عاشق لخط النار
وليد زيدان أللهيبي
الإهـــــــــــداء
ــ إلى والديّ رحمهم الله
ــ إلى الرابضين في خط النار
ــ إلى الشهداء الأبرار
ــ إلى كل من حمل السلاح
وليد زيدان أللهيبي
( 1 )
ولد في النصف الثاني من العقد الخامـــس من القرن الماضي وترعرع ونشأ في منطقـة شـعبية من مناطق بغداد الرصافة المعروفـة بطيبتها وتعاون ابنائها في السراء والضـراء ، المتدينة بالاسلام المحافظة على قيمــه دون تعصب والعاملة بتعاليمه دون اسراف او شطط 0
هذه المدينة المعروفة بأخلاقها العربية الأصيلة ونخوتها وغيرتها على أبناء العروبة وتبنيهـا لنهج الوطنية والقومية حفاظا على تأريخ الأمة العربية المشرق بالبطولات والأمجاد 0
نشأ هذا الطفل في بيت يعرف الله حق معرفته فالجميع يقيمون الصلاة ويؤدون الفــروض بأوقاتها ويعملون على تطبيق تعاليم الديـــن الحنيف 0
هو منذ ولادته رضع الحليب من ثدي أمه التي لم ترضعه الحليب الصناعي قط ، فنشأ قـوي وبصحة جيدة كأنها تعده وتنشئه ليوم عصيـب يحتاج فيـه الوطن إلى الرجال الرجال 0
بلغ سنواته الخمس وهو يلعب ويتحرك في فناء البيت وكأن هذه المساحة لا تستوعب طموحـه وحين يتعب من اللعب يجلس مع العائلة ينتبـه إلى حواراتهم وأحاديثهم 0
كان والده وعمه وأقربائه يتناقشـــــون ويتحاورون عن أوضاع الوطن وكانت تطرق سمعه مفردات لا يعي حقيقتها ولم يعطيهــا قدرها من السؤال لأنه لم يدرك بعدُ قيمة هـذه المفردات ويتطور النقاش ساخنا أحيانا وهادئ أحيانا أخرى حسب موقف المتحـــــدث والموضوع المطروح للنقاش 0
يأخذه النعاس وشهوة النوم فيغادر حلقة النقاش إلى حيث فراشه فيستلقي عليه بنوم هادئ حتى الصباح ، يتناول فطوره فرحا أحيانا ومشاكسا أحيانا أخرى لأخيه الكبير فتتحـول جلسة الإفطار إلى حلبة للمصارعة الطولية بين تذمر الأم ومتابعة الأب وما سيؤول أليه هذا الصراع وتمر لحظات قليلة تنتهي ببكاء الأخ الصغير ، ورغـم صراخ الأم بأطفالها يبتسم الأب ويأخذ الطفل الصغير يمسح دموعـــه ويزرع البسمة على محياه فيزداد تعلق الطفـل بأبيه ويمسكه باستمرار كأنه لا يريد أن يفـارق كتلة الرحمة والعاطفة الابويه 0
يغادر الأب إلى عمله ويباشر الأطفال اللهو من جديد فيملون البيت بالضجيج أحيانا وبالضحكات أحيانا أخرى ، وتنشـــغل الأم بالإعمال المنزلية بهمة المرأة العراقيــــة الحريصة على بيت الزوجية ويغادر الأطفال البيت إلى الشارع للعب مع أبناء الجيران كأنهم طيور محلقة في سماء بغداد يملئ تغريدها مسامع الجميع 0
( 2 )
وتمر الأيام مسرعة وشيء فشيئا يكبر الطفــل ويبلغ السابعة من العمر ويدخل المدرســـة الابتدائية بعـد أن غادر روضة الجمهورية ويواصل الدراسة فيها وأول ما يتعلمه الطفل من القراءة الخلدونيـة الحروف وربطها لتتحـول إلى كلمات مثـل ( دار دور ) ويجتـــاز الصفوف الأولى بنجاح وحين وصل إلى الصــف الرابــع
الابتدائي كان من الطلبة البارزين بالتفوق فأستحق لقب فــــارس الصف ووضع له الشريط
الأحمر من كتفه الأيسر إلى جنبه الأيمن ليتقاطع مع جسمه وقد خط عليه جملة فارس الصف ، مـرض الطالب ، ارتفعــت حرارته وتم أخذه إلى مستوصف الصحة المدرسية وهناك شعر للمرة الأولى بأهمية الشريط الأحمر الذي يحملــه حيث استقبله الأطباء والممرضين بالابتسامات يرددون ( هلــه بفارس الصف ) اخذ علاجه وعادت به عمته إلى البيت0
تماثل للشفاء في اليوم الثاني وغادر بيته إلى مدرسته ليواصل دراسته ويؤدي ما فأته مـن دروس 0 إثناء دراسته الابتدائية كانت تحتفـل المدارس ببعض المناسبات ومنها نشاط تمارسه المدارس آنذاك وهو جمع التبرعات المالية والعينية إلى اللاجئين الفلسطينيين المشرديــن فـي الوطن العربي القاطنين بالخيام ، كــان يبادر بأخذ التبرعات ألعينيه من والديه ليسلمها إلى إدارة ألمدرسه لكي تصل إلى اللاجئيــن وكانت هذه التبرعات عبارة عن الصابــون والتايد وعلب الدهن ومعجون الطماطم وغيـر ذلك 0
وتمضي الأيام مسرعة وينهي دراسته الابتدائية وهو لازال يسمع حوارات والده وأقربائه عـن أوضاع العراق والوطن العربي وبدأت تتـردد على مسامعه نفس الكلمات السابقة وجمـــل أخرى وقف حيران أمامها لأنه لا يعرف مدلولاتها، من خلال هذا النقاش الودي طرق مسامعه مفردات ألوطنيه، ألقوميه، فلسطين ألمحتله، الحروب 0
وبدأ يسأل
ــ بابا ليش اللاجئين الفلسطينين ماعدهم وطن
ــ لا ابني وميض عدهم وطن بس محتل
ــ شنو محتل بابا
ـ ابني يعني الكيان الصهيوني اخذ وطنهــم بالسلاح وطرد الفلسطينيين من وطنهم صمــــت لطفل كأنه صمت من لا يعرف الأمر وقـــد أضيفت إليه مفردة جديدة ( الكيان الصهيوني ) الذي لم يعرف معناها غادر مجلس الكبــار منطلق إلى مجلس الصغار حيث اللعب واللهو والكلام المفهوم له ولأقرانه وعاد الشـــارع ا يمتلئ بأصواتهم البريئة المغردة في فضائه بين قبول الجيران ورفضهم لهذه الضجة
( 3 )
أن الأحداث التي مرت بها الأمة العربية والنكبات والنكسات التي تعرضت لها جعلـت من العربي يخجل من نفسه أحيانا كثيرة بسبب الضعف العربي فرغم المساحة الواسعة للوطن العربي الممتدة من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر ورغم إن الوطن العربي يمتلك مـــن الثروات ويطفو على بحر من البترول ورغـم عدد نفوسه الكبيرة ورغم إن الدول العربية تحيط بفلسطين إلا أن اليد الطويلة كانت للكيـــان الصهيوني وسبب ذلك هو اختلاف أنظمة الحكم الجمهورية والملكية وضعف الرؤسـاء والملوك وعدم امتلاكهم للإرادة الوطنيـــة والقومية ألحقه التي تؤهلهم لتحقيق النصـر ، كان العربي بحاجة إلى بصيص الأمل والـى فعل عربي يستطيع من خلاله أن يتنفـــس الصعداء لان ما يقوم به الفدائيين ومنظماتهم من اختطاف للطائرات وضرب مواقع الكيـــان الصهيوني لا يوازي فعل الصهاينة وما فعلوه بالعرب أي إن حالة التردي العربي هي التـي جعلت الصهاينة يتفوقون في الحــروب ألماضيــه وخاصة حرب
1967 تلك الحرب التي تركت وصمة عار على جبين العرب حيث دمـــر الكيان الصهيوني الدفاعات العربية الهشة على طول جبهة المعركة وتوغل في عمق الأراضي العربية ليقضم أجزاء منها ويضيفها إلى كيانه المسخ فخسر العرب أراض ٍ فلسطينية جديدة ومرتفعات الجولان ألسوريه وغيرها ، حـرب نزف بها الدم العربي بلا حساب ولم يفعــل الحكام العرب غير البكاء في أروقة الأمم المتحدة يستجدون منها العون على عدوهم في حين امتلئ الشارع العربي بالغضب الشعبـي العارم يندد أبناء العروبة بالكيان الصهيونــي وبالأنظمة العربية العميلة والرجعية التـــي خذلت العرب ولم تستخدم قدراتها وثرواتها من اجل القضية 0
حين كان يسمع حوارات والده وأقاربه فــي جلساتهم العائليــــة عن الأوضاع فــــي العــراق
والوطن العربي طرق مسامعه لأول مره اسـم الأحزاب ،البعث ، الشيوعي ، الناصــــري وغيرها لم يكن يعلم منها شيء ، سوى انــه عرف بثورة تموز 1968 التي عاش انطلاقها وفطن على إحداثها كونه بلغ الثانية عشر مـن عمره في هذا الجو المشحون بالسياسة والهـم العربي ومأساته والتصريحات الرســــمية المطالبة بتحرير فلسطين والمطالبة أيضا ببناء الجيوش القوية وإسناد جبهات التحرير العربيــة
والفلسطينية في هذا الجو كانت تسود حوارات العائلة ، كأن قدر هذا الطفل أن يرضع المبادئ الوطنية والقومية والثورية مع حليب ألام وكأن قدره إن يتنفس الحـــس القومي ألجهادي وهــــو
يافع لان الاجواء المحيطة به من نقاشـــات واحداث كانت تعمق عنده هذا الشعور 0
فهل كانت هذه الثورة في العراق هي الــرد العربي الذي يبعث الأمل ويجدد روح المقاومة لدى العرب ، لم يقتنع وميض أبدا بهذا الـرد لأنه يبحث عن رد أقوى وفعل أمضى يصيب الصهاينة بمقتل 0
وتمضي به الأيام ليواصل دراسته في متوسطة التحرير للبنين حيث تطور عقله وتوســعت مداركه وبدأت تنضج عنده الأفكار وبدأ يعرف بشكل تدريجي معاني الكلمات التي كان يسمعها في حوارات البيت عند حلقات كبار السن ، في المتوسطة واجه شيء لم يعرفه من قبل حيـث هناك غرفة خاصة كتب عيها اللجنة الاتحادية سأل وميض زميله في الصف المتقدم عليه ماذا تعني هذه 0
ـ الطالب : هذه غرفة الاتحاد الوطني لطلبـة العراق
ــ وميض: ماذا تعني ومن يعمل بها
ـ الطالب : منظمه طلابية تدافع عن حقـوق الطلبة وتطور مواهبهم الثقافية والأدبية ، يعمل فيها طلاب من المنتمين لحزب البعث 0
أومئ وميض برأسه وهو يردد مع نفسه كيف يوفق الطلبة بين الدراسة والعمل بهــــذه المنظمات ، حين انتهى الوقت المحدد للـدوام الرسمي غادر إلى بيته وأنجز واجباتــــه المدرسية 0
( 4 )
كان المحاورون من أتباع التيار القومي في البيت يرون أن خلاص ألامه من مشكلاتها هي بهذه الثورة لأنها ستنمي الحس الوطني والقومي وتهيئ الأرضية اللازمة لمواجهة الكيان الصهيوني ، كانت هذه الفكرة تداعب مشاعر البعض أما البعض الأخر فكان بالضد من هذه الفكرة وكان وميض المستمع الصامت بينهم كأنه لم يسمع تلك الأحاديث أبدا كان يفكر بالهموم العربية وبالرد العربي على نكسة حزيران 1967 رغم صغر سنه ، انتبه والده إليه
ــ ماذا بك يا وميض
ــ متى سيكون الرد يا أبي لقد سئمنا الشعارات التي لا تجدي شيء
ــ قريبا أن شاء الله يا ولدي
يصمت وميض صمت الغير مقتنع لأنه تعود من الحوارات أن لا فعل يعقبها أبدا 0
عند الصباح يخرج والده إلى عمله حيث كان مقاولا معروفا مختصا بأعمال التبليط للشوارع ومد المجاري بنوعيها الثقيلة والأمطار وكان مكتبه في وسط بغداد في بداية شارع الرشيد مشاركا صديقه المقاول يعقوب منصور ، في العطلة ذهب مع والده ليشهد طبيعة العمل ولاحظ إنسانية والده أثناء تعامله مع العمال وصرف الرواتب لهم ومنحهم السلف المالية كما ويوزع فائض الربح المحدد لأية مقاولة يأخذها إلى عماله بغير منية منه لأنه يعتبر فائض الربح هو نتيجة لجهد عماله فترتسم الفرحة على وجوههم ويصرون على العمل معه بجد وبهمة أعلى في المقاولات اللاحقة 0
وفي الدوام المدرسي كان مثابرا في دروسه حريصا على مستقبله وكان يحاور زملائه بما يسمعه من أحاديث وحوارات البيت ويعكس لهم قناعاته بضرورة الرد على الاعتداءات الصهيونية ويعلنها صراحة انه بانتظار ذلك اليوم الذي سيثلج له القلب 0
لم يعي وميض حقيقة الأمور وطبيعة المنازلة بشكل رصين لكن العاطفة كانت تأخذ منه حصتها لتثير فيه النوازع الوطنية والقومية 0
كانت مصر تعد العدة وتخطط لفعل بطولي يستهدف الكيان الصهيوني وبمنتهى السرية لان ساحة الحرب مفتوحة مع كل الجبهات العربية المواجه للكيان الصهيوني ولأن الحرب لم تضع أوزارها بعد ، كانت تخطط بصمت وتدرب بهمة عالية وذات يوم نفذت ألعمليه بنجاح باهر وصحي الشارع العربي على إنباء العملية البطولية وهي تدمير ميناء ايلات الصهيوني والبوارج الراسية فيه 0
كان وميض حاله حال بقية الطلبة في دوام رسمي وما أن سمعوا الخبر حتى خرجت كل مدارس المدينة بتظاهرات عارمة تجوب شوارعها خرج معهم في تلك الشوارع وكانوا يتوقفون أمام المدارس التي رفض مد رائها خروج الطلبة وكانوا يهتفون بعنف ويرشقون المدرسة بالحجارة حتى يرضخ المدراء بإخراج الطلبة وتندمج المدارس بطلابها بمسيرة كبيرة تجوب شوارع المدينة تهتف بهتاف واحـــــــــد ( ايلات دمرناها على عناد امريكا) وتخرج العوائل الى سطوح البيوت لتشاهد المسيره ومنهم من يقف في شرفات دورهم والقسم الاخر واقف في باب الدار الرئيسي يحيون الطلبه ويثنون على صنيعهم هذا 0
كان وميض فرح جدا نعم هذا هو الرد الذي نريد وتنتهي المسيرة ويعود الطلبة إلى بيوتهم متعبين فرحين 0
كان وميض ينتظر عودت والده على أحر من الجمر ليطرح عليه سؤالا لأنه لا يعرف له جواب ، جاء والده من العمل متعبا وتناول طعام الغذاء وتجمع المحاورون مجددا للمشاركة في هذه الفرحة 0
ـ بابا رددنا اليوم شعار ( ايلات دمرناه على عناد اميركا) 0
أن الضربة موجه للكيان الصهيوني فما علاقة أميركا بذلك
ــ يا ولدي أن أميركا تدعم الكيان الصهيوني دعما عسكريا وماديا وتقدم لهم الخبراء والعلماء وان أميركا تقف دائما بالضد من قضايانا العربية بمجلس الأمن فتستخدم الفيتو ضدنا وتوفر الغطاء لعدونا 0
ــ ما هو الفيتو يا والدي
ــ هو حق النقض تلغي بموجه كل القرارات التي تصدر ضد الكيان الصهيوني وهذا الحق تمارسه الدول الدائمة العضوية بمجلس الأمن وتلحق بنا الإجحاف 0
( 5 )
بدأت تراوده الشكوك بمصير فلسطين وكأنـه أدرك الحقيقة المرة كيف تدعــم دوله كبيرة مثل
أميركا كيان غاصب للأرض العربية ألا إذا كانت مثله ذات نوازع استعماريه 0
خرج من داره في احد الصباحات المشــرقة حيث الشمس تبعث الدفء عبر خيوطها الذهبية والتي تحتضن المدينة التي يسكنها وهي منطقة نجيب باشا خرج إلى أصحابه حزينا وكأنــه نسى طعم الفرحة بتدمير ايلات وعلى غيــر عادته انكمش على نفسه لايمازح احد مـــن زملائه واصدقائه 0
ــ ما بك يا وميض
ــ لقد فقدت الأمل بتحرير الأرض العربية
ــ لماذا ؟ الم تكن تخبرنا بأن الأرض ستتحرر الم تكن تحاورنا بأحاديث الوطنية والقوميــة والتحرير ؟
ـ نعم كنت كذلك لكني عرفت الآن طــرف القوة في هذه القضية أنها أميركا 0
صمت واطرق رأسه إلى الأرض ثم رفعه بعد برهة ليخبرهم إن هذه القوة ستهزم شـرط أن يعد العرب أنفسهم لمواجهتها وهذا لايحــدث ما دمنا متفرقين حكومات وسياسين 0
ثم نظر إلى السماء الصافية وشمسها المشرقـة وكأنه سينسج من أشعتها وشاح النصــر أو يصوغ من خيوطها أوسمة للأبطال المقاومون0
رجع إلى داره مبتسم يسير عبر الأزقة ويمتـع ناظريه بالحدائق المنزلية وفي طريقه إلى البيت كان يسمع صوت المذياع المنطلق مـن احد الدور وصوت المذيع يمتدح ويثني علـى الأبطال الذين نفذوا العملية البطولية يعقبــه الأناشيد الوطنية التي تمجد بالأرض والأمة وتبث الروح الحماسية للمواطنين 0 وجـــد وميض نفسه في حضن السياسة بشكل لا إرادي فمن سماعه لحوارات السياسية في البيت إلى المشاركة مرتين في نشاط سياسي الأول حيـن ساهم بجمع التبرعات العينية للاجئين والثانية حين شارك بالمسيرة العفوية بعد تدمير ايلات وكأن قدره ان يعش وينمو مع الاحداث ليتخرج سياسيا خبرته الحياة 0
واصل مسيره باتجاه البيت وواجهته أحدى النساء من الجيران وجها لوجه امرأة كبيــرة بالسن ترتدي العباءة العراقية السوداء تمشـي ببطئ شديد وكأن ساقيها لا تستطيعان حمــل جسدها المتعب وهي تسحب أنفاسها بصعوبـة بالغة
ــ ها يمه جنت بالمسيرة وياهم البارحه
ـ نعم يا خالتي وهل أستطيع عدم المشاركة فالفعل الذي حدث يوم أمس جعلني انطلق وزملائي بلا شعور 0
ــ عفيه ابني بيكم انشد الحيل 0
وتذهب إلى حال سبيلها ، وهي تقول امة فيهـا مثل هؤلاء الشباب ومثل عزيمتهم ستنتصر أن شاء الله 0
دخل إلى داره مسرورا فاستغربت أمه هــذا الحال ، لقد خرج قبل قليل حزيناً مهمومـــاً فسبحان مغير الأحوال ، مَ الذي يفرحك يا ولدي وأعادك إليّ مسرورا ولم تعطه المجال للجواب ، اسمعت خبرا سارا ام هناك ضربة اخـرى حصلت ضد الصهاينه 0
لقد أفرحني حديـث جارتنا وأملها بشباب ألامه كبير وهي موقنة إن النصر آت بوجود الشباب الواعي المتســلح بالعلم وحب الوطن اختصرت ذلك كله حيـن قالت لي جملتها البسيطة في التكوين الكبيرة في معناها ( ببكم انشد الحيل )0
( 6 )
لقد بلغ الآن الخامسة عشر من العمـر ولازال طالبا في المتوسطة ، في البيت كان التأثير الوطني والقومي هو السائد في الحوارات ممـا اثر ذلك في بناء شخصيته واثناء دراسـته كان الجو العام في المدرسة يسير بنفس الاتجــاه حيث يقيم الاتحاد الوطني الحفلات بالمناسبات الوطنية والقوميه ويشارك الطلبه بتقديم كــل فقرات الحفل عبر فرقة فنية مختاره مـــن اصحاب المواهب ، هذا التأثير جعـل وميض يفكر كثيرا أ ينتمي الى التيار القومي ام لا ؟ 0
أسئلة بدأت تراوده عندما يستلقي على فراشـه للنوم ليلاً وبين القبول والرفض تتصـــارع الأفكار في ذاكرته ، البيت مشحون بالمناقشات السياسية والمدرسة هي الأخرى مشحونة بهذا النهج وأصدقائه يمارسون العمل السياسي فيها ، بدأ وميض يحسب الأمور بشكل دقيـق لان هدفه الأول هو طلــب العلــم والتفـــوق في الدراســـة
لا إضافة مسؤوليات أخرى على عاتقه ويستمر الجدل مع ذاته وتفارق عيناه النوم ويصيبــه الأرق قال مع نفسه هذا موضوع يجــب أن يحسم اليوم لكي لا يؤثر عليّ مستقبلا ويشغلني عن نومي وعن دراستي وبدأ يراجع إمكانياته وقدراته وحبه لأمته ووطنه وإمكانية التنسـيق في وقته للدراسة والعمل السياسي الرســمي وبين شد وسحب واخذ وعطاء حسـم وميض أمره وقرر الانتماء إلى التيار القومي عبر احد الأحزاب في الصباح الباكر صحا من نومـه على أصوات الرعد وضوء البرق وصــوت المطر المنهمر بشدة في هذا اليوم ألشتائي من أيام بغداد هيئ نفسه للخروج إلى مدرسته بعد أن لبس الملابس المطرية وحمل المظلة بيـده لتقيه المطر النازل من السماء ، خرج من داره وأصوات الرعد كأنها الانفجارات المدويــة وبشكل لا إرادي تذكر تفجير ايلات وتدميـره وتسائل مع نفسه اهكذا هي شدة الانفجـارات 0 استمر في سيره ووصل المتوسطة وهناك طلب من صديقه ان يعمل معهم في السياسة وتمضي الايام وينجح وميض ليتحول طالبا في الصـف الثاني المتوسط 0
كانت العطلة الصيفية متنفس له حيث يذهب مع عائلته إلى ضواحي العاصمة بغداد عند احـد أقربائه في هذا الريف الجميل يتعرف وميـض على عادات وتقاليد تختلف بعض الشيء عــن المدينة حيث الألفة والنخوة ومعايير الشــرف والأخلاق مفاهيم لا يتجاوزها العربي في الريف ، أن بيوت الريف مبنية من مادة الطيــــن الممزوج بالتبن وسقوفها مصنوعة من أخشاب الأشجار وحصران البردي المغطاة بالطيــن أيضا والفلاحين هناك يربون الماشية كالاغنام والابقار داخل بيوتهم الكبيرة الواسعة حيــث يخصصون لها مساحة مبنيه تأويها ، عنـــد الصباح يأخذ المواشي ابناء اقربائه الى حيـث المراعي الخضراء وكان وميض يخرج معهـم وعند الغروب يعودون بالمواشي الى البيــت فرحين لايشعرون بالتعب 0
أن الليل في القرى الريفية يأخذ طابع فريد من نوعه حيث ضوء القمر البهي ونسائم الهـواء العذبة النقية المحملة برطوبة دجله القريب من القرية في الليل يتجمع الرجال في بيت أقربائه يتبادلون أطراف الحديث ويستمعون إلى الراديو الوحيد المعلق على رف خشبي بجدار الطين والذي يعمل بالحجر كما يقولون والحجر هو ( بطارية جافه بحجم بطارية الدراجـــة النارية اليوم ) يسمعون ألاغاني الريفيــــة ويطلقون العيارات الناريه احيانا في الهــواء لهذه الاغنية او تلك 0
تعلم وميض الشيء الكثير من حياة الريف حيث كان يبقى هناك قرابة الشهر ولمس لمس اليقين الحياة الصعبة التي كان يعانيها الفلاحيـــن وعائلهم حيث الشوارع الترابية الغير معبـدة ولا كهرباء لديهم ولا ماء صافي يشربونه كانوا يعتمدون على ماء النهر للشرب والطبـــخ والغسل وكانوا يستخدمون الفانوس النفطــي للإنارة ليلاً وكانوا يعتمدون على ما تدره عليهم المواشي من حليب لتقوم النساء باســتخراج مشتقاته بطريقة بدائية يدوية حيث يستخدمـون جلود الأغنام لهذه ألعمليه ( الشجوه) ويعتمدون على ما يبيعوه من الخضار في أسواق الجملـة في بغداد ( العلاوي الشعبيه ) وحين ينتهــي الموسم ويتم الحساب يجد الفلاح نفسه لا يحصل ألا على إيراد قليل لا يوازي تعبه وتعب عائلته لان الحصة الأكبر تذهب إلى الإقطاعي صاحب
الأرض 0 رجع وميض إلى أهله مثقلاً بالهموم لما رأى وتنتهي العطلة الصيفية ويباشر الطلبة بالدوام ويدخل وميض صفــه الجديد في هذه المرحلة بدأت لديه الاهتمامات بالكتابة الأدبية التي شغف بها وكان يســجل ما يدور في ذاكرته خواطر مسطرة على الورق وبسبب ميله للثقافة شارك في إحدى الحفـلات المدرسية حيث كتب أول مسرحية له بعنـوان الصرخة التي تتحدث عن العمل الفدائـــي الفلسطيني داخل الأرض المحتلة ، قام وميض بإخراج المسرحية وتمثيل الدور الرئيسي فيها وهي شخصية الفدائي العربي نصر 0 دُعيت شخصيات مهنية وعوائل كثيرة وطـــلاب المتوسطة لحضور الحفل الذي اقيم على مسرح المدرسه المأمونية في الوزيريه حيث نالــت مسرحيته اعجاب الحاضرين فصفقوا لها كثيراً واثنى الجميع عليها 0
( 7 )
ويأتي عام 1973 مثقلا بالهم العربي ومشبعـا بالذل من الهزيمة في حزيران 1967 يأتي هذا العام ولا يعي وميض ماذا سيحدث ولا تعرف الأنظمة العربية ما سيئول إليه الوضع 0
كانت مصر وسوريا تخططان لعمل عسـكري مشترك ضد الكيان الصهيوني دون أن تبلغـا الدول العربية التي تسعى لذلك ، فتطلب مصر من العراق إرسال طائرات الهنتر للتمركز في اراضيها لكي تستخدمها للدفاع عن حدودهــا فيلبي العراق الطلب وتذهب الطائرات مــع طياري العراق الابطال الى مصر العروبة 0 تمضي الشهور سريعة وفي تشرين عـــام 1973 يفاجئ العرب جميعا بالحرب علــى الجبهتين المصرية والسوريه حيث قامـــت طائرات الهنتر العراقيه الموضوعة بامــرة مصر بدك قواعد الصواريخ وقطعات العـدو الصهيوني وذلك لان هذه الطائرات لديهـــا القدره على ذلك وضرب عمق العدو وتستمـر المعركه ويسمع بها العراق عبر وسائل الاعلام فيستنفر قواته العسكرية الجويه والبريــــه وبمختلف الصنوف ويدفع بها باتجاه ســوريا لغرض المشاركة في معركة الشــرف هذه 0 تعرض العدو إلى الخسائر الكبيرة علـــى الجبهة المصريه حيث تمكنت القوات المصريه من عبور خط بارليف الذي كان الكيــــان الصهيوني قد صممه ويفخر به لانه سدا منيـع وهذا السد قد تحطم بارادة المقاتل العربي امـا الجبهة السوريه فقد اصابها الوهن وتقدمــت قوات العدو الصهيوني باتجاه العاصمة دمشـق في حين وصلت طلائع القوات العراقيــــه ارض سوريا ولم يثنها من الحرب التعب الذي واجهته فشنت هجوما كاسحا اوقفت به تقــدم العدو 0
كانت مؤخرة الجيش العراقي لازالـت في ارض العراق حيث الدبابات العراقية تسير على السرف في الشوارع المبلطه وهذا استثناء في حين القوات العراقيه والدبابات التي معهـا والتي وصلت سوريا قد باشرت بشن هجـوم اخر دفعت به العدو للتراجع وانقذت قواتنــا دمشق من السقوط 0
كان اللواء الثامن العراقي في جبل الشيخ واللواء الثاني عشر قد تمركز في قاطع العمليات أيضا قرب جبل الشيخ كان الرائد الركن سليم الإمام أمر احد أفواج في اللواء المذكور اصطحب العقيد السوري معه لاستطلاع القاطع ووضع خطة الهجوم وتحديد أماكن التوغل وفي طريق ألعوده إلى القاطع وبعد مرور سويعات لاحظ الرائد الركن سليم الأمام تواجد دبابات على طرق الخطة الموضوعة وتسائل
ــ شنو هاي الدبابات سيادة العقيد
ــ هاي دبابات سوريه ( قالها وهو مرتبك ويتلعثم )
ــ أبدا هاي دبابات صهيونيه
شعر الرائد الركن سليم الإمام بخيانة العقيد السوري فأمر مقاتليه باعتقاله فورا وتم ذلك في حين واصل الرائد الركن سليم الإمام تنفيذ خطة الهجوم البديلة ونفذ الكماشة العسكرية على قوات العــــدو الصهيوني فقتل من قتل واسر الباقي منهم 0
اتصل الرائد الركن سليم الإمام بالرئيس السوري حافظ الأسد بهذا الخصوص وزاره في موقعه بصحبة العقيد الخائن وابلغ سيادة الرئيس بخيانته مما اضطر الرئيس لسحب مسدسه الشخصي وتنفيذ حكم الإعدام بالعقيد الخائن فورا 0
وتستمر المعركة عسـكريا وسياسيا فيتخذ العراق والمملكة العربيــــة السعودية قرار إيقاف تصدير النفط واستخدماه كسلاح في هذه المعركة وذلك لان أميركا وبعض الدول الاوربيه كانت تدعم الكيـــان الصهيوني 0
شلت حركة سير السيارات في تلك الدول وتتوقف عندهم عجلة التقدم فيلجـــا مواطنوها إلى السير مشيا أو استخدام الدراجات الهوائية 0 وتواصل القوات العراقيه والسوريه بشن الهجوم حتى تندحر قوات العدو وتصـل الى حدود الجولان السوريه ومن زهــــو الانتصارت على الجبهتين في حرب اسـتمرت ستة ايام يفاجئ العرب بقرار وقف الحرب في الجبهتين حصل ذلك بتأمر واضح من الرجعية العربيه والدول المعاديه للعرب فذبح النصـر بمثل هذا القرار 0
ويعود الجيش العراقي من جبهة القتال مصاب بخيبة الأمل من قرار الدول العربية رغم انه حقق النصر على الكيان الصهيوني وأثناء عودة القوات المسلحة العراقيه استقبلت من قبل الجماهير العراقية استقبال يليق بالابطال حيث كان الجنود العراقيون يعتلون صهوات دباباتهم التي تمر في شوارع العاصمة بغداد ، والنسوة تنثر الحلوى عليهم مصحوبة بالزغاريد والشباب ينثرون الورد لرجال استحقوا الحب والتقدير 0
( 8 )
أعجبته لعبة الكتابة فبدأ بتسجيل خواطره حسب الظرف السياسي والحدث وكأنه كان يبغــي التسجيل لمرحلة مهمة من حياة الأمة في حين كان يفرغ مشاعره وأحاسيسه على الورق بلغة محببة إلى النفس وبصيغة شاعرية تداعــب هواجس وخلجات الروح بحيث تشد إليها مـن يسمعها من شفتيه ويشعر بها أنها تخرج مـن أعماقه ووجدانه لا من شفتيه ولسانه 0
كانت الهواجس الوطنية والقومية تداعـــب عواطفه وتغازله بعمق فينفجر الكلام مـــن مخيلته بأعذب ما يكون فيسطره علـى الورق وكان وميض متميزا على أقرانه الطلبة بمثـل هذه الكتابات واول ما كتب في المجال السياسي خاطره بعنوان لحظات قبل الاستشهاد عــام 1973 وهذا نصها
لحظات قبل الاستشهاد
ياأماه لا تبكي 000 لا تحزني
أنا ولدك حامل الرشاش
أقاتل المعتدين
نذرت دمي للوطن الفدى
فان استشهدت فلا تحزني
فأنني لم أمت 000 لم أمت
طالما لي طفل آمين
طالما هناك من بعدي
شباب يأخذ بدم الثائر بالملايـين
فإذا سقطت صريعا
خذي رشاشتي أعطيها لولدي
قولي له هذا درب التحرير
سلكه رفاقك قبلك 000
ويسلكه اهلك القادمين
ابعدوا المدفع عني
اعطوه للفتية المقاتلين
يصوبوه صوب صدور 000
الأعداء المستعمرين
أخبري ولدي بصوت حنين
سر بدربٍ سار به اهلك الأقدمون
قولي له لا تبالي من صوت الطائرات فوقك
ولامن قنابل المدافع حولك
ضحي بدمك مناضلاً
كما ضحوا الملايـين قبلك
اسلك بدرب النضال 000
مفروش بالأشواك دربك
ولا تعير هما للمتفجرات جنبك
وارفع صوت آمتك عاليا
بين الأمم يشتهر أسمك
أخرج السيف من غمده
وضعه في قبضة يدك
مشيراً إلى النصر الذي سيتحقق بدمي ودمك
واجعل العلم فوق الروابي مرفرفا بنصرك
فالدرب طويلا وألف طويل
لا يجزعك الموت شهيدا
هو خيرُ لك واخلد
وعش دائما بالحياة كريما
لا تكن للأعداء دخيلا ذليل العيش ومشرد
اهتد بدمِ الثوار واجعله مشعلا موقّد
فالمسيرة لم تنتهي بعد ودرب الشهداء موطد
والمسيرة لا تنتهي بالمشانق والسجن المؤبد فكن دائما شجاعا في المعارك
يشهد لك التاريخ المُخلد
أه يااماه000 لا تبكي 000 أه لا تحزني
ويستمر يكتب ويكتب ويسمع ما يكتبه لأصدقائه ومعارفه بل ويعتلي منصة المسرح ليلقي علـــى مسامع الحضور ما كتب فينال استحسانهــــــــــم وتشجيعهم له في مناسبات عديدة وكأنه يســـــعى لتفجير طاقاته المخزونة في أعماق نفسه كبركان لا يعرف متى يثور بكلام حلو معسول 0
ومن دوامة الصراع السياسي العربي الصهيونـي التي تحيط به أينما سار ومشى كان يلقي باللـــوم على الحكام العرب وجامعتهم التي لم تجمعهـــــم أبدا على قرار يشفي قلوب أبناء الشعب العربــي ولم يتخذوا موقفا واحدا موحدا لتحرير فلسطيــن وإعادة شعبنا العربي إلى أرضه 0
رغم دوامة الصراع هذه يبقى وميض الشــــــاب المراهق الذي لم يتجاوز السابعة عشر من عمـره يحمل هموم الأمة على كتفيه ولن ينسى مستقبلـه الدراسي ولا حياته العاطفية كأي شاب يســـــعى للحب من فتاة جميلة يهواها القلب 0
( 9 )
مرض والده مرضا شديدا ونقل على إثره إلى مستشفى الخيال الأهلي ، تم الفحص وقـــــــــرر الدكتور وليد شوكت الخيال أجراء عمليه فوريـه ويتطور الحال إلى الأسوأ وتجرى له ثـــــــلاث عمليات جراحيه لأصابته بمرض في الحالــــــب وبسرطان القالون ولم تجدي نفعا حيث توفــــــى على أثرها عام 1973 0
أقيم مجلس العزاء لثلاثة أيام متتالية ، في اليــوم الثاني من هذا المجلس وعند الظهيرة وقفت على مسافة خمسة عشر متر منه أحدى قريباتــــــــــه وكانت في ريعان الشباب نظرت إليه وابتسمـــت وبحركة من وجهها أشعرته بنيتها لبناء علاقــــة معها ، لم يعر الموضوع أهمية حينها ، ألا أنها بعدة فترة زمنية بدأت الاتصــال به هاتفيا كمــــا فعل هو نفس الشيء اتصالات كثيرة يتحدثون فـي أمور عامة وكانت الضحكات تنطلق من أفواههما باستمرار ألا انه لم يفاتحها بحبه أبدا ولم تفعــــل هي ذلك 0
ذات يوم وهو يكلمها كعادته فوجئ بسـحب سماعة الهاتف من يدها وإذا بوالدتها تقول له هـا وميض أتغازل بنتي يا عيني عالحب وهـي تضحك ثم أعطت السماعة لابنتها ، كانت هــــذه اشارة واضحة منهنّ لكي يكون الحديث علــــــى المكشوف ويعلنا حبهما ، ألا انه لم يفعلها أيضا 0
كان وميض يراقب أبنت الجيران في دخولهـا وخروجها وكانت هي تشعر بذلك فتبتسم لـه وذات يوم تحاول هذه الشابة فتح باب الدار الخارجي المقفـل ولم تستطع ذلك ويصـادف مروره بقربها يبادلها التحية فتطلب مساعدتــه لفتح الباب امسك المفتاح بيده وحاول فتحها وقال لها I LOVE YOU ويده ترتعش أما هي فقـــد أحمرة وجنتاها خجلا ورسمت الابتسامة علــــى وجهها وهو من شدة الإحراج غادرها مســــرعا دون أن يفتح الباب 0
بدءا يتبادلان الإشارات والابتسامات وتطــــــور الحال بينهما إلى اللقاءات القصيرة كلما ذهبــــت إلى مدرستها المتوسطة 0
كان وميض يحاول أن يختار مَنْ من الجميلتيـــن تصلح له حبيبه ، استمر الحديث مع الفتاتين ولـم يحسم أمره بعد 0
اتصالاته مع أقربائه مستمرة لعدة سنوات وكــان وميض مستمرا بالكتابات السياسية ألا أن فتــــرة الحب هذه حولت مساره إلى الكتابات العاطفية وأول ما كتب في هذا المجال خاطرة بعنـــــــوان زهرة حب لأقربائه وهذا نصها
زهرة حـــب
أيا خولة 000
زهرة أنتِ في قلبي تفتحت
سقيتها من دمي حتى أينعت
ونقشت على جدران قلبي حروف اسمكِ
أن حبكِ بحرٌ
وعيناكِ ميناءُ
وأنا بين البحر والميناء ضائع
ضائع في أعماق البحر
ابحث عن منقذي
ضائع على أرصفة الميناء
انتظر عودتكِ
أنتِ منقذي يا حبيبتي
فعودي واسكني قلبي المعذب
وأطفئ النار المتأججة بين أضلعي
فعودي واسكني
أنتِ منقذي
أنتِ منقذي يا حبيبتي
1/1/1977
ستة سنوات تمضي ويكتب لها هذه الخاطـرة التي لا تعلم بها لأنها بقيت حبيسة سجله ولــم يصارحها بحبه ولم تفعل هي ذلك لكنهمـــا يشعران بهذا الحب إلى ابعد الحدود 0 لم يروق هذا الصمت لها لأنها لم تجد بارقة أمل منــه فتبدأ بعلاقة جديدة مع إنسان أحبها بصــدق وسعى لها كل السعي ليفوز بها زوجة بعد جهد جهيد وإشكالات عائلية أرادت أن تقتل هــذا الحب لكن حبهما انتصر وتزوجا 0
( 10 )
وتستمر به الأيام تنقله من حال إلى حـــال وتمضي به السنين بفصولها بحرها وبرودتهـا بشمسها المحرقة وأمطارها الغزيرة ولم يبقـى الحال كما كان الحال فالعمر يجري ومحطـات الحياة كثير ويبقى وميض بين الاهتمام بدراسته وبين علاقته العاطفية وبين نشاطاته الأدبية وبين مسؤولية العائلة بعد وفاة والده حيـــث يتطوع شقيقه الأكبر في صفوف القـــوات المسلحة في حين يلجأ هو إلى الدوام المسائـي لإكمال دراسته وفي النهار كان يعمل في دكان العائلة حيث يبع المواد الغذائية لكي يشارك في إعالة العائلة الكبيرة التي تحمل وأخيه مسؤوليتها 0
في الربيع السابع عشر من عمره وتقع عليه هذه المسؤوليات الجسام فكيف سيوازن الأمور وهل يعطي كل نشاط حقه ، استمر بدراستـه الإعدادية وواصل علاقته بمن يحب عبـــر رسائل غرامية يسلمها باليد إليها بسبب ظروف العائلتين ألاجتماعيه حيث تحرمان الحــب ، وعبر لقاءات سريعة لا تشفي غليل المحبيــن وتستمر العلاقة بينهما سبع سنين دون إن يشعر بحلاوة الحب لأنه ولد من رحم العـــادات والتقاليد التي تحرم هذا وتبعا لذلك لم تقدم هي له شيء غير الذي ذكر سابقا سبع سنوات صابر على أمل أن يحقق سعادته بحب حقيقي اختاره لنفسه وتحمل من محبوبته كل شيء حيث لــم تكلف نفسها يوما الرد عليه برسالة لكنها فـي الجانب الأخر كانت تفرح كثيرا باللقـــاءات القصيرة بينهما مما شجعه على الاستمرار بهذا الحب وكتب لها أول خاطرة عاطفية بعـــد ما يقارب الشهرين من كتابته الخاطرة السابقة للحبيبة السابقة 0
كانت الخاطرة التي كتبها لأبنت الجيران تعـج بالمشاعر الجياشة في أعماقه كأنــه أراد إن يفرغ بركان الحب داخله فهل يستطيع ؟ 0 وكانت هذه ألخاطره بعنوان دعوه إلى الوصف والعذاب وبقيت هذه الخاطرة حبيسة ســجله أيضا وهذا نصها
دعوة إلى الوصف والعذاب
( بعد أن التقينا وقصر اللقاء )
دعوني 000
أرى بحيرة العشق في عينا حبيبتي
كي اصطاد قلبي المعذبِ
يا سعاد ذاب قلبي شوقا لرؤاك
وجفت كل كلماتي
حين تكلمت شفتاكِ
وانقشعت كل أحلامي عند رؤيتك
أنتِ صورة الحب الخالد
أنتِ رمز الكبرياء
أنتِ 00 أنتِ كل الأشياء يا ملاكي
أنتِ 00 أله الحب والشمس والقمر
أنتِ 000 أنتِ
أه لقد عجزت الكلمات عن وصفكِ
قولي إليّ كلام
اسمعيني صوت الحنان
أنقذيني من بحيرة الأحزان
أنا الجريح لم يرحمني هذا الزمان
مدي يداكِ يا أرق يدان
أهٍ يا حبيبتي ما أجمل هذان اليدان
عرفت منقذي 00 أنتِ يا حبيبتي
ومهما طال الزمان 00 وكثرة الأقوال
سنبقى حبيبان
سنبقى يا سعاد 000
أنا وأنتِ قصة هذا الزمان
ابطالها شخصان 000
واو لام ياء دال ، سين عين الف دال
خاتم أسمينا دال
فيه عظمت ذكرياتنا والآمال
سنبقى يا حبيبتي أبدا حبيبان
9/2/1977
ويستمر بعلاقته بها رغم تذبذبها بين قبول للقاء وبين رفض له ، ويستمر يكتب في كــــلا المجالين السياسي والعاطفي كما يستمر فــي عمله مصدر رزق العائلة ويستمر بالدراســة الإعدادية ولم يستطيع التخرج من الســادس العلمي لانشغاله بالعمل ، في حين نجحـــت حبيبته ودخلت معهد المعلمين فأستمر معهــا بهذه العلاقة المتأرجحة ليدخل معها العـــام السابع من الحب بينهما وبالتدريج بدأت تنسحب منه لامور يجهلها هو ويبقى حريصا على الحفاض على حبه لها ويحاول جاهدا ان يعرف اسباب ذلك دون جدوى 0
وبعد أن يأس منها حاول غض النظر عنهــا لتعود إلى رشدها وفعل ذلك ، استمر بالعمـل في دكانه كما استمر بالكتابة دون انقطـــاع فكانت زاده اليومي الذي يتزود به ليحيا 0
ترك الأمور مع حبيبته على وضعها الراكــد وتفرغ لأمور الحياة وإشكالاتها لكنه لم ينسـى قضيته الكبرى فلسطين حيث كان يتابع اخبـار العمل الفدائي البطولي وما يجري على الساحة الفلسطينية والعربيه 0
قال له صديقه يوما إلى أين وصلت بعلاقتـك مع سعاد فأجابه لاشيء جديد أنها علــى حالها كما تعلم
ــ لديها صديقه ترافقها دائما عند الذهاب إلى الدوام الدراسي
ــ نعم صحيح ذلك
ــ أنها تعجبني وأسعى للارتباط مها بعلاقة حب ارجوا أن تساعدني بذلك
ــ فاتحها آنت بحبك
ــ أنا اخجل من هذا قل لسعاد وهي تخبرها بحبي
وذات يوم يخبر وميض سعاد بنية صديقــه وطلب منها إبلاغها بذلك ، فعلت وأبلغتها ألا أن صديقتها رفضت هذا الطلب لأسباب شخصيه نجهلها 0
وتمضي الأيام وتتحول الساحة العربية إلى تجاذبات وطنية وقومية واقليمية ودوليه ، شعب مشرد وكيان غاصب للأرض والوطن يفعل به مايشاء دون رادع 0 وبين راي الدول العربية ذات النهج القومي الداعي الى التحرير وبيـن نهج الحكومات المتخاذلة الداعية الى الاستسلام بين هذا وذاك سيسحق شعب ويضيع وطن 0
( 11 )
إذا كان الحب للفتاتين بدأ عنده عــام 1973 وكتب غزلياته لهنّ عام 1977 فقد سبق هـذا الحب حب اكبر ألا وهو حب الوطن والأمة العربية الذي نشأ معه منذ الصغر وكتـــب سياسياته لهذا الحب منذ عـام 1973 ولازال يكتب ، ويأتي عام 1975 مثقلا عليه وهو ابن التاسعة عشر ربيعا حيث تبدأ المعارك مــن جديد وأين في شمال العراق معارك داخليــه تنزف بها دماء عراقية يذبح بها العراقي بيـد أخيه العراقي ، تحرك الجيش العراقي إلى شمال الوطن بعد أن عاث العصاة الأكراد الفساد وشهروا سلاحهم بوجه الدولة يسـعون الى استنزاف العراق من اجل مصالح ضيقـه مدعومين من خرج الحدود من دول الجـوار وهذه الدولة هي ايران وتشير الانباء الحكوميه من مصادر رسميه ان العصاة لديهم دعـــم صهيوني واسع من الكيان الصهيوني الغاصب ايضا 0 ولم يكن التمرد الكردي وليد السـاعة وانما بدأ في الاربعينيات من القرن الماضـي تمردا عشائريا ثم تطور الى تمرد ســياسي وعسكري استنزف الدولة العراقيه على مختلف انظمة الحكم فيها 0
رغم أن القضية الكردية قد حلت بموجب بيـان آذار التاريخي وحصل الأكراد على حقوقهـم الثقافية والسياسية ، ألا إنهم لم يحفظوا العهـد ولم يلتزموا بالاتفاقية وبدأت عملياتهم العسكرية عام 1975 مما اضطر الحكومة العراقية لشـن حملة عسكريه واسعة النطاق قضت علـــى العصاة وتمردهم وهرب قياديوا هذا التمرد الى ايران وطنهم الام مثلما ذكره الملا مصطفـى البارزاني برسالته الى الرئيس الايراني بعــد اتفاقية الحادي عشر من آذار وورد هذا النص فيها ( انتم الوطن الام 0 * 1ـ ان ما ورد اعلاه كان يردده اعلام النظام السابق عبر برامج تلفزيونية 2ـ في حين من حملوا السلاح من الاكراد كانوا يعتقدون ان لديهم حقوق مسلبوا فحملوا السلاح بعد ان ملوا الحوار
كان وميض يتمنى أن تتاح له الفرصه للمشاركه في هذه الحـرب ويحمل السلاح لمقاتلة العصاة لانه كان يعـي حقيقة واحدة وهي ان السلاح يجب ان يكـون بيد الدوله وعليها ان تبسط القانون على ارض العراق من اقصى الشمال الى أقصى الجنوب نعم كان يتمنى ذلك لكن هيهات أن تتحقق هذه الامنيه كونه لازال طالبا وغير مشـمول بالخدمة العسكرية فكان يعاني ويقلق ويصيبـه الارق بسب حرمانه من هذا الشرف 0
سحق التمرد بدماء الجيش العراقي البطل وما عاناه أفراد هذا الجيش من تعب وارق وجهـد استقرعلى أثره الوضع وعاش العراق فتـرة من الهدوء والأمان وتنعم العراقيون بالطمأنينة والراحة النفسية وتحول جهد الدولة إلى البنـاء والأعمار وإنشاء المشاريع العملاقة التي تخدم البلد واقتصاده 0
( 12 )
في احد صباحات بغداد الجميلة ذهب إلى كورنيش الاعظمية حيث الاشجار الخضـراء الكبيرة وحيث الزهزر بمختلف ألوانها وعطورها وحيث نهر دجلة الخالد الذي ينساب فيه الماء برقة وحيث مرسى الزوارق واشراقة الشمس الجميلة المنعكسة على سطح النهــر واصوات تغريد البلابل الذي يريح النفس جلس هناك يمتع ناظريه بهذه المناظر الخلابة 0 توقف ذهن وميض بلا حراك حيث ذهب فكره وتفكيره باتجاه اخر ، ماذا لو كنت الان بشمال العراق وطبيعته الساحرة ، نظر الى ســاعته اليدوية ثم نهض مسرعا باتجاه محله واثنــاء سيره في شوارع نجيب باشا التقى صدفة مـع مجيد أحد اقربائه تبادلا التحايا والابتسامات 0
ــ أتذهب إلى شمال العراق لمشاهدة المصايف هناك
ــ ألان كنت أتمنى أن أكون هناك
ــ اتصلت بثالثنا خليل ووافق على الفكرة هـو الأخر
ــ حسنا متى موعدنا
غدا في محطة القطار عند العاشرة صباحــا
افترقا ليهيئ كل واحد منهم مستلزمات سـفره وهو يشده الشوق لصباح الغد 0
وفي الصباح الباكر نهض وحزم أمتعته البسيطة ثم توجه إلى منطقة علاوي الحلــه حيث محطة القطار وهناك بدأ يبحث عـــن زميلي رحلته ، لم يرى احدا منهم والساعة قد تجاوزت العاشره بقليل نظر يمينا ويســـارا يبحث عنهم لم يرى لهم اثرا وحين حـــاول الخروج من المحطة التقى مجيد ففرح فرحـا شديدا ، اين خليل يارجل ، اتصل بي هاتفيـا وسيصل قريبا ، تجولا في اروقة المحطة حتى وصول ثالثهم وركبوا القطار المتوجه الــى محافظة الموصل ، ومع صفير القطار وسيره البطيئ على القضبان الحديدية كانت احاديثهـم مستمرة وشيء فشيئا بدأ القطار يتجـاوز المحطات ( الكاظميه ، التاجي ، بلد ) وهكـذا حتى تجاوز كل المحطات باتجاه الموصـل ، يسير احيانا ببطئ واحيانا بسرعة ملحوظــة مجتازا مساحات خضراء ومساحات قاحلــة ومخترقا المدن بمبانيها واثناء رحلة القطار هذه تعرفوا على ثلاثة مسافرين ايضا يرومــون الذهاب الى الشمال 0
وصلوا الموصل وتناولوا وجبة الإفطار ستتهم ثم توجهوا إلى مر أب السيارات الذاهبة إلى اربيل ، انطلقة بهـــم السيارة مسرعة مخترقة شوارع المدينة باتجاه الشمال تجاوزرا الحدود الادارية للمحافظــة وبدأت القرى تترائا لهم بيوت من الطيـــن ومجموعة من المواشي ، وتستمر الســيارة بانطلاقها في الشارع الملتوي المتعرج حسـب ظروف الطبيعية للمنطقة ذات التلال الترابيـة والوديان المنبسطة وكلما توغلوا اكثر كلمــا شاهدوا البدو بمجتمعهم البسيط حيث الخيــم المصنوعة من وبر الابل تشكل دورهم وقراهم وحيث الابل المنتشرة في مساحات واســعة خظراء 0
لازالت السيارة تسير مسرعة حتـى وصلت دهوك حيث الجبال الشامخة والقـرى الكردية على سفوحها وهي تنعم بالأمان نعـم هذا هو عام 1975 عام إنهاء التمرد فـــي الشمال ، وما هي ألا سويعات ويصلون إلى اربيل ، هناك في مرأب اربيل عليهـــم ان يحددوا وجهتهم الى اي مصيف سيذهبون وبعد حوار قصير ، وبعد متعة دهوك وزاخوا اثناء الطريق قرروا الذهاب الى المصايف التاليــه ( سرسنك ، سولاف ، اشوا ، انشــــكي ، العماديه ) انطلقوا على بركة الله وبحفظـــه باتجاه المصايف تلك وفي الطريق شــاهدوا مصيف كلي عي بك حيث شلال الماء الرائـع والجبال الشاهقة والطبيعة الخظراء وحيــث العوائل العراقية تتمتع بسحر الطبيعة هناك 0
شاهدوا كل المصايف هناك التي حددوهـــا لرحلتهم وتمتعوا بالملاهي والمراقص الموجودة هناك والتي يعمل بها عرب مصريين من راقصات وعازفين حيث كانت أجسادهنّ تتحرك برشاقة وحيوية وكانت الراقصــات شـبه عاريات ، وكذلك تمتعوا بألعاب الخفـة السحرية وبألعاب الترفيه الأخرى 0
سكنوا احد الفنادق الجميلة في كل مصــيف يصلوا إليه حيث شلالات الماء الرائعــــة والوديان الخضراء الخلابة الجمال ، نزعــوا أحذيتهم ووضعوا أقدام أرجلهم في الماء النازل من الشلال فشعروا ببرودته ، والمنظر أمامهم رائع الجمال حيث العوائل العراقية العربيــة والكردية تلبس ابهى الملابس والشــــباب والشابات ببناطيل الجينز يتجولون بين اشجار المصيف وبين شلالات الماء بصوتها المميـز والفرحة تعم الجميع 0
ــ أترى تلك الفتاة التي تسير
ــ أية فتاة يا مجيد
ـ تلك التي ظهرها باتجاهنا ألا ترى مؤخرتها الكبيرة المدوره انها تعجبيني كثيرا ضحك الجميع لهذا المزاح اللطيف من زميلهم 0
جلسوا ثلاثتهم بعد أن استأذن الثلاثة الآخرين الذين تعرفوا عليهم في القطار وهم من منطقة بغـداد الجــديدة جلسوا في أحــدى الكازينوهـات
الموجودة في المصيف يشربون المياه الغازية ويتسلون بلعبة الدومينو والتي صنعت قطعهـا من مادة النحاس وهي صغيرة الحجم 0
وقد وثقوا رحلتهم هذه بالصور الفوتوغرافية في مختلف المناطق من المصايف ، حيث لكــل مصيف ميزة خاصة من حيث الشكل وحجـم شلال الماء المنحدر منه 0
وفي اليوم الأخير من رحلتهم البالغة ثلاثة أيام ذهبوا إلى العمادية القريبة من الحود الايرانيـه وتجولوا في شوارعها الجميلة وأسواقها البسيطة وارتاحوا لطيبة اهلها وحسن معاملتهم للسياح ، تناولوا الغذاء في احد المطاعم هناك حيث تناولوا الدجاج المشوي واستلذوا بطيبته0
عند العودة من العمادية حيث الوديان العميقـة جدا والمزروعة بالاشجار الكبيرة أشجار الجوز واللوز وشجرة لبان الماء ، بـــدأت المدينة تبتعد عنهم شيئا فشيئا حيث عادوا الـى الفندق الذي يسكنون والتقوا باصدقاء الرحلـة الثلاثة واتفقوا العودة الى بغداد في الصبـاح ، حزموا امتعتهم بالحقائب الصغيرة للســـفر وانطلقوا من المصايف الى مركز محافظــة اربيل ومن هناك غادروا الى الموصل بسيارة الاجرة وحين وصلوا محطة القطار فــــي الموصل دخلوا مطعم المحطة لتناول وجبــة الفطور وما ان اتموها حجزوا تذاكر العــودة بالقطار الى بغداد الحبيبه ليصلوها عصرا ، تفرق الجميع كلا ذهب الى منطrة سكنه ليروي الى اهله واصدقائه رحلة الايام الثلاثة الجميلة الساحرة .
عدل سابقا من قبل Admin في الخميس أبريل 12, 2012 2:08 pm عدل 19 مرات