتن والعملاق صابر
تأليف الأديبة :ملكة الطموح
في يوم من الأيام كان شابا يدعى مارتن ،ذهب مارتن إلى مغامرة نحو الجبال عند طلوع الصباح ، يحمل حقيبة على ظهره وآلة تصوير في يده ، كان مارتن يمشي في طريقه، سمع صوت ضخم كأن أحدا ينادي يطلب النجدة ، يصدر الصوت من مكان قريب منه ، اقترب مارتن من سماع الصوت ، سمع الصوت خلف الشجرة وأمامه نهرا،كان شيئا أكبر من الشجرة ،يسأل مارتن نفسه ( وهو خائفا):ما هذا يا ترى ؟، ومن ثم سمع مارتن صوت النداء صادرا في خلف الشجرة ،رأى رجل عملاق ، يقول : أنا هنا ساعدوني ؟ أنا هنا ساعدوني ، ذهب مارتن إليه ورآه مجرحا على قدمه اليمنى ،كان رجل العملاق دماءه تنزف من على قدمه كثيرا ،كان يتألم من شدة الجرح ، راء رجل العملاق مارتن قائلا:إياك أن تقترب أيها البشري ،قال مارتن : لا تخف ، (وهو رافعا يداه للعملاق ) ويقول مرة أخرى : لا تخف أنني جئت للمساعدة فقط لا لأذيتك ، نظرا مارتن إلى الشجرة قائلا له : :تمهل قليلا أيها العملاق سوف أجلب بعض الأوراق من الشجرة، ذهب مارتن سريعا لجلب الأوراق من الشجرة ثم اتجه إلى النهر؛ لكي يبلل الأوراق بماء النهر ، عاد مارتن ورفع قدم العملاق عاليا ثم قام بتخفيف الدماء من النزيف ،وتطهير الجرح بالأوراق المبللة ،جلب مارتن أوراق أخرى مع أغصان من الشجرة ؛ لتغطية مكان الجرح وربطه جيدا، تعافت قدم العملاق من الجرح وزال الألم ،أبتسم العملاق نحو مارتن ،قائلا :أشكرك أيها البشري على مساعدتي ،قال مارتن (مبتسما ): أنا أدعى مارتن ، قال العملاق (رافع يده خلف رأسه ضاحكاً) :هههه وأنا أدعى العملاق صابر ،لكن رفاقي يطلقونني بالعملاق الفاشل ، سأله مارتن :كيف أتيت إلى هنا؟وكيف أصابت قدمك هكذا؟، قال العملاق :كنا أنا ورفاقي الأول يدعى ( العملاق شرير )والأخر يدعى (العملاق مغرور) نلعب لعبة الغميضة في مملكتنا الخاصة ،ليست هي المرة الأولى نلعبها وأكون أنا الخاسر فيها ، في هذه المرة كنت من يبدأ بلعبة الغميضة ومن ثم رحلا العملاق شرير والعملاق مغرور للاختباء في مكان بعيد لكن لم أستطيع العثور عليهم ،جاء العملاق شرير إلي وقال :أنت عملاق فاشل وعديم الفائدة ،جاء العملاق مغرور وقال :ههههه لم تستطيع العثور علينا فهي المرة الثالثة أيها الفاشل ،قال العملاق شرير :وما فائدته كونه عملاق دون جدوى ؟.ثم حدث جدال بيني وبين العملاق شرير إلى أن علقنا في صراع بيننا ،جاء الملك و أهالي المملكة(العمالقة) يتراكضون إلينا ،ويقولون :ماذا حدث ؟ولما هذا الصراع الذي بينكم ؟ قال العملاق مغرور: الأمر بسيط ولكن العملاق صابر لم يتحمل ذلك فبدأ بالجدال ومن ثم الصراع مع العملاق شرير ، جاء ملك المملكة وقال غاضبا: وما هو الأمر البسيط الذي لم يتحمله العملاق صابر ،قلت له :أنهم يتنمرون إلي دائما ،وأنني لا أبدو لهم كعملاق فيطلقونني بالعملاق الفاشل.قال العملاق شرير :أنه كاذب ،لا تصدق مما يقوله .قال ملك المملكة : انصرفوا كل واحدا منكم إلى أعمالكم أو مساكنكم حالاً، سأعفو عنكم هذه المرة لكن إن حدث صراعا مرة أخرى بينكم أو مع غيركم ،ومن يكن الذي بدأ لن أعفو عنه بل أطرده من مملكتي دون حديث أو نقاش.
في اليوم التالي أتفق كلا من العملاق شرير والعملاق مغرور أن يشكلون خطة بديلة كي يسمح الملك بطردي من المملكة ،جاء العملاق شرير كي يتقرب مني وطلب العفو من الذي حدث بالأمس ،لكنني سامحته لأن قوله أثر بعاطفتي ، ومن ثم جاء العملاق مغرور من بعده كي يطلب السماح أيضا لأنه وقف مع العملاق شرير ،لكن دون تردد سامحته كما سامحت العملاق شرير ،ذات يوم ذهب العملاق شرير إلى مسكن الملك الكبير ،سرق قلادة ذهبية ورماها في مسكني ،عند حلول الليل جاء الملك ينادي بصوت عالي :يا أهالي المملكة أخرجوا من مساكنكم حالا، فخرجنا متعجلين بسماع الأمر قائلا : أنني لم أعثر على قلادتي الذهبية ،فمن منكم قاما بسرقتها ؟، اتجه العملاق شرير إليه وقال : رأيت أحد من أهالي المملكة اليوم قد دخل إلى مسكنك وخرج سريعا متوترا لكنني لا أعلم إن كان هو من تجرأ بسرقتها ،قال الملك : وما الذي تنتظره هيا قل من هو ؟ نظرا العملاق شرير نحوي ثم أشر بيده،وقال : العملاق صابر ،قلت : ليس أنا من قام بسرقتها ،قال العملاق مغرور :دعنا أيها الملك ندخل مسكنه ونبحث عنها في أرجاءه ،قال الملك :حسنا ، دخلوا العمالقة ودخل الملك ليرى بنفسه إلى أن وجدوها في مسكني ، جاء الملك بجانبي وقال : أنظر هذا دليلا على أنك من سرقها ،قلت متعجبا ً: لم أسرقها ولا أعلم كيف وصلت إلى مسكني ؟ ،قال العملاق شرير :ألم أقل لكَ أيها الملك أنه كاذب ، قال العملاق مغرور : أنه ليس بكاذب فقط وإنما ظهرا سارقا ، لم أستطيع تبرير نفسي من هذه المشكلة ،حتى طردني الملك من المملكة قائلا: هيا اخرج لا أريد رؤيتك في مملكتي، ولا أريد رؤيتك في الصباح هنا وإلا قتلتك ،رحل الملك ورحلوا أهالي المملكة إلا العملاق شرير والعملاق مغرور، قال العملاق شرير : أنت مسكين ولم تصدقني عندما أطلقك بالعملاق الفاشل ،قال العملاق مغرور ضاحكا :ههههه ،ما الذي تنتظره ؟ هيا أخرج من هذه المملكة لا وجود مكانك فيها بعد الآن، وليس هي مكانا للفاشلين ،تجاهلت قولهم ورحلت من المملكة ،كان وقت متأخر من الليل ،لا أرى سوئ القمر في السماء ، جاء بنوره الساطع نحوي حيث دلني على الطريق ،ثم أشرقت الشمس حتى وصلت إلى هذا المكان ،رأيت نهرا وشجرة ،اتجهت نحو النهر أرتوي من العطش طول ذلك الطريق ،جرحت قدمي بشوكة في النهر حتى سالت الدماء ،ثم جلست بقرب الشجرة لأرى مكان الجرح في قدمي ،
شعرت بالنوم قليلا حتى نمت من شدة التعب ثم استيقظت، كان الجرح عندما رأيته يزداد من نزيف الدماء وتورمت قدمي إلى أن أحسست بالألم لا أعلم كيف أتصرف؟ ، حتى جئت أنت كأن أحدا بعثك إلي منقذاً ،حزن مارتن على سماع قصته المؤلمة
وقال مارتن: لا تصمت على ظلمك أيها العملاق صابر ،وإن كنت صابرا لا يعني أنك ستصبر عن حقك وظلمك طويلا مهما طال الزمان ،حاول أن تظهر قوتك أمامهم ولا تدعهم يأخذون مكانتك إلا المكانة فهي الكرامة عند الإنسان ،قال العملاق صابر :ما هو المطلوب فعله ؟ ،قال مارتن : أذهب إلى المملكة ،حاول أن تخبر الملك بالحقيقة ؛ وواجه أعداءك أجعلهم يرون بأنك قوي ولست بفاشل،إن تركتهم سيظلون يلحقون وراءك في كل مكان، فكن مفترسا لأخذ حقك ولا تكن فريسة لظلهم أبدا ،تعلم كيف تكون ذكيا عليهم ،لا تدع خوفك يفسد قيمتك بينهم ،أثبت مكانتك بجدارة أمامهم ،كن كالشمس التي لا تدع من يتمرد عليها فتخطف أنظارهم من شعاعها ،عندما تمر لا أحد يستطيع النظر إليها،بعد ذلك أكمل مارتن حديثه وهو يرى الجبال قائلا :هل تعلم كم أحب ممارسة التصوير والمغامرة بين الجبال ،قال العملاق صابر :لماذا ؟ ،قال مارتن :لأنها هي الصامدة الوحيدة في الأرض ليست كما الشجر والصخر والرمال ،لا تتأثر بالصواعق ولا العواصف ولا الغيث بلا جدال ،هي تصمد ببرودة الجو أو عند حرارته فإن طال ،هي عالية ومرتفعة وتحمل الأثقال ،وهي رائعة المنظر لها العديد من مختلف الأشكال ، تظهر روعتها عند وجود العشب والزهور وعند نزول الشلال، رغم ذلك لا تعلو ولا تتكبر، لها حسن التصرف والتعامل مع أي كان ،لولا وجود الجبال لما كانت لنا المنازل ولا القلاع ولا العمران ، تثبت الطرق فيها لتوصلنا أي مكان ،الجبال لها القوة في الصبر والصمت من بزوغ الشمس حتى غروبها ،ومن ظهور القمر وحلول الليل حتى طلوع الفجر لا تيأس ولا تتذمر من حالها الفتان ،كم أكون متأملا إليها فأكون لها عاشقا حيران ،لكن شيئا واحدا لا تستطيع الجبال أن تتحمله في أي زمان ،قال العملاق صابر :ما هو ؟ قال مارتن : أن لا أحد يأخذ مكانتها فتثور مثل ثوار البركان ،قال العملاق صابر :كيف ؟ ، قال مارتن : حينما يكثر نزول الغيث يتجمع بعض الماء فوق الجبال فتشكل ضغط كبيراً عليها فلا تكون بأمان، هي تقاوم إلى أن تتخلص منه فتنثره بشدة في البحار والأنهار والسهول لتظهر قوتها الحقيقية قدر الإمكان ، أي لا يعني صمودها هو أن تسمح بأخذ مكانتها أو تسمح بظلمها ، فالصمود يأتي بعده قوة وانجاز قبل فوات الأوان.
فكن أنت كما الجبال التي تتخلى عن كل شيء لكن لا تتخلى عن حقها وحريتها إن كان،كما تعلمت منها الثقة بالنفس، فهي تثق بقدرتها على القوة وأن لا شيء يستطيع تحريرها من مكانتها ومن يكن، فلها القوة في الصبر والصمود والدفاع عن حريتها وهو ما يجعلاها براحة عظيمة في الاستمتاع بالطبيعة ومع نسيم الهواء فتظهر نغم وألحان،لا تعتقد بأن بعدك عن المملكة سوف يجعلك في راحة بل ستكون في وحدة ،تريد من ينتمي إليك ومن يشبهك وأن هنا ليست بمكانتك،فمكانتك الحقيقية موجودة في تلك المملكة .
وهنا ستسود عيشتك هنا فلن تستطيع الانتماء لهذا المكان جيدا ولن تحصل على الراحة التي تستحقها ، قال العملاق صابر : لا داعي للقلق سوف أفكر اليوم وغدا إلى أن أرى وضعي هنا ، حينما جاء وقت الغروب رحل مارتن إلى موطنه .
في اليوم التالي جاء مارتن إلى العملاق صابر في نفس المكان ،ورآه واقفا مستعدا كأنه ذاهب إلى معركة قائلا :أدركت جيدا معنى قولك ،سأذهب لأسترجع مكانتي وحقي منهم ،سوف أعلمهم كم أنني قوي مثل الجبل ولن تراني عادا مرة أخرى هنا إلا في حالة اشتياقي إليك،ابتسم مارتن وقال :لن تخسر هذه المرة وسوف تكون رابحا ،حقك ومكانتك في المملكة لن يضيعا عبثا ،كن شجاعا عند مواجهتهم جيدا ،الوقت هذا سيكون من صالحك عند أتأخذك قرارا صحيحا، قال العملاق صابر :سأكون شجاعا هذه المرة وأفوز على ذلك الأحمقان ليعلما أنني لست بفاشل ولن أدعهم يسرقون مكانتي ،كان العملاق صابر متفاعلا جدا قال مارتن :هيا قف جيدا أجعلني أرى قوتك ، وقف العملاق صابر كما قال له مارتن أن يقف جيدا ،أخرج مارتن ألته التصويرية من حقيبته ومن ثم قام بتصوير العملاق صابر لجعلها صورة تذكارية له ،رحل العملاق صابر إلى مملكته حينما وصل رأى العملاق شرير مع العملاق مغرور ،قال العملاق شرير :أليس أنت مطرود من هذه المملكة ،كيف تجرأت العودة إلى هنا ،قال العملاق صابر :أنني لم أعود ولكنني جئت لألعب معكما لعبة الغميضه ،لأرى حقا أنني فاشل ،أن رأيت ذلك حقا سأرحل وكأنكما لم تشاهداني هنا في المملكة ،قال العملاق مغرور :حسنا ،سنثبت إليك جيدا ،ذهب كلا من العملاقان إلى الاختباء ،يحاول العملاق صابر أن يشغلهم بهذه اللعبة ولم يعلما بأنه جاء لمقابلة الملك دون معرفتهما ،ذهب العملاق صابر إلى مقابلة الملك وحينما راءه الملك قائلا :لما جئت هنا أيها العملاق السارق ،ألم أحذرك بأنني لا أريد رؤيتك في مملكتي ،قال العملاق صابر :جئت كي أثبت إليك الحقيقة وأنني مظلوما لم أسرق أطلاقا تلك القلادة وان العملاق شرير والعملاق مغرور حاولا مكيدتي لكي أرحل من المملكة ،فهم يعاملونني كأنني فاشل ولا أصلح كوني عملاق بينكم ،تعال بنفسك وأنظر كيف يحاولون الاختباء إلى مكان بعيد مني ،وذلك لكي لا أستطيع العثور عليهم ،وعندما لا أعثر عليهم يطلقونني بأنني عملاق فاشل لأنني دائما أكون لهما خاسرا ،تعال لنذهب إلى مسكني وأنت كن خلف الباب لكي لا يرونك معي ،ستسمع ذلك بنفسك جيدا ،وأنها الحقيقة.
ذهب الملك مع العملاق صابر إلى مسكنه ليثبت ذلك ،طرق العملاقان باب مسكن العملاق صابر وهم يقولان :ألم نقل بأنك فاشل وأنك تريد أنت تثبت هيا أخرج وعد إلى مكانك الذي أتيت منه ،خرج العملاق صابر قائلا :كيف تقربتم إلي لتكونا رفاق جيدان وأنني سامحتكما لكن أنتم لم تدعوني وشأني حاولتم مكيدتي بسرقة القلادة من الملك ،قال العملاق شرير :أنا الذي فعلت ذلك لطردك من المملكة وهذه الطريقة الوحيدة الجيدة لطردك من هنا ،لتعلم أننا أذكى منك ،وأنت عملاق فاشل لا ينفعك المكوث هنا فنحن كلنا أقوياء ،سمع الملك حديثهم للعملاق صابر وأن قوله كان صحيحا فخرج من خلف الباب ،تفاجئا كلا منهما لرؤية الملك قائلين :نحن كنا نمزح معه أيها الملك ،نحن رفاق نحب أن نمزح هكذا لبعض دائما ،قال العملاق مغرور (خوفا من الملك ):أنه العملاق شرير من قام بسرقة القلادة الذهبية ،قال العملاق شرير :ومن قام بتخطيط معي لهذه الخطة أليس أنت ، قال الملك : كلاكما سوف تتعقبان على هذا ،وأنني لا أسمح بوجود أمثالكم في هذه المملكة ، معاقبتكم ليس الطرد فقط ،وإنما تنظفان المملكة كلها ومن ثم تغادران ،رحل الملك إلى مسكنه ،قال العملاق صابر (وهو كافتا يداه) : هههههه من هو الخاسر والفاشل الآن ؟ ،وانظروا كيف أوقعة بكما أمام الملك ؟، لا أصدق ما أراه ، أنكم خسرتم وجودكم في هذه المملكة ،وأنا الفائز عليكم لهذه المرة ،فصدقا ما يقال :ظهر الحق وبطل الباطل . الخسارة جاءت ولكن في وجوه الذين يعتقدون دائما بأنهم أقوياء ،والنصر جاء في وجوه المظلومين أو أصحاب الحق الذين يعتقدون بأنهم ضعفاء ،
أسترجع العملاق صابر مكانته في المملكة بسبب القوة التي ظهرت عليه وكل ذلك بفضل شجاعته ومساعدة مارتن الذي أنقذه من ضعفه ،أما أولئك العمالقة رحلوا من المملكة خاسرين ولا أعتقد بأنهم سيحصلون على أحد كي يساعدهم ،لأن المظلومين يحصلون على نورا في طريقهم يطلب مساعدتهم أما الظالمين لا يحصلون غير ظلمة في طريقهم لا يستطيعون رؤية أمامهم ولو كانت حفرة أمامهم سيقعون عليها فلا شك بذلك ......النهاية .....
كلمات موعظة
*ليس القوي بشرارته أو بتكبره أنما القوي بشهامته وعظمته وليس الغني بنفوذه أو بمصالحه أنما الغني بكرمه وتواضعه.
*هل أدلكم على رسولا راحل؟، بعثه الله هداية للأمة ،رسولا خيره من بين رسله وأنزل له القران الكريم هداية لعباده، ليس كان غنيا بالمال أنما كان غنيا بكرمه وعطفه لم يفرق بين المسلم والمشرك ،رغم أنه تأذى كثيرا من المشركين ألا أنه يعاملهم بالحسنى والعطف عليهم ،لا يغريهم بالمال إن طلب منهم دخول الإسلام بل بأخلاقه النبيلة كما الصدق والأمانة وحسن الكلام ليس بوجود العنف أو الإجبار على فعل الأمر ولا وجود الانتقام أو الظلم أو الابتزاز ،هل كان متكبرا أم قاسيا أم عاليا ؟لم يكن كذلك ، كان يقوم تحية السلام للفقير والغني ،اليتيم والمسكين ،الصغير والكبير ،لا يفرق بينهم ليس أحدا أحسن من الأخر كلهم خلقوا سواسية .... هل عرفتموه ؟!
*هل أدلكم على قائد رحل ،قائد وطن بناءهُ على خطط وعلم ،قائد رحل ولم يترك أصابع يده خالية من الكرم ،قائد بناءَ وطنهُ على السياسة والقيم ،قائد رحل لكنه لم يرحل في قلوب الشعب الذي جعلهم أبناءهُ، لم يفرق من كبيرهم إلى صغيرهم ، من أغناهم إلى أفقرهم جعلهم في خطاً واحد مستقيم ،قائد له أخلاق من التواضع والتعامل والتعاطف وحسن الكلام ،هل كان متكبرا أو قاسيا أو عاليا ؟ لم يكن رغم أنه من أشهر السلاطين في العالم ، وصار العالم يحكي عن قيمهُ ،و مبادئهُ، وعن أساليبهُ الرائعة بين الأمم ،قائد رحل وترك وطن الذي حملهُ على ظهرهِ ولم يشعر بأنه أنكسر ،جعله آمنا من الحروب والطعون من كل جهة مجاوره في البر والبحر ، عبرا كل دول العالم لم يقال عنه يوما بأنه ظلم ،هو المعلم الأول لهذا الوطن والأب المخلص لأبنائه منذ القيم ،هو قدوة لكل أب وأم ،هو من أكبر رجال العظماء في العالم ،لكنه رحل ولم يعد، فرحيله جعل العالم في يوماً مؤلم ،لم يترك الوطن هكذا عبث بل تركها بيدا أمينة باتزان يده مع اليد التي سوف تحكم الوطن بعده والكل يعلم ،رحيله لم يهز الوطن فقط بل هزَ أرجاء العالم عامةً ، كما الغيم التي هزة الأرض بغزارة الغيث من جوفها عندما هطل في ذاك اليوم ًمن شدة الألم ،العالم تحكي عن سر حب أهل الوطن لقائدهم ،لأنه جبل من جبال الأرض استوت على نهجه وقيمة النبيلة ،هل عرفتموه ؟!
تأمل قليلا :
* لولا رسولا بعث للأمة ما كانت أسلمت أو صلت أو اعتمرت أو حجت.
لولا قائدا يحكمها وطن ما بنيت ولا أسست ولا عمرت.
لولا وجود العلماء على وجوه الأرض ما كان العالم تعلمت أو ابتكرت.
لولا وجود القرآن الكريم ما كان الأمة قرأت ولا كتبت ولا فهمت ولا تعلمت.
*كل ذلك أتى بمنهج الفكر والعقلانية ،بمنهج المبادئ والمسؤولية الإنسانية ،بمنهج القوة والصبر والإمكانية ،لم يأتي بالسرعة بل بالهدوء واتخاذ الخطوات الصحيحة كل خطوة أصعب من خطوة إلى أن سهلت في آخر خطوة ثم ظهرت حتى اكتشفت وانتشرت انسجمت.
*هناك جبال عدة من الناس، جبال صلبة لا تهزم ريح ولا زلزال، جبال تتمتع بالصمود والصبر إلى وقوع الفأس ،لا يعني أنهم ضعفاء بل لهم قوة لا يسابقها نمر ولا غزال ،كل شيء يأتي بوقته ويومه بالأساس ، يعم لهم الصمت والهدوء وراحة البال ...
تأليف الأديبة :ملكة الطموح
في يوم من الأيام كان شابا يدعى مارتن ،ذهب مارتن إلى مغامرة نحو الجبال عند طلوع الصباح ، يحمل حقيبة على ظهره وآلة تصوير في يده ، كان مارتن يمشي في طريقه، سمع صوت ضخم كأن أحدا ينادي يطلب النجدة ، يصدر الصوت من مكان قريب منه ، اقترب مارتن من سماع الصوت ، سمع الصوت خلف الشجرة وأمامه نهرا،كان شيئا أكبر من الشجرة ،يسأل مارتن نفسه ( وهو خائفا):ما هذا يا ترى ؟، ومن ثم سمع مارتن صوت النداء صادرا في خلف الشجرة ،رأى رجل عملاق ، يقول : أنا هنا ساعدوني ؟ أنا هنا ساعدوني ، ذهب مارتن إليه ورآه مجرحا على قدمه اليمنى ،كان رجل العملاق دماءه تنزف من على قدمه كثيرا ،كان يتألم من شدة الجرح ، راء رجل العملاق مارتن قائلا:إياك أن تقترب أيها البشري ،قال مارتن : لا تخف ، (وهو رافعا يداه للعملاق ) ويقول مرة أخرى : لا تخف أنني جئت للمساعدة فقط لا لأذيتك ، نظرا مارتن إلى الشجرة قائلا له : :تمهل قليلا أيها العملاق سوف أجلب بعض الأوراق من الشجرة، ذهب مارتن سريعا لجلب الأوراق من الشجرة ثم اتجه إلى النهر؛ لكي يبلل الأوراق بماء النهر ، عاد مارتن ورفع قدم العملاق عاليا ثم قام بتخفيف الدماء من النزيف ،وتطهير الجرح بالأوراق المبللة ،جلب مارتن أوراق أخرى مع أغصان من الشجرة ؛ لتغطية مكان الجرح وربطه جيدا، تعافت قدم العملاق من الجرح وزال الألم ،أبتسم العملاق نحو مارتن ،قائلا :أشكرك أيها البشري على مساعدتي ،قال مارتن (مبتسما ): أنا أدعى مارتن ، قال العملاق (رافع يده خلف رأسه ضاحكاً) :هههه وأنا أدعى العملاق صابر ،لكن رفاقي يطلقونني بالعملاق الفاشل ، سأله مارتن :كيف أتيت إلى هنا؟وكيف أصابت قدمك هكذا؟، قال العملاق :كنا أنا ورفاقي الأول يدعى ( العملاق شرير )والأخر يدعى (العملاق مغرور) نلعب لعبة الغميضة في مملكتنا الخاصة ،ليست هي المرة الأولى نلعبها وأكون أنا الخاسر فيها ، في هذه المرة كنت من يبدأ بلعبة الغميضة ومن ثم رحلا العملاق شرير والعملاق مغرور للاختباء في مكان بعيد لكن لم أستطيع العثور عليهم ،جاء العملاق شرير إلي وقال :أنت عملاق فاشل وعديم الفائدة ،جاء العملاق مغرور وقال :ههههه لم تستطيع العثور علينا فهي المرة الثالثة أيها الفاشل ،قال العملاق شرير :وما فائدته كونه عملاق دون جدوى ؟.ثم حدث جدال بيني وبين العملاق شرير إلى أن علقنا في صراع بيننا ،جاء الملك و أهالي المملكة(العمالقة) يتراكضون إلينا ،ويقولون :ماذا حدث ؟ولما هذا الصراع الذي بينكم ؟ قال العملاق مغرور: الأمر بسيط ولكن العملاق صابر لم يتحمل ذلك فبدأ بالجدال ومن ثم الصراع مع العملاق شرير ، جاء ملك المملكة وقال غاضبا: وما هو الأمر البسيط الذي لم يتحمله العملاق صابر ،قلت له :أنهم يتنمرون إلي دائما ،وأنني لا أبدو لهم كعملاق فيطلقونني بالعملاق الفاشل.قال العملاق شرير :أنه كاذب ،لا تصدق مما يقوله .قال ملك المملكة : انصرفوا كل واحدا منكم إلى أعمالكم أو مساكنكم حالاً، سأعفو عنكم هذه المرة لكن إن حدث صراعا مرة أخرى بينكم أو مع غيركم ،ومن يكن الذي بدأ لن أعفو عنه بل أطرده من مملكتي دون حديث أو نقاش.
في اليوم التالي أتفق كلا من العملاق شرير والعملاق مغرور أن يشكلون خطة بديلة كي يسمح الملك بطردي من المملكة ،جاء العملاق شرير كي يتقرب مني وطلب العفو من الذي حدث بالأمس ،لكنني سامحته لأن قوله أثر بعاطفتي ، ومن ثم جاء العملاق مغرور من بعده كي يطلب السماح أيضا لأنه وقف مع العملاق شرير ،لكن دون تردد سامحته كما سامحت العملاق شرير ،ذات يوم ذهب العملاق شرير إلى مسكن الملك الكبير ،سرق قلادة ذهبية ورماها في مسكني ،عند حلول الليل جاء الملك ينادي بصوت عالي :يا أهالي المملكة أخرجوا من مساكنكم حالا، فخرجنا متعجلين بسماع الأمر قائلا : أنني لم أعثر على قلادتي الذهبية ،فمن منكم قاما بسرقتها ؟، اتجه العملاق شرير إليه وقال : رأيت أحد من أهالي المملكة اليوم قد دخل إلى مسكنك وخرج سريعا متوترا لكنني لا أعلم إن كان هو من تجرأ بسرقتها ،قال الملك : وما الذي تنتظره هيا قل من هو ؟ نظرا العملاق شرير نحوي ثم أشر بيده،وقال : العملاق صابر ،قلت : ليس أنا من قام بسرقتها ،قال العملاق مغرور :دعنا أيها الملك ندخل مسكنه ونبحث عنها في أرجاءه ،قال الملك :حسنا ، دخلوا العمالقة ودخل الملك ليرى بنفسه إلى أن وجدوها في مسكني ، جاء الملك بجانبي وقال : أنظر هذا دليلا على أنك من سرقها ،قلت متعجبا ً: لم أسرقها ولا أعلم كيف وصلت إلى مسكني ؟ ،قال العملاق شرير :ألم أقل لكَ أيها الملك أنه كاذب ، قال العملاق مغرور : أنه ليس بكاذب فقط وإنما ظهرا سارقا ، لم أستطيع تبرير نفسي من هذه المشكلة ،حتى طردني الملك من المملكة قائلا: هيا اخرج لا أريد رؤيتك في مملكتي، ولا أريد رؤيتك في الصباح هنا وإلا قتلتك ،رحل الملك ورحلوا أهالي المملكة إلا العملاق شرير والعملاق مغرور، قال العملاق شرير : أنت مسكين ولم تصدقني عندما أطلقك بالعملاق الفاشل ،قال العملاق مغرور ضاحكا :ههههه ،ما الذي تنتظره ؟ هيا أخرج من هذه المملكة لا وجود مكانك فيها بعد الآن، وليس هي مكانا للفاشلين ،تجاهلت قولهم ورحلت من المملكة ،كان وقت متأخر من الليل ،لا أرى سوئ القمر في السماء ، جاء بنوره الساطع نحوي حيث دلني على الطريق ،ثم أشرقت الشمس حتى وصلت إلى هذا المكان ،رأيت نهرا وشجرة ،اتجهت نحو النهر أرتوي من العطش طول ذلك الطريق ،جرحت قدمي بشوكة في النهر حتى سالت الدماء ،ثم جلست بقرب الشجرة لأرى مكان الجرح في قدمي ،
شعرت بالنوم قليلا حتى نمت من شدة التعب ثم استيقظت، كان الجرح عندما رأيته يزداد من نزيف الدماء وتورمت قدمي إلى أن أحسست بالألم لا أعلم كيف أتصرف؟ ، حتى جئت أنت كأن أحدا بعثك إلي منقذاً ،حزن مارتن على سماع قصته المؤلمة
وقال مارتن: لا تصمت على ظلمك أيها العملاق صابر ،وإن كنت صابرا لا يعني أنك ستصبر عن حقك وظلمك طويلا مهما طال الزمان ،حاول أن تظهر قوتك أمامهم ولا تدعهم يأخذون مكانتك إلا المكانة فهي الكرامة عند الإنسان ،قال العملاق صابر :ما هو المطلوب فعله ؟ ،قال مارتن : أذهب إلى المملكة ،حاول أن تخبر الملك بالحقيقة ؛ وواجه أعداءك أجعلهم يرون بأنك قوي ولست بفاشل،إن تركتهم سيظلون يلحقون وراءك في كل مكان، فكن مفترسا لأخذ حقك ولا تكن فريسة لظلهم أبدا ،تعلم كيف تكون ذكيا عليهم ،لا تدع خوفك يفسد قيمتك بينهم ،أثبت مكانتك بجدارة أمامهم ،كن كالشمس التي لا تدع من يتمرد عليها فتخطف أنظارهم من شعاعها ،عندما تمر لا أحد يستطيع النظر إليها،بعد ذلك أكمل مارتن حديثه وهو يرى الجبال قائلا :هل تعلم كم أحب ممارسة التصوير والمغامرة بين الجبال ،قال العملاق صابر :لماذا ؟ ،قال مارتن :لأنها هي الصامدة الوحيدة في الأرض ليست كما الشجر والصخر والرمال ،لا تتأثر بالصواعق ولا العواصف ولا الغيث بلا جدال ،هي تصمد ببرودة الجو أو عند حرارته فإن طال ،هي عالية ومرتفعة وتحمل الأثقال ،وهي رائعة المنظر لها العديد من مختلف الأشكال ، تظهر روعتها عند وجود العشب والزهور وعند نزول الشلال، رغم ذلك لا تعلو ولا تتكبر، لها حسن التصرف والتعامل مع أي كان ،لولا وجود الجبال لما كانت لنا المنازل ولا القلاع ولا العمران ، تثبت الطرق فيها لتوصلنا أي مكان ،الجبال لها القوة في الصبر والصمت من بزوغ الشمس حتى غروبها ،ومن ظهور القمر وحلول الليل حتى طلوع الفجر لا تيأس ولا تتذمر من حالها الفتان ،كم أكون متأملا إليها فأكون لها عاشقا حيران ،لكن شيئا واحدا لا تستطيع الجبال أن تتحمله في أي زمان ،قال العملاق صابر :ما هو ؟ قال مارتن : أن لا أحد يأخذ مكانتها فتثور مثل ثوار البركان ،قال العملاق صابر :كيف ؟ ، قال مارتن : حينما يكثر نزول الغيث يتجمع بعض الماء فوق الجبال فتشكل ضغط كبيراً عليها فلا تكون بأمان، هي تقاوم إلى أن تتخلص منه فتنثره بشدة في البحار والأنهار والسهول لتظهر قوتها الحقيقية قدر الإمكان ، أي لا يعني صمودها هو أن تسمح بأخذ مكانتها أو تسمح بظلمها ، فالصمود يأتي بعده قوة وانجاز قبل فوات الأوان.
فكن أنت كما الجبال التي تتخلى عن كل شيء لكن لا تتخلى عن حقها وحريتها إن كان،كما تعلمت منها الثقة بالنفس، فهي تثق بقدرتها على القوة وأن لا شيء يستطيع تحريرها من مكانتها ومن يكن، فلها القوة في الصبر والصمود والدفاع عن حريتها وهو ما يجعلاها براحة عظيمة في الاستمتاع بالطبيعة ومع نسيم الهواء فتظهر نغم وألحان،لا تعتقد بأن بعدك عن المملكة سوف يجعلك في راحة بل ستكون في وحدة ،تريد من ينتمي إليك ومن يشبهك وأن هنا ليست بمكانتك،فمكانتك الحقيقية موجودة في تلك المملكة .
وهنا ستسود عيشتك هنا فلن تستطيع الانتماء لهذا المكان جيدا ولن تحصل على الراحة التي تستحقها ، قال العملاق صابر : لا داعي للقلق سوف أفكر اليوم وغدا إلى أن أرى وضعي هنا ، حينما جاء وقت الغروب رحل مارتن إلى موطنه .
في اليوم التالي جاء مارتن إلى العملاق صابر في نفس المكان ،ورآه واقفا مستعدا كأنه ذاهب إلى معركة قائلا :أدركت جيدا معنى قولك ،سأذهب لأسترجع مكانتي وحقي منهم ،سوف أعلمهم كم أنني قوي مثل الجبل ولن تراني عادا مرة أخرى هنا إلا في حالة اشتياقي إليك،ابتسم مارتن وقال :لن تخسر هذه المرة وسوف تكون رابحا ،حقك ومكانتك في المملكة لن يضيعا عبثا ،كن شجاعا عند مواجهتهم جيدا ،الوقت هذا سيكون من صالحك عند أتأخذك قرارا صحيحا، قال العملاق صابر :سأكون شجاعا هذه المرة وأفوز على ذلك الأحمقان ليعلما أنني لست بفاشل ولن أدعهم يسرقون مكانتي ،كان العملاق صابر متفاعلا جدا قال مارتن :هيا قف جيدا أجعلني أرى قوتك ، وقف العملاق صابر كما قال له مارتن أن يقف جيدا ،أخرج مارتن ألته التصويرية من حقيبته ومن ثم قام بتصوير العملاق صابر لجعلها صورة تذكارية له ،رحل العملاق صابر إلى مملكته حينما وصل رأى العملاق شرير مع العملاق مغرور ،قال العملاق شرير :أليس أنت مطرود من هذه المملكة ،كيف تجرأت العودة إلى هنا ،قال العملاق صابر :أنني لم أعود ولكنني جئت لألعب معكما لعبة الغميضه ،لأرى حقا أنني فاشل ،أن رأيت ذلك حقا سأرحل وكأنكما لم تشاهداني هنا في المملكة ،قال العملاق مغرور :حسنا ،سنثبت إليك جيدا ،ذهب كلا من العملاقان إلى الاختباء ،يحاول العملاق صابر أن يشغلهم بهذه اللعبة ولم يعلما بأنه جاء لمقابلة الملك دون معرفتهما ،ذهب العملاق صابر إلى مقابلة الملك وحينما راءه الملك قائلا :لما جئت هنا أيها العملاق السارق ،ألم أحذرك بأنني لا أريد رؤيتك في مملكتي ،قال العملاق صابر :جئت كي أثبت إليك الحقيقة وأنني مظلوما لم أسرق أطلاقا تلك القلادة وان العملاق شرير والعملاق مغرور حاولا مكيدتي لكي أرحل من المملكة ،فهم يعاملونني كأنني فاشل ولا أصلح كوني عملاق بينكم ،تعال بنفسك وأنظر كيف يحاولون الاختباء إلى مكان بعيد مني ،وذلك لكي لا أستطيع العثور عليهم ،وعندما لا أعثر عليهم يطلقونني بأنني عملاق فاشل لأنني دائما أكون لهما خاسرا ،تعال لنذهب إلى مسكني وأنت كن خلف الباب لكي لا يرونك معي ،ستسمع ذلك بنفسك جيدا ،وأنها الحقيقة.
ذهب الملك مع العملاق صابر إلى مسكنه ليثبت ذلك ،طرق العملاقان باب مسكن العملاق صابر وهم يقولان :ألم نقل بأنك فاشل وأنك تريد أنت تثبت هيا أخرج وعد إلى مكانك الذي أتيت منه ،خرج العملاق صابر قائلا :كيف تقربتم إلي لتكونا رفاق جيدان وأنني سامحتكما لكن أنتم لم تدعوني وشأني حاولتم مكيدتي بسرقة القلادة من الملك ،قال العملاق شرير :أنا الذي فعلت ذلك لطردك من المملكة وهذه الطريقة الوحيدة الجيدة لطردك من هنا ،لتعلم أننا أذكى منك ،وأنت عملاق فاشل لا ينفعك المكوث هنا فنحن كلنا أقوياء ،سمع الملك حديثهم للعملاق صابر وأن قوله كان صحيحا فخرج من خلف الباب ،تفاجئا كلا منهما لرؤية الملك قائلين :نحن كنا نمزح معه أيها الملك ،نحن رفاق نحب أن نمزح هكذا لبعض دائما ،قال العملاق مغرور (خوفا من الملك ):أنه العملاق شرير من قام بسرقة القلادة الذهبية ،قال العملاق شرير :ومن قام بتخطيط معي لهذه الخطة أليس أنت ، قال الملك : كلاكما سوف تتعقبان على هذا ،وأنني لا أسمح بوجود أمثالكم في هذه المملكة ، معاقبتكم ليس الطرد فقط ،وإنما تنظفان المملكة كلها ومن ثم تغادران ،رحل الملك إلى مسكنه ،قال العملاق صابر (وهو كافتا يداه) : هههههه من هو الخاسر والفاشل الآن ؟ ،وانظروا كيف أوقعة بكما أمام الملك ؟، لا أصدق ما أراه ، أنكم خسرتم وجودكم في هذه المملكة ،وأنا الفائز عليكم لهذه المرة ،فصدقا ما يقال :ظهر الحق وبطل الباطل . الخسارة جاءت ولكن في وجوه الذين يعتقدون دائما بأنهم أقوياء ،والنصر جاء في وجوه المظلومين أو أصحاب الحق الذين يعتقدون بأنهم ضعفاء ،
أسترجع العملاق صابر مكانته في المملكة بسبب القوة التي ظهرت عليه وكل ذلك بفضل شجاعته ومساعدة مارتن الذي أنقذه من ضعفه ،أما أولئك العمالقة رحلوا من المملكة خاسرين ولا أعتقد بأنهم سيحصلون على أحد كي يساعدهم ،لأن المظلومين يحصلون على نورا في طريقهم يطلب مساعدتهم أما الظالمين لا يحصلون غير ظلمة في طريقهم لا يستطيعون رؤية أمامهم ولو كانت حفرة أمامهم سيقعون عليها فلا شك بذلك ......النهاية .....
كلمات موعظة
*ليس القوي بشرارته أو بتكبره أنما القوي بشهامته وعظمته وليس الغني بنفوذه أو بمصالحه أنما الغني بكرمه وتواضعه.
*هل أدلكم على رسولا راحل؟، بعثه الله هداية للأمة ،رسولا خيره من بين رسله وأنزل له القران الكريم هداية لعباده، ليس كان غنيا بالمال أنما كان غنيا بكرمه وعطفه لم يفرق بين المسلم والمشرك ،رغم أنه تأذى كثيرا من المشركين ألا أنه يعاملهم بالحسنى والعطف عليهم ،لا يغريهم بالمال إن طلب منهم دخول الإسلام بل بأخلاقه النبيلة كما الصدق والأمانة وحسن الكلام ليس بوجود العنف أو الإجبار على فعل الأمر ولا وجود الانتقام أو الظلم أو الابتزاز ،هل كان متكبرا أم قاسيا أم عاليا ؟لم يكن كذلك ، كان يقوم تحية السلام للفقير والغني ،اليتيم والمسكين ،الصغير والكبير ،لا يفرق بينهم ليس أحدا أحسن من الأخر كلهم خلقوا سواسية .... هل عرفتموه ؟!
*هل أدلكم على قائد رحل ،قائد وطن بناءهُ على خطط وعلم ،قائد رحل ولم يترك أصابع يده خالية من الكرم ،قائد بناءَ وطنهُ على السياسة والقيم ،قائد رحل لكنه لم يرحل في قلوب الشعب الذي جعلهم أبناءهُ، لم يفرق من كبيرهم إلى صغيرهم ، من أغناهم إلى أفقرهم جعلهم في خطاً واحد مستقيم ،قائد له أخلاق من التواضع والتعامل والتعاطف وحسن الكلام ،هل كان متكبرا أو قاسيا أو عاليا ؟ لم يكن رغم أنه من أشهر السلاطين في العالم ، وصار العالم يحكي عن قيمهُ ،و مبادئهُ، وعن أساليبهُ الرائعة بين الأمم ،قائد رحل وترك وطن الذي حملهُ على ظهرهِ ولم يشعر بأنه أنكسر ،جعله آمنا من الحروب والطعون من كل جهة مجاوره في البر والبحر ، عبرا كل دول العالم لم يقال عنه يوما بأنه ظلم ،هو المعلم الأول لهذا الوطن والأب المخلص لأبنائه منذ القيم ،هو قدوة لكل أب وأم ،هو من أكبر رجال العظماء في العالم ،لكنه رحل ولم يعد، فرحيله جعل العالم في يوماً مؤلم ،لم يترك الوطن هكذا عبث بل تركها بيدا أمينة باتزان يده مع اليد التي سوف تحكم الوطن بعده والكل يعلم ،رحيله لم يهز الوطن فقط بل هزَ أرجاء العالم عامةً ، كما الغيم التي هزة الأرض بغزارة الغيث من جوفها عندما هطل في ذاك اليوم ًمن شدة الألم ،العالم تحكي عن سر حب أهل الوطن لقائدهم ،لأنه جبل من جبال الأرض استوت على نهجه وقيمة النبيلة ،هل عرفتموه ؟!
تأمل قليلا :
* لولا رسولا بعث للأمة ما كانت أسلمت أو صلت أو اعتمرت أو حجت.
لولا قائدا يحكمها وطن ما بنيت ولا أسست ولا عمرت.
لولا وجود العلماء على وجوه الأرض ما كان العالم تعلمت أو ابتكرت.
لولا وجود القرآن الكريم ما كان الأمة قرأت ولا كتبت ولا فهمت ولا تعلمت.
*كل ذلك أتى بمنهج الفكر والعقلانية ،بمنهج المبادئ والمسؤولية الإنسانية ،بمنهج القوة والصبر والإمكانية ،لم يأتي بالسرعة بل بالهدوء واتخاذ الخطوات الصحيحة كل خطوة أصعب من خطوة إلى أن سهلت في آخر خطوة ثم ظهرت حتى اكتشفت وانتشرت انسجمت.
*هناك جبال عدة من الناس، جبال صلبة لا تهزم ريح ولا زلزال، جبال تتمتع بالصمود والصبر إلى وقوع الفأس ،لا يعني أنهم ضعفاء بل لهم قوة لا يسابقها نمر ولا غزال ،كل شيء يأتي بوقته ويومه بالأساس ، يعم لهم الصمت والهدوء وراحة البال ...